*الفجرُ والمقلُ النَّديَّة : هذه القصيدة وعشرات القصائد التي قيلت في الاحتفالات التي أقمناها في المناسباب الإسلامية العديدة في دير الزور قبل الخروج من سوريا منذ أربعين سنة خلت أو تزيد قليلا . حيث تمت سرقت جميع مافي بيتنا من أثاث في حي البعاجين والمؤلف من ثلاثة طوابق لي ولأولادي ، بما فيها المكتبة التي تضم أكثر من ألفي كتاب في مختلف العلوم ، و فيها أربعة أجزاء من ديوان ( أغاريد شعبية مخطوط ) ويضم أكثر من مئة وخمسين قصيدة ، إضافة إلى مسرحية ( بلال ) الشعرية ، وكتاب حول الشاعرين محمد منلا غزيل وابي القاسم الشابي يرحمهما الله ومجموعة شعرية أخرى بعنوان ( نفثة مصدور ) . وأخرى كانت تعد لأيام قادمات ولكن ! الحمد لله على كل حال . ولقد علم أحد الأحباب بسرقة ما في البيت مع المكتبة وهو يعلم مافيها ، ويبدو أنه بحتفظ ببعض أعداد من مجلة حضارة الإسلام ، ولي فيها عدد من القصائد وقد تم نشرها ، وصوَّر ماوجد منها وأرسلها إلي فجزاه الله خيرا وقد هُدم بيتُه أيضا كما عرفتُ لاحقا .
الفجرُ والمقلُ النَّديَّةُ = يأتيانِ وينبئانِ
هلاَّ فما أحلاهُما = وعيونُنا النشوى رواني
لرفيفِ طيفِك ياهلالُ = استيقظا برؤىً حِسانِ
من غمرةِ الظلماتِ جاءَا = ينشدانِ ويبسمانِ
النورُ في برديهما = يمحو دياجيرَ الزمانِ
وعليه أسرابُ الطيورِ = البيضِ تهفو بالأغاني
والصَّوتُ صوتُ (الفجرِ ) يسري = في الجوانحِ بالأذانِ
* * *=* * *
أغفيتُ والنَّجوى أثارتْ = ما يفيضُ به جَناني
وسمعتُ من صوتِ البشيرِ = روايةّ السبعِ المثاني
حُلُمٌ بجفنيَّ انجلى = ياطيبَ هاتيك الأماني
هذا دجى البيتِ العتيقِ = تلفُّه سحبُ الدخانِ
ورحابُ مكةَ واجفاتٌ = والربا والفرقدانِ
( أَمُحَمَّدٌ ) هذا الحبيبُ = الطيِّبُ الغالي يعاني !
أهو الطريدُ بوحشةِ الدنيا = وداجيةُ الزمانِ !
سبحانك اللهم تحكمُ = ماتريدُ فليس شاني
* * *=* * *
أسألتَ أشباحَ الظلامِ = ببيتِه الغافي وقارا !
أسألْتَ سِترَ (الغارِ) لمَّا = صارَ للمختارِ دارا !
أسألْتَ في قِممِ الجبالِ = الموحشاتِ ، ومَن توارى !
أسَألْتَها: مَن مَرَّ أتبعَ = ليلَها الداجي النهارا !
إنَّ الطريدَ ( مُحَمَّدٌ ) = من ظلمهم هجر الديارا !
أسألْتَ حبَّاتِ الرمالِ = توهجَتْ بلظى الصحارى !
أسألتَ والفرسانُ تتبعُهُ = وهم منه حيارى !
ألوى (سراقةُ ) خائبًا = عن قصدِه من حيثُ سارا !
صعقتْهُ هيبةُ ( أحمد ) = الهادي جلالا وانبهارا !
وارتدَّ يُنبئُ زمرةَ الطغيانِ = يعلنها فخارا !
قد فازَ بالإسلامِ لا = بمتاعِ ( كسرى ) واستنارا !
لمَّا أطلَّ ( مُحَمَّدٌ ) = بجبينِه الوضَّاءِ حارا !
