لأبي عبيدة والأماجدُ حوله = ولكلِّ مَن لسلاحِه لـم يغمدِ
ألقاهمُ السِّنوارُ بين فضيحةٍ = وفجيعةٍ من شعبنا المتمردِ
لكنْ حماسُ وأختُها رمزُ الفدا = وكتائبُ الأبطالِ دونَ المقصدِ
هـم يبتغون فناءَ أمتِنا وما = للأمةِ المُثـلى بهديِ مُحَمَّدِ
وتَعَلُّق القلب السليم محبَّةً = يا أمَّ معبد للأواخرِ فاشهدي*
يا أم معبد أسمعيهم حَدْوَ أنْ = آنَ الأوانُ لأمــتي أن تهتدي
وحقائق التاريخ تشهد :
* حديث أم معبد الخزاعية في صفة النبي صلى الله عليه وسلم
قال : صفيه لي يا أم معبد ، قالت :
رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صعلة ، وسيم ، قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صحل ، وفي عنقه سطع ، وفي لحيته كثافة ، أزج ، أقرن ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحلاه وأحسنه من قريب ، حلو المنطق ، فصل لا نزر ولا هذر ، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ، ربع ، لا يأس من طول ، ولا تقتحمه عين عن قصر ، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا ، له رفقاء يحفون به ، إن قال أنصتوا لقوله ، وإن أمر تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ولا مفند .
قال أبو معبد :
هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ولقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا .
فأصبح صوت بمكة يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول :
جزى اللـه رب الناس خير جزائه = رفيقين قــــــالا خـــــــــــيمَتَيْ أم مـــــعبدِ
هما نزلاها بالهدى واهتدت به = لقد فاز من أمسى رفيق محمَّدِ
فيـــــا لقصيٍّ ما زوى اللـــــــــــه عنكـــــــــــــم = به من فعال لا تجارى وسؤددِ
ليهـــــــــنَ بـــني كــــــــعب مـــــكان فتاتـــــــهم = ومقعـــــدها للمــــــؤمنين بمــــــرصــدِ
ســــــــلوا أختكم عن شاتها وإنائــــــــــــــــها = فإنــــــــــــكم إن تسألوا الشاة تشهدِ
دعاها بشاة حائل فتحلبت عليه = صريـــــــحا ضـــــــرَّة الــــــــــــــــشاة مـــــــــــزيدِ
قال : فلما سمع بذلك حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه شب يجاوب الهاتف وهو يقول :
وفي الختام :
يا أم معبد أسمعيهم حَدْوَ أنْ = آنَ الأوانُ لأمـــــــــــتي أن تــهـــــــــتـــــــــــــدي
أنْ تنفضَ القترَ البغيضَ حَرِيَّةً = بالدِّينِ تنهضُ لا بعهرِ المعتدي
يسمو التَّقِيُّ الألمعيُّ الأحمـدي = بيدِ الشَّريعةِ فـوقَ ومضِ الفرقدِ
وهـو المجاهدُ والمصابرُ والذي = ورثَ الرشادَ من النَّبيِّ مُحَمَّدِ
ورعى المآثرَ لـم تزلْ عنوانَه = وله المقامُ على ضفافِ السُّؤددِ
ياحاملَ القيم الرفيعة إنَّهـا = لمَّــا تكنْ : لمنافقٍ ومعربدِ
ولكلِّ منبوذٍ بسوقِ رذيلةٍ = يلقى الهوانَ برأيه المتردِّدِ
ولكلِّ خـوَّانٍ أثيمٍ مرجفٍ = أهـدى الأذى لبني التراثَ الأمجــدِ
نسيَ الحقوقَ وذمَّها ولرِدَّةٍ = باعَ الكرامةَ زاهدًا للمعتدي
كم مجرمٍ دانى العِدا وأحبَّهم = ولحقدِه جافى الشَّبابَ المهتدي
ياأيُّهـا البَـرُّ التَّقيُّ سجيَّة = فيك انجلى ديوانُ مجدِك فاصمُـدِ
