الشَّيخُ عِزُّ الدِّينِ القَسَّامُ فِي ذِكرَى استِشْهَادِهِ الثامِنَةِ والثَّمَانِينَ- رحِمَهُ اللهُ تَعَالَى

العالِمُ الرَّبَّانِيُّ القَائِدُ المُجَاهِدُ الأزهَرِيُّ العَظِيمُ

مُجَاهِدُ الفِرَنسِيِّينَ والإنجِلِيزِ واليَهُودِ

الثائِرُ الصُّوفِيُّ شَهِيدُ فِلسطِينَ مُوقِدُ ثَوْرَةِ 1936م

الشَّيخُ عِزُّ الدِّينِ القَسَّامُ

فِي ذِكرَى استِشْهَادِهِ الثامِنَةِ والثَّمَانِينَ- رحِمَهُ اللهُ تَعَالَى

dffddsf1059.jpg

هَيَّا نُحَلِّقْ   في سَمَا الإلهَامِ               ونَزُرْ بـ "حَيفَا" مَرقَدَ الضِّرْغَامِ

نَأتِي الضَّرِيحَ بِعَبْرَةٍ وسَكِينةٍ                 نقرَا السَّلامَ على الفَتَى القَسَّامِ

لِمُحَمَّدِ البَطَلِ العَظِيمِ ونَجْلِ عَبْـ        

     ـدِ القادِرِ ؛ المَنسُوبِ   لِلقَسَّامِ

*********

الثائِرِ المِغْوَارِ في سَاحِ الوَغَى               و القائِدِ ، المُتَمَرِّسِ ، المِقْدامِ

العالِمِ   الرِّبِّيِّ ؛   أوقَدَ   ثَورَةً               هَيهَاتَ   تَمحُوهَا   يَدُ   الأيَّامِ!

و مُجَاهِدٌ لِلإحتِلالِ ، و جُندِه               بِثَرَى فِلِسطِينٍ، وأرضِ الشَّامِ

ومُنَاضِلُ المُستَعمِرِينَ انجِلتِرَا               و فِرَنسَةٍ ، و صَهَايِنِ الأقوَامِ

والعالِمُ الحَرَكِيُّ ؛ أحيَا   أمَّةً               بِجِهادِهِ ، و شَهَادَةٍ ،   و مَقَامِ

الشَّاذِلِي الصُّوفِيُّ صاحِبُ سُنَّةٍ               مَعَ رَدِّ بِدْعاتٍ ، ورَفْضِ أثَام

*********

هُوَ عَالِمٌ ، و مُفَكِّرٌ، و مُخَطِّطٌ                هُو مُبْغِضٌ لِلظُّلمِ ، و الظُّلَّامِ

هو عالم ، و مُعلمٌ ، و مُدرِّسٌ                 رَبَّى   لِآلافٍ   على   الإسلامِ

وهو الخَطِيبُ مُفوَّهًا، ومُؤثِّرًا                 بِفِرَاسَةٍ ،   و تَوَسُّمٍ     لأنَامِ

الأزهَرِيُّ   بِعِلمِهِ ، و دِرَاسَةٍ                 و سُلوكِه ؛ كالسادَةِ   الأعلَامِ

هُو قادِحٌ لِشَرَارِ ثَورَةِ أهلِنا                 بِحِمَى فِلسطِينٍ ، بِوَجهِ   لِئَامِ

حَيُّوا مَعِي اَلْألمَعِيَّ المُنتَقَى                 حيُّوا لِعِزِّ الدِّينِ ؛ ذا القَسَّامِ

*********

وُلِدَ الفَتَى في"جَبْلَةٍ" مِن سُورِيَا               مِن لاذقيَّةِ   سَاحِلٍ ،   لِلشام

في أسرَةٍ مَعرُوفةٍ ، و كَرِيمَةٍ               مِن خِيرَةٍ ، و مُبَجَّلِينَ   كِرَامِ

وعَلَى الهُدى فيهِم نَشَا مُتَرَعْرِعًا    

      و مُوَحِّدًا   لِلبَارِئ ،   العَلَّامِ

في   بِيئَةٍ   عَرَبِيَّة ،   و تَقِيَّةٍ               مَعْنِيَّة       بِثَقَافَةِ     الإسلام

و بِها تَلقَّى في العُلومِ مَبادِئًا                 في الدِّينِ، مَعْ لُغَةٍ لِصَقْلِ كَلامِ

*********

وعَقِيبَ ما بلغ الفُتُوَّةَ و الصِّبَا               فأبُوهُ   أرسَلَهُ ؛ لِنَيلِ   مَرَامِ

