غير أنَّ الجهادَ باتَ نداءً = ردَّدتْ حُلْوَ شدوِه البُشَراءُ
واصطفاهُ الرجالُ صنعةَ عزٍّ = ولهم في ظلالِه إمضاءُ
طابَ للصَّالحين هذا الولاءُ = فشذاهُ مودَّةٌ وإخاءُ
ولقانا تَجَوَّدتْهُ مساعٍ = طيِّباتٌ لبوحِها إغراءُ
إنَّها الدعوةُ الأثيرةُ عادتْ = لبنيها ، فَلْيَنْهَض الأبناءُ
جيِّدٌ ، والنقيضُ منه رديءٌ = هكذا فيها قالت العلماءُ
قد أتانا بها النَّبيُّ ، فألفَتْ = موئلا للعلى له سيماءُ
وهو العهدُ والأمانةُ والصِّدقُ = وهذي العقيدةُ الغرَّاءُ
فالسَّجايا والسيرةُ اليومَ ألفتْ = مارعَتْها حقولُنا الميثاءُ
والقويُّ الأمينُ يحفظُها حبًّا = لها لاتُعيقُه الأعباءُ
وأخو الدعوة الحفيُّ بمغناها = مثالٌ و قُدوةٌ و رجاءُ
لايُجافي البِرَّ الذي نتوخَّى = ناسيًا عهدَه فذاك انكفاءُ
أو يبثُّ الأقوالَ من غيرِ فعلٍ = كَبُرَ المقتُ عندها والبلاءُ
***= ***
هو حقٌّ هذا الذي نتمنَّى =لن تشوبَ استحسانَه الأهواءُ
ويردُّ امتيازَه مَن يجافيه = ويعشو مَن رفيقُه الإبطاءُ
ولتاريخِنا العظيمِ نداءٌ = سَنَّةَ المجدُ فاستُعيدَ الرُّواءُ
وتحرَّى منابتَ الرِّفعةِ اليومَ = فجاءَ الأبرارُ والأوفياءُ
حيثُ هبَّ الشبابُ فيها أباةً = إنَّهم في الحياةِ أهلُه الأكفياءُ
المثاني وسُنَّةٌ مُصْطَفَاها =في قلوبٍ ، والهمَّةُ القعساءُ
فلها الفتحُ لم يزل يتراءى = والرجاءُ المحمودُ نعمَ الرجاءُ
والرواياتُ والرؤى تتجلَّى = تبعثُ الأنُسَ ، فالقلوبُ ظِماءُ :
لسدادٍ في القولِ والفعلِ باتا = أَخَوَيْ صادقٍ مداهُ العلاءُ
***= ***
عصبةَ الخيرِ نلتُمُ اليومَ سهمًا = من حقولٍ جادتْ لها الأنواءُ
فسقَتْها مُزنُ العنايةِ كأسًا = طيَّبتْها الشَّريعةُ الغرَّاءُ
سوف تعلو صروحُ فتحٍ وفضلٍ = إذْ أجادَتْ بِرَبعِها الأنداءُ
وستمضي رسالةُ البِرِّ منها = بالعطايا يأتي بها الفضلاءُ
ويُولِّي بإذن ربٍّ جوادٍ = مايعاني من شرِّه البؤساءُ
فاشكروا اللهَ في مجيءِ نبيٍّ = من يديهِ المنى يفيضُ النَّماءُ
فَحَدَتْنَا الأشواقُ للقيمِ العليا = وتاقت لشذوها الأحناءُ
فعليه الصلاةُ دومًا ، وتحلو = لنداءاتِ شرعِه الأصداءُ
واصطفاهُ الرحمنُ حيثُ أتانا = فتلاشى عن الأنامِ الدَّاءُ
واستجابتْ له القلوبُ ففاضتْ =في الحنايا بفضلِه الأضواءُ الأضواءُ
والميامين للرسالةِ أصغوا = فأظلتْ بلادَهم نعماءُ
عِظةٌ من تقلُّبِ الدهرِ أوحتْ = للحيارى فَفُنِّدَتْ آراءُ
فأتتهم جليَّةً ماتناءى = عن محيَّا جليلِها الإيحاءُ
وحضورٌ للمجدِ يشهدُ فخرًا = فله الشكرُ عاطرًا والثَّناءُ
يحملُ المرودَ الجميلَ لعينٍ =ربما لم يؤُمُها الإغراءُ
الشبابُ الذين قد غمرتْهم = شبهاتُ انبهارِهم إذ جاؤوا
أسرَتْهم مساوئُ الإثمِ حينا =فتلاشى شبابُهم والعطاءُ
