هوامش :
- المقسط : اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه العادل في حكمه ـ والجاعل لكلِّ عبد من عباده نصيبا من فضله ، والمنتصف للمظلوم من الظالم .
- عتــا : استكبر وجاوز الحــد .
المـجدُ بالدِّينِ المؤثَّلِ دانِ = بالآيِ نعمَ وسُنَّةِ العدناني
وبما مشت بظلالِه أفواجُنا = تهبُ الشعوبَ هـديَّةَ الرحمنِ
ولقد تأثَّلَ بالعقيدةِ مجـــــدُنا = دنيـــــــــــــــــــاهُ إســــلاميَّةُ الأركان
والمجدُ بالإسلامِ يرفلُ عهدُه = قيمًا تفوحُ برفعةِ الفرقانِ
وبغيره ذقنا المرارةَ والأسى = والذلَّ والإخباتَ للطغيانِ
وحضارةُ السُّفهاءِ زيفُ خدينةٍ = قد ألبسوها حُلَّــةَ الشيطانِ
المظهرُ الجذَّابُ لكنْ ريحُها = نتنٌ كريح زَناخَةِ الحيوانِ
هي هكذا ألقتْ تَعَفُّنَ بطنِها = للناسِ لا كتضوُّعِ الريحانِ
ناموسُ ربِّ العرشِ يبقى مقسطا = والويلُ يمحقُ صاحبَ النُّكرانِ(1)
هي أمَّتي زهت الحضارةُ عندمـا = سادت بدينِ اللهِ في البلدانِ
ماقادها بغيٌ ولا ظلمٌ ولـم = يشهدْ عليهـا الناسُ بالعدوانِ
بل أنقذت أمـمًـا تغشَّاها العنا = عند المجوسِ ومحفل الرومانِ
ومن الهوى المأفونِ إذ ألقى بها = في تيـه زيفِ الحـالِ للخسرانِ
وحمتْ شعوبَ الأرضِ في أيامها = من بغيِ طاغيةٍ وغـدرِ جبـانِ
كانت صحاراها تفيضُ كجنَّةٍ = فالمغدقاتُ الطيباتُ دواني
وغذا الليالي مقمراتٌ بالهنا = والخيرُ والإنسانُ يلتقيانِ
هي أمتي والمجدُ صنعُ يمينِها = والفضلُ والإيثارُ شأنٌ ثــانِ
ولها الكتائبُ في البلادِ روايةٌ = فيها الفتوحُ ونهجُها الرباني
مالاكها عبثٌ ولا قامت إلى = قتلِ الشعوبِ بمُدية الطغيانِ
والفتحُ كان على يدَيْ مَن أسلموا = من خيرةِ الأفـذاذِ والفرسانِ
دكُّوا حصونَ الظالمين وحـرَّروا = تلك المرابعَ من أذى الذؤبانِ
وتحررَ السكانُ من قيدٍ عتا = صنعتْهُ كفُّ مخاتلٍ وأناني (2)
وهفت إلى الإسلامِ جذلى بالهدى = شوقا لدين مُحَمَّدِ العدناني
فالعدل والحقُّ المبينُ وما به = خيــرٌ لكلِّ الخَلْقِ في الأوطانِ
كانت سرايا أمَّـةٍ مختارةٍ = لـم تـألُ جهدًا للنهوضِ الباني
واليومَ في عصر التآمرِ لم نجد = إلا فحيحَ أفاعيَ القيعانِ
أمم تُسمِّى في الممالك بالقُوى = لكنَّها لاشيء في الحسبانِ
إنَّ القويَّ هو الذي برأ الورى = وقوى الجحودِ كقوة الجرذانِ
كم أهلك الديَّانُ من طاغٍ ومن = باغٍ ومن قد عاشَ للشيطانِ
لم تُجْدِهم قوَّاتُهم أو أدركوا = صوتَ النَّذيرِ يرنُّ في الآذانِ
قـد أُهلكوا بذنوبهم من قبلُ إذ = لفَّتْهُمُ الأقدارُ بالأكفانِ
فمضوا تكبلُهم مآثمُهم ولم = يجدواشفيعًا من لظى النيرانِ
جاروا بكلِّ قبائح النفسِ التي = كانت تعاقرُها بلا أرسانِ
وبكلِّ أصناف التَّمادي والأذى = وبكل ما للطيشِ من أقـرانِ
وتمرُّدٍ عـمًّـا أتى من بارئٍ = للناسِ من قيمٍ ومن إحسانِ
فاللؤمُ للسفهاءِ خبثُ طـويَّةٍ = ومـزيَّةٌ تُنمَى إلى الحيوانِ
في الأرضِ كالأنعامِ عاشوا طيشَهم = هم والبهائمُ في الهوى سيَّانِ
يالهفةً تجري لنا لنجاتهم = في مهجةِ الغلسِ البغيضِ الجاني
عودي هُدى وتألقي قبسًا عسى = يفدون للتقوى وللإيمــانِ
واسقي القلوبَ من الشريعةِ عَذْبَها = فهي الدواءُ لغصَّةِ الظمآنِ
وصباحُ وجهك أمَّتي لمَّــا يزلْ = للناسِ وجهَ سماحةِ الإنسانِ
ويـداكِ فضلُهما على كلِّ الورى = رغم الجحودِ لعابدي الأوثانِ
مَن ينكرُ القيمَ الأثيرةَ في الهدى = إذ أينعتْ كالخيرِ في البستانِ
والدَّانياتُ على العبادِ قطوفُها = بشهادةِ الثقلين والحدثـانِ
يامَن سعيتِ وبالهناءةِ فوَّحتْ = تلك الفجاجُ على يــدِ الركبانِ
وأنرتِ وجهَ الأرضِ من نورِ السَّما = وله اشرأبَّت قامةُ الأعنانِ
كانت دياجيرُ الزمانِ مليئةً = بالجهلِ والشنآن والأضغانِ
فأتى رسولُ اللهِ يحملُ مصحفًا = للناسِ فيه بلاغةُ التبيانِ
يهدي إلى سبل الرشادِ شعوبَهم = ومَن استجابَ فرحمةٌ وتهاني
ما استعذبَ النورَ السَّماويَّ الفتى = إلا ونالَ ذخائرَ الإيمانِ
واليوم يا أحرارَ أمَّتِنا أتى = يومٌ يفيضُ ببشرِه المزدانِ
فتبرؤوا ممَّــا يضرُّ بنهجكم = واستعصموا ياقوم بالقرآنِ
وحـذار من غربٍ ومن شرقٍ ومن = في القوم مرتدين في عصيانِ
خلاَّن مَن تبعوا طلاسم نخبةٍ = منبوذة الآراءِ والوجدانِ
وجدوا مطاياهم هنا ببلادنا = في مصر أو في الشام أو بغـدانِ
فالدِّينُ حصنٌ للتَّفوقِ في العلى = لم يَلْقه الغاوونَ في الإذعانِ
وهـو البيانُ لدى الذين تبحَّروا = في العلمِ لا بِهُراءِ أهـلِ الحــانِ
والقولُ مارضي الإلهُ بما جرى = بحروفه انبجستْ بطيبِ لسانِ
ولكلِّ فــنٍّ في الأصولِ روايةٌ = وأُعيذُ أزكاهـا من الشَّنآنِ
ما للخلاصِ من الهوان أخا الهدى = إلا بنيلِ شهادةِ الإيمانِ :
باللهِ ربِّ مُحَمَّـدٍ وكتابه = وبسُنَّةٍ تحلو بكلِّ زمـانِ