لِلأزهَرِ المَعْمُورِ في مِصرِ العُلى        

     بِكِنَانةِ   الأمْجَادِ ،   و الأقرَامِ

لِلعَلِّ مِن جَمِّ   العُلومِ   بِرَحبِهِ               عَن جِلَّةِ الأشيَاخِ ، و الأعلام

لِعُلوم شَرعٍ، مَعْ عُلومِ لِسَانِنَا الـ               ـعَرَبِيِّ ، حَازَ بِهِمَّةٍ ، و دَوَامِ

وبُعَيدَ تَحصِيلِ العُلومِ مِنَ ازْهَرٍ             و تَخَرُّجٍ   فِيهِ ، أتَى   لِلشَّامِ

في سِلكِ تَعلِيمِ، ووَعْظٍ قد عَمِلْ      

     في رَبْعِه ، بِعِنَايَةٍ ، و تَسَامِ

*********

حتَّى أتَى الكابُوسُ مِن إفرَنسَةٍ               فأناخَ   كلكله ، بأرض الشام

فإذا بِعِزِّ الدِّينِ   يَنهَضُ ثائِرًا               في وَجهِهِ كالصارمِ الصَّمْصَامِ

في ثُلَّةِ الأخيارِ ؛ مِن طُلَّابِه               و كَذَا مُرِيدُوهُ ؛ أولُو الإقدَامِ

أمْسَى يُطارَدُ مِن جُنُودِ فِرَنسَةٍ               فأتَى دِمَشقَ، وفَيصَلٌ في الشامِ

ثُمَّ انتَأَى عَنهَا ؛ لِمُحتَلٍّ عَثَا               واحتَلَّهَا ، بِالبَطْشِ ، و الإجرَام

وبَدَا يُنَكِّلُ بِالأُبَاةِ ، ومُصْدِرًا               حُكمًا بِإعْدامٍ ، على   القَسَّام

*********

فَلِذَا مَضَى لِرُبُوعِ حَيفَا قاصِدًا               و بِها استَقَرَّ ؛ بِعِزَّةٍ ، و مَقَامِ

وغَدَا الإمامَ بـ "جامِعِ استِقلالِها"               وخَطِيبَهُ المَرمُوقَ في الأقوامِ

"جَمعِيَّةُ الشُّبَّانِ" مِن أهلِ الهُدَى      

     صَارَ الرَّئِيسَ لَها بِحُسْنِ نِظامِ

أضحَى   بِدَعوَتِه   يُرَبِّي أنفُسًا             - ويَصُوغُها - بِمَبَادِئ الإسلامِ

رَبَّى بَنِي حَيفَا على المُثُل العُلَى               و الصِّدقِ ، و التَّوحِيدِ لِلعَلَّامِ

وعلى التقى و كرامة مَعَ عِزَّةٍ               و شَجَاعَةٍ ، و مَحَبَّة ، و وِئَامِ

و خُضُوعِهِمْ لِلَّهِ ، دُونَ عَبِيدِه               لا سِيَّما   فُجَّارِهِمْ ،   و لِئَامِ

وعلى جِهَادِ الظالِمِينَ وظُلمِهِم               بِالفِعل ، أو بِالقَولِ ، و الأقلامِ

*********

واختَارَ مِن خَيرِ الرِّجَالِ أشَاوِسًا             كانوا   النَّوَاةَ   لِثَورة   القسَّامِ

كانوا   الأسَاسَ   لِثَورَةٍ   قُدسِيَّةٍ             ضِدَّ احتِلَالٍ ؛ غَاشِمٍ   هَضَّامِ

ضِدَّ احتِلالِ   الإنجِليزِ الأشقِيَا             ضِدَّ الصَّهَايِنِ ؛ قادَةِ الإجرامِ

و كذلِكَ العُمَلَاءُ ؛ مِن أذنابِهم             مِن خائِنِي الأوطانِ ، والإسلامِ

كانُوا   النَّوَاةَ   لِثَورَةٍ   وَهَّاجَةٍ               يَصلَى الغُزاةُ بِنارِهَا و ضِرامِ

لِقُرَى فِلسطِينٍ - تَعُمُّ - بِأسرِهَا               حَتَّى تَحَرَّرَ مِن عَنَا الظُّلَّامِ

ربَّى الرِّجَالَ أعَدَّهُمْ ؛ بِعِنَايةٍ               و رِعَايَةٍ ، و بِخُطَّةٍ ، و نِظَامِ

حَلَقَاتِ عِلمٍ - أسَّها -   مُتعهِّدًا               حُضَّارَها   بِالعِلمِ ، و الإفهامِ

و مُدَرِّبًا لَهُمو - كَذاكَ- مُقَسِّمًا               وَحَدَاتِهم ، لِعَسَاكرٍ ،   بِمَهَام

