بحر الطويل
شرح بعض مصطلحات القصيدة
01 بنو نصر أو بنو الأحمر سلاطين مملكة غرناطة
02 أبو بكر ابن اللبانة شاعر أندلسي من شعراء القرن الخامس الهجري
03 عروة بن الورد من أشهر شعراء العصر الجاهلي
04 الجِرم الجسد
05 الجفر كتاب للشيعة يدعون بأنه يختص بمعرفة الغيب
06 الداخل عبد الرحمان صقر قريش مؤسس السلالة الأموية في الأندلس --- الوَقْدَة أشد درجات الحرّ
07 التوريق من فنون الزخرفة الاسلامية يعتمد على العناصر الطبيعية
08 شِنِّيل وادي في غرناطة --- قصر الحمراء الغني عن التعريف
09 الوغر الحقد
10 شَنْتَ فِي مدينة الإيمان المقدس بنتها الملكة إيزابيلا أثناء حصارها لمدينة غرناطة لتجبرها على الاستسلام والبيت يحيل إلى مأساة الموريسكيين بعد سقوط مملكة غرناطة
11 هنا استحضار لقصيدة ابن الفارض ما بَيْنَ مُعْتَركِ الأحداقِ والمُهَجِ
12 الحِجْر من القرى الغابرة ورد ذكرها في القرآن الكريم
أنا لي حبيبة ولا رعشة السُّكْر=بها ينتشي قلبي كترنيمة الذِّكْر
فلا طلّة للشَّمس طالتْ ولا البدر= تسامتْ على الجوزاء والأنجم الزّهْر
فحقّتْ لها دون القرى صولة الكِبْر= وفي محفل البلدات قافية الفخر
سأخبرُ كل الناس عن همسة السِّحر= وعَمّا بدا من فتنة الجيد والخِصْر
وإنّي ولا الخنساء تبكي على صخر= جزوعا لفقد بَكّة الغرب والوكر
أؤاخي مقيما في حشى الويل والجمر=وهيهات تُغني بُرْدة الحِلْم والصّبر
بُليتُ بعشقها وأنّى ليَ الهَجْر= وأوبي إلى ما قبلها ردّة الكفر
ومِنْ أين لي هارون أشددْ به أزري= ويحمل عنّي بعض بأس أسى الوزر
على مِقْولي غرناطة التيه والغِنج= ندى بلسم يُفني لغائلة الدّهر
وأندلسي يا ناس ريحانة العُمر= وكلّ الذي فيها شذى الطيب والعِطْر
أتي من رُبى فيحاء روض بني نَصْر=ليُحي رميمي مثلما عارض القَطْر 01
وإنّي لآتي شاطئ اليمّ والبحر=ففيه ألاقي ريح صاحبة الأمْر
هي آية غرّاء في صفحة الشِّعْر=ألبي بها نداءَ للفجر والوِتْر
وما دونها البيداء أو توأم القَفْر=تبدّتْ ولا الأجداث أو وحشة القبر
وهيهات تطوي صرح قدسي يدا الدهر=ويحجبُ للفردوس يوما روا عصر
ففي صفحة الخلود ما بَزّها قُطر=ولا حاز مثلها سنا سُؤدُد المَصْر
وزاد لها حُسنا رياض القرى الخُضْر=ومرأى لبَهْو الأُسْد أو غيدها الشُّقْر
فماذا ستُلقي في الورى رشقة الحِبر= وماذا عسانى أن أخّط على السّطر ؟
فما كنتُ مِرسالا يُنَبَّأ كالخِضْر= وما كنتُ في دنيا القوافي أبَا بَكْر 02
شغوف بها وتشغل القلب والفكر= وإن ما بدا بِرّي فأنّى يكنْ عذري ؟
وحبّي لها كالطود في مهجتي يَثْوي= ويبقي لأُون الحتف في دفقة النهر
أما وجهها سِحْرا بقافيتيٍ يَبْري= فيمسي يراعي مثلما عُرْوةً يَفْري 03
ومن روحها ربُّ الألى بَثّ في جِرْمي= فأصبحتُ في قيد الهوى قَاليَ الحُرّ 04
أنا أينما يمّمْتُ صوب القرى شطري= فما لي سوى مرأى لمحبوبتي يُغري
أحنُّ حنين التَّوق والعاشق الصَّب= إذا ما تهادتْ في الرُّؤى نفحة الغُدْر
وأغدو كمن قد عَبَّ مِن قُلَّة اليُمْن= وينزاح عن قلبي أسى الأعْصُر الغُبْر
فيا بحر داري مثلما شئتَ للحِبّ= فما بيننا يَبني ويُعلي عُرى جِسْر
ولو كنتَ مثلي بالذي بيننا تدري= لسيَّرتَ لي ما في الدّنا مركبا يَجري
ليَحْمِل آهات الشَّجى إذ هي تَسري=بروحي وأبيات الرَّجا والجوى الغُرّ
تُعذّبني الأهوال في مَحبس الفَقْد=وزاد كُروبي صَولةً نأيُها المُرّ
