( إلى الشهداء الأبرار في الزلازل المدمرة أينما وُجدوا )
حـدُّ المنونِ يصرِّمُ الآمالا=ويُبدِّدُ الأفراحَ حالا حالا
ويرى ابنُ آدمَ في الصباحِ مسرةً=ويرى بوجهِ مسائِه الأهوالا
ويذوقُ من كفِّ المسرةِ شربةً=ويعبُّ من كأسِ الشُّجونِ وصالا
كم ذا بداجيةِ النوازل أجفلتْ=شفةٌ ، فما وجدَ المصابُ مقالا
ولكم عزمْنا أن نرى أحبابَنا=لكنْ بدا وجدهُ النَّوى خذَّالا
ما إنْ توخينا اللقاءَ بأربُعٍ=بشَّتْ و وشَّاها الإخاءُ جمالا
حتى توخَّى الموتُ منهم عصبةً=واختارَ يومَ نزولِه الأبطالا
وأتى على الأفراحِ يخرسُ شدوَها=ويزيدُ من أثقالِه أثقالا
يأتي إذا شاءَ الإلهُ ولم تجد=مَنْ يستطيعُ لردِّه أفعالا
جلَّ المهيمنُ ما قضاهُ فنافذٌ=أبدًا ، وإنْ أشجى الفؤادَ و نالا
ذهبَ الكرامُ ، فيافواجعُ إنَّما=أبقيْتِ ذا الدمعَ الهتونَ مُسالا
نعيٌ أتاناوالفؤادُ بشجوِه=فأثارَ عثبرُه الشجونَ و جالا !!
وله وجمنا صابرين على القضا=لم نُلْقِ للحزنِ المؤجَّجِ بالا
ومضى الذين عن العقيدةِ جاهدوا=في اللهِ ، وابتدروا السِّباقَ رجالا
عاشوا لها متضامنين يقودُهم=نورُ الكتابِ ، فأحسنوا الأفعالا
وقضوا شبابًا صادقينَ ، ولم يروا=غيرَ الهدى لقلوبِهم سلسالا
لم يرهبوا بأسَ الطغاةِ ، وما عنوا=ليدِ الجُناةِ تجدِّدُ الأغلالا
كانوا الأنيسَ لمَنْ عرتْهم وحشةٌ=والكربُ أثقلَ صدرَهم أهوالا
يحيا بهم زهوُ الربيعِ ، فجنَّةٌ=جلساتُهم ، ورفيفُها مازالا
وعلى مآثرِهم مناهلُ بِرِّهم=يسقي الصِّحابَ رحيقُه والآلا
لم يألفوا خطلَ البغاةِ ، ولا مشى=بدمائِهم زيفُ السرابِ و سالا
تستافُ طيبَ الوُدِّ في أخلاقِهم=وبها ترى النِّبراسَ و الأمثالا
لاتعرف الهمزاتِ فوقَ جبينِهم=أو تبصرُ المحتالَ والمختالا
فهُمُ السعادةُ والصَّفاءُ بعالمٍ=نحرَ السعادةَ شرُّه والفالا
وهمُ الطهارةُ جلَّ طيبُ ردائِها=فيهم ، فلستَ ترى بهم دجَّالا
لبسَ الفخارُ ثيابَهم فازَّيَّنتْ=قِممُ الفخارِ بمجدِهم إذْ طالا
فهمُ الفضائلُ أورقتْ أفنانُها=والحقلُ حقلُ ربيعِهم مازالا
نسجوا صحائفَ عزِّهم من مجدِهم=وعلى المحاسنِ أكرموا مَنْ مالا
والخيرُ رائدُ سعيِهم إنْ أبرموا=أمرًا لخيرِ المسلمين توالى
سأبثُّ شجوي بعدَهم وكآبتي=وأدورُ شوقًا يمنةً و شمالا
فالطَّيبون الراحلون أحبتي=ولئن بكى قلبي النَّوى ما غالى
ومدامعي : ميثاقُ عهدِ أُخوَّةٍ=ما كان وهمًا سِفرُه و ضلالا
جاءَ النَّبيُّ r بفضلِها ، وتواترتْ=أخبارُ رفعتِها هدى و خِلالا
وتزولُ صحبةُ فاسقٍ أو مرجفٍ=وهوى جدارُ أخي الفجورِ زوالا
البعدُ أقلقنا سنينَ طويلةً= والشوقُ أضحى في الجوى زلزالا
فيهم شبابُ الحيِّ كانوا أنجُمًا=وهبتْ ليالي السَّامرين جمالا
وعلى المودةِ أقبلوا وبها سعوا=ما أجملَ الإيثارَ والإقبالا
للباقيات الصَّالحاتِ توافدوا=هيهاتَ أن تلقى لها إقفالا
لايستوي الأبرارُ والفجَّارُ في=ميزانِ مَنْ سمكَ السَّماءَ تعالى
ياجيرةَ الوادي الظليلِ ، وإنَّكم=أهلُ الرضا لاتعرفون مَلالا
أهل الفراتِ العذْبِ فاضَ بأرضِكم=طيبًا جرى ثجَّاجُه استهلالا
ولقد سموتُم فوقَ مَن حملوا الأذى=وتراكضوا خلفَ العِدا أذيالا
حتَّى أتتهم لعنةٌ من كلِّ مَنْ=ذاقَ المرارَ ، ولفَّه سربالا
جلَّتْ بكم سِمةُ الوفاءِ لدينِكم=يحيي القلوبَ ، ويكرمُ الأجيالا
تلكم طيوبٌ خطاكمُ لمَّا تزلْ=في ذكرِكم أبهى وأكرم حالا
بينَ الخمائلِ من نضيرِ ربيعِهم= لم أنسَ صبحَ الأُنسِ والآصالا
ساعاتُ عمرٍ لن يعودَ نهارُها=ومن المجالسِ أُنسُها قـد زالا
دفنَ الردى ( في الدَّيرِ ) موتانا وقد=أخذَ الفنا الأعمامَ والأخوالا
ولقد فقدنا في الفراتِ أحبَّةً=عاشوا المآثرَ قدوةً ومثالا
عشقوا الشهادةَ في سبيلِ شريعةٍ=واستعذبوها حُلَّةً و نوالا
كان الأخ المقدام منهم فارسًا=ولروحِه يومَ الوغى بذَّالا
إنْ صالَ في ساحِ الفداءِ حسبْتَه=ـ والموتُ حوَّمَ حوله ـ رئبالا
فإلى العدوِّ من الإلهِ بشارةٌ=تأتيه إن آنَ الأوانُ وبالا
لن يجزعَ القلبُ الذي يحبوهُ مَنْ=خلقَ الحياةَ وحدَّدَ الآجالا
للهِ ما أعطى ، ومات أخذَ الفنا=والحمدُ للهِ الرحيمِ تعالى
تيهي بهم ياذكرياتُ ، وغرِّدي=وقفي إذا ذُكروا هنا إجلالا
فأنا عجَزْتْ ولم أزلْ في حيرتي=وكآبتي ثقلتْ عليَّ جبالا
وبصدريَ المجروحِ شجوٌ راعفٌ=سيَّالُ دافقِه أتى قتَّالا
لُعِنَ الطغاةُ العابثون بأمَّةٍ=خانوا الأمانةَ والهدى أنذالا
وثووا على الذلِّ المقيتِ ليُسمعوا=أُذُنَ العدوِّ حِيالهم موَّالا !!!