وهفـا في ربوعنا مستفزًّا = مَن توانوا ولم يُلبُّوا الحُـداءَ
فنفيرُ الطوفانِ عـمَّ البرايا = وأشاعَ الحقيقةَ الزهـراءَ
كيفا عاشَ فالثَّوابتِ تبقيه .=. حُـــرًّا ماخالطَ البرَشاءَ (5)
فالهدى الهتَّانُ عزما لقومٍ = بايعوا اللهَ لم يزل لألاءَ
هوامش :
- الزوراء : المراد بها بغداد ، بلد الخليفة هارون الرشيد .
- الفيحاء : المراد بها دمشق الفيحاء ، بلد الخليفة معاوية رضي الله عنه .
- استصراخ : معنى استصرخ : استغاث به ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ).
- القعساء : المنيع الثابت من كل أمر .
- البرشاء : الخليط من الأجناس والأعراق .
- الباسقة : السحابة البيضاءُ الصافيةُ اللون. والجمع بواسق .
- الإزراء : التعييب والتحقير والانتقاص .
- الأصمع : واسمه عند العرب الظليم، والظليم هو ذكر النعام .
- العصماء : المعتصمة المنيعة .
النفيرُ النَّفيرُ أذكى المضــاءَ = إذ أتى المعتدي الأثيمَ عَفاءَ
وأفاقتْ لصوته أممُ الأرضِ . = . فأصغتْ لِما يقولُ ابتداءَ
أبشروا أبشروا فللهِ حكمٌ = أزليُّ لايرتضي استعلاءَ
فالقرون التي توارت وألفتْ = ماجنتْهُ وقد قضوا سفهاءَ
إنها اليوم قد تعيدُ عقابا = لطغاةٍ تلبسوا الغُلواءَ
في بلادي وفي البلادِ جميعا = غمراتٌ تظنُّهُنَّ فنــاءَ
قيمةُ الإنسانِ المسالم فيها = لاتساوي بهيمةً عرجاءَ
وصريخُ الزوراءِ يندبُ حظًّا = وأخوهُ الذي بكى الفيحاءَ (1/2)
وجموعُ استصراخِه في نفيــرٍ = أذهلَتْهم ضراوةٌ إيـذاءَ (3)
فُجِـعَ الشَّملُ لم يكنْ يتروَّى = في القياداتِ ذمَّهم سُّفهاءَ
سامَهَ كلُّ مرجفٍ وأثيمٍ = وكفورٍ يحاربُ الأنبياءَ
فأناخوا ياويلهم حيثُ عافوا = مَن لديهم وعانقوا الأعـداءَ
والمنادي : القرآنُ لكنَّهم صُــمٌّ . = . وعميٌ لم يسمعوهُ نِداءَ
ونفيرُ الطوفانِ أضحى لهيبًا =في شعوبِ تريدُهم أوفياءَ
أسفرَ الفجرُ لا مناصَ من النورِ . = . سيطوي نهارُه الإدجاءَ
فمن المسجدِ الموشَّى جلالا = هـلَّ وعـدٌ يستنهضُ الفضلاءَ
والأعادي جميعُهم بيدِ اللهِ . = . فلن يفلتوا هنا عتقاءَ
خابَ فألُ الطغاةِ ممَّنْ تمادوا = فأرادوها هجمــةً نكراءَ
هي ختمُ استعلائهم في ربانا = وانهيارُ الكيانِ جاءَ قضاءَ
يومَ زجَّـى الإيمانُ نفحـةَ زهــوٍ = حيثُ ألفى طوفانُنا الأكفــاءَ
وـو وَهْـجُ اليقينِ باللهِ قـوَّى = في الميادينِ أهلَه الشُّرَفاءَ
قد خبَرْنا من قبلُ أجنادَ فرسٍ = قد تلاشتْ حشودُهم هـوجاءَ
وصفعنا الرومانَ حيثُ احتواهم = من لَدُنْ ركبِنا الفداءُ فنــاءَ
ذاك عصرٌ ما أرهبَتْنا قُواهم = فيه عشنا البطولةَ الشَّمَّاءَ
فاضمحلًّتْ ضغائنُ الرومِ تروي = إذ تهاوتْ أمامَنـا رعناءَ
ووهبنا شعوبَهم خيرَ أمنٍ = ولفضلٍ فلم نــرَ استعلاءَ
فاسألوهم : أهلَ الضمائرِ منهم = هـل قتلنا النساءَ والأبناءَ !
