وباتتِ الغُمَّةُ العميا تُمَحِصُنا
لم ينهدمْ مجدَها من فأسِ شانئِها
*أبو أسامة : هو فضيلة الشيخ الكاتب / دندل جبر أحد الدعاة في مدينة ديرالزور .
شريعةٌ ما تجافَتْنَا مراميها = ولا أذَلَّ مُحَيَّانا أعَاديهَا
من سدرةِ المنتهى أنوارُها سطعَتْ = فأكرَمَتْ بِسَناها مَن يُواليها
وهل لنا غيرُ ماشاءَ الإلهُ لنا = فحالُنا ليس غيرُ اللهِ يُرضيها
نأتْ عن المللِ الجوفاءِ رفعَتُها = وآمنَتْ بالمثاني جلَّ مُوحيها
وبالتي أورثَ الهادي لأُمَّتِه = فَسُنَّةٌ لم تزلْ في الدَّهرِ تُحييها
( أبا أُسامة ) ما ضلَّتْ مراكبُنا = ولا استنامَ بظلِّ الوهْنِ حاديها
(يادندلَ الجبرِ) لم يجبرْ خواطرَنا =سوى الذي بالهدى الأسمى يُواتيها*
ألم نجدْها يبابا في مرابعِنا = وقلَّةٌ من كرامِ القومِ تفديها ؟
فغالَبَتْنا على نجداتِها فتنٌ = وحاولتْ بالأذى ترمي أمانيها
لكنَّها خُذِلَتْ واللهُ أوردَها = زيفَ السَّرابِ الذي أعمى مآقيها
= فما وَهَنَّا ، وما رُدَّتْ أياديها !
وإخوةٌ بذلوا للهِ أنفسَهم = وليس يجزعُ يومَ البذلِ باكيها
وغالَبَتْ قسوةَ العادي عقيدتُهم = وجندلتْ سَفَهًا قد رامَ يٌقصيها
وكنتَ في غمرة الشِّدَّاتِ فارسَها = تُزجي مواجعَها من نفحِ واليها
أخا المآثرِ ما لانتْ عزائمُنا = وتشهدُ ( الديرُ ) لاتنسى أهاليها
لقد منَحْنَا مغانيها محبَتَنا = وسعيُنا لم يكنْ إلا لباريها
فنوديتْ لكتابِ اللهِ أمَّتُنا = ومدَّتِ اليومَ في الوادي أياديها
لاتستجيرُ بمَن جافوا ومَن جحدوا = شريعةَ اللهِ أو مَن عاشَ يُرديها
وإنَّما بشبابٍ زادُهم قيمٌ = من اليقينِ بربٍّ الخلقِ يحميها
فأقبلوا يبذلون الروحَ ما فزعوا = ويومها بلغتْ أعلى تراقيها
هذا هشامٌ وقد ألقى بمهجته = يفدي شريعتَه الرحمنُ يُعليها
وعانقتْ روحُه بالصِّدقِ غايتَها = فللشهادةِ شاريها وحاديها
وإخوةٌ من كرامِ الناسِ : أنفُسُهُم =هيهات في الجودِ تلقى مَن يجاريها
عبدالحميد الناصر المؤمن ابتسمتْ = له الجنانُ وقد وافى المنى فيها
ويوسُف الطلب المقدام أرسلها = أُغرودةً ما تلاشتْ في منافيها
هم عندَ بارئِهم طوبى لمقدمهم = في جنَّةِ الخلدِ هذا الركبُ يعنيها
قد أدلجوا بدروبٍ غيرِ مظلمةٍ = فيها شريعتُهم تُؤتَى مآتيها
هم من مئاتٍ من الأبرارِ أكرمهم = ويكرمُ اللهُ فيها مَنْ يواليها
عاشوا الليالي بأذكارٍ يحفِّزُهم = حبُّ النَّبِيِّ وركْعاتٌ لباريها
فما الحياةُ سوى ميدانِ مَن سبقوا = إلى الخلودِ وما هانوا لغاليها
فجنَّةُ الخلدِ والرحمنُ زيَّنَها = وهو المهيمنُ منشيها و واليها
لهم بها الدرجاتُ العالياتُ وهل = أغلى على القلبِ من رضوانِ باريها !
