طغى الوَهَنُ المسجورُ باللهوِ والنُّكْرِ=على أُمَّة كادتْ تعيشُ بلا قَدْرِ*
*النُّكر : النُّكْرُ الأَمرُ المنْكَر ، و النُّكْرُ الشَّديد.
رمتْ قيمَ الإسلامِ في ملعبِ الهوى=وعضَّتْ على الإفسادِ في سوقِه المُزري
وأسلمتِ الأمرَ الجليلَ لنخبةٍ=من المحفلِ المنبوذِ من صفحةِ الخيرِ
فأدنى بنيها من مفازةِ ظلمةٍ=فهاموا حيارى ما رأوا طلعةَ الفجرِ
ألا يا أخا الدِّين القويم ألا اتَّعظْ=وأيقنْ بما في جنَّة الآيِ من فخرِ
زمانُك هذا فيه من فتن طغتْ=فلم تُبْقِ نورًا للحِجى في دجى الشَّرِّ
رويدك فالأيامُ بالدِّين تزدهي=ليالي مغاني الصِّيدِ بالشِّيمِ الكُثرِ
ففي السُّنَّة الغرَّاءِ عزُّك ضاحيًا=رنا شطرَه المبهورُ من حيرةِ الفكرِ
فأكرمْ بها ياصاحِ نفسَك إنما= يعيشُ كريمُ النفسِ بالمنهجِ الدَّثرِ
ولا يحملُ الأخيارُ إلا خِصالَهم=من الخُلُقِ المحمودِ في عملِ البِرِّ
إذا كنتَ ذا حقٍّ فكن ذا بصيرةٍ=ولا تتعجَّلْ إنْ قدمْتَ إلى أمرِ
وآثرْ لمَنْ قد رامَ ضرَّكَ ماترى =من العفوِ تستجلبْ حجاهُ إلى العذرِ
وأحسنْ إليه مرَّةً بعدَ مَرَّةٍ=فإنْ فاءَ للحسنى فيالَكَ من أجرِ
وإنْ لجَّ في البهتانِ والخبثِ إنَّه=لذو حسدٍ يشوي جواهُ ولا يدري
وعاشرْ أخا حلمٍ تقيًّا وصالحًا=فإنَّ التَّقيَّ البَرَّ يأنفُ عن مكرِ
ومَنْ عاشَ بالتقوى سلوكا ومنهجًا=فذلك من أهلِ الفضائل ِوالفخرِ
هو الكنزُ فاحرصْ كي تكونَ أخًا له=وقد فزْتَ بالتوفيقِ معْ عاليَ القَدْرِ
ولا تكُ مغترَّا بمظهرِ مَنْ أتى=بثوبٍ من التقوى وسيرتُه تزري
فما ضرَّ كالدَّجالِ مجتمعًا به=يعيشُ على رجسٍ ، وينهشُ بالطُّهرِ
وإنَّ جمالَ المرءِ في حُسْنِ عِشرةٍ=وليس بدعوى لاتقومُ على الخيرِ
وإيَّاكَ من خِلٍّ خبيثٍ تسوقُه=إلى نيلِ ما يبغي الوسيلةُ بالغدرِ
وإيَّاكَ من أهلِ الهوى إنَّ شأنَهم=ينوءُ وإنْ أغرى من الكدرِ المُرِّ
وجانبْ أخا ريبٍ يعيشُ بزيفِه=وليس له غيرَ السرابِ من السَّيرِ
وإيَّاكَ والهمَّازَ وافطعْ وِصالَه=فبئسَ جليسُ السُّوءِ في منتدى الشَّرِّ
وكم جاهلٍ غرَّه صمتُ عاقلٍ=فراحَ بسوءِ القولِ يهرفُ والنُّكرِ
وما ضرَّ طعنُ النَّذلِ في ظهرِطاهرٍ=فما نالَ كفُّ الحقدِ إلا من الجمرِ
يعيشُ أخو السَّوءاتِ في قُبحِ فعلِه=كأنَّ له ثأرًا شهيًّا من الحُرِّ
إذا ما خلا قلبُ امرئٍ من مآثرٍ=وعاشَ بلا دينٍ فبشِّرْهُ بالخُسْرِ
فما المالُ أبقى للسَّفيهِ مكانةً=ولا الجاهُ قد أ نجى الحسودَ من الوِزرِ
ويُفتضَحُ الموتورُ ظلَّ مقنَّعًا=وإن هو أخفى من دناياهُ في الصَّدرِ
