أتى من ظلمة الدنيا النهارُ = فللظلماتِ في العقبى اندحارُ
ولم تبق المغاني قاحلاتٍ =و بشَّتْ حين وافاها النهارُ
وفوَّحت الشعابُ بكل طيبٍ = وللأطيابِ في يدها اعتبارُ
تبارك ربُّنا الأعلى رعاها = فلم يلحقْ مباهجها اندثارُ
شكى من قبل أهلوها عناءً = وطال لكشفِ غمَّتِهـا انتظارُ
وأوحشَ غيرَها ليلُ الرزايا = و والاهم هـوانٌ وانكسارُ
فصفحةُ ماجنوه من المعاصي = علاها قبل يوم الحشرِ عـارُ
وفرق بين مَن يرجو ثوابا = ومَن لمـآلِه اشتدَّ التبارُ
أطاعَ المسرفين وقد تنادوا = إلى لهوٍ لياليهم قصارُ
هـمُ السفهاءُ مالانوا لدينٍ = لهم في هذه الأيامُ نارُ
وعاشوها نفوسًا مترفاتٍ = عصاةً لـم يغادرْهم شنارُ
كأنْ لم يعلموا أنَّ المنايا = ختامٌ ليس ينفعه اعتذارُ
ولا يرضى الدنايا غيرُ خبٍّ = لئيم الطبعِ مركبُه البوارُ
أتتهُ هدايةٌ فأبى قبولا = وأعمى قلبَه عنها اغترارُ
وعاش وهل سينفعه التعالي = فللمتكبرين الويلُ دارُ
يعيشُ ولم يفكرْ في مآلٍ = وقــد جحدَ الأراذلُ والكبارُ
وإنْ بالفسْقِ طابور تمادى = وطابورٌ يقودُهُـمُ حمارُ
وآخرُ للحقائقِ لايراهـا =سوى وهـمٍ يجلله الغبارُ
فيهدم ركنَها العالي ولكنْ = على جثمانه سقط الجــدارُ
يدور المجرمون لحربِ دينٍ = أتاهم منقذًا ، ولهم سعارُ
ولكنْ ظنهم قد خاب لمَّـا = على خسرانهم كان المــدارُ
ومَن وافى لحربِ الله وافى = نهايتَه تولاها انتحـارُ
فولى عن معاقرةِ الدنايا = وعاث بدارِ خسته الدمارُ
وكانت نحوه الأهواءُ تهفو = كشلالٍ جرى وله انهمـارُ
فــذاق بهـا مرارتَها وكانت = لياليَ ليس يعقبُها نهارُ !!!