هي أفعالُ خِسَّةٍ لنفوسٍ = عاشت الإثـمَ في الورى كيرياءَ
وهي الأيامُ التي ليس تُبقي = بعدَ هذا غاراتِكم عمياءَ
وهـو اللهُ ربُّنـا ذو اقتدارٍ = لم يُرِدْها للمعتدي استثناءَ
إنها صحوةٌ لأمتنا اليومَ . = . أعادتْ لمجدِهـا الألاءَ
حيثُ دوَّى الإيمانُ في المهجِ الكلمى . = . وأحيا العقيدةَ الزهـراءَ
فتثنَّى بين الضلوعِ شعورٌ = لامسَ القلبَ عــزَّةً وإبــاءَ
وأعادَ الكتائبَ ابتهجتْ شوقًـا = لاقتحامِ الوغـى وأوفى المضـاءَ
قد جمعْتُم حشودَكم وتحصّنْتُم . = . بأقـوى المراكبِ استعلاءَ
كبِّري أمَّتي فربُّـك أقـوى = من طغاةِ تسللوا جبناءَ
والنهاياتُ عنده يومَ يدري = مجرموهم ياولهم مَــنْ أســاءَ ؟!
لـم يُـوارِ التاريخُ مجـدًا تثنَّى = في المساءاتِ عـــــــــزَّةً و إبــــــــاءَ
ضـجَّ والمرهفاتُ من غُمَّـةِ الضَّيمِ . = . جلَتْها لأمَّـتي قعساءَ (4)
فاشمخرَّتْ لدى الرجالِ بطولاتٌ . = . وأحيَتْ وثيقةَ أصداءَ
والمثاني ولـم تزلْ مقمراتٍ = بيِّناتٍ ولـم تزلْ سيماءَ
وفؤادي فؤادُ كلِّ أبيٍّ = ردَّ عدوانَ بغيِهم أشلاءَ
ماعنا للأسى البئيسِ ولا استرخى . = . لخطبٍ قد عتا بلواءَ
فتأمَّلْ ما استيأسَ الناسُ إلا = هـزَّهـم فجرُهـم تهادى نـداءَ
فإذا الجذلُ من بواسق يزهو = في ثنايا الأفنانِ وجها رواءَ (6)
تنبئُ الركبَ بالرعايةِ جاءتْ = من قديرٍ لجندهِ إعــلاءَ
فتلاشتْ أسجوعةُ الشَّجوِ تنأى = بيدِ الوهـنِ جملةً جـوفاءَ
طَوَفَانُ الأقصى تحدَّرَ بأسًا = وعناها لبغيهم أصداءَ
أيقظَ المسلمين قرآنُ ربِّـي = فتلاشتْ أضغانُهم حمقاءَ
والحشودُ التي يفورُ لظاها = أطفأتْـهُ أجنادُنا إزراءَ (7)
والأيادي التي تُمَـدُّ بكِبرٍ . = . قـد طواها يقينُنا شلاَّءَ
صَـرَمَ الأصمعَ المدلَّ بطولٍ = في لقانا استبسالُنا استهزاءَ (8)
فالأعادي غرَّتْهم الهجعةُ اشتدَّتْ . = . على الناسِ فامتطوها ثَـواءَ
فأفاقوا بعدَ ظلمٍ وضيمٍ = واضطهادٍ فأعلونها نــداءَ
ليس يصغي لظالمٍ أو خؤونٍ = يـومَ دوَّى فأسمعَ الغبراءَ
هـو شعبٌ أصولُه راسخاتٌ = فعـنِ الدِّينِ والفدا ما تناءى
وأتى نهجَ ربِّـه فتثنَّى = حيثُ ألفى المحجَّةَ البيضاءَ
وتنادوا وللوفاءِ خطاهــم = ليُزيلوا الطاغوتَ والإدجاءَ
مهـجٌ أوقـدَ الحنيفُ جُذاهـا = فانظرَنْها وثيقةً عصمـاءَ (9)