فنفسُك اليومً وطِّنْهَا لموطنِها = يوم اللقا ، ولغِيٍّ لا تُماشيها
وَطَهِرَنْ سعيَها من كلِّ شائبةٍ = تشينُ نهجَكَ في حالٍ تُؤدِّيها
فالعيشُ في بهرجِ الدنيا بلا أملٍ = وإن طربْتَ لِلَحنٍ من أغانيها
فعشْ فصولَك بالتقوى ولا تَرِدَنْ = روضَ الفسادِ ، وَصُنْها في فيافيها !
فوحشةُ العمرِ فيها أنت تصرمُها = بالبيِّناتِ التي بالشوقِ توليها
آمنْ بربِّك فالإيمانُ قوةُ مَن = عافَ البهارجَ ما أغراهُ شاديها
أما المطايا ففي أرسانِها شغفٌ = للمكرماتِ التي فاضت بواديها
وهذه المحنةُ البلهاءُ ما برحتْ = تُنَغِّصُ العيشَ لم تهدأ سوافيها
عدوُّنا فاغرٌ فاهُ الذي وجمتْ = عليه خسَّتُه يخشى تلاشيها
شُواظُها الحقدُ أزجاهُ لمركبنا = ليغرقَ النُّورَ في ديجورِ جانيها
وفوهةُ الغيِّ في أشداقها لهبٌ = له اندلاعٌ على دينٍ سيكويها
مساوئُ العصرِ ما اجتاحتْ عقيدتَنا = لكنَّها أخَّرتْ حينًا مساعيها
ونبتةُ البيدِ لم تثمرْ وقد عصفتْ = بها الرياحُ فلم تهنأْ مراعيها
أمَّا الرعاةُ ففي أحنائهم وهجٌ = يهيلُ مستعرًا يغشى تجلِّيها
يزجُّ أفئدةً لله ما برحتْ = ترجو معونتَه فتحًا يؤاخيها
في غيهبٍ وَعِرٍ تجترُّ وحشتُه = ما اقتاته الغيُّ في دنيا تلاحيها
ويعلمُ الجمعُ ممَّنْ رافقتْ يدُه = يدَ الوفاءِ التي عشنا نُقَوِّيها
ونافحُوا ما نأوا عنها ولا جحدوا = وكلُّهم في غمارِ النَّقعِ يفديها
وذوَّبوا مهجًا تفدي شريعتَهم = بمبخرِ الصَّبرِ فوَّاحًا يواتيها
وفي جوانحنا الإيمانُ يسعفُها = يجيرُ لهفتَها الرحمنُ منشيها
فَكِبْرُ شانئنا ماضرَّ زاخرَها =وما ونى مَن رأى نورَ الهدى فيها
وريحُ دعوتِنا هبَّت بوادرها = فأجفلتْ فَزَعًا منها أعاديها
إذْ ليس فيها سوى أفياءِ رحمتِها = وباءَ بالعارِ تَبًّا مَن يُجافيها
ليلعقَ الإثمَ تكويه مواجعُه = ويعلمَ اليومَ مَن يصحو مساويها
ليدحضَ الهمُّ بالإطراقِ هالتَه = لمَّا تصدَّى لركبِ النورِ شانيها
تطاولتْ يدُ طاغوتٍ وما جمعتْ = من بغيِها المرِّ إلا مِن تجنِّيها
تطاولت وهوى بالسوءِ خنجرُها = على النسورِ ، وما أجدى تماديها
وأظلمتْ دارُهم في ليلِ كبوتِهم = ودارُنا أقمرتْ تزهو لياليها
جراحُنا والخطوبُ السُّودُ أروقةٌ = مكنونُها الغامرُ الميمونُ يُعليها
= محاولا طمسَ ركنٍ في أعاليها
هيهاتَ يَحْفِنُ خبثُ الغيِّ أروقةً = شيدتْ على منهجِ التقوى مغانيها
أعيتْ مداركَهم أنوارُ رفعتِها = وأقعدتْهم على عارٍ مآتيها
إذ أمرعتْ بالجنى جنَّاتُهأ وزهتْ = لمَّا روى ودقُها الهاني بواديها
وأومأتْ بالهدى للخلقِ جنَّتُها = فليس يخشى تقيٌّ من سوافيها
