لم يُحرزِ الأسمى الشَّقيُّ بمنزلِ = لو كان قصرا في المكانِ الأفضلِ
ولو اعتلى ظهرَ المكانةِ مُبعَدًا = عن نورِ آياتِ الكتابِ المُنْزَلِ
مَن تاهَ في بحرِ الهوى لَقِيَ العنا = إذْ أنَّـه في سعيِه كالمهملِ
ورأى حياةَ اللهو تضحك ساعةً = لكنَّه عمَّـا يكونُ بمعزلِ
فالعمرُ ساعاتٌ ولمَّـا أدبرتْ = كانت كحلمٍ في حياةِ الأحيلِ
لم تُجْدِه الأهـواءُ أمست علقما = لمَّـا هوى بئس التزلزلُ من عــلِ
وخسارةُ الإنسانِ ماكانت بما = قد نالَ من مالِ ومن مستقبلِ
إن لم يعش للهِ في غدواته = فالويلُ في الروحاتِ إن لم يعقلِ
الرجعة الكبرى تكونُ لبرزخٍ = ليرى نهايةَ ماجنى في الأوَّلِ
والخُلد للإنسانِ بعدُ بموطنٍ = إمَّا جهنَّمُ في لظاها الأسفلِ
أو جَنَّةٍ فيها نعيمٌ دائمٌ = بشرى تُزفُّ من الجوادِ المجزلِ
واليوم والحسراتُ تقصمُ ظهرَ مَن = أغرتْهُ دنيا الفاسقين بما يلي :
من ساعةٍ فيها اللذائذُ أسفرتْ = عمَّـا تُكنُّ من السَّراب الممحلِ
وعن الفجورِ وما يُباعُ بسوقه = والخمرِ والثوبِ الجميل المُسبلِ
يغدون في وحل المعاصي لم يكن = فيها الرضا لفرسةِ المتأمِّلِ
هم هؤلاء المترفون بغيِّهم = وبفسقهم ساقوا النفوسَ لمقتلِ
لاترْقُبَنْ منهم لخيرٍ غيمةً = تَسقي قلوبَ ذوي العيون الهُمَّلِ
في شعبهم ، ناهيك عن قيمٍ محـوا = آثارَها تُرجَى لِبِـرِّ المرملِ
وهي الحياةُ وأهلُها لـو أنصفوا = لتسابقوا شطرَ الهدى المتهللِ
وأتوا محاريبَ الإنابةِ سُجَّدًا = للــهِ لا لبريقها المتعجلِ
أَوَلَمْ يروا حالَ القبورِ وأهلها = ومآلهم بيدِ القضاءِ الفيصلِ
جاءَ الزعيمُ وبأسُه أخوى فلم = ينفعْهُ بأسٌ أو شديدُ المعقلِ
واقتيدَ تغشاهُ النَّدامةُ والأسى = ياويله أمسى بحكمِ الأعزلِ
وعجائبُ الدنيا نراها هكذا = لكنَّها الأقدارُ لـم تتعجَّلِ
تجري بحكمةِ بارئ . جلَّ الذي = سوَّى على الوجه القويم الأكملِ
دولٌ تسودُ بكفرِها وجحودِها = وتنالُ ممَّـا تشتهيه من الحلي
حكمتْ بكفرٍ واستغلَّ طغاتُها = وَهَنَ الشعوبِ وقد سُقُوا من حنظلِ
لعُتُوِّ طاغوتٍ ولَهْوِ معربدٍ = وخيانة أزرتْ بحالِ الأنـذلِ
ومراوغٍ أهدى الدنيَّةَ للعدا = واغتالَ نُبْلَ الشَّعبِ كالمُتَبَذِّلِ
فترى بني هذا الزمانِ بفتنةٍ = يخشون أيامَ الزمانِ المقبلِ
لاعيشُهم يصفو ولا هُـم بُشِّرُوا = بزوالِ هذا الهـمِّ في المستقبلِ
يحيون والأرزاءُ تحدو حولهم = وظلامُ ليلِ شقائهم لـم ينجلِ
إذ قال أهلُ العلمِ رأيا صائبا = بالعودة المُثلَى إلى اللهِ العلي
فاللهُ أكرمَهم بعقلٍ أقفلُوا = أبوابَ رفعتِه بسوءٍ مجملِ
وضعوهُ للأهـواءِ خابَ خدينُها = ونأوا به عن طيبِ عذبِ السَّلسَلِ
وبأُمِّ أعينِهم رأوا ضنكًا فلم = تنفعْهُمُ الشكوى ورأيُ الأحولِ
ولفاسقٍ عبدَ اللذائذَ فانثنى = عمَّـا تسامى في البيانِ الأمثلِ
اللهُ أوجدَهم وأكرمَ شأنَهم = لكنَّهم سقطوا لأسفلِ سافلِ
دينُ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ فيه المنى = والخيرُ في الإسلامِ جــدُّ مؤصَّلِ
والحاكمون بغيره ضلُّوا فلم = يجدوا مع الطغيانِ عَذْبَ المنهلِ
هاهم حيارى أو سكارى قادَهم = طغيانُهم نحو السَّبيلِ المهملِ
فمتىي يعودُ الناسُ للمولى الذي = آلاؤُه فاضتْ ولمَّــا تبخلِ
فهو الكريمُ وجودُه لاينتهي = وهـو الغفورُ لتائبٍ ومُؤمِّلِ
وهو المجيبُ لسائلٍ قـد عضَّه = نابُ الزمانِ . فياحناجرُ هلِّلي
واستأنسي باللهِ تَلْقَيْ رحمةً = ودجى النوازلِ عن رحابك ينجلي
ناموسُ كونِ وجودِنا هـو واحدٌ = اللهُ أدناهُ لِمَـنْ لـم يجفلِ
مَن عاشَ للإسلامِ ألفى راحةً = وبغعيرِه ربُّ الورى لـم يحفلِ
فلـه الشقاءُ وإنْ تنعَّمَ فترةً = والويلُ كلُّ الويلِ للمتأوِّلِ
فاستيقظي يا أمَّتي من غفلةٍ = وتسلَّحي بكتابِ ربِّك واعملي
ومن النمير العذبِ من سننِ الهدى = حثِّي خُطاكِ إلى المنابعِ وانهلي
وثقي بأنَّ اللهَ يُهلك مَن طغى = وعلى العظيمِ البَـرِّ لم يتوكلِ
وغدا غدا وبحولِ ربِّك تنتهي = أقصوصةُ بُتِرَتْ ولمَّـا تكملِ