الأُباةُ الأبرارُ والنُّجباءُ = والمزايا والإخوةُ الفُضلاءُ
الميامينُ والمآثرُ تترى = في زمانٍ يسودُه السُّفهاءُ
بادَرُوا السَّاحَ بالبطولةِ أحيا = عزَّةَ الركبِ دونها الأكفياءُ
حملوا إرثَ دعوةٍ ليس تفنى = أو يُواري لألاءَها الأعداءُ
تلكَ أيامُهم تفيضُ بذكرٍ = عطَّرتْهُ الآياتُ والأشذاءُ
قوَّةُ البأسِ إنْ تمادى عدوٌّ = أو رَمَتْ بالمكارهِ الظلماءُ
فاعتزازٌ بدينِهم وجهاد = قادَ ركبانَ جندِه الأنبياءُ
فالبطولاتُ أهلُها ماتواروا = يوم جدَّت بالغُمَّةِ الهيجاءُ
وهو العصرُ لم يزلْ فيه ظلمٌ = وضلالٌ تُشينُه الأهواءُ
فتصدَّى له الرجالُ بصبرٍ = وأتوهُ بحكمةٍ لاتُساءُ
وتراءى دليلُنا فيه فذًّا = زادُه الوعيُ والهدى والوفاءُ
وسعى مؤمنا بربٍّ قديرٍ = فله عندَ قومه إصغاءُ
قد وعاها مقولةً يتثنَّى = في مغاني أفيائها العظماءُ
آلَمَتْهُ الأوجاعُ أوجاعُ شعبٍ = إذْ مداها رزيَّةٌ شنعاءُ
حيثُ نادى بملءِ قلبٍ حزينٍ = لاتهونوا فأنتُمُ النُّبلاءُ
إنَّما في نهايةِ الدربِ فتحٌ = وانتصارٌ و رِفعةٌ و رخاءُ
لن تموتَ الشعوبُ فالحقُّ أبقى = من ليالٍ يموجُ فيها العناءُ
سلمَ الرأيُ ياتقيًّا فعينٌ = أبصرَتْ كيف تفعلُ البلواءُ
فادِّعاءاتُ بغيِهم باطلاتٌ = ورؤاهم رعونةٌ وافتراءُ
فلهذا الشَّعبِ الأبيِّ بقاءٌ = ولأهلِ التضليلِ تَبًّا فناءُ
ولأهلِ الحقوقِ عاقبةٌ من = أمرِهم في الدنيا لها استيفاءُ
هو دينٌ وللزمانِ أيادٍ = مقتضاها للظالمين عفاءُ
والفروسيَّةُ الكريمةُ تُرجَى = في بيانٍ يصوغُه الشعراءُ
فَبِرَمْيٍ مُسَدَّدٍ و طعانٍ = وبوجهٍ بنورِه يُستضاءُ
وهي الخيلُ في المراحِ لِمَغْدَى = إذْ يثيرُ النقعَ الخضيبَ اللقاءُ
لم تمتْ دعوةٌ لديها حضورٌ = في الملماتِ شأنُه الإرواءُ
أو تمتْ روحُ أُمَّةٍ قد حباها = وحيُ ربِّي فشأنُها الإعلاءُ
إنَّ للأمة الكريمةِ شأنًا = لايُجارَى وإن تمادى الشقاءُ
إنْ أتى الشَّرُّ مؤذنًا بِتَبَابٍ = فستطويه دعوةٌ عصماءُ
ويُواريه شعبُنا في ثباتٍ = لم تزعْزعْهُ غارةٌ بلهاءُ
ربِّ هاهم رجالُنا في ذهولٍ = إذْ دهتْهم فجيعةٌ نكراءُ !
فنساءٌ قد بِتْنَ فيها ثكالى = يومَ غابَ الآباءُ والأبناءُ
وصغارٌ في اليُتْمِ باتوا أسارى = مالهم من سعادةٍ إدناءُ
فهو الهَرْجُ : سيفُه ماتوانى = قد طوتْ زهوَ غمدِه البغضاءُ
فالرجالُ الأشاوسُ الصِّيدُ هبُّوا = ومزاياهُمُ اليدُ البيضاءُ
من شآمِ الهدى أطلُّوا أباةً = واحتفَتْ بالجحاجحِ الشهباءُ
وبحمص وفي حماة شبابٌ = ماتوانوا : فنخوةٌ ومَضاءُ
وبدير الزور الأبيَّةِ نادى = للتصدِّي رجالُها الأصفياءُ
وشبابٌ في اللاذقيةِ جاؤوا = فرياحُ البحرِ الجميلِ رُخاءُ
وبدرعا ففي الجنوبِ تصدَّت = لفرنسا يوم اعتدى اللؤماءُ
هو شعبُ الشآمِ شرقا وغربا =وجنوبا وفي الشمالِ فِداءُ
شعبُ زهوِ التاريخِ باهى بمجدٍ = ما أضرَّ ابتهاجَه الإدجاءُ
عاش لله في الحِباءِ سخيًّا = فتغنَّتْ بجودِه الكرماءُ
لم يَسُؤْهُ الذين ظلَّ أذاهم = يتمادى وحقدُهم والجفاءُ
فقياداتُه الكريمةُ فيها = عظماءُ الرجالِ والعلماءُ
ودواوينُه الرخيَّةُ قامتْ = في ظلالٍ أفذاذُها الأولياءُ
لكَ ابن الوليد منَّا التحايا = عطراتٍ آناؤُها والثَّناءُ
