عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقنَّ كنوزَهما في سبيل الله ) . وقد وقع الأمر تماماً كما قال صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يأت بعد كسرى كسرى غيره، ولما هدمت دولة القياصرة فلم تقم لهم دولة بعد ذلك وإلى يومنا هذا.
هوامش :
(1) البهتان : كل فعل مُستَبشع يُتعاطَى باليد والرجل ، من تناول مـا لايجوز ، والمشي إلى مايقبح ، ويقال : جاء بالبهيتة أي : بالكذب ، وكفى به عارا وسُبَّةً .
(2) ضَحْيانٌ مفرد: ضَحْيا/ وضَحْيانة: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من ضحِيَ.
(3) فينان : كالشجر الظليل الحسن ، ذو الأفنان الوارفة الظلال .
(4) الأعيان : وجهاء القوم ، وأهل الحل والعقد فيهم .
أسمِعينا تُشَنَّفِ الآذانُ = إذ تغنَّى لطيفِه الشجعانُ
وتنادوا فللغيوبِ انبلاجٌ = في دياجيرِنا ... وآنَ الأوانُ
فأعيدي الصَّوتَ المقدَّسَ يُملي = ما أتانا في فجـرِه القرآنُ
فالبرايا مشوقةٌ للمثاني = رتَّلتْهـا طوبى لهـا الأزمانُ
وهـو الفارسُ التَّقيُّ تنادى = في المدى لاستقبالِه الأعـوانُ
فتباري مع الفخـارِ فخطوٌ = لـكِ يحدو يشتاقُه الفرسانُ
يومُ فتحٍ ! فالمسلمون يتامى = في زمانٍ عنوانُـه االخسرانُ
هـبَّ فيه الرجالُ نحو انعتاقٍ = والنساءُ اللائي لَهُـنَّ الشَّأنُ
والشيوخُ الذين عاشوا حيارى = غـلَّ أيديهُمُ الأسى والهوانُ
والشَّبابُ الوثَّابُ بينَ يديهم = قد تهاوى الإذلالُ والطغيانُ
هـو جيلٌ ذاقَ المرارةَ لكنْ = ماعـراهُ في الشِّدَّةِ الإذعـانُ
يتلوَّى على المواجعِ صبرًا = ولـه في ثباتِـه الشـــــــكرانُ
قـد رعى الفرحةَ النَّديَّةَ ضمَّـتْ = مُجتَناهـا الفصولُ والأعنانُ
فانظريه كما علمتِ حفيدًا = لأباةٍ لفخـرِهـم برهـانُ
عربيٌّ أو أعجميٌّ شَغُوفٌ = بالمثاني ماشانه البُطلانُ
وهـواهُ في السُّنَّةِ اليومَ يهفو = لمـآتي إرشادِها الشُّبَّـانُ
هـو جيلٌ ما ماتَ فيه يقينٌ = أو تلاشى في صدره الإيمانُ
رغم كلِّ الأضغانِ ممَّن تعاووا = فذئابٌ ومَن رعاها مُـدانُ
إنمـا يصمدُ الرجالُ بساحٍ = مالهـم في هيجائه أعــــــوانُ
جمعوا في مغداهُـمُ أرجَ العـزِّ . = . وسارت بذكرِهـم ركبانُ
لـم تنلْ منهُمُ ضراوةُ عصرٍ = في يديه الإيـذاءُ والعدوانُ
وأطلَّتْ فيالقُ المجدِ تروي = قصةَ الفتـحِ ما طواها الزمانُ
هـو جيلُ النُّبُوَّةِ : الوحيُ ألقى = في الأيادي ماشاءَه الرحمنُ
يومَ نادى النبيُّ أين التفاني = أين أين اليقينُ والفـــرقـانُ ؟
فاشرأبَّتْ أعناقُهم طمعًـا في = نيلِ فضلٍ لأهلِـه فرسانُ
فاستجابوا فللفتوحِ جهـادٌ = ولأهليهِ الفضلُ والرضوانُ
قـد تمنَّتْ على الكريمِ الفيافي = أنْ يكونوا هـم الربيع فكانوا
فانظر الرملَ مورقًـا والأماسي = مقمراتٌ وفي الربوعِ جِنـانُ
عـزَّ جندُ الإسلامِ في كلِّ عصرٍ = فَهُداهـم ــ نعمَ الهدى ــ ريَّانُ
