عبثُ المرجفين محضُ افتراءٍ = وافتآتٍ يلفُّه العصيانُ
وهو الحق لم يزل في كتابٍ = أبديٍّ وليس يغضي الجُمانُ
أسمِعُوهم : تُشَنَّفِ الآذانُ = لكمُ الشَّدوُ عَذْبُـه والبيانُ
دنيويٌّ وأُخرويٌّ مكينٌ = ليس يعروهُ في الزمانِ هـوانُ
فالمثاني تُغْنِي المشاعرَ زهوًا = لايُجَارَى ، ويعبقُ المهرجانُ
والمغاني بالسُّنَّةِ اليوم عادتْ = تتثنَّى ، فَتُزْدَرَى الأوثانُ
فيضُ شعرٍ وقصةٍ ومقالٍ = والفنون استساغها الإنسانُ
لرجالٍ ألفوا العقيدةَ بابًا = للمعالي ، وللشبابِ امتنانُ
وقلوبٍ ماغرَّها الزيفُ يحثو = من خبالٍ يلوكُه الندمانُ
و وجوهٍ بالنورِ مبتسماتٍ = يتراءى في أفقه الفتيانُ
ولتلك النفوسِ أغلى تراثٍ = لقشيب نسيجُه الإتقانُ
والخلودُ المكنونُ في كلِّ عصرٍ = هو للحقِّ والهدى عنوانُ
دينُنا شاءَه الإلهُ لفتحٍ = تتغنَّى بوحيِـه الأزمانُ
فانظروه كما علمتُم بيانا = ليس يرقى لشانئيه لسانُ
هو دينُ الإسلام لم يُبقِ دينا = فزمانٌ له الهدى و مكانُ
وله اللهُ حافظٌ فالأعادي = وبقايا أعدائه قد هانوا
لم يَنَلْ من عليائه الحقدُ يوما = فتوارتْ أحقادُهم والدخانُ
ويظلُّ القرآنُ نورًا ونهجًـا = لشعوبٍ يسومُها الطغيانُ
منه هذا النسيمُ ينفحُ ركبًا = شأنُه الصَّدعُ فالهدى لايُهـانُ
وكفى اللهُ المؤمنين الأعادي = فكبيرٌ في شأنهم حيرانُ
حسبُهم أن لاقوا المهانةَ يطوي = لبقايا أذنابِهم خذلانُ
إنه الدينُ عزُّنا والمزايا = لم يُسوِّقْ فينانَها العنفُوانُ
تعسَ البغيُ لم يزلْ في احتقارٍ = من شعوبٍ لايعتريها الهوانُ
ضـجَّ كالرَّعدِ شِعرُها يتغنَّى = بالبطولاتِ متنُـه المزدانُ
ماتناءى عن المحامدِ تُلْفَى = في قوافيه صاغها الوجدانُ
وتلظَّتْ أبياتُه كسعيرٍ = وتشظَّى من وهجِها الهذيانُ
والمقالاتُ نشرُها فيه طيبٌ = ليقينٍ فليس يبقى الرَّانُ
والخطاباتُ والمنابرُ يعلو = من علاهـا التوحيدُ والإيمانُ
نعمَ صوتُ الأبرارِ من علماءٍ = ماعراهـم في المحنةِ الإذعانُ
بورك العاملون فالدِّينُ يرضى = بأولي الصدقِ فالمدى إحسانُ
علمتْهم آياتُه فتجافتْ = عن رخيصِ استرواحها الأبدانُ
أتعبوها لكي ينالوا مناهم = يومَ يشكو من فقْدِها الإنسانُ
قدَّموا في مغداهُمُ ماتمنَّوا = من مكانٍ فيه المنى والأمانُ
يومَ عاشوا وللحياةِ زوالٌ = وكريمُ استنباتِهـا ريَّانُ
صعَّدوا الطرفَ فانثنى كلُّ زيفٍ = في مداهـا قد راضَه العصيانُ
ليس يبقى سوى قيامك ليلا = والمُناجَى في الخلوةِ الرحمنُ
وابتهاجاتُك الحِسانُ بدينٍ = وببشرى يزفُّهـا رضوانُ
يومها سيق أهلُ أغلى دعاءٍ = فالمآلُ الذي هناك الجِنـانُ
لكُمُ جنَّةُ الرضا فادخلوها = والنعيمُ الممدودُ والتيجانُ
طاب يومٌ بالصَّالحين ونالوا = شربةً رامَ شَهْدَها الظمآنُ
ولَّتِ الدنيا والرزايا وما قـد = كان من ظلمٍ ساقه الكفرانُ
وأتى الحقُ أبلجَ الوجهِ ينهي = عربداتٍ أعدَّهـا الشيطانُ
إنها جنةُ الخلودِ فطوبى = لكرامِ فازوا وطابَ الأمانُ
فالجنيناتُ عذبةٌ في رحابٍ = والفراديسُ والقصور الحِسانُ
وهو الأُنسُ كلُّه والأماني = مغدقاتٌ والروحُ والريحانُ