ورأى طغاةَ الأرضِ جرذانا = يرونَ الحقَّ عارا !
ورأى ( أبا جهلٍ) وطيشَ = المشركين به توارى !
أهوَ الذي قد أخرجوا = وسقوا صحابتَه المَرارا !
واستسلموا للاَّتِ أو = تبعوا اليهودَ أو النَّصارى !
(يا أُمَّ معبد ) حدِّثيهم = عن يد فاضتْ يسارا !
عن شاتك العجفاءِ أحياها = فأسقتْهُم مِرارا !
عن تربةٍ مرَّ (الرسولُ ) = بها فصيَّرَها نضارا !
قمْ سائلِ النخلَ الوريفِ = بطيبة : تلقَ الثمارا !
تلقَ الصَّحابةَ كالملائكِ = موكبًا نورًا ونارا !
تلقَ الشَّريعةَ بلسما = للظامئين هُدًى و غارا !
تلقَ الدمَ الفوَّارَ في = ( بدرٍ ) يحدثُهم جهارا !
عمَّن رأوا عزَّ الحياةِ = بموتهم يومَ استثارا !
تلقَ الرجالَ أولي الهدى = والخير يزدهرُ ازدهارا !
* * *=* * *
هِممُ الرجالِ الأوفياءِ = تجاوزتْ حدَّ المكانِ
هجروا الهوانَ لكلِّ خوَّارٍ = ورعديدٍ جبانِ
باعوا شبابَ العمرِ للديَّانِ = لا لهوى القيانِ
فغدا الصَّحابيُّ الجليلُ = غضنفرًا يومَ الطعانِ
كالهولِ إن هتفَ المنادي = دونَ سيفٍ أو حِصانِ
يهوى حياضَ الموتِ إذْ = تكبيرُه ملءُ اللسانِ
اللهُ أكبرُ ما أُحَيْلاها = مراتعَ في الجِنانِ
وأجلَّ روضاتِ الخلودِ = الفاتناتِ على الجُمانِ
وعبيرَ أُنسٍ فائحٍ = عطْر سرى في كلِّ آنِ
للهِ ما أشهى وما = أبهى بها حُلو الأغاني
الخالداتُ بمقعدِ الصِّدقِ = البهيِّ لهم رواني
الله جارُهُمُ فحيَّ = على الفلاحِ بلا توانِ
ذرني ومَن هجروا معاني = النُّبلِ ياطيبَ المعاني
ذرني فأنفسُنا الدنيئةُ = غارقاتٌ في الهوانِ
الخوفُ عشعشَ في النفوسِ = وفي الصدورِ فكم نعاني !
والوهْنُ أقعدَنا فمتنا = عاتبينِ على الأماني !
ونقولُ : قد فسدَ الزمانُ = ونحنُ أبناءُ الزمانِ !
نحن الغثاءُ الهائمون = بغير وعيٍ واتِّزانِ
نعتزُ بالعصبيَّةِ الحمقاءِ = والكِبرِ المٌهانِ
بالمالِ بالعرضِ الزهيدِ = وبالنساءِ وبالدِّنانِ
واللهُ جلَّ جلالُه = يُرجى بعدَ ذلٍّ وامتهانِ
صرنا بتيهِ الجاهليةِ = يا أخي طوعَ البَنانِ !
إنا إلى وثنيَّةٍ = أخرى تموجُ مهاجرانِ !
