فلأنت رحمن الورى ورحيمُهم وإليك هذا العبدُ ، ربّي ، يصمد
يا ربّ قد بَلِيَتْ ثيابُ المخطئين فهل لهم برديئها ما يُحمَدُ ؟!
ربّاهُ ، إنّي في رحابك أسجُدُ = فلأنتَ في هذا الوجودِ الأوحدُ
قد جئتُ بيتك خاشعاً متذللاً = والكعبةُ الغرّا بأمرك تُقصَدُ
هذي جموعُ المسلمين تتابعت = لتطوفَ حولَ البيت وهيَ تُوَحّد
عبراتُهم تسقي وجوهاً أجدبت = فالذّنبُ غيّض ماءَها فتجلمدوا
جاؤوك ، ربّي ،كي تفجّرَ نبعها = من خشيةٍ، فيعودَ قلبٌ يَرشُدُ
ها إنّني بين الجموع مهرولٌ = ولأنت وحدَك عالِمٌ ما أفسدوا
ولقد علمتَ بأنّ ذنبي حاق بي = وأنا علمتُ بأنّ عفوَك يُنجِدُ
ولئن شقيتُ بسوء ذنبي جاهلاً = لَأنا أرى غفرانَ ربّي يُسعِدُ
كلُّ ابنِ آدمَ مخطئٌ ،وخيارُهم = مَن راح يُصلحُ فاسداً ويُجدِّدُ
فلباسُ تقوى خيرُ ما يُنجي الورى = يومَ الحساب ، وغيرُه لا يُنجِدُ
آهٍ من النّفس الّتي فُتِنَتْ بما = قد زيّن الشّيطانُ ، وهو المُبْعَد
ألقى الشّراك لها ،وأهدى طُعمَه = من لذّةٍ تفنى ، وراح يُزَغرِدُ
كيف النّجاةُ ، وما لنا من مهربٍ = إلاّ إلى مَن بابُه لا يُوصَدُ ؟!
فأعن ،إلهي ، تائباً طلب الهدى = لكنّ منه العزمَ لا يتوقّد
فلطالما أخزى شياطين الهوى = وإذا به من بعد ذلك يُخلِدُ
والآن جاءَك ، يا إلهي داعياً = وبكلّ ما سميّتَ نفسَك يشهدُ
فارحمهُ ، يا أللهُ ،وارحم ضعفَه = أنت الرّحيمُ بمَن ببيتك يسجدُ