اتَّقوا اللهَ قبلَ أيِّ بيانِ = لم يُتوَّج بحكمةٍ واتِّزانِ
اتقوا اللهَ فالأكاذيبُ تترى = بمراءٍ فكانَ سوءُ اللسانِ
ودعوها فإنها منتناتٌ = عاصفاتٌ بالغيِّ والشَّنآنِ
اتَّقوا اللهَ ويحكم إذْ علمتم = أنكم أهلُ دعوةِ القرآنِ
اتَّقوا اللهَ وانظروا مافعلتُم = بصفاءِ النفوسِ والوجدانِ
اتَّقوا اللهَ في دماءِ ذويكم = في فلسطين اليومَ أو بغدانِ
لم تجف الدماءُ ـ بعدُ ـ وأنتم = في خصام وفرقة وامتهانِ
قد أُصبْتُم ، فبين قتلٍ وأسرٍ = في بنيكم ، وبينَ عيشٍ مُهانِ
وكأنَّ الآذانَ صـمٌّ فلم تسمعْ = نداءَ الإخاءِ والإيمانِ
وأنينَ المعذَّباتِ الثكالى= وأسى الأمهاتِ والولدانِ
رُبَّ نَوْحٍ طواهُ ليلٌ ثقيلٌ = بين شِدقَيْ ضراوةِ الطغيانِ
سمعتْهُ النجومُ في هدأةِ الليلِ = وألقتْ صداهُ في الآذانِ
والأسارى وكيف حالُ الأسارى = من أذيَّاتِ سطوةِ السَّجَّانِ
يأكلون الأوجاعَ حقدًا وسَوطًا = ويعانون قسوةَ الحرمانِ
أَوَضَيَّعْتُمُ الوفاءَ ، فضاعتْ = خلفَ أهوائِكم بقايا الأماني !
أنسيتُم أيَّامَنا نيِّراتٍ = بالمودَّاتِ وجهُها والمثاني !
مادهاكم ياقومَنا أنكفأتُم ؟ = أَتَخَلَّتْ عن العهودِ يدانِ !
وليالي احتفائِنا بسنا المجدِ = وإنشادِنا رقيقَ المعاني !
يالعهدٍ ، والمسلمون قيامٌ = بين عزٍّ وبين سيفٍ يماني
اتَّقوا اللهَ فالشريعةُ تدعو = مَن تناسى مآثرَ الفرسانِ
يومَ كنَّا مع الهداية نسمو = لانبالي بالأصفرِ الرَّنَّانِ
يومَ كانت أسمى الأماني لدينا = ساعةَ الموتِ في رضا الرحمنِ
كيف قد صوَّحتْ خمائلُنا اليومَ = وأخوى التغريدُ في البستانِ !
اتَّقوا اللهَ في أنينِ اليتامى = وبدمعِ الأراملِ الهتَّانِ
وشحوبٍ في وجهِ كلِّ أبيٍّ = وانتظارٍ يذوبُ في الأجفانِ
وجموعِ المهجَّرين علتْهم = حسراتٌ من وطأةِ الأشجانِ
ما أمرَّ الخصامَ أفنى إخاءً = ورمانا في وهدةِ الأضغانِ !
مانبذناهُ ، والليالي توالت = بتباريح فرقةٍ وهوانِ !
مالكم تستقون في كلِّ آنٍ = ليس من نبعِ شرعِنا الفينانِ !
تتبارون ، لا إلى الله ركضًا = بالتُّقى والوئامِ والتحنانِ !
إنَّما السَّعيُ للزعامةِ تَبًّـا = للزعاماتِ والهوى الشيطاني
وعلامَ القتالُ بين يديها = والتَّمادي باللَّفِّ والدورانِ !
وعلامَ الضَّجيجُ حول رخيصٍ = من حطامٍ والزَّهوِ بالصَّولجانِ !
عشْ زعيما لمَن تشاءُ ولكنْ = أيهـونُ الزعيمُ ذو النيشانِ !
وحيارى أجنادِه في ذهولٍ = واهتماماتُه حديثُ امتهانِ !
والذين ارتأوْهُ قد ذهلوا عنه = وهاموا كالضائعِ الحيرانِ
وهُمُ الآخرون بينَ ذلٍّ وهزءٍ = من عدوٍّ ، أو من صديقٍ وانِ
تحملون الآمالَ قيدَ تبابٍ = غيَّبتْها سفاهةُ الصِّبيانِ
فاتَّقوا اللهَ واخلعوا الحبَّ للجاهِ = الموشَّى بالزيفِ والهذيانِ
وتآخوا على الوفاءِ كما يُرجَى = لأهلِ الإسلامِ في الأزمانِ
كي تعودَ الأيامُ تُزجي ربيعًا = ينفحُ الرَّكبَ من شذى الأفنانِ
ليظلَّ الميثاقُ يملي علينا = مانسيناهُ قبلَ هذا التَّواني
يوم جئنا إلى مشارف فتحٍ = نتملاَّهُ من كُوى الطغيانِ
ووجدنا على مداه انعتاقًا = من مهاوي الهوى وخبثِ الجبانِ
يالطيبِ السنين ، والعمرُ فيها = طاهرُ الثَّوبِ ، عاطرُ الأردانِ !