و دِعَايَةٍ   بِمَسَاجِدٍ ، و لِثَورَةٍ               قد خَصَّها العُلَماءَ ؛ للإعْلامِ

بِخَطابَة ، ودُرُوسِهِم ، ومَحَافِلٍ             جَعَلُوا القَضِيَّة ضِمْنَ رَأيٍ عَامِ

فَوَعَى الفِلِسطِنْيُونَ أمْرَ مَكَايِدٍ               لِصَهايِنٍ ، و لِإنجِلِيزَ ؛   لِئَامِ

و عَقِيبَ هذا   كافَحُوا مُحتَلَّهُم              و صَهايِنًا   ؛ بِقِتَالِهم   لِأمَام

بِمَعَارِكٍ قد خاضَهَا القَسَّامُ مَعْ               إخوانِهِ ، في السِّرِّ، و الإظلامِ

*********

و قُبَيلَ أسبُوعٍ مِنِ استِشهادِ عِزْ             زِ الدِّينِ أمَّ جِنِينَ ، ضِمْنَ فِئَامِ

ذَهَبُوا لِيَدعُوا أهلَها لِيُشَارِكُوا               في ثَورَةٍ ، قد آذنَتْ بِضِرَامِ

لِيُبَاغِتُوا   لِعَدُوِّهِمْ ؛   بِقِتالِهم               يُصلُونَهُم - مِن نَارِهِم - بِسِهَام

و عَقِيبَهَا يَأوُونَ بَعضَ مَغَاوِرٍ             أو فِي الكُهُوفِ ، وسابِغِ الآجَامِ

فَمَضَوا إلى بَعضِ القُرَى فِيها كَـ "كَفْـ

   ـرِ الدَّانِ" و "البَارُو"؛ لِعَينِ مَرَامِ

و بِقَريَةِ "البَارُو" هُنَاكَ تَقاتَلُوا             و استُشهِدَ الحَلْمُونِ ؛ ذُو الإقدامِ

و نِهَايَةَ الأسبُوعِ كانَتْ مَعْرَكَةْ              لِلعِزِّ   مَعْ   أصحَابِهِ   الأقرَامِ

بـ "حِرَاجِ يَعبَدَ" مِن جِنِينٍ خاضَها  

       بِبَسَالَةٍ ، و جَسَارَةٍ ،   و كِلَامِ

في عَشرَةٍ مِن صَحبِه قد واجَهُوا             لِمِئَاتِ أشخَاصٍ مِنَ الأخصامِ

قد طَوَّقُوا لِلشَّيخِ مَعْ إخوانِه             وجَرَى قِتَالٌ - بَينَهُم - بِضِرَامِ

دامَ القِتالُ مِنَ الصَّبَاحِ لِظُهْرِه             و استُشهِدَ القَسَّامُ   ذُو الإقدامِ

وصِحَابُه فاستُشهِدوا أو جُرِّحُوا             والبَعضُ قد أسِرُوا لَدَى الأعْجَامِ

*********

يَا سَيِّدِي القَسَّامَ !   أبْشِرْ بِالَّذِي             قدَّمْتَ ؛ مِن زَرْعٍ نَضِيرٍ نَامِ

فَثِمَارُ أغرَاسٍ لَكُمْ   قد أينَعَتْ             بِرُبَى فِلسطِينٍ ، و رَبْعِ الشامِ

في   صَحْوَةٍ   عُلْوِيَّةٍ     قُدسِيَّةٍ             بَينَ الشُّعُوبِ ؛ تَفِيءُ   للإسلام

في فِتيَةٍ نَشَؤُوا على حُبِّ الهُدَى             و على الجِهَادِ ، و طاعَةِ العَلَّامِ

"يَاسِينُ" نَشَّأهُمْ على مِنهَاجِكُم             جَعَلُوا الصَّهَايِنَ عِبْرَةَ الأقوامِ؟!

فَجَنَى"حَمَاسٍ" جاءَ مِن بَرَكَاتِكُم           مِن خَيرِ ثَورَتِكُم، وصِدقِ مَرَامِ

*********

رَحَمَاتِكَ اللهُمَّ !   أغدِقْهَا عَلَى             جَدَثٍ   بِرَبعِ "الشَّيخِ" ؛   لِلقَسَّامِ

و بِجَنَّةِ الفِردَوسِ أكرِمْهُ   غَدًا             مَعَ الَانبِيَاءِ ، و أولِيَا الإسلامِ

و رِفَاقُهُ ، و تَلامِذٌ ، و أحِبَّةٌ             بِجنَان عَدنٍ ؛ فاحْبُهُمْ   بِسَلَامِ

*********

من ديوانَيَّ: "في رحاب العُظماء"، و "بَنَات تُركِيَّة".

وسوم: العدد 1059