وتولي السنون بالناسِ لكنْ = ليس يُطوَى مَن نهجُـه القرآنُ
صعَّدتْ طرفَهـا الممالكُ ترنو = ولسكانِهـا الكرامِ امتنانُ
إنـه الخيرُ جاءَهم ماتناسى = أهلُ تلك المرابعِ المُـرَّانُ
هم بنو الجودِ قد حباهم إلهي = بالعطايا فغادرَ الحـــرمانُ
وتولَّى ولـــــم يَعُدْ ، وتثنَّى = فيه للدينِ خيـــــــرُه والأمــــانُ
إنمـا الفتحُ فيه رحمةُ ربِّـي = ليس للبغيِ والفسادِ مكانُ
وهـو الفتحُ بابٌ عـزٍّ وفـوزٍ = يتثنَّى بردنِـــــه الريحـــــانُ
مرحبا موكبَ الجهادِ حَفِيًّـا = بالبرايا لأهلِهـا التَّحنانُ
فالعشيَّاتُ حلوةٌ والبوادي = آمناتٌ ووجهُهـا ريَّانُ
تتغنَّى بهـا السعادةُ مُثلَى = ولهـا معْ طالِبِيهـا اقتـرانُ
فاهنئي يامرابع الأرضِ زهـوًا = واطمئني فخيرُهـا هتَّـانُ
وأتمِّي سعيَ الهناءةِ فيهـا = ثمراتٌ ولن يجفَّ العَنَانُ
جاءَ للأمـرِ أهلُه فالأماني = باسماتٌ والناسُ والبلدانُ
إنهـا نعمةُ الكريمِ تدانتْ = من أُناسٍ ماغرَّهـم شيطانُ
أو سَبَاهم بالموبقاتِ شقيٌّ = قاده للمهالكِ الكُفرانُ
فقرونٌ بالخير بشَّتْ ويُروَى = في رحابِ الممالكِ الظمآنُ
أصغِ للآيِ في العوالمِ تُتْلَى = وبهـا العهدُ من إلـهِي مُصــانُ
لايغرنَّـكَ السَّرابُ فتعشو = ويولِّـي عن وعيِك العرفانُ
أو تخيفَنَّكَ الحشودُ تراها = تتلظَّى كأنَّهــا بركانُ
أو يلومنَّك الجبانُ تراءى = في ثيابٍ لزيفِهـا لَمَعَــانُ
وَيْكَ عــرِّجْ إلى المدينةِ تشهدْ = ذاتَ يومٍ لمَّـا تعالى الأذانُ
فتداعتْ أصنامُهم وتهـاوى = رغـم بُعْدِ المسافةِ الإيوانُ
وتردَّى فَسَلْ مسيلمةَ الكذَّابَ . = . لمَّـا دهـى الخبيثَ الطعـانُ
يابنَ هذا الإسلامِ ويحـك فاسألْ = كيف فــرَّ المجوسُ والرومانُ
إنَّـه اللهُ لـم يـزلْ لَـكَ عـونًا = إن تمادى في عصرِك الطغيانُ
وَعَــدَ المتقين في الأرضِ نصرًا = شهدَ اليومَ وعــدَه الحدَثانُ
إنــه الدِّينُ دينُ كلِّ رسولٍ = فيه للعالَمين هذا البيانُ
هـو دينُ الإسلامِ مـا لسِواهُ اليوم . = . في الأرضِ يا أُخَـيَّ مكانُ
فَتَحَـرَّ التاريخَ يُنْبِئْكَ صدقًـا = أنَّ أهـلَ الأوثانِ إذْ ذاك هـانوا
وأتاهـم عـذابُ ربِّـكِ يُنهي = سَفَهًـا قـد أغـرى بـه الشيطانُ
وتخلَّى لمَّـا رأى العذابَ و ولَّى = حيثُ ولَّتْ في إثـرِه العبدانُ
غـرَّهم في بحبوحة العيشِ زورًا = فالجُمانُ المنضودُ والعقيانُ
والأماسي جميلُها يتثنَّى = بالكؤوسِ استباحهـا العصيانُ
قصصٌ سوفِ تنمحي وسيبكي = أهلُهـا المترفون والخِـلانُ
حينما قادني زمانُ انكساري = وهـواني به فبئس الهـوانُ
فَتَيَقَنْتُ أنَّ عـزمي سجينٌ = وهـواني بزيفِـه مـزدانُ
والأماني التي تُحَوِّمُ حولي = كاذباتٌ قد ساقها الحرمانُ
فمـن اعتدَّ بالإلـه تسامى = ومَن ارتدَّ نالَه الخسرانُ
كيف ينهارُ مؤمنٌ لدعاوى = باطلاتٍ سمسارُها خزيانُ !
