في موكب الإسراء
كتب الشاعر الإسلامي يوسف عبيد المحيميد قصيدة بعنوان (في موكب الإسراء) يقول فيها:
الـشعر من خجل تعثر والـدمع من يأس تحجر
مـاذا أقـول بـموكب الإسراء من شعر يسطر
مـات الـبيان العبقري بـه ومـاتت جن عبقر
وتـلـعثم الوتر الجريح بـلـحـنه عياً وأقصر
أيـن الرياض وزهرها وأريـجها العبق المعطر
والـطـير يزجي اللحن مـن أغلال آسره تحرر
يـا نـفـحـة ريا الشذا مـن شعر عبد الله تنشر
وروائـعـاً يـشدو بها حـسان كالأسياف تشهر
وقع السهام بصدر جيش الـكفر أو طعنات خنجر
إن خـر للأصنام ناحتها ورب الـعـرش يـكفر
فـلأحـمدٍ فوقَ الطلول إلى رحاب القدس معبر
قـم يـا مـحمد فالطباقُ الـسـبـع والدنيا تنوّر
وبـذكر مقدمك الملائك فـي سـماء العز تفخر
عُذْرًا رَسُولَ اللهِ ! إن الحَرفَ واهِي النُّطقِ أعْسَرْ
عذراً فشِعري عاجزُ التِّبْيَان، والمَغْلُوبُ يُعذَرْ
يا بارِقَ الذِّكرى! أنِرْ أفُقًا كَئيبَ النَّجمِ أعكَرْ
خَفَقَ البُراقُ به؛ فكان نَسِيمُه نَفَحَاتِ عَنبَرْ
واليَومَ فيه تُحَلِّقُ "المِيراجُ" ؛ في زَهْوٍ ، و تَزْأَرْ
والمسجِدُ الأقصى حزينُ الرُّكنِ في الأغلال يُؤسَرْ
وغُزاتُه نَشَرُوا قَبِيحَ الرِّجسِ في الحَرَمِ المُطَهَّر
وجبينُ صادِحَة الأذان مُنَكَّسٌ تَرِبٌ مُعَفَّرْ
والأرضُ فَأرُ الغَدرِ في غابات جَنَّتها تنخر
ورِياضُها الخُضرُ النَّواضِرُ في جحيم البغي تُسجَر
والدمعُ جَفَّ على الطُّلُول المُوحِشات بكل مَحجَر
يالَلدم المَطلول ! فوق ترابها المُحتَلِّ يُهدَر
في القُدس في سَيناءَ في الجَولان قاني اللون أحمر
والفارس المغوار - عن ميدان ساحتها - تقهقر
عفوًا رسولَ الله إن الركبَ في المسرى تحَيَّر
نستلهم الذكرى، و نحن اليومَ من ذكراكَ أصغَر
مَرَّت بنا كالطيف لم نرفع بها سيفًا، ونثأر
أفندَّعي الأمجادَ، والأمجادُ في مسراك تُنحَر؟!
أفنقرأ الصحفَ التي تُطوى بأيدينا، و تُنشَر؟
أنفوهُ بالتوحيد، و البُنيانُ مُنهارٌ مُبعثر؟!
ونلوكُ زُورَ القول ماذا ينفعُ القَولُ المُزَوَّر؟!
لاتُرجِعُ الأوطانَ ألفُ إذاعَةٍ ، أو ألفُ مِنبَر
فمتى نرى جيشَ الجهاد وراء قائده الغضنفر؟
وجَحافِلَ الإيمان في زحف كموج البحر يَزخَر
والخيلَ فوق جباهها بالمجد تاجُ النصر يُضْفَر
مِن أدهَمٍ قد زلزلَ الميدانَ حافِرُه، وأشقَر
وقُريظةٌ تُمحَى جَزاءَ عُهودها، بالغَدر تُخفَر
يقضي بها سعد و سيف العدل مِمَّن خان أقدَر
ومشى عليٌّ في مُجَلجِلَةٍ يَدُكُّ حُصونَ خيبَر
ولواءُ زيد رَفَّ، وابنُ رواحَةٍ، وحُسامُ جَعفَر
وجُموع سعد تَزحَمُ المَيدانَ، والراياتُ تُنشَر
والفاتحون، وخالد كالليث في اليرموك زمجر
فإذا بنار الفرس خامدة، ونور الله يظهر
ويَمِيدُ عَرشُ الروم مُنهارَ المُنى، ويُداسُ قيصر
ومتى نرى جمعَ التتار؛ تدوسُه خَيلُ المُظفَّر
والسيفُ في يُمنى صلاح الدين في حِطِّينَ يُشهَر
فهَوَى الصليبُ، وتحتَ نِعال جَحفَله تَكسَّر
فإذا الأذانُ مُغَرِّدٌ في القدس، والطغيانُ يُدحَر
تِلكَ الطلائعُ في بقاع الأرض غَيثُ الله أمطَر
ومشاعلٌ تَهدي، وبُنيانٌ على التقوى يُعَمَّر
فالأرض أنوارٌ، وروضٌ وارِفُ الجنَّات أخضر
رفعوا شعار الحق يومَ المُلتقى؛ الله أكبر
بذلوا لها الأرواحَ، والعَلياءُ بالأرواح تُمهَر
هِيَ أمَّتي فَتَغَنَّ بالأمجاد - يا تاريخُ- و افخَرْ
وصِفِ المَكارِمَ فوق صدر الدهر مِن دُرر وجَوهَر
واسكُب من الذكرى على أسماعنا رَشَفَاتِ كَوثَر
ستعودُ أمجادي، ودِينُ الله - رغم الكَيدِ- يُنصَر
والقُدسُ نُرجِعها، ورَمسُ المُعتدينَ بها سَيُحفَر
هَل يُقبَرُ الإسلامُ ؟ لا؛ بل شانِئُ الإسلامِ يُقبَر
وسوم: العدد 1059