فكلُّ لئيمٍ يفضحُ اللهُ حالَه=ويرجعُ منبوذَ السلوكِ بلا سِترِ
*= *
عليكَ بنهجِ اللهِ والزمْ كتابَه=وعطِّرْ به نجواكَ في السِّرِّ والجهرِ
وعشْ بلذيذِ الذِّكرِ في ظلمةِ الدجى=فإنكَ لم تعدمْ مجاورةَ البِرِ
وأمسكْ عن الأقوالِ إلا لنافعٍ=وباعدْ مقالَ السُّوءِ في سفَهِ الهذْرِ
ولا تك للخِلاَّنِ موضعَ سقطةٍ=ولا ترمِ نفسًا للمهانةِ والبترِ
وليلُكَ بالقرآنِ فارتعْ بروضِه=وناجِ به مولاكَ في هدأةِ الفجرِ
فإنَّ المحبِّينَ الذين تبوَّؤوا=مقاعدَ صدقٍ في فراديسِها الخُضرِ
تراموا على أعتابِ رحمةِ ربِّهم=فكانَ لهم نعمَ النَّصيرُ مدى العُمرِ
ولا تُرَ بالإسلامِ قلبًا مهدَّمًا=ولا تخشَ ياهذا مقارعةَ الكفرِ
فإنَّ رجالَ اللهِ لانتْ قلوبُهم=لأهلِ الهدى واستعذبتْ مركبَ البِرِّ
ولكنَّها عزَّتْ وطالَ إباؤُها=على كلِّ طاغوتٍ يعربدُ بالكِبرِ
ومَنْ أُشرِبَ الإيمان يعلمْ مكانَه=إذا اصطخبتْ دنياياهُ بالمدِّ والجزرِ
ومَنْ عاشَ للرحمنِ عاشَ على الغِنى=ومَنْ عاشَ للشيطانِ ماتَ على الفقرِ
فإنَّ الغِنى باللهِ عزٌّ و رِفعةٌ=وثوبُ العنا والفقرِ في الظُّلمِ والجَوْرِ
يعيشُ أبيُّ النفسِ ينأى عن الأذى=ويفنى ذليلُ النفسِ في ذلِّه المزري
ومَن رفرفتْ بالنُّورِ والخيرِ نفسُه=تسامى وإنْ ألفيتَه في قبضةِ العُسرِ
تسلَّحْ بتقوى اللهِ واحفظْ عهودَه=ولا تخشَ بعدَ اللهِ قارعةَ العصرِ
فطوبى لمَنْ قد آثرَ المجدَ والعلى=وسارَ على دربِ الفضائلِ والصَّبرِ
رأيْتُ مناجاةَ الإلهِ لباسُها=به الأمنُ والإيثارُ في حللِ الفخرِ
وزادُكَ منها لايبورُ مدى المدى=فآثرْهُ ، فالرضوانُ من أكرمِ الذُّخرِ
وإخوانك الأبرار فاحفظْ ودادَهم=وكنْ هونهم ، واخفضْ جناحكَ للبَرِّ
ومَنْ عاشَ بينَ الطَّيِّبين فطيِّبٌ=مودَّتُه تُرجَى مع العسرِ واليسرِ
ولا تُلْقِ بالاً للحسودِ فإنَّه=يموتُ بلا قتلٍ ، ويحيا بلا أجرِ
ولا تستمعْ يومًا لغيبةِ مسلمٍ=فإنَّ بها وِزرًا ، ومالَك من عذرِ
وإنَّ لسانَ الكلبِ أطهرُ من فمٍ=يفوهُ بنهشِ المسلمين بلا طُهرِ
وإنَّ فمَ المغتابِ بالدَّاءِمثخنٌ=يجرجرُ أقذارَ التَّفاهةِ والخُسرِ
فتبًّا لمغتابٍ ، وقبحًالوجهِه=إذا ما تراءى بالحديثِ مع النُّكْرِ
وإنَّ صفاتِ الفاسقين جليَّةٌ=بجلسةِ مغتابٍ ، وبسمةِ ذي مكرِ
ونظرةِ أفَّاكٍ إلى الناسِ حوله=ومطمعِ ذي بخلٍ يتوقُ إلى الحُمْرِ
وقاتلِ ساعاتٍ يبدِّدُعمرَه=بلا عملٍ يُرجَى من اللهِ ذي الذِّكرِ