ولكلِّ مَن قد أعدمتْهُ عصابةٌ = ملعونةٌ بيدَي شقيٍّ ملحـدِ
ولكلِّ مَن ألقاهُ طاغوتٌ بغى = في ظلمة السجنِ البئيسِ الأسودِ
ولكلِّ مَن أشقاهُ حكمٌ جائرٌ = في بيدِ دنيا للمكابـرِ تزدري
ولكلِّ مَن عادى كتابَ مُحمدِ = والسُّنَّةَ الغرَّاءَ فــيْءَ المهتدي
اللهُ يمهلُ مَن طغى مستكبرًا = ومَنِ استحبَّ العيشَ غيرَ موَحِّــدِ
فغدًا سيأخذُه على طغيانِـه = أخذَ العزيزِ القادرِ المتفرِّدِ
فاليومَ غــزَّةُ أرسلتْ طوفانَها = يطوي ويجرفُ كلَّ خِبٍّ باليدِ
فمراوغون مطبِّعون وفاجرٌ = قد داهنوا لسرابهِ المتبددِ
شعب تمرَّدَ إذ رموه لذلَّــةٍ = والشَّعبُ يأبى أن يعيشَ كمُقْعَدِ
وشعوبُنا انتفضَت على حكامها = لمَّـا تناءَوا عن كريمِ المحتدِ
إذ أذعنوا لقُوى الضلالِ بعصرِنا = والعصرُ عصرُ تآمرٍ متوقِّدِ
هبُّوا جميعًا للجهادِ أشاوسًا = أمَّـا العدوُّ فإنَّــه لــم يصمدِ
لمَّـا رموه بوابلٍ من بأسِهم = فالشَّملُ باتَ كحشدِه المتبدِّدِ
جاؤوا حشودًا بالسلاحِ تبختُرًا = بأذى مجنَّدةٍ غـوتْ ومجنَّدِ
وكأنهم في غابِ جَوعى إنَّهم = وكمثلهم أُمُّ لنـا لـم تولـدِ
هيهاتَ : إنا بالهدى سدنا الورى = وبغيرنا دنياهُـمُ لم تسعدِ
كذبت قوانينٌ لهم ومعاهدٌ = والواقع الحالي لهم لـم يشهدِ
داسوا على القيمِ الرفيعةِ ماانثنوا = والمجلسُ الدوليُّ لمَّـا يُحمدِ
صاغوه كرها رغم كلِّ شعوبِنا = والعالَمُ المسكينُ قيدُ تبلُّدِ
واليوم = يالَليوم غَــزُّةُ فنَّدتْ = آراءَهم وأتتْ بِسِرِّ المقصدِ
هـم ينهبون ثراءَ أربُعِنا وما = بصدورِنا من مجدِنا المتفرِّدِ
هـم يمكرون وهمُّهم قتلُ الهدى = ودمارُ مافي حِسِّنا المتجدِّدِ
هم يدَّعون بأنهم أهلُ العلى = أهلُ السلامِ وأهلُ سيفٍ مُغْمّدِ
كلا وربِّك فالسَّلامُ حكايةٌ = كُتبَتْ بنيِّةِ مرجفٍ متعمِّدِ
وهـم الذين تدارسوا سرَّ الفدا = في ديـنِ فخرٍ يُفتَدى ومنضَّدِ
فيقينُ إيمانٍ لنا ومحبَّةٍ = للهِ للدين العظيمِ الأجــودِ
ونبيُّنا واللهِ تفديه القلوب . = . محبةً فاسألْ كرامَ المحتدِ
مذ بايعتْ خيرَ الأنامِ مُحَمَّدًا = واستُشهدتْ بسلاحِ حقدٍ أنكدِ
أنْ تنفضَ القترَ البغيضَ حريَّةً = بالدِّينِ تنهضُ لا بعهرِ المعتدي
فالقابضون على توقُّدِ جمرِهم = هبُّوا فــذلَّ عدوُّهم في المرصدِ
سلبوهُ باطلَه الذي في زهوِه = عاشَ اليهودُ بزورِ عيشٍ أرغــدِ
ورموه مسلوبَ الإرادةِ خاسئًا = مثل الكلابِ على قتارِ المشهدِ
ماذاقَ طيبَ العيشِ في يوم ولن = يلقى سوى الليلِ الطويلِ الأسودِ
وتزول إسرائيلُ رغم أنوفهم = وبرغمِ كلِّ مخاتلٍ أو مُنجـــدِ
والآخرون لدى الإلـهِ مصيرُهم = يأتي فيا مُــرَّ الخطوبِ تبدَّدي
جئناكِ بالإسلامِ نحيي أُمَّــــةً = كانت تعيشُ على أذى وتَنَهُّدِ
وعلى يــدِ التنكيلِ في أبنائها = وكأنَّها مــع ذا الأذى في مـوعدِ
لكنَّها قامتْ وفي أكنافها = هبَّ المجاهدُ لــم يَعُدْ بِمُسَهَّـدِ
فحماسنا وجهادُنا وكتائبٌ = قالوا لأُمَّـتنا العظيمةِ زغردي
هذا زمانُ الماردِ الغالي أتى = والصَّبرُ فـازَ وفي حِمــاهُ تَجَلَّدِي
ناداك أنتِ خبيئةُ الدنيا التي = طوفانُها نادى ففيه توحَّدي