ولِمسعاكَ فخرُ كلِّ حصيفٍ = فلك الشُّكرُ شذوُه والدعاءُ
ولركبٍ في اللاذقيةِ يشدو = لم يُرَوِّعْ فرسانَه الأغبياءُ
في ثغورِ الإسلامِ جندٌ أُباةٌ = أسعدَتْنا بالإخوةِ البشراءُ
هو للهِ ما أصابَ كرامًا = فسبيلُ الكرامِ هذا الولاءُ
نُوًبُ الدهرِ ماضياتُ وتبقى = صفحاتُ الرضا هي الشفعاءُ
مَن حمى شرعةَ الإلهِ فذاكم = مَنْ زكتْ نفسُه فطابَ الإياءُ
حيثما كان لم تجدْهُ شحيحًا = فمُحيَّاهُ بالهدى وضَّاءُ
وسجاياهُ من صفاتٍ تسامتْ = إنْ طغتْ واكفهرتِ الآراءُ
فلك الفضلُ حكمةً واتِّزانا = والتزامًا عدُوُّه الغُلواءُ
مَن ألانَ الجناحَ في الحقِّ ألفى = ما عَنَتْهُ الشريعةُ الغرَّاءُ
فامضِ بالخيرِ لم يزل لكَ صنوًا = ياتقيًّا ما غرَّه الإطراءُ
في الأفقِ يبتسمُ السَّنا في زهوِه = في محيَّاه ومضه الألاءُ
هو دينُ الإسلامِ وحيُ إلهي = في البرايا فأهلُه الأنبياءُ
أعجزتْهم عقيدةٌ حاربتْها = في الليالي الأسافلُ السُّفهاءُ
ومدارُ الطغاةِ باتَ هباءً = فالملماتُ جندُها الأكفياءُ
أيُّها الغافلُ الغبيُّ رويدًا = غرَّ مشوارَ وهمكَ الجبناءُ
فاغتنمْ من مآثرِ الحقِّ فصلا = في يديه الإيثارُ والعلياءُ
فرسولُ الإله يدعو فانهضْ = فله رغم المرجفين لواءُ
فَلْيتَّعظْ بعد الضلالِ فؤادٌ = جنَّدَتْهُ الحضارةُ الجوفاءُ
وليقمْ ينهلُ الحقائقَ صفوًا = لم تكدِّرْ بهاءَها اللأواءُ
قيم قد سمتْ ولمَّا ينلْها = أو تُجنَى بالخسَّةِ النعماءُ !
لاترومُ الجوزاءُ صاحبَ حشدٍ = هيَّجتْهُ الأهواءُ والبغضاءُ
آثر البغيَ والسفاهةَ دينًا = فالعُتُوُّ المنهاجُ و الخيلاءُ
فعُراهُ قد قطَّعتها الأماسي = مظلماتٍ وللعُتُوِّ انكفاءُ
يتوارى إفسادُهم بل توارى = إذْ طوتْه البصيرةُ العمياءُ !
ياأخا الشرعةِ المكينةِ فاشمخْ = إن تمادى الطاغوتُ والأعداءُ
واهْدَأَنْ إنْ ما دلهمتْ في ربانا = وتلظَّتْ بالشِّدَّةِ الأنحاءُ
فإلهي لم يُبقِ عسرًا ولكنْ = فيه ياصاحِ محنةٌ وابتلاءُ
ليتَ هذا الأصمَّ يسمعُ صوتًا = يومَ نادى أجنادُه العظماءُ
ونأى عمَّا زوَّرَ اليومَ إعلامٌ ... = ... له من زورِهم أصداءُ
وهوالزيفُ قد يراهُ جميلا =إنما فيه فتنةٌ خرقاءُ
جولةُ الباطلِ الوضيعِ ستُطوَى = وتولِّي آثارُها العجفاءُ
كان فيها فرعونُها فتردَّى = بعد ما أودتْ بالفتى الدأماءُ
وليالي نمرودِِها صفعَ الثُّكلُ ...= ... جبينَ استعلائها والحذاءُ
وبقايا الطغاة في كل عصرٍ = قد أُهينوا وكلُّهم زعماءُ !!!
والرواياتُ زورُها وجناها = طمستْها هنا اليدُ البيضاءُ
حملتْ منهج الإله وأحيتْ = بمزاياها الدعوةُ العصماءُ
فالمثاني الحِسانُ هُنَّ عُلانا = والسَّجايا والسُّنةُ الغرَّاءُ
دعوةٌ اللهِ ليس تبلى وحاشا = فخلودٌ بقاؤُها وارتقاءُ
ولديها من بشرياتٍ روتْها = في المغاني وطابتِ الأفياءُ
أَوَيُطْوَى الإسلامُ ! لا وربي = هو باقٍ وللهدى إرساءُ
فأعِدْها رسالةً وارعَ فيها = مجتناها ينلْك عنها الجزاءُ
يُدركُ المسلمُ الحفيُّ بدينٍ = إنْ تجلَّى على خطاهُ المَضاءُ
سوف تفنى كلُّ المذاهبِ هدرًا = وتغيبُ الأضغانُ والغلواءُ
وينادي أخو الشريعةِ فيهم = أنْ تعالوا ففي الحنيف الهناءُ