النَّـارُ في أحشائه والداءُ = والحقدُ ملءُ الصَّدرِ والبغضاءُ
والعاصفُ الموَّارُ سعَّرَ جمرَهـا = إذ صفَّقَ السُّفهاءُ والجبناءُ
والقومُ فيهم من أذاها غضبةٌ = ضاقتْ بها في الأنفُسِ الأحناءُ
لم تخبُ ألسنةُ اللظى في حكمه = فالبغيُ عاتٍ والرؤى جوفاءُ
والزيفُ مركبُ زهوِ جعجعةٍ لهم = كرهتْهُ فوقَ متونها الدأماءُ
والنارُ يزجيها بكلِّ وقاحةٍ = مـذ بايعَتْه الشِّلةُ الحمقاءُ
والنارُ لم يخمدْ عليه لهيبُها = وعليه منها في المعادِ رداءُ
والنارُ في الدنيا وفي الأخرى له = ولكلِّ مَن أذكى الأذى وأساؤوا
ولكلِّ طاغيةٍ وكلِّ مكابرٍ = ولكلِّ مَن ركبَتْهُمُ الأهواءُ
النار أعتى من سلاسل حقدِهم = أما الأذى فلهم عليه جزاءُ
والشِّلَّةُ ارتعدتْ و وافى حشدَها = شللٌ تشظَّى ماله نصراءُ
وخيوطُ أوهامٍ تقطعَ غزلُهـا = إذْ ليس للظلمِ البغيضِ بقاءُ
وهي التي احترقتْ بنارِ فسادِهم = وأتتْ بنشرةِ خزيِهـا الأنباءُ
النارُ أم موجُ انتقامِ شعوبِنا = إذ أُغرقَ الطاغوتُ والقرناءُ
دمعُ اليتامى والثكالى والتي =شقَّتْ جواهـا المُديةُ العمياءُ
والصِّبيةُ الأطفالُ في حاراتهم = قـد أفزعتْهم غارةٌ عجفاءُ
أبطالُ دولتهم أغاروا إنما = كان العدوُّ الشَّعبَ حين أساؤوا
تركوا اليهودَ وقدسَنا وتبختروا = بين الأهالي إنهم جبناءُ
وهـمُ الصغارُ وإن تطاولَ بأسُهم = جندُ اللئيمِ وأهلُه اللؤماءُ
الحربُ ياملعون ماكانت هنـا = برحابِ قومٍ كلُّهم فضلاءُ
الحربُ مـعْ أعدائهم بذلوا لها = مـا يملكون ، وإنَّهـم كرماءُ
لكنها القوميةُ الخرقاءُ قد = خابت ، وخان فلولُها التُّعساءُ
كذبوا على الشعبِ المبارك فاحتفى = لكنه قد فاتـه الإخفاءُ
خلف الكواليس المشينة عربدوا = فكؤوسُهم ملأى لها إدناءُ
هي نَخْبُ قتلِ الشعبِ فاطربْ طالما = تطوي الشعوبَ بساطةٌ و ولاءُ !
مسكينة هذي الشعوبُ أذلهـا = نفرٌ لهـا ، لكنَّهم أعداءُ !
أمَّـا وقد صحت الشعوبُ ومزقتْ = عهدَ الولاءِ فكفُّهـا عسراءُ
لن ترحمَ السفهاءَ عاثوا إذ بهم = نالَ اليهودُ ولليهودِ دهاءُ
والموجُ باتَ مزمجرا لاينثني = فاليوم لن يبقى هناك غثـاءُ
والمفسدون وقد تضاءَل حجمُهم = فلهم بُعَيْدَ الكبرياءِ شقاءُ
القائد المغوارُ أدبرَ منهكا = من طولِ مالعبتْ به الندماءُ !
قلنا لهم من قبلُ ليس يقودها = إلا التَّقِيُّ الصَّالحُ المعطاءُ
رجلٌ إذا جـنَّ الظلامُ أوى إلى = محرابـه تشتاقُـه الآناءُ
يحيي دقائقَها بذكرِ إلهه = ولشعبِه منه اليدُ البيضاءُ
لايعرفُ الخمر الخبيث ولا الخنا = أو غـرَّه الدولارُ والإطراءْ
وسِواه ممَّنْ قد طغوا وتسلطوا = لهم الفواحشُ بعدُ والخيلاءُ
فقدوا الحياءَ فمـا لهم من هيبةٍ = إنَّ الحياءَ مزيَّـةٌ لألاءُ
باعوا كرامتَهم لكلِّ مضللٍ = فلهم لفعل المنكراتِ لواءُ
للحزبِ حزبِ البعثِ كانت صرخةٌ = لكنها ياويلهم جوفاءُ
أين العروبة أين وحدتكم وقد = جاسَ الذئابُ الشَّامَ والعملاءُ !
ياحسرةً قد أوقدتْها حقبةٌ = فيهـا طغاةُ الشَّرِّ والعملاءُ
قد بيعتِ الجنَّاتُ مـعْ أكنافها = والشعبُ والتاريخُ والأرجاءُ
وترنحتْ شامُ الإباءِ يلفُها = ليلٌ طويلٌ أهلُه أُسراءُ
ياربِّ شكوانا إليك فأدركَنْ = حالَ الشآم فقد طغى السفهاءُ
ياربِّ نشكو الظالمَ السَّفاحَ قد = هاجتْ ببغيِ جنودِه الأرزاءُ
هذا الذي ذبحَ الرجالَ وكبَّلتْ = أيدي الأفاضلِ كفُّـه الرعناءُ
هذا الذي شرب الدماءَ سخينةً = متلذذا قد غرَّه الإغـواءُ
إنا على عهدِ الوفاءِ لمصحفٍ = فيه الهدى والفتحُ والآلاءُ
ولشرعنا أحيا القلوبَ وللهدى = أغنتْ شذاهُ السُّنَّةُ الغراءُ
ياربِّ عشنا للحنيفِ ولم تزلْ = بالصبر ترضى كربَنا الأحناءُ
كم أوقد الألمُ الممضُ من الأسى = جمرًا لها عن بثِّه إغضاءُ
وَلَكَـم بزهوِ الصَّبرِ ردَّتْ مـرَّهـا = بيدِ اليقينِ الهمَّـةُ القعساءُ
مَن عاشَ للرحمنِ لـم يخشَ الرَّدى = أو تَسْتَبِحْ إيمانَـه الأعباءُ
رغـم النوازل مرعداتٍ : هـاهـمُ = يفدي شريعةَ ربِّـه الشهداءُ
لم يثنِهم حقدٌ دفينٌ أو مُدًى = شهدتْ لخسَّةِ حشدِهـا الأصداءُ
تُذكي مصائبُ شامنا من شرقه = وإلى مساحبِ غربِه البأساءُ
وشماله كجنوبه فيه الأسى = والقتلُ والتهجيرُ والإيـذاءُ
حقبٌ شِدادٌ صبَّتِ البلوى على = أهـلِ الشآمِ تُعِدُّهـا البغضاءُ
لكنَّه الجبَّارُ يحفظُ شامَنا = وتزولُ عن أرجائها البأساءُ
يملي إلهُ العرشِ للطاغي ولن = يبقى لسطوةِ بغيِه شركاءُ
سيسوقُه قَدَرُ المهيمنِ للفنا = في ساعةٍ جاءتْ بها البشراءُ