وشجوُ أفذاذِها ولَّى وقد نُصِروا = من القويِّ الذي يُفني أعاديها
فلم تزل سابغاتُ الجندِ باهيةً = وللعدوِّ فقد سلَّتْ مواضيها
فأُمَّةٌ قد براها اللهُ مسلمةً = فليس بالغيِّ مكرُ العصرِ يؤذيها
قد عادَ رائحُها بالعزِّ تحرسُه = عنايةُ اللهِ والبشرى لغاديها
للغارسين بذورَ المجدِ ماتعبوا = وليس تقعدُهم يوما دواعيها
هي القلوبُ التي قد آمنتْ ورنتْ = لوعدِ بارئِها الأعلى مآقيها
إنْ مسَّها الضُّرُّ فالإيمانُ يسعفُها = أو نابَها الضَّيمُ فالدَّيَّانُ واليها
لاتجزعَنَّ أخا الإسلامِ من محنٍ = تثاقلتْ وعوى في الليلِ جانيها
وإنْ تبرَّجَ بالطغيانِ شانئُها = فلن تذلَّ لأوغادٍ نواصيها
فأمَّةٌ رفعتْ للهِ رايتَها = فلنْ يرفَّ على ذلٍّ تباهيها
عمادُها الشَّاهقُ : الأيامُ تعرفُه = وشاهدُ العصرِ في الدنيا يزكيها
وليس يردعُنا عن نصرةٍ وجبتْ = لها ولا لجهادٍ جاءَ يُحييها
قد حثَّنا اللهُ في القرآنِ واستمعتْ = إليه أرواحُنا : ذكرى وتنبيها
ومن نبيِّ الهدى جاءتْ فرائدُه =تحثُّ مَن في الورى بالروحِ يفديها
وليس مطمعُنا في غايةٍ سقطتْ = وليس ترقى إلى أسمى أمانيها
فأُمَّةٌ نهضتْ ما شلَّها وجلٌ = من الظلامِ الذي يغشى نواحيها
فمن أساها جرتْ أصداءُ محنتها = ترنُّ تُسمعُ مَن يصغي لحاديها
آنَ الأوانُ فدنياهم شكتْ وبكتْ = من الفسادِ الذي قد كادَ يُفنيها
ومن عقوقِ طواغيتٍ لبارئِهم = وللأسى عَكفتْ ثملى مراثيها
تجوبُ أرجاءَها البلوى وتحرقُها = نارُ المكائدِ في غفْلاتِ أهليها
وليس يسعفُها إلا الرجوع إلى = ربِّ السَّماءِ فكم بالآيِ يوصيها
مذْ أدبرتْ عن مثانيها تَلَقَّفَهَا = مافي مخابئِهم من مكرِ شانيها
فأنفُسٌ من كُوى الإيذاءِ مابرحتْ = ترنو ليومٍ لها يُقصي عواديها
فأدركَتْهُ وفي أحنائها فرحٌ = وحينها كان عرسًا في مغانيها
فغدرةُ العَمَهِ المشؤومِ أتقنها = بنو الضَّلالِ ألا هُدَّتْ صياصيها
حتى إذا ما أتى أمرٌ يباركُه = ربُّ العبادِ فلأردى مَن يعاديها
وثبَّتَ اللهُ أقدامًا بساحتِها = وجاءَ بالفتحِ ما أبقى الأذى فيها
وكبَّرَتْ جنباتُ الأرضِ وابتهجتْ = بيضُ القلوبِ وما عاشتْ تصابيها
فالدينُ والأمَّةُ الثكلى وما افترقا = لايرضيانِ نكوصًا عن مراقيها
فَسُنَّةُ اللهِ أعلى رغمَ سطوتهم = ورغم حشدِ القُوى باءت مساويها
فوعدُ ربِّيَ حقٌّ لامِراءَ به = والناسُ لايعلمون اليوم آتيها
يومَ استغاثتْ بيومِ الخطبِ أُمَّتُنا = ألفتْ شريعتَها خفَّتْ تدانيها
فليس من منقذٍ للناسِ من محنٍ = إلا مآثر قرآنٍ يواسيها
وسُنَّةٍ لرسولِ اللهِ ترشدُها = إذا العدوُّ بحقدٍ جاءَ يرميها