فاهنئي في ظلالِهـا واطمئني = حيثُ ترنو في الجنة الأجفانُ
وأريقي كأس الذهولِ ابتهاجا = حيثُ فاحتْ بطيبِها الأردانُ
هي جناتُ بارئٍ ورحيمٍ = حيثُ غابَ الشقاءُ والحرمانُ
جاء للخلدِ أهلُه فوجوهٌ = باسماتٌ يلفُّهُنَّ الحنانُ
لهمُ اليومَ ما اشتهوا من نعيم = ليت شعري فاليوم آنَ الأوانُ
فالقلوبُ التي تفوزُ نشاوى = فلديها في فوزها اطمئنانُ
إنَّـه اللهُ لم يزل لمسيءٍ = راحمًا إذْ يناله الغفرانُ
ومَن اعتدَّ بالكريمِ استظلتْ = في فراديسِ جودِه الأبدانُ
يلبسون الثيابَ خُضْرًا وتجري = أنهرٌ عذبةٌ وخمرٌ مُصانُ
والأباريقُ طيبُها وشذاها = وإليهم يأتي بهـا الولدانُ
وانطوى اللغوُ ليس في جنَّةِ الخلدِ . = . من التأثيمِ الذميمِ مكانُ
وسلامٌ إثـرَ السلامِ يُزَجَّى = ولأهـلِ اليمينِ فيه الأمانُ
والطعامُ اللذيذُ لحمُ طيورٍ = ونعيمٌ أعـدَّه المنَّـانُ
ومن الحورِ العينِ زوجات طهرٍ = هُنَّ لم يطمثْهُنَّ إنسٌ وجـانُ
إنها جنةُ الخلودِ فأقصرْ = ليس يقوى لوصفها إنسانُ
يوم قال النبيُّ عنها فأصغت = للصِحابِ القلوبُ والآذانُ :
هل لها من مشمِّرٍ فمقامٌ = أبديٌّ وكوثرٌ هتَّانُ ؟
سترانا المشمرين لهـا قال.=. فقولوا وربُّنا المستعانُ :
ذاك إن شاء اللهُ أنتم بنوها = وأولو الكفرِ دارُهم نيرانُ
جنَّةُ الخلدِ ظلُّها في امتدادٍ = وَجَنَاهُ المخضودُ والرمَّانُ
ذا رفيفُ الخلودِ أيقظَ قلبًـا = ماله عن أفيائه سلوانُ
ورفاق الأهواءِ بينَ سمومٍ = وبظلِّ اليحمومِ بئسَ المكانُ
غابَ عنهم أنَّ الحياةَ مـمرٌّ = ليس فيه للفاسقين امتنانُ
ضيَّعوها باللهوِ في أمسياتٍ = ومع اللهوِ زُيِّـنَ البهتانُ
صاحب العقلِ والحقائقُ أضحتْ = يتهادى بنورِها العرفانُ
وتنادي أهلَ الحِجَى لمتونٍ = ملأ السِّفرَ حسنُها المزدانُ
بورك السَّعيُ والمقاصدُ جلَّت = ماتناسى ميدانَها الفرسانُ
والبيانُ الوضيءُ أغنى نفوسًا = مااحتواها الديباجُ والعِقيانُ
وتسامتْ به المنابرُ نشوى = واستقامت بفضله الفتيانُ
وينادي شبابَنا كلُّ فــذٍّ = منهم الأصدقاءُ والخلاَّنُ
فانتظرْهم غـدًا ستحلو المغاني = في ربانا وتزهرُ الأغصانُ
ويعودُ الربيعُ فيهم جليًّـا = لـم تُعَكِّرْهُ حينَهـا أحـزانُ
في ظلالِ القرآن عاشوا كراما = لم ينلْهُم بفضلِه الحرمانُ
وسِواهم في سعيِهم سفهاءٌ = ولزيفِ ابتزازهم أعوانُ
مهرجاناتهم مراتع فوضى = وغثـاءٌ من غيِّهم وابتذالُ
لغبيٍّ عداؤُه فيه رِجْسٌ = ضاقَ منه لحقدِه الشِّريانُ
نخبٌ لم تزلْ لِهَدْيِ المثاني = تتصدَّى وما لهـا كتمانُ
كم قبيحِ الآراءِ ماتَ بغيظٍ = وهُدانا رغــم العدا يزدانُ
أسمِعُوهم صوتَ الحقائق يعلو = وَلْتُسَفَّهْ لديهمُ الأذهانُ
فهُمُ المرجفون بين أناسٍ = دينُهم ما قد أنزلَ الرحمنُ
وأكاذيبُهم ستُرْمَى عُراها = وتُعَرِّي بهتانَها الأكفانُ
قد تولَّتْ يــدُ القضاءِ يديها = حيثُ جرَّتْهُم للفنا أرسانُ
فَلْيُوَلِّ الخَتَّارُ فيها مُهانا = لم تُفِدْهُ ألحانُهـا والقيانُ
ذكِّروهم وليس تنفعُ ذكرى = مَن تولَّى وصدرُه حرَّانُ
يكرهون الإسلامَ وَهْوَ نجاةٌ = وسواهُ لمَن غوى خسرانُ