لا أرى الفتحَ في يَدَيْ ذي جنوحٍ = وَهْوَ بالزيفِ والهوى جذلانُ
فَيَـدُ المجدِ لـم تُمَكِّنْ شقيًّا = وَهْوَ عن ومضِ نورِها وسنانُ
فالأبيُّ النشوانُ في حبِّ دينٍ = لايماري فللأبيِّ اتِّــــــــزانُ
تملأُ الحقلَ بهجةً خطواتٌ = فلهـا إنْ فاحَ الربيعُ اقترانُ
لتعودَ الصحراءُ جنَّاتِ عدْنٍ = في المغاني وتورقَ الأفنانُ
ويُنادَى في الناسِ أن لاتهونوا = فلكم في بستانِها الريحانُ
لا لهذا الشقاءِ أنتم خُلِقْتُم = أو لطاغٍ قانونُـه العنفوانُ
ما لهذا الزمانِ عنه تغاضى = هـل لأمرٍ فما له طيلسانُ !
صفعتْ وجهَه الخطوبُ وضجَّتْ = بدواعي ويلاتها الأكفانُ
في فصولِ الحياةِ دمعٌ سخينٌ = ودماءٌ كأنَّهـا طوفانُ
وليالٍ ساعاتُهـا مثقلاتٌ = بالرزايا إذْ غُيِّبَ السُّكانُ
جفلتْ نعمةُ الأمانِ دهتْهـا = عربداتٌ يصوغُهـا العدوانُ
فقوانينُ بطشِهم ومُداهم = شهدتْ طعنً حقدِها الأبـدانُ
إنهـا حِقبةُ الهوانِ لقومي = ولهـذا تستنسرُ الغربانُ !
ويتيهُ المرتدُ كِبرًا وطيشًا = ويصولُ الفجَّـارُ والصِّبيانُ
ويجـولُ الدَّجالُ في كلِّ أمـرٍ = عّقَدِيٍّ يحثُّـه السلطانُ
فيماري في بحثه ويُجاري = ولِزورٍ تقطَّعتْ أشطانُ
إنها حقبةُ العجائبِ جاءت = بيديهـا الأهواءُ والهذيانُ
ولهـا في مراتعِ المكرِ باعٌ = ولهــا بعدُ للأذى خُــــــزَّانُ
فعجاجُ الأفكارِ هبَّ فتاهتْ = في دياجيرِ غيِّهـا الأذهـانُ
وغديرُ المستنقعاتِ جديرٌ = بالعفونــــات صـــدرُه مــــلآنُ
هكذا إن خــلا الزمانُ من الخيرِ . = . تولَّى زمـامَـه البهتانُ (1)
أَوَبَعْدَ الضَّلالِ ويحـكَ يُرجى = من نهارٍ يسودُه التحنانُ !
