هوامش :
1 ـ المطافيل : النوق مع صغارها
2 ـ بعد الهُدُو : من هزيع الليل
3 ـ الأُثرة : المكرمة المتوارثة
4 ـ ائتصر : تكاثر واعلُ
5 ـ جُذمور : أصل الشيء
6 ـ المصع : الضرب بالسيف
7 ـ حمش : غضب
8 ـ حائر : مجتمع الماء
9 الخوصاء : الناقة الغائرة العينين من الإعياء
10 ـ حَوم : القطيع من الإبل
11 ـ الصعدة السمراء : الرمح
12 ـ الأطراب : من الطرب ، ونقاوة الرياحين
13 ـ حلة القوم : مجتمعهم ...
14 ـ الصُّلة : الأرض الممطورة بين أراض قاحلات
* نشرت في مجلة المنهل ــ جــده ــ العدد 628 ــ عدد محرم / صفر للعام 1433هـ
ماتناءيْتُ عن وثيقِ وفائي=لجذوري الأثيرةِ الأثداءِ
أو نفضْتُ اليدينِ من أُمنياتي=أو تغافلْتُ عن نديِّ ولائي
فالقوافي لم يصدأ الحبُّ فيها= لمطافيل ربعِنا المتنائي (1)
في ذبولِ الربيعِ أمرعَ شوقٌ=وتثنَّى الفؤادُ بالأصداءِ
لتعودَ المنى منضَّرةً جذلى = تثيرُ الحنينَ في الأحناءِ
زهوُنا الماضي في مرابع سلمى =حول ماءِ الغديرِ ذي الإرواءِ
ظمئ القلبُ إذ تحرَّى ليُروى=من فضيض صفا وعذبِ رواءِ
ولنعمَ الرؤى ينيرُ سناها=في عيوني بعدَ الهُدُوِّ فضائي (2)
حبَّذا الأُثْرةُ البسيمةُ تُلفي=أهلَها الصِّيدَ بانتظارِ الحِباءِ (3)
ائتصِرْ أيُّها التليدُ ارتقاءً=واعلُ بالمجدِ سامقَ العلياءِ (4)
أنتَ جُذمورُ بيضِ أغلى الليالي=في مغاني المراتعِ العرباءِ (5)
لاتلمْني فليس يسبي اغترابي=في السجايا سوى كريم الرداءِ
عربيِّ الأصولِ يخبِطُ في الغمرةِ = قِرنًا بالمصْعِ عندَ النداءِ (6)
عربيِّ الجذورِ غضِّ صفاتٍ=ماعراها الجفافُ رَغمَ الجفاءِ
ولسانٍ تأبى الفصاحةُ فيه=أن تُوارَى في جَلْبَةِ الخلطاءِ
وقوامٍ لم يجتدِ العزَّ يوما=فمزاياهُ وجهُ حُلوِ السَّناءِ
وعلى المكرماتِ إن مارَ حمشٌ =ليس يطغى ، ولو على الأعداءِ (7)
لسجايا قد أودعَ الله فيهم=لم يُضيَّعْ تليدُها في العراءِ
من سُمُوٍّ وعزَّةٍ وحُنُوٍّ=واعتدادٍ بالعروةِ الزَّهراءِ
لم يرعني شدقُ الدجى فاغرا فاه =يلوكُ الإيحاءَ دون حياءِ
فالمعالي في ظلِّهم ممرعاتٌ =والنَّدى الثَّرُّ في اليدِ البيضاءِ
أذوت الأعصرُ العجافُ بساتينَ = فخارٍ للناسِ في الغبراءِ
غير أنَّ التِّلادَ أمكنَ للعربِ = فما أخوتْ واحةُ الصَّحراءِ
حائرُ الودقِ في المرابعِ يسقي=ظمأً في غِزلانِها والظِّباءِ (8)
والأكاليلُ : مُتلَدُ الفخرِ ممَّـا=غزلتْهُ أصابعُ العظماءِ
والطريفُ الأخَّاذُ لم ينْءَ عنهم=فعلاهم يعلو على الجوزاءِ
ربما يُطفئُ العناءُ عيونا=مشرقاتٍ في ظلمةِ الإعياءِ
إنَّما لم يجدْ وإن دلهمَ الخطبُ = أنين النَّجيبة الخوصاءِ ( 9 )
أو يُصوِّحْ لفحُ الهجيرِ جباها=ركبتْ حَومَ الرحلةِ العذراءِ (10)
مذ تهادوا وللزمانِ اعتدالٌ=والتَّثنِّي صبابةُ الشعراءِ
والخيامُ التي رأيتَ تحدَّتْ=عاصفاتِ اللأواءِ والإزراءِ
سكنتْها صوارمُ الصِّيدِ بأسًا=بينَ حِضنِ العلى وصدرِ الفداءِ
وحموا مجدًا إذ هُمُ الصَّعدةً =السمراء حفُّوا منابتَ الأنواءِ (11)
وبنوها أهلُ المحامدِ عافوا=مايسوءُ الفتى من الأهواءِ
والبُنَيَّاتُ والمآثرُ تحلو=في حياءِ المليحةِ الغيداءِ
وهواهم لمَّا يزل في فؤادي=في عزائي يوم النَّوى أو هنائي
عَجَزَ الحُسنُ إذ أتاني قشيبا=ورنينُ الأطرابِ في إقصائي (12)
هم عناوين ماترى من شموخي=ليس يطمي امتشاقَها أعدائي
قال خِلِّي : خُذِ الحضارةَ وارحل=عن رسوم خلت ، وعن أسماءِ
قلتُ : هيهات أن يُذيبَ افتتاني=وقدُ مافي الأهواءِ من إغواءِ
محتِدُ القومِ ماعراه التباسٌ=أو تناستْهُ سيرةُ الأكفاءِ
كم أتى الناسُ للتزوُّدِ منهم=في قضايا تباينِ الآراءِ !!!
