ولحتَ ( ياعوض القرني )لهم وهجًا=أذابَ إيماءَهم ذا الرمزِ والكذبِ
هوامش :
* كتاب للداعية الإسلامي الشيخ عوض القرني ــ حفظه الله ــ وقد نُشرت القصيدة في مجلة البلاغ الكويتية ــ العدد 1594 ــ بتاريخ 27/3/1425هـ .
(1)الضبارم : المحارب الجريء على الأعداء
التَّلب : الخسار ، يُقال : تبًّاله ، وتلْبًـا .
أقمتَها حُججًا أوهتْ يدَ الرُّقُبِ=وجئتَ بالحقِّ ما أبقى على صخبِ
وكنتَ سيفًا على أعتى حداثتِهم=تفري مساوئها حمَّالةَ الريبِ
وبالبيانِ أتى يمحو ضلالتَهم=ليستبينَ الهدى منهم أخو رغبِ
أخالهم عندها عُميًا ، وإن نظروا=وليس تنفعُ عينُ الواهمِ التَّعِبِ
كتابُكَ اليومَ للأجيالِ صيحتُه=باتتْ يردِّدُ فحواها بنو العربِ
إذ جئتَ فيه بما يُخزي فضائحَهم=وبالبراهين من بحثٍ ومن خُطبِ
لاغروَ إنْ هبَّ في أرضِ الهدى ودعا=إلى الأصالةِ أهلُ المجدِ والحسبِ
فبوركتْ يدُكَ البيضاءُ حاملةً=لواءَ دعوتِك الغرَّاءِ لم تهبِ
وفخرُنا بكتابِ اللهِ لا بهوىً=فيه القذاراتُ تحكي خسَّةَ ألربِ
وبالخنا ، وبفكرٍ هابطٍ وأذى=على سفاهةِ أهلِ اللغزِ منثعبِ
لم يُبدعوا بل خَبَتْ نيرانُ أربُعِهم=لمَّـا نأوا عن مغاني مجدِنا الشَّنبِ
إنَّ الغموضَ الذي جاءتْ سخافتُهم=به لأجدرُ أن يُلقَى بلا عتبِ
فوجهُه فيه من إغوائِهم قَتَرٌ=ولوثةٌ من كريهِ الغربِ لم تطبِ
وسوقُه البائرُ الممجوجُ ما وقفتْ=به على قدميها قامةُ الأدبِ
فيه سماسرةٌ باعوا ركائبَهم=ذاتَ السُّمُوِّ لأهلِ السُّوءِ والجربِ
أغيرُ تضليلِهم في كلِّ مجتمعٍ=أوِ افتراءاتُهم في سوءِ منقلبِ
سوق الحداثةِ ــ ياقرني ــ خسارتُه=باتتْ تلوِّحُ بالإفلاسِ والعطبِ
وأهلُه رغمَ أنَّا لا نناجزُهم=إلا لحبٍّ لهم من أوجبِ القُربِ
جرُّوا مخايلَهم زهوًا وما غنموا=ويرفلون على وهمٍ ، على عجبِ
حداثةٌ وُلدتْ في غيرِ تربتِنا=وقد نمتْ بخبيثِ الآسنِ السَّربِ
تسلَّلتْ في نوادينا وما علمتْ=أنَّ الذي ردَّها الفوَّاحُ في التُّربِ
تأبى طهارةُ هذي الأرضِ ماجلبتْ=يدُ المسيئين من كفرٍ ومن طربِ
ومن سفورٍ أباحوا فيه نخوتَهم=فكيف لايغضبُ الأتقى على غضبِ
وكيف لايصدعُ الفرسانُ في بلدٍ=أعلى دعائمَه القعساءَ دينُ نبي !!