أَوَلَــم تري كلَّ الشعوبِ استبشرت = بقدومك الميمونِ هيَّا ردِّدِي:
أنا رحمةٌ للعالمين وقد أتى = خيرُ الأنامِ مبشِّرًا بالسؤددِ
واليومَ جُلُّ الناسِ حثَّ قلوبَهم = شأنٌ لغــزَّة دونَ أيِّ تردُّدِ
فلعله عصرٌ يعودُ لأهله = نورُ الخلافةِ يالَطيب الموردِ
أنتِ الرجاءُ لعالَـمٍ فيه انطوى = ماكان من قيم بهنَّ سيقتدي
يسَّرتِ أمرَ الخَلْقِ فيما يُرتضى = وهي الهدايةُ في نبوَّةِ أحمدِ
صلى عليه اللهُ جلَّ جـلالُـه = وحباهُ بالدِّيـنِ القويمِ المُسعِدِ
وغــدا أمامَ الله يُحشرُ مَن غوى = ويُحاسبُ الجاني ويُخـزَى في الغدِ
حدثنا علي بن سعيد الرازي ، ثنا مكرم بن محرز الخزاعي ، حدثني أبي ، عن حزام بن هشام ، عن أبيه ، عن جده حبيش بن خالد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج من مكة وخرج منها مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبة ، ثم تسقي وتطعم فسألوها لحما وتمرا ؛ ليشتروه منها فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك ، وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شاة في كسر الخيمة فقال : " ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ " قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم ، قال : " هل بها من لبن ؟ " قالت : هي أجهد من ذلك ، قال : " أتأذنين إلي أن أحلبها ؟ " قالت : نعم ، بأبي أنت وأمي ، إن رأيت بها حلبا فاحلبها ، فدعا بها رسول الله فمسح بيده ضرعها ، وسمى الله تعالى ، ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت واجترت ، ودعا بإناء يربض الرهط ، حلب فيها ثجا حتى علاه البهاء ، ثم سقاها حتى رويت ، وسقى أصحابه حتى رووا ، وشرب آخرهم - صلى الله عليه وسلم - ثم أراضوا ، ثم حلب فيها ثانيا بعد بدء حتى ملأ الإناء ، ثم غادره عندها ، ثم بايعها وارتحلوا عنها ، فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يساوكهن هزلا ضحى مخهن قليل ، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال : من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب حيال ، ولا حلوبة في البيت ؟ فقالت : لا والله ، إلا أنه مر بنا رجل مبارك ، من حاله كذا وكذا =
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهــــم = وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم = وحــــلَّ على قـــــــومٍ بنــــــور مجــــــــددِ
هداهــــــــم به بعد الضَّــــــــلالة ربهم = وأرشدهم من يتبع الحَـــــــــــقَّ يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا = عمـــــــايتهم هــــــــاد بــــــــه كــــــــــــــل مهتدِ
وقد نزلت منه على أهل يثرب = ركاب هدى حلت عليهم بأسعدِ
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله = ويتلو كتـــــــاب الله في كل مسجدِ
وإن قال في يوم مقالة غائب = فتصديقها في اليوم أو في ضُحى الغدِ
ليهنَ أبــــــا بكـــــــــــرٍ ســــــــعادة جده = بصحبتــــــــه مـَـــــــن يُــــــــــسعدِ اللهُ يــــــــــسعدِ
ليهن بني كعب مكان فتاتهـــم = ومــــــــقـــــعدهـــــــــــــا للمـــــــــؤمـــــــــنين بمـــــــــرصـــــدِ