( مع الفاتحة : إلى جميع شهداء الدعوة الإسلامية على امتداد الغبراء
في عصر حضارة الظلم والبغي والأضغان ....... وهـم في جنَّات الخلود
إن شاء الله عـزَّ وجلَّ ) .
هوامش :
(1) مناص : ملجأ أو مَفَــر .
(2) شغاف : بطانة القلب .
(3) ولما يَقِدْهُ الفناء : لـم يقطع الموتُ حبلَ الإخاء .
(4) الرواء : بهـاء الشيء وحُسْنُه .
لنا في الحياةِ وثيقُ انتمــاءْ = بحمدِ الكريمِ بهذا الإخاءْ
مضيْتَ وأمضي ويمضى الورى = ويبقى بطيِّ الغيوبِ الوفاءْ
وُعِـدْنا أخي في الكتابِ العظيم = وفي هَدْيِ أحمدَ والأنبياءْ
فإنا بإذنِ الإلـه الكريم = بجنَّةِ عـدْنٍ يكـونُ اللقاءْ
منابرُ من نورِ ربِّ العباد = تكونُ لأهلِ التُّقَى والوفاءْ
وعِشْنا سَويًّا قُبَيْلَ الرحيل = بظِلِّ المودةِ أبهى إياءْ
أراكَ فيَبسمُ حولي الدجى = ويأتي الدجى مقمرًا بالضياءْ
فَتُجْلَى الهمومُ وَيُطْوى الأسى = وترحلُ عنَّا الشجونُ هَبَاءْ
وتصفو لنا الأمسياتُ العِذاب = ويحلو بحقلِ الوصالِ الثَّواءْ
وأقطعُ دربًا طويلَ الخُطَى = فأُلْفِي بوجهكِ طيبَ اللقاءْ
كأنَّك صبحٌ لِلَيْلِي الطويل = وفيه ابتهاجي وفيه الهناءْ
أخي يا أخي نِعْمَ تلكَ الطيوف = تُجدِّدُ إنْ مـا دُهيتُ العَزاءْ
وعشنا حقيقةَ صفوَ القلوب = فأنتَ أخي ليس فيه افتراءْ
ولستُ بحاجـةِ مَن في الطريق = وأنتَ الرفيقُ فما مِن رياءْ
كأنِّيَ أعلمُ ماذا لديك = إذا ما نظرتُ بحـالِ ابتداءْ
طويْتَ أُخيَّ عوادي الزمان = وتلك التي في يَدَيْها اجتـراءْ
فللهِ عشنا السَّجايا الحِسان = ودادَ القلوبِ وحُسْنَ الولاءْ
جنينا التَّضامُنَ في سعيِنا = فَحُلْوُ المزايا وصدقُ المَضاءْ
وهل من مناصٍ لعيشٍ سعيد = بغيرِ الصلاةِ وغيرِ الدعاءْ (1)
وذلك منهجُ أهلِ اليقين = بربِّ الخلائقِ أهلِ الرجاءْ
بأخلاقِنا لم نزلْ في سُمُو = يبدِّدُ بالطيبِ عصفَ الشقاءْ
طُمَأنينةٌ في شغاف الفؤاد = وروحٌ وريحانُ زهوِ الرداءْ (2)
أُخُوَّةُ قلبٍ يجيدُ الوئام = وينشدُ للأخِ أصفى الثَّناءْ
وتحلو لنا الأُمنياتُ الوِضاء = بثوبِ الخُلودِ الذي لايُساءْ
فنسعدُ يومَ الحسابِ العسير = وأهلُ الكبائرِ قيدُ العفاءْ
فعفوٌ ومغفرةٌ للَّـذين = تناءَوا وردُّوا قبيحَ الغناءْ
وعافوا التَّبذُّلَ والمنكرات = وهذا العنادَ وذاكَ المِراءْ
ففي القربِ من بارئ الكائنات = نعيمٌ مقيمٌ فيالَلْحِبــاءْ
بنعمةِ ربِّي ننالُ النعيم = وذلك فضلُ إلــهِ السَّماءْ
فَيومُ القيامةِ يومٌ عسير = على الظالمين وأهلِ الشَّقاءْ
ويشفعُ فيهِ أخٌ لأخيــه = إلى جنَّةٍ يمشيانِ سواءْ
فنعمَ الأُخوَّةُ في ذي الحياة = حياةٍ تزولُ ويبقى الإخاءْ
يحبُّ الإلهُ الوليُّ الكريم = أخًـا ليس ينسى جميلَ اهتداءْ
وحُلوَ اللقاء وصدقَ الحنين = لِمَـنْ قد أجابَ سُمُوَّ النِّداءْ
فحبُّك في اللهِ أرقى الولاء = وأصفى المزايا وأندى الوفـاءْ
فطوبى لِمَن نالَ هذا المقام = وبشرى حَبَتْهُ بيومِ اللقـاءْ
فظلٌّ إلهي لِنَفْسَيْهـما = فنالاهُ حبًّـا بهذا الحِبـاءْ
هـو اللهُ في الحشرِ يأويهما = لحبِّ بــدا منهمـا والتجـاءْ
عليه هـما اجتمعا والفراق = عليه ولمَّـا يَقِـدْهُ الفناءْ (3)
فهـذا الإخاءُ عقيدةُ مَن = أقامَ العقيدةَ للأصفياءْ
وليس الإخاء كلاما يُقال = ولكنْ بفعلِكَ يأتي البقاءْ
فمنْ مِنَنِ اللهِ ربِّ العباد = إخـاءٌ عليه تجلَّى الرواءْ (4)
فحُبُّك في الله أصفى الإخـاءْ = وهذا اعتصامٌ يزيد الولاءْ
فصدرُكَ يبقى سليمَ الرؤى = ويبقى حديثُك عَذْبَ الإناءْ
فتُمحَى الضَّغائنُ والمفسدات = وتبقَى المآثمُ رهنَ الحَفاءْ
أخاك أخاك فَسَلِّم عليه = وردَّ السلامَ بطعمِ الوفاءْ
أجبْهُ حَفِيًّا إذا مادعاك = وهرولْ إليه لطيبِ اللقاءْ
وقدِّمْ له النصحَ فيما يفيد = بلفظِ الودودِ وحالِ اختفاءْ
وتشميته إنْ سمعتَ العطاس = فإنَّ إلهي يجيبُ الدعاءْ
وحَبِّبْ لنفسِك حبَّ الهناء = وحبَّ لـه مثل ذاك الهناءْ
ولا تنس فضلَ التواصي الأثير = بحقٍّ وصبرٍ لدفع البلاءْ
وذكِّرْهُ بالباقيات التي = تقودُ خُطاهُ لدارِ الثَّـراءْ
ثـراءِ التَّقيِ بخيرِ الخلودِ = ورؤيةِ ربِّـي عيانًا لِــرَاءْ
وجدِّدْ لـه الحبَّ في كلِّ حين = وسامحْ أخاك إذا ما أسَاءْ
فعُمْرُ ابن آدمَ عمرٌ قصير = فبادرْ وخُـذْ من هُدَى الأنبياءْ