*نُشرت هذه القصيدة في الملحق الأدبي في جريدة الندوة المكيَّة ، يوم الأحد في 12/ شوال / 1405ه .
لاتنامي على الونى والشَّنارِ = بعدَ عزٍّ مطرَّزٍ بالفخارِ
وانفحينا بالمكرُماتِ وعودي = بربيعِ الشَّريعةِ المعطارِ
وانسجي كلَّ خطوةٍ بالمعالي = أنتِ نفحَ الآصالِ والإبكارِ
وانعتاقٍ عن الدنايا وقُربٍ = من سُمُوِّ الفضائلِ الزَّخَّارِ
هو من دأبِكِ البصيرِ فذرِّي = شبحَ الوهنِ في دجى الإعصارِ
لاتنامي ! إنَّ الليالي سجالٌ = والمآتي في صبحها الدوَّارِ
ماطوتْ وجهَكِ الوضيءَ المآسي = أنتِ والنُّورُ من عطايا النهارِ
فتَّ في عضْدِك الهوانُ فعزَّت = أمنياتٌ بعيدةُ الأغوارِ
فأفيقي على الأذانِ وهبِّي = بنشيدِ الجهادِ والإكبارِ
إنَّ غيرَ الإسلامِ فيه شرٌّ = وهلاكٌ وموئلٌ لاندثارِ
مذ هجرنا قرآننا مزقتنا = فتنُ المجرمين في الأمصارِ
وأُخذْنا من كلِّ حدْبٍ وصوبٍ =بفسادِ الغزاةِ والأفكارِ
وانبرى المخلصون في كلِّ صوبٍ = يتنادون للهدى في الديارِ
فصراعٌ مدمِّرٌ وكفاحٌ = بين جندِ الكفارِ ... والأخيارِ
وهو العيشُ بالعقيدةِ يحيي = مَن توانى في ساحه الهدَّارِ
قد مللنا والله نسجَ القوافي = وسئمنا ترنُّمَ الأشعارِ
فالملايينُ ويحها كغثاءٍ = جرفتْه الأثباجُ في التيَّارِ
آهِ يا أُمَّتي فدتك حياتي = لو أعدتِ الهدى بلا استهتارِ
ليتني كنتُ موجةً من لهيبٍ = تحرقُ الوهْنَ والهوى في النارِ
ليتني كنتُ صخرةً تتردَّى = فوقَ هامَ الطغاةِ والكفارِ
ليتني كنتُ كالسيولِ بليلٍ = تجرفُ الباطلَ المقيتَ الضَّاري
وتسوقُ الجناةَ في ردهاتٍ = مظلماتٍ باليلها والمرارِ
هؤلاءِ الطغاة أذنابُ بغيٍ = وذئابٌ مسعورةُ الأظفارِ
عبدوا المالَ والنساءَ ولجُّوا = في الدعاراتِ والخنا والعارِ
واستخفوا أذنابَهم بالبغايا = في الليالي الحمراءِ والأوزارِ
وأباحوا ما حرَّمَ اللهُ ظلمًا = واستهانوا بالدَّارِ والديَّارِ
فإذا الربعُ في يديهم تبابٌ = وإذا ليلهم مع الأوتارِ
وإذا الناسُ بين هولٍ وخطبٍ = وضحايا لمجرمٍ جزَّارِ
وإذا الدينُ والوفا والمزايا = في هواهم رجعيةٌ لانحدارِ !
فهل العصرُ والتقدمُ فيه = غير بؤسٍ للخلقِ في الأقطارِ !
إنما باتَ رأيُهم دون ريبٍ = بين إفرنجِ عقلِهم والعثارِ
تبعوا مسلكَ النصارى وهاموا = خلف خطوِ اليهودِ دون اعتبارِ
آهِ يا أمتي وخطبي ثقيلٌ = قد تهاوتْ بسفحه أسفاري !