وإذا مـا العقيدةُ الحقُّ ألقتْ = خيرَ سحَّاحهـا فآتتْ فـداءَ
أنبتَ اللهُ عـزَّها وسناها = في رحابِ الوجودِ أضحى ذُكاءَ
نفضَ الوهـنَ نفحُهـا فتخلَّى = عن ركونٍ قد خلَّف الأرزاءَ
لـم نجدْ في الأسفارِ أنَّ المغاني = بِسِوى الدِّيـنِ أمرعتْ فيحـاءَ
أكـرمَ اللهُ أُمَّـتي بالمثاني = وحديثِ النَّبيِّ جـاءَ ارتقاءَ
فعسى القومُ ينتضونَ سناها =ويردُّون غيرَهـا عميـاءَ
وبـدا الأمرُ بَيِّنًــا فالأعادي = قد تداعوا على الهُـداةِ فنــاءَ
وتمادوا مثل الذئابِ وحوشَ غابٍ . = . صباحا بئسَ العدا ومساءَ
يخطرُ الواهمُ الزنيمُ يهوديًّ . = . تباهى بأرضِنا كبرياءَ
واهتضامُ الحقوقِ بعضُ سجاياهُ . = . خبيثًـا يخالُنا ضعفاءَ
فأتاهُ الطوفانُ يغرقُ كِبرًا = وعُلُـوًّا وقــوَّةً جوفاءَ
فتشظَّتْ أحلامُه حسراتٍ = أحرقتْ قلبَه البئيسَ شقاءَ
نسيَ الخِبُّ أنَّ للــهِ وعـدًا = بزوالِ استكبارِهم سفهاءَ
في انتصارٍ لدينِه ولشعبٍ = حيثُ أحيا جهادُه الأكفياءَ
أعْلِنوها : اللهُ أكبرُ يـُهزمْ = ويولي المطبعون هباءَ
بـورك الطوفانُ الذي ليس يخشى = من حشودٍ أرضيَّةٍ تعساءَ
قد مضتْ عادٌ قبلُ بالكِبرِ يوما = ثـمَّ باءت بكبرِهـا أشلاءَ
إنَّـه اللهُ يايهودَ زمانٍ = سيذيقُ ااستكبارَكم ماشاءَ
إنَّه اللهُ والحشودُ سيطوي = عنفونا لها القضا ءُ انتهاءَ
لن تسودوا فللعقيدةِ ربٌّ = يمهلُ الكافرين والسُّفهاءَ
وهي الجاهليَّةُ الناسُ عنها = قد تناءوا عن بغيِها حمقـاءَ
وإذِ الأوثانُ المقيتةُ تهوي = في البرايا ولم تجد أفياءَ
وبنور الإسلامِ أشرقَ صبحٌ = وأعادَ الحقيقةَ الزهــراءَ
فرحابُ الغبراءِ تغشى بنيها = نفحاتٌ قُدسيَّةٌ تتراءى
حصحص الحقُ والأكاذيبُ ولَّتْ = حيثُ تروي الحقيقةُ الأنباءَ
وبهـا المرجفون ضلَّتْ خطاهم = فتعاووا أذلَّـةً جبناءَ
وهي الأرضُ أزهرتْ بعدَ فصلٍ = ذبلَ الخيرُ لم يجد سقَّاءَ
فالروابي وجوهُها مشرقاتٌ = والأمـاني تنفَّستْ صعداءَ
والنِّداءُ المباركُ اليومَ دوَّى = في رحابِ الأكوانِ فالوعدُ جــاءَ
بشَّرتْ بالذي أتانا المثاني = ولذا الريبِ لانرى إدناءَ
مقتَ الناسُ إفكهم ، وهواهم = ليس يأتي للقاطنين هنـاءَ
وانتهى عهدُ مَن أضلُّوا شعوبا = قد سقوها الأوجاعَ والضَّرَّاءَ
ورموها في كلِّ وادٍ سحيقٍ = بئسَ كهفُ ابتزازهـم إيواءَ
وبإذنِ اللهِ القويِّ هَنَاهَا = لم يزل في قرآنِه طغـراءَ