أجَالد في منفى البعاد ضنى إصْري=شَقِيّ بيوم البعث في ساحة الحَشْر
إلى مُنِتهى للنَّحْبِ كالوحي في صدري=أناجي بها الدّيان في السرّ والجهر
ويَبِقى ندِيّا ذكرها لينة الحَوْر= ليوم المَعَاد قالها دفتر الجَفْر 05
وفيها تُقال آية النظم والنّثر= كما لم تقلْ في حضرة اللات أو نِسْر
هي في عيوني في مَقام ثرى الطّور= فيا بارئي سُؤلي فكَاك من الأسْر
بها لحظة تَسمو على ألف شهرٍ=ومَنْ جاءهُا تَغْشى له ليلة القَدر
ولا غالبا للحُسْن في الخُلْد والأرض= وما من مُبَار في المعالي وفي البِشْر
أباهي بحُبّي معشر الجِنّ والإنس= ولا أبتغي الكتمان أو حُجُبَ السِّتر
حرام عليَّ الحبّ ما لم يَضُمْ رمسي= وما كنتُ مُفشٍ في الورى ها هنا سِرّي
حصورا سأبقى مثلما ساكن الدَّير= وها ذا يراعي يقتفي أثر السَّير
بها مُستهام يا عَذُولا على الوَجْد= وفي حُبِّها سَلَكْتُ درب الفتى الغِرّ
صريع النّوى في جُبَّةٍ للرّدى عيشي= وتُحْي مَوات مُقِلتي قُبْلة الثَّغر
ثكالى قصائدي بواكي على الرَّبع= بها كُل بيت نائحٍ بالدما الحُمر
فيا داخل الفردوس خَبّْر عن الرّوض= فلا وَقْدَة لاحتْ ولا لفحة القرّ 06
وفيها لنا ما يُشْتَهى عالي الشَّأو=وفي ملمس الغيداء أو رقّة البْكْر
فيا مالك الحسناء قلبي لها يَبغى= ومهما تُغَالي في رؤى المرتجى أشْري
إذا ما توارى رسمُها لحظة عنّي= فذاك رديف طعنة السيف في نَحْري
وها إنّني مُستَقبل عارض الحَرّ=فؤادي تَخَطَّفت طيور القِلَى البُجْر
وبي حُرقة المفجوع في فُرْقَة الخِلِّ= كأني مُلاقى زفرة السوط والزَّجر
غريب بأرض لا صديق ولا خِدْن= ويُلْقِى الذي يَلقى بوجهي عصا النُكْر
بأمرٍ لها تَحْبيرُ شِعْريٍ على الطِّرْس= فيَسبي النُّهى تَوْرِيقُ مُحْكَمَة الضَّفْر 07
وأنّى هي تمضي يكنْ طيفها صحبي= إلى مغرب الشموس أو مطلع الفجر
ومهما تناءتْ في المنافي حِمَى عشقي= لها أوبة تُدني شفاءً من القهر=
وأبْرأ ممّا يَعْتَري الروح من شَوْق= تطاول حتى عاد مَيّادة الأرْز
وأشرب من شِنِّيل نخبا ولا الخمر= وتُقْبِرُ لوعتي رؤى ذلك القصر 08
فما يَعْدل الحمراء سرب من الحُور= ولا ألف ألفٍ من ذوات اللمى السُّمْر==
كساني هواها حلَّة القول والنَّظم= فيا حبّذا لو دام حتى الكرى ذُخري
يُعَشِّقُ أبيات الهوى مثلما الدُّر= ولا يبتغي حمدا ولا مسلك الشُّكر
ففي رؤية الحمراء لي غاية الظّفْر= بما في مجاميع الثناء أو الأجر
أبَاهي بما فيها على جنة الخُلد= وأبكي زمان الوصل أضحية الوَغْر 09
وآهٍ على ما جاء من شَنْتَ فِي الغِلّ=بحار وطوفان من الحقد والغَدر 10
ستبقى بقلبي طلعة القمر الحُلو=تُجَمِّل وجه الحرف في صفحة السِّفر
وعما سواها تَحْضُن الأذْنُ للوقر= وإن خنتُ إيّاها فإنّي لفي خُسْر
بسيف الجوى دارتْ بقلبي رحى الحرب= فأبْصِرْ ترى النُدْبَات في كل شِبْر
لحُبٍّ ولا حُبّ القتيل بلا إثْم= على هامتي مَركوزة راية النّصر 11
لها في حَنايا مُهجتي مَوْثِقُ الحُرّ= وعهدُ ذِمام الحبِّ حتّى وَغى النَّشر
فماذا عسى يُهْدي لها مُغرم مِثلي= أجَفْن من الماسات أم دوحة التِبْر ؟
ويا أخت للصّديق في رونق الحُسْن= لك النيّرين إن تقولي هما مَهْري
ويا بارئي ها إنّ ذي مهجتي نَذْري= لتلك التي لم يَطوها الدهر كالحِجْر 12
وها إنّني في المُنْتأى مُخلص الودّ= فما دونها في العين صرح من الهذر