أين حُلوُ الشراعِ يمخرُ بالعزِّ = وبالوُدِّ والهدى والبيانِ !
أرضيتُم بمركبٍ ليس يقوى = في خضمِّ الإعصارِ والطوفانِ !
فتراميتُم كالغثاءِ على الأرضِ = قطيعًا عانى من الحرمانِ !
مادهاكم وأكرمُ النَّاسِ أنتم = في صحيحِ الحديثِ والقرآنِ !
ليس يُغني بعدَ الهدى غيرُ حبٍّ = أخويٍّ يفيضُ بالتحنانِ
خانع النفسِ فاهجروه وردُّوا = مَن أتاكم بدائِه النَّفساني
يبتغي المجدَ لعبةً لارتفاعٍ = يتوخَّاه فوقَ أيِّ حِصانِ
***= ***
أيُّها المسلمون : هبُّوا أُباةً = واستعينوا بالواحدِ الدَّيَّانِ
وتخلَّوا عن المغانم هانتْ = ليس في وجهِها سوى الخسرانِ
لايسوقَنَّكم جمودُ قلوبٍ =وانحسارُ الأشواقِ في الشريانِ
أوقدوا جذوةَ اليقينِ ، وثوبوا = بعدَ هذا الجنوحِ للرحمنِ
قد نأيتُم عن الرشادِ ، وزغتُم = فوجدتُم ماليس بالحسبانِ
ماتقولون إن وقفتُم أمامَ اللهِ = يومًا إن جيءَ بالميزانِ !
ماتقولون إن أتاكم سؤالٌ = عن معاني انتسابكم للمثاني !
وعن الوُدِّ ماتركتُم نشيدًا = في محيَّاهُ زهوُه الرباني !
تشرحُ الصَّدرَ لفتةٌ منه هلَّتْ = يتثنَّى شذاهُ عبرَ الجَنانِ
فعلى بِرِّه تهادتْ قلوبٌ = عَمَرَتْها مآثرُ الإحسانِ
فأنيبوا لربِّكم ، واستردُّوا = ما وضعتُم عراهُ في الأكفانِ
أتلفُّ الأحداثُ أُمَّتَنا اليومَ = ونجثو على رصيفِ التواني !
فاتَّقوا اللهَ ، إنَّما نحن قومٌ = جَمَعَتْنا شريعةُ العدناني
وبغيرِ الإسلامِ نسقطُ صرعى = وكتاباتُنا بلا عنوانِ
أرأيتُم كم مجرمٍ باع في سوقِ = علوجِ العدا كريمَ الأماني !
ومضى في تبارِ أيامِه مُثقلَ = خطوٍ يهيمُ في الوديانِ
وبنانٍ ينبوعُها كان فيضًا = جفَّفتْهُ حداثةُ الخذلانِ
وشبابٍ تهافتوا بعدَ عـزٍّ = في كآباتِ عثرةٍ وافتتانِ
فازدراهم زمانُهم لخُلُوِّ الساحِ = واهٍ من موكبِ الفرسانِ
فاتَّقوا اللهَ والعواقبَ فيهم = وأفيقوا من هجعةِ الإذعانِ
قد تحزَّبتُم لستُ أدري لمَن ويحَ = نفوسٍ تُقادُ للبطلانِ
ليس للمؤمنين من صفةِ استكبارِ = نفسٍ تجرُّ للخسرانِ
فدعوا الأمرَ كلَّه لإلهٍ = قد حباكم بالعفوِ والغفرانِ
واتَّقوا اللهَ كي تنالوا فلاحًا = من عطايا الوهَّابِ ذي السلطانِ
فالنَّبيُّ الحبيبُ يهتفُ فيكم = أن تعالوا لخمسةِ الأركانِ
والزموا الشارعَ الأمين تنالوا = ماعلا من مآثرِ الإيمانِ
أنتُمُ الخيرةُ اصطفاكم إلهي = إذ تميَّزتُــــمُ على الأقرانِ
ونشأتُم على مدارجِ طُهرٍ = في صفاءِ الأرواحِ والأبدانِ
وتسابقتُم نحوَ كلِّ فخارٍ = وتجاذبْتُم عذْبَ أغلى الأماني
ورفعتُم في العصرِ رايةَ عزٍّ = عافها البعضُ من ذوي السلطانِ
وعليكم تكالبَ الشرقُ والغربُ = وغيُّ النقيقِ في الغِربانِ
وطِّنوا اليومَ أنفُسًا لزمانٍ = يتلظَّى بالحقدِ كالبركانِ
وعليه طغاتُه قد أعدُّوا = لقتالِ الإسلامِ حدَّ السِّنانِ
يا إلهي وأنتَ بَـرٌّ رحيمٌ = لاتمكِّنْ لِلُعبةِ الشيطانِ