ما المالُ والولدانُ إن = قيست بأفياءِ الجِنانِ !؟
* * *=* * *
في روعةِ الإيمانِ عزٌّ = فوقَ عزِّ الصولجانِ
والمسلمُ الوثابُ أغنيةُ = الهدى والعنفوانِ
للحقَّ للتوحيدِ للقيمِ = الأثيرةِ في البيانِ
مَن لم يعشْ صلدًا يكن = مرمى لعاصفةِ امتهانِ
فالمسلمُ المقدامُ من = قَدَرِ الإلهِ المستعانِ
هو والشهادةُ في سبيلِ اللهِ = عنوانُ التفاني
يطوي لظى الهيجاءِ يسبقُها = على فرس الرهانِ
يشتمُ ريحَ الجنَّة الفيحاءِ = في وهجِ الدخانِ
مَن باعَ ربَّ العرشِ لا = يهوى شميمَ الأقحوانِ
أبدًا ولا يعشو بأضواءِ = الزخارفِ والهوانِ
والمسلمُ المعهودُ لا = يطغى بغطرسةِ افتتانِ
في عزةِ الإسلامِ تُمحى = كلُّ سانحةٍ لشانِ
ستردُّ جلجلةُ الغيوبِ = عتيَّ جعجعةِ الجبانِ
وتُثارُ كوكبةُ الجنودِ = جنودُ ربِّك في الأوانِ
فلقد رأوا بطشَ القديرِ = بكلِّ طاغيةٍ و جانِ
مضت القرونُ وعزَّةُ الإسلامِ = تمرعُ كلَّ آنِ
لا الحقدُ من طبعِ الكرامِ = ولا السفاهةُ والتَّواني
والهالكون على مقاعد = بغيِّهم باغٍ و جانِ
رأوا الدياثةَ مغنمًا = والفسقَ زلاَّتِ اللسانِ
نفشوا صدورَ ضلالِهم = وتوسطوا خبثَ المكانِ
ياضيعة الإسلامِ في = أهلِ الزروعِ بلا عَنانِ !
ماذا على ركبِ النبوةِ = والمآثرِ والمثاني !
من بعد أن صدعَ النبيُّ =وهزَّ عرشَ الأفعوانِ !
الأفقُ أظلمَ والطغاةُ = ترقبوا والخافقانِ
والناس جُلُّ الناس قد = طمعوا بهم قاصٍ و دانِ
هذا سراقةُ غرَّ بالأطماعِ = لاهثةَ السِّنانِ
أغراهُ مَن أغراهُ بالأطماعِ = تحدوهُ الأماني
يمشي وتغريه الهواجسُ = طامحا بغنى التَّداني
ما أخبثَ الدولار يودي = للمهالكِ لا الأمانِ
ما أتعسَ الإنسان يشري = ذلَّه بهوى الحِسانِ
ويموتُ موت المُستّذَلِّ = بغيرِ حربٍ أو طعانِ
* * *=* * *
فِكَرٌ تحومُ ولحنُ حادينا = شجيٌّ والقصيدُ
والقلبُ أقلقَه الجفا = والحزنُ رونقُه جديدُ
لفحتْه عاصفةُ الهجيرِ = فلحنُه العاني بليدُ
مَنْ راقَ كأسُ جهادِه = فَلْيَمْضِ يحضنه الخلودُ
أما أنينُك في الدجى = فشعورُ وهْنٍ لا يفيدُ
فالعاشقون بهاءَ ذاك = الوجِه يكرهه القعودُ
عند الثنيَّاتِ النديَّةِ = موكبٌ عبقٌ فريدُ
أفأنتَ تسألُ عن نبيِّك = ثمَّ ترهبُك القيودُ !
الأوفياءُ : ( مُحَمَّدٌ ) = أبدا لمجدِهُمُ نشيدُ
* * *=* * *
عفوا رسولَ اللهِ هذا = دمعُ نكبتنا رجاءْ
من بعدِ أن صدمَ الظلامُ = صباحَنا عزَّ اللقاءْ
نحن الحيارى بعد وجهك = ياحبيبي والظِّماءْ
ضاقت بنا السُّبلُ الفسيحةُ = واستبدَ بنا الجفاءْ
فتنٌ كما أخبرْتَ يملأُ = كأسَها المسمومَ داءْ
ويقينُ قلبي ليس تصرمُه = النوازلُ والبلاءْ
مازلتُ أرقبُ وعدَك = المأثورَ ترسلُه السَّماءْ
أنا ما يئستُ وأنتَ للظلمات = في الدنيا ضياءْ
أبدا سيشرقُ صبحك=الميمونُ في يدِه الهناءْ
والظلمُ والنَّكدُ المعربدُ = تحت نعلِك والعَفَاءْ