غير أنَّ التَّقيَّ ظلَّ وفيًّا = فَحَبَتْه الرسالةُ العصماءُ
فالفتى الواثبُ الحريصُ على الفوزِ = تولي عن سعيِه الأهواءُ
ولكلِّ الأبرارِ طيبُ امتنانٍ = ومن الله للجميعِ جزاءُ
وأولو الصبرِ بالمآثرِ فازوا = وهُراءٌ لغيرِهم وانكفاءُ
لن يموتَ الإسلامُ واللهُ أبقىقى =وله العزُّ جلَّ والكبرياءُ
كم أثيمٍ تحت الترابِ يعاني =ليس يُجديه من ذهولٍ بكاءُ
وشقيٍّ لم يتَّعظْ وتعالى =وتثنَّى وسَمْتُه الخيلاءُ
قد تردَّى والخزيُ باتَ لباسًا =نسجتْهُ الآثامُ والبُرحاءُ
فاطمئنوا يا أيُّها الناسُ هذا =قدَرُ اللهِ لن يدومَ الشقاءُ
سوف تُطوى حشودُهم في تبارٍ = وتولِّي الآلامُ والأرزاءُ
فيدُ الطغيانِ البغيضِ مداها=حِقبةٌ ليس بعدها إيذاءُ
سوفَ يعنو للحقِّ كلُّ سفيهٍ=صَعَّدَ الكِبرُ شأنَه والدهاءُ
أَوَلَمْ تُبصروا مآلَ عُتاةٍ=يشتفي عندَ نشرِه الضعفاءُ !
هوَ درسٌ هيهاتَ يُنسَى وأنتم=لاتضيقوا إذا ادلهمَّ البلاءُ
فاصبروا بل وصابروا فلكم والله=نصرٌ يهفو له السعداءُ
خيبةُ المرجفين لاشك حانت=لتبارٍ والهجمةُ الرعناءُ
والوجومُ الذي أثارَ علينا=من غبارِ الونى : يدٌ بلهاءُ
لم يزدْنا عواؤُهم غيرَ نأيٍ=عن مدارِ الهوانِ ، بئسَ العياءُ
لن يهونَ الإسلامُ أو سوف يخبو=نورُ ربٍّ جاءتْ به الأنبياءُ
تتلقاهُ بالرضا مقلُ الناسِ=وشوقٍ ، وترحلُ الأعباءُ
سيعودُ الإسلامُ يحكمُ بالعدلِ =فتربو وتزدهي الغبراءُ
تنفضُ المثقلاتِ عن كاهليها=وتولِّي عن أهلِها الضَّرَّاءُ
في المثاني ماينفعُ الخَلْقَ لكنْ=ضاقَ بالدينِ في الورى سفهاءُ
أفقدَتْهم أهواؤُهم ما تسامتْ=بمآتي حنينِها الأحناءُ
هي ألفتْ سكينةً فَقَدَتْهَا=واستردتْها الفطرةُ البيضاءُ
وبذكرِ الرحمنِ تهدأُ نفسٌ=إن عرتْها في عيشِها البلواءُ
وتعاني إنْ لم تُجَددْهُ يومًا=حيثُ نغشى أيامَهأ الأرزاءُ
تطمئنُ القلوبُ إن أقبلَ الناسُ= على الله ، واستُجيبَ النداءُ
وعليهم إنِ استقاموا تتالت=رحماتٌ على يديها الهناءُ
فَتَلَفَّتْ هيهاتَ تُبصرُ ركنًا=في البرايا يهمي عليه الجفاءُ
إن بَنَتْهُ التقوى وقامت لديه=في مغاني أفيائه الأوفياءُ
إنَّها العروةُ الكريمةُ أحيتْ=سِيَرًا فُضْلَى عافَها الأشقياءُ
فَنَضَتْ ما على الصدورِ من الكربِ=و وافى شطرَ الصدورِ السَّناءُ
فاغتَنمْها : رسالةُ اللهِ عهدٌ=لم يُضَيِّعْهُ مؤمنٌ غدَّاءُ
فمحيَّاهُ الأُنسُ الوريفُ ، ويشقى=شانئيه الفُسَّاقٌ والأشقياءُ
هاهنا شملُ أُمَّتي لم يُصَدَّعْ=وبنوها لم تَجْفُهم علياءُ
هي أقوى من الرزايا عَرَتْها=ورمتْ مجدَها اليدُ العمياءُ
إنَّما ردَّ كيدَها مَن سقتْهم=بيديْها الشريعةُ الغرَّاءُ
ليس تنهارُ أُمَّتي من خطوبٍ=قد عرتْهأ وعربدتْ أعباءُ
مصطفاها مُحَمَّدٌ وغِناها=هو هذي الرسالةُ العصماءُ
سيسودُ الأنامَ نورُ هُداها=وتولِّي بخزيها الظلماءُ