كم أتى الناسَ من مهالك شابتْ = لمآسي أهوالِها الولدانُ
إنَّ ربي قد يمهلُ الناسَ لكنْ = ويلَ مَن في فعلِ الجناةِ يُـدانُ
هو للمجدِ دينُنا فتَرَنَّم = إنما المجدُ والهدى صنوانُ
فبهذا الدِّينِ الحنيفِ ائتلاقٌ = وسُمُوٌّ لايعتريه امتهانُ
حضنَتْهُ الحياةُ بشرى لقومٍ = آمنوا فانحنى يوم آمنوا الشيطانُ
قد أتوا عزَّهم يُزَجِّي خُطاهـم = فتناءى الإسفافُ والبطلانُ
يُكرمُ الأمَّـةَ الإلـهُ ويرمي = شانئيها من عنده الإذعانُ
فتراهم مستسلمين لخيرٍ = جاءَهم باستبشارِه القرآنُ
فاطمأنُّوا وأقبلَوا برضاهـم = فلهم في ظلالِـه الرضوانُ
وبهذا الإسلامِ الحنيفِ إخـاءٌ = صانـه في الأفاضلِ الإيمانُ
تُكرمُ الأمةُ التي تتوخَّى = ما أرادَ الرحمنُ لا الطغيانُ
وهُدى اللهِ لن ينالَ أناسًا = فرَّقَتْهم في الغفلةِ الأوثانُ
قد أجابوا نداءَها فاستجابتْ = جاهلياتٌ نهجُـها الكقرانُ
ويدُ المجدِ لن ينالَ جناها = إنْ تولَّى عن خيرِها الركبانُ
يوم هبَّ الأصحابُ يحدو رؤاهم = ما أتى في بيانِه الفرقانُ
فتراهم في كلِّ أفقٍ طيورًا = تتسامى بشدوهم ألحانُ
فالجناحان رفرفا في سلامٍ = فإذا الأفقُ بالمنى جذلانُ
وبهذا تنشِئُ الشعوبُ رخاءً = إذْ تولى قيادَها الوجدانُ
نحن من أمـةٍ أقامَ علاهـا = في البرياتِ ربُّهـا الديَّانُ
يتباهى بهـا الزمانُ ولولا = دينُهـا الحقُّ ما تباهى الزمانُ
وبدنيا ابتهاجها نزل الغيثُ . = . فألقتْ بالجنى الوديانُ
فمآتي عقيدةٍ وازدهارٌ = لبلادٍ بالبيِّنات تُصانُ
هممٌ تنثني بعزمِ يديها = مارماها بإفْكِـِـهِ الطغيانُ
هو ركبٌ وللخيولِ صهيلٌ = ولنجوى خيرِ العهودِ لسانُ
ماتوانى الأبرارُ عن يومِ فتحٍ = ومن الفتحِ للشعوب امتنانُ
واستظلتْ بحسنِه واطمأنتْ = ليقينٍ ما في الفتوحِ امتهانُ
هو ذا التاريخُ المجيدُ تغنَّى = بالفتوحات مابها عدوانُ
بل تثنَّى وجهُ الحضارةِ فيها = ومع الخيرِ يسعدُ الإنسانُ
فقلوبٌ سليمةٌ وأيادٍ = قد أُزيلتْ بفضلِها الأحزانُ
جاءَ يبني للناسِ ظلا ظليلا = من هداها ويسمق البنيانُ
فاشرأبَّتْ محاجرُ الزَّهوِ ترنو = كيف يصحو نهارُها النشوانُ
ويظلُّ الربيعُ يهمي اخضرارًا = ويناغي أترابَه كيوانُ
ما نأى السؤددُ المؤثلُ يوما = أو خلا من فرسانِه المَيْدانُ
فهو الدِّينُ عُـدَّةٌ لرقيٍّ = تتفيَّـا ظلالَه البلدانُ
وحباهُ من بهجةِ الطارفِ الأبلجِ . = . وشيًـا جبينُه الفتَّانُ
الأباةُ الأبرارُ والغرباءُ اليوم . = . فبعضٌ لبعضِهم معوانُ
حقبٌ تنطوي ولكنْ خطاهم = ماعراها رغم الأذى بهتانُ
قد تمنَّتْ على الإله الفيافي = أن يكونوا هُـمُ الربيعَ فكانوا
فانظر الأمسَ باسما والأماسي = مقمراتٌ وللمغاني افتنانُ
عـزَّ جندُ الرحمنِ في كلِّ عصرٍ = فهداهم يصونُه الحدثانُ
وتولِّي بأهلِهـا غابراتٌ = وسيبقى مَن نهجُه القرآنُ
مهرجاناتُه البيانُ لديهـا = فيه يشدو الجحاجحُ الشجعانُ
فتوارتْ ثعالبُ المكرِ في الغابِ . = . وولتْ بخزيِها الذؤبانُ
ليس تفنى عقيدةٌ ماتخلَّى = عن حِماها الجهابذُ الفرسانُ
وإلى الإسلامِ المؤيَّدِ رُدَّتْ = ما ادَّعَتْها في زيفِها الغربانُ