فهُمُ النَّجمُ في الأعالي تراءى=لبني الأرضِ مَعلَمًا في السماءِ
وهبتْهم يدُ القريحةِ مجدًا=في ثناياه فطرةُ الحنفاءِ
لم يجوروا وقد تقلَّدَ ناسٌ=للعداواتِ نزغةَ الإيذاءِ
فأتوهم بالبيناتِ المثاني=مشرقاتٍ هُدًى بوجهِ الرائي
وبأنداءِ رحمةٍ ومزايا=ليس فيها من مُلحِم البغضاءِ
أُلقيَ الفضلُ بالصِّحاحِ عليهم=قبلَ وعيِ القلوبِ في الأحياءِ
ينهلُ العزُّ من خوابي نَدَاهم=ويعودُ الفتى بأعذبِ ماءِ
وإذا المعمعُ المروِّعُ أرغى=بصليلِ الأسيافِ في الهيجاءِ
نازلوا البأسَ كالضياغمِ صُبرا=بالتفاني والعزةِ القعساءِ
ماثناهم عن المنازلةِ الموتُ = ولا أوهى الصِّيدَ هولُ اللقاءِ
ألفوا موطنَ النّجابةِ غذَّى=في الصباحاتِ غُدوةَ النُّجباءِ
وعن الإثمِ باعدوا شيمًا تحملُ = أزكاها عِترةُ الأكفاءِ
حِلَّةُ القومِ عمرُها ألفُ عامٍ=وتزيدُ الأعوامُ مامن جفاءِ (13)
فهي الصَّلَّةُ المنيفةُ في الأرضِ =غِناها من وابلِ الأنواءِ (14)
رشأُ البيدِ إن أتاها تعافى=وتثنَّى بمِشيةِ الخيلاءِ
مالهذي الربوعِ ممَّـا طوى الدهرُ = سوى مؤنسٍ بلا إفناءِ
وهنا أذعن التَّصحُرُ قسرا=وتوارى الذبولُ مامن عفاءِ
***= ***
هذه أمتي وهذا امتدادي=عن متونِ الأعلاقِ ليس بناءِ
ماتثاقلتُ إذ دعاني حُداها=رغمَ مافي ربوعِها من عناءِ
فهي النبعُ لم يزل يتثنَّى=في مغانيها مبسمُ اللألاءِ
والروابي رَغم الهجيرِ تراها =وارفاتٍ بأعذبِ الأفياءِ
لم يجدْها الزمانُ إلا ولودا=في مخاضاتِ شدَّةٍ و ابتلاءِ
آثرتْها السماءُ موئلَ خيرٍ=لبني الأرضِ حُلوةَ الإيحاءِ
بيديها من المودةِ مالم=تُفنهِ اليومَ جمرةُ الغلواءِ
تتعالى على السفاسفِ لاترضى = بغيرِ المسيرةِ الحسناءِ
ولديها المطهماتُ من الخيلِ =عليها من أكرمِ الأبناءِ
يشهدُ الناسُ مالوتْ كفَّ نفسٍ=أقبلتْ تسعى في دروبِ الإخاءِ
ولها القَدْرُ والسَّماحةُ والبِرُّ = وفيضُ التحنانِ في الأحناءِ
هذه أمتي يعودُ جناحاها = يَرِفانِ في المدى المتنائي
ليعيدا إلى الزمانِ هوى السُّمَّارِ =شوقا في الليلة القمراءِ
ويزيلا أكدارَ دنيا عراها=مابجوفِ الخطوبِ من ضرَّاءِ