صلَّى عليه الذي قرآنُه سببٌ=إلى النَّجاةِ ، وما في الغيِّ من سببِ
***= ***
دعهم فلن يُفلتوا ممَّا ألمَّ بهم=إلا بفيئةِ ذي أُمٍّ له وأبِ
عاشا وإنَّهما لم يعرفا لهما=إلا سبيلَ الهدى للسَّادةِ النُّجُبِ
فكيفَ عقَّهما ذو زخرفٍ ونأى=عن الأُصولِ بدعوى حاضرٍ خَرِبِ !!
هو الهوى وغرورُ النَّفسِ مابرحا=زورًا يسوقانه أعمىً فلم يَؤُبِ
هلاَّ رأى الفلقَ الممدودَ مبتهجًا=بسابغِ القيمِ العليا لذي الطَّلبِ !!
فيارجالَ الحمى ، ياسورَ رفعتِنا=لم يَغْفُ صاحبُ وجهِ المجدِ أو يغبِ
إذْ هاجه عصفُ أطماعٍ مزوَّرةٍ=على الشَّريعةِ تذرو الإرثَ عن كثبِ
أوراقُنا الصُّفرُ : تاريخٌ ومفخرةٌ=وخيرُ مافي ادِّخارِ النَّاسِ من نشبِ !!
أغلى وأشهى إلى نفسِ الضبارمِ من=زهوِ الفسادِ إذا ما سيقَ في الثَّلبِ (1)
أبناءُ جلدتِنا قد غرَّهم عبثًا=حبُّ التَّلوُّنِ بينَ الصِّيتِ واللقبِ
فجانَبُوا فخرَهم من أجلِ ساريةٍ=مرَّتْ مساءً بلا ودقٍ ولا صببِ
وليس ينفعُ ذا قرٍّ له حطبٌ=وليس تملكُ كفَّاهُ جُذَى اللهبِ
نفْثُ الضَّلالاتِ باتتْ من صناعتِهم=ناهيكَ عن خطلٍ في القولِ مضطربِ
ونثرُهم من حنايا الزَّيفِ منفلتٌ=وشعرُهم بغموضِ الفكرِ ذو ريبِ
نَبْذُ الشريعةِ من أولى خصائصِهم=فكيف يسكتُ عنهم مؤمنٌ وأبي
هاجتْ حداثتُهم في الغربِ فاجتلبُوا=حثالةَ السَّفهِ المنبوذِ في الذَّنبِ
رموزُها عبثٌ أو لغزُ لاهيةٍ=من الصَّغيراتِ عندَ الحيِّ في اللعبِ
فإنْ رجعْنَ إلى دورٍ لهنَّ سفتْ=ريحُ السَّمومِ بقايا لعبةِ القصبِ
***= ***
إنَّ الحداثةَ حربٌ في مخالبِها=حقدٌ دفينٌ على الإسلامِ من حقبِ
وموجةٌ أهطعتْ ترجو لها سندًا=في دُهمةٍ من ضياعٍ ويكَ مضطربِ
ومذهبٌ للهوى عرَّاهُ حاملُه=لمَّـا وهى سعيُه في القفزِ والخببِ
مَنْ لم تزدْهُ النٌّهى إلا خسارتَه=فشأنُه في الهوى الغربيِّ ذو نصبِ
مستورَدٌ مثل آلافٍ مؤلَّفةٍ=من البضائعِ في الأكياسِ والعُلبِ
يابائعَ الفخرِ بالأسمالِ منتنةً=ضلَّتْ خُطاكَ بدربٍ غيرِ ذي قُشُبِ
تردَّدتْ بينَ إفلاسٍ ومخمصةٍ=وبينَ حقلٍ ذوى لم يُسْقَ من سُحُبِ
هلاَّ أنبْتَ بوعيٍ لايلوِّثُه=ماقد تنزَّى من الأوهامِ والرَّغبِ
حتى تفوزَ بخيرٍ لايجانبُه=إلاَّ الغبيُّ الذي لم يحظَ بالأربِ
ياصاحبَ السَّفرِ : بشرى غيرُ غائبةٍ=عنَّا بفتحٍ نراهُ هـلَّ بالغلبِ