لا وربِّي إنَّ البريَّــــــةَ تشكو = قـد عرتْهـا اللأواءُ والأحزانُ
وإلى الرحمنِ الرحيمِ يداها = مُـدَّتــا قـد بَرَاهُما الكتمانُ
تستغيثانِ بالكريمِ ليعفو = عن ذنوبٍ جزاؤُهـا الحرمانُ
ورفيفُ الغيوبِ مازالَ يحيي = ما أماتَ الفجـورُ والعصيانُ
وبهذا العصرِ الكئيبِ ائتلاقٌ = لصباحٍ مابعده هِجرانُ
هـو صبحُ الإيمانِ باللهِ عادت = في مُحَيَّا حشودِه الركبانُ
قد علمنا تكبيرَه في عهودٍ = كلَّلَتْهــا بالعزَّةِ الفرسانُ
تُكرمُ الأمــةَ الشَّريعةُ جاءت = والبراهينُ حُجَّــةٌ وبيـانُ
أنطقتْها وليس يخفى هُداها = فلهــا في دحضِ الفسادِ لسانُ
وعـلاها ولن ينالَ علاهـا = مَن تولَّى أرسانَه الشيطانُ
جـرَّه مرغمًـا لسوءِ المخازي = حيثُ مسعاهُ الَّلفُّ والدورانُ
وترامى على يــدِ المفترين اليومَ . = . خِبًّـا فمـا لـه اطمئنانُ
نحنُ من أُمَّــةٍ أنالَ إلهي = ماتمنَّى أبناؤُهـا الشجعانُ
فاقرأ اليوم سِفرَهـم يوم جابوا = جنباتِ الغبراءِ يومَ استجابوا
لنداءِ الإسلامِ بعدَ ضلالٍ = ساومتْهم في ريبِه الأوثانُ
لـم يذلُّوا في موقفٍ لكفورٍ = غــرَّه في سلطانـِه العبدانُ
نحنُ قـومٌ أعـزَّنا اللهُ لمَّـا = ضـمَّ منحى قلوبِنا القرآنُ
نحنُ بالإسلامِ الحنيفِ كرامٌ = ماحَيِينَـا وشأنُنا ضحيانُ (2)
في إخاءٍ ورحمةٍ وتواصٍ = بالمزايا فظلُّهـا فينانُ (3)
نحن من أُمَّــةٍ أقامَ علاهـا = في البريَّاتِ ربُّهـا الرحمنُ
يتباهى بهـا الزمانُ ولولا = خطوُهـا العذْبُ ما تباهى الزمانُ
وبظلِّ الإسلامِ أنبتتِ الأرضُ . = . وفاضتْ بخيرِها البلدانُ
دعـوةٌ بشَّتِ المغاني لديهــا = إذْ سباهـا في الأمسياتِ الأذانُ
وهـو العصرُ عصرُنا في ذهـولٍ = أنهكتْهُ الأوجاعُ والأشجانُ
وَتَغَشَّتْْهُ رعشةٌ حيثُ أصغى = لنـداءٍ صدَّاحُـه الإيمانُ
يعلنُ الفرحةَ التي لايُماري = إذْ أطلَّتْ في زهوها الإنسانُ
إنَّـه يابنَ آدمَ اللهُ يقضي = فيؤوب المصدورُ والحيرانُ
ويتوبُ الفُسَّاقُ بعدَ انحلالٍ = وإلى الرُّشدِ يرجعُ النُّدمانُ
وغثاءُ الإعـلامِ ماعادَ يُجدي = والتَّجنِّي على الشعوبِ يُهـانُ
وقُـوى الشَّرِّ في يَدَيْ مُسْتَجارٍ = بِعُلاهُ إنْ عربدَ الطغيانُ
يخسفُ اللهُ بالطغاةِ ويقضي = مايشاءُ المهيمنُ الدَّيَّـانُ
سيعودُ الإسلامُ والفارسُ الغوثُ . = . تقيًّـا جنودُه الفرسانُ
فَيُدَوِّي التكبيرُ في كلِّ ركنٍ = ورحـابُ المدى له أركانُ
فضياءُ الإسلامِ يمحو الدياجي = ويزولُ المجوسُ والرومانُ
وتراهـم جميعَهم قـد تنادوا = أنْ هلمُّوا فاليومَ هـلَّ الأمانُ
ويتوبُ الرحمنُ عمَّنْ تَجَنَّى = وتولَّى أيامَـه النكرانُ
وأفاقَ الذي قضاها بلهوٍ = وأنابَتْ لربِّهـا الأعيانُ (4)
وأطلَّ الربيعُ يهمي اخضرارا = واطمأنتْ ما تحملُ الأظعانُ
ما نأى الخيرُ عن ينابيع دينٍ = أو طــواهُ في الغمرةِ النسيانُ
فالمثاني آياتها بيِّناتٌ = والحيارى أدناهُمُ العِرفانُ
كيف تبقى أيامهم حالكاتٌ = ولديهم من ربِّهم فرقانُ !
ماوراءَ الضياعِ إلا نهـارٌ = جـاءَ في نورِ صبحِه الرُّبَّانُ
ويعودُ الإنسانُ عبدًا لربٍّ = وتولي عن أهلِهـا الأضغانُ
ويسودُ التوحيدُ هذي البرايا = آمناتٍ ويُعبدُ الرحمنُ
ربِّ جدِّدْ لأُمَّتي وجـهَ عــزٍّ = ليزولَ استذلالُها والهوانُ