في فؤادي حكايةٌ لم تصفها = رائعاتُ الأفذاذِ في الآثارِ
هي تحكي دماءَنا وشقانا = إذ تمادى المأفونُ باشمخرارِ
هي أقوى من المدافعِ تدوي = ثم تطوي من طاهرِ الأعمارِ
قصص من رجالها شهداءٌ = وثكالى يبكين في الأسحارِ
وتفيضُ الدموعُ : لوعة أرضٍ = فتجيب السماء بالأمطارِ
بكت الأرضُ بعدهم وأثارت = عبراتِ السحابِ ريحُ الفخارِ
بعد تلك الأرواحِ ضاقت رحابٌ = بقلوبٍ في ليلها والنهارِ
عبث المرجفين دمَّر شعبًا = قل : فأين النداءُ بالإنكارِ ؟
مزقوا الأمةَ العزيزةَ عمدًا = بالهوى والأنيابِ والأخطارِ
آهِ يا أُمَّتي بصدري جراحٌ = والقوافي خضابُها من نارِ
سامحيني فلستُ مَن باعكِ اليومَ . = . بسوق الهوانِ للفجارِ
أنتِ أغلى من الحياةِ وأبهى = من رنين الدينار والدولارِ
أنتِ عنوانُ عزِّنا وعلانا = رغمَ وهمِ التقدمِ المنهارِ !
حسبنا أننا نعيش ونمضي = في ظلالِ القرآنِ كالأبرارِ
نحن لم نهجرِ السيوفَ الظوامي = أو نخفْ في المدى من الأخطارِ
قدرُ الأوفياءِ أن يرثوا السيفَ . = . ويمضوا بحدِّه البتارِ
قدرُ المؤمنين يقظةٌ وثباتٌ =دون عصرِ الآلامِ والأكدارِ
وجهك السَّمحُ في دُجُنَّةِ خطبٍ = حلوُ بوحِ المنى برغم المرارِ
مَن يعيدُ الربيعَ بالعبقِ القدسيِّ . = . دنيا تفوحُ بالأزهارِ ؟!
هل تمورُ الفصولُ بالمسرحِ الوغدِ . = . ويهوي أبطالُه للقرارِ ؟!
هل يعج الميدانُ بالموكب المسلمِ . = . يُعلي راياتِه بالفخارِ ؟!
فإذِ الظلمُ موجةٌ من دخانٍ = تتلاشى على رؤى استعمارِ
وإذِ الدربُ مشرقٌ بالسجايا = في وجوهِ الجحاجحِ الأنصارِ
سترفُّ البنودُ تخفقُ فيها = نبضاتُ القلوبِ بالأوطارِ
آهِ يا أمَّتي أنام وليلي = قلقٌ مفعمٌ بلا استقرارِ
قيل : نَسْجُ الأشعارِ يُطفئُ نارًا = أشعلتْها الهمومُ بالأسحارِ
أيريحُ الفؤادَ ظلٌّ ظليلٌ = أو رنينٌ للشجوِ في القيثارِ ؟!
هكذا قيل ، غير أني وشعري = بين سهدٍ وفكرةٍ وحوارِ
كلمات يسائِلُ اللهُ عنها = يوم حشرِ الأخيارِ والفجَّارِ
فدعيني أرد كلَّ سفيهٍ = بلهيبٍ من دفقها الزخَّارِ
هي بين الأطهارِ تبعثُ عزمًا = وتثيرُ الفداءَ في الثوَّارِ
لم أصفْها لفاسقٍ أو عميلٍ = ولخالي الفؤادِ من أنوارِ
أنا لم أسكبِ القوافي أبيَّاتٍ . = . سوى للرجالِ والأحرارِ
لن تنامَ الآمالُ في مقلتيها = فهْيَ ترنو للمحِها الخطارِ
ثقلَ الخطبُ في الليالي علينا = إذْ حملناهُ في ضلوعِ النَّهارِ
لم يهنْ ركبُنا المظفرُ إنَّا = نتخطَّى دجى الأسى والبوارِ
تلك أقدارُنا نسيرُ خطاها = وعلى اللهِ مطلعُ الأقدارِ
وعلى الله قد توكل ركبٌ = وعلى الله مالنا في المدارِ
سوف يمحو الظلامَ صبحٌ قريبٌ = ونهارٌ يميس بالجُلنارِ
وتعودُ الجموعُ مسلمةَ الوجهِ . = . لربِّ الأنامِ في الأقطارِ
إنَّ من بعدِ عسرنا ودجانا = فجرُ يُسرٍ مكلل بالفخارِ
فَلْنُوَجِّهْ قلوبَنا راجياتٍ = رحماتٍ من ربِّنا الغفارِ
ويعودُ الإسلامُ رغم الأعادي = في رحابِ الوجودِ للإعمارِ
ربِّ إني بلَّغتُ قومي فكنْ لي = شاهدًا فأنتَ خيرُ جِوارِ