فلا يذكرُ الموتَ القريبَ ولا يعي=رحيلَ بني الدنيا ، ولا ضمَّةَ القبرِ
يعيشُ كبهمٍ للملذَّاتِ والهوى=و للفسقِ في نادي الرذائل والخمرِ
فهيْئتُه بالشَّرِّ والسُّوءِ لُفِّعتْ=وخُطْواتُه بالإثمِ عُدَّتْ ولا يدري
فتعسًا لذي ريبٍ وخسفًا لذي ربًا=وعارا لذي لهوٍ ، وبؤسًا لذي جوْرِ
أولئك هم أهلُ الفسادِ بقومِهم=وهم شرُّ خَلْقِ اللهِ في البدوِ والحضرِ
وما سبقت للنَّارِ قبلَ ولوجِهم=سوى أنفسٍ عاشتْ وماتتْ على الكفرِ
فدونَك فاخترْ في حياتك منهجًا=تفرُّ به للهِ من ثبجِ القهرِ
ففي بحرِ هذا الغيِّ ظلمٌ يسوقُهم=إلى غضبِ الدَّيانِ في عالمِ الشَّرِ
وعشْ مسلمًا فالدِّينُ أمنٌ وعزَّةٌ=وشرعةُ ذي جودٍ ومنهجُ ذي يسرِ
وإياك والإلحادَ فالكفرُ مهلكٌ=وذاك وحقِّ اللهِ قاصمةُ الظَّهرِ
فقد يغفرُ الرحمنُ للناسِ إثمَهم=ولكنه لايغفرُ الشركَ في الحشرِ
مآلُ الطغاةِ الكافرين جهنَّمٌ=فبئسَ مقامُ الكافرين علىالجمرِ
وعشْ مؤمنًا بالغيبِ تُؤْتَ مفازة=وسلِّمْ لأمرِ اللهِ واستهدِبالذكرِ
وإنَّك بالصبرِ الجميلِ لفائزٌ=وإنْ لجَّ بالخطبِ الثَّقيلِ أسىالعُسرِ
ودارُكُ فاعمرْها بشاهقِ رفعةٍ=إذا عشْتَ في كوخٍ ، وإنْ عشتَ في قصرِ
فماالعزُّ إلا مايكونُ لمؤمنٍ=من اللهِ رغمَ الكيدِ والسُّوءِ والمكرِ
ومَنْ يعتصمْ باللهِ لم يخشَ غيرَه=فصنْها مع الباري لتظفرَ بالنَّصرِ
فقمْ واحيِ بالتوحيدِ نفسَك إنها=تموتُ إذا الإيمانُ أخوى على الصَّدرِ
وعطِّرْ به أيامَ عمرِك صادقًا=فإنَّ شذا الإيمانِ أزكى من الزَّهرِ
لقد خابَ مَنْ رامَ المعالي بكفرِه=و ذلَّ الذي يرجو المفاخرَ بالجورِ
وما مسلكُ العلياءِ إلا لذي التُّقى=يسيرُ بظلِّ اللهِ في أرفعِ القَدْرِ
فذرْ أُممًا تهذي بأفكارِ غيِّها=وتحيا حياةَ المترفين بلا خيرِ!!
لها فسحةُ الدنيا الدَّنيةِ والهوى=وليس لها يومَ النُّشورِ سوى الخُسرِ
فإنْ صبغوا وجهًا وشَعرًا ، وزعفروا=لزينتِهم ثوبًا بليلٍ وفي عصرِ
فواللهِ ماكانت لتمنعَ عنهُمُ=عذابًا بأُخراهم وتدفعَ من حرِّ
دعوا الملحدين الماجنين وغيَّهم=ومذهبَهم ، والموبقات بهم تجري
وعودوا إلى نورِ الكتابِ فإنَّكم=بليلِ خطاياكم وشيطانكم يغري
تروا موئلاً للمجدِ مُدَّتْ جسورُه=على عمدٍ تبقى ، وتعلو على الكفرِ
فمنْ غسقِ الشِّدَّاتِ يبزغُ فجرُنا=وتنبعُ بالتقوى المياهُ من الصَّخرِ
ألسنا بني الإسلامِ فينا محمَّدُ=وسُنَّتُه الغرَّاءُ أغلى من الدُّرِّ !!
ومن أُمَّةٍ فيها الرسالةُ أزهرتْ=مباهجُها ، والخيرُ للناسِ كالقطرِ !!
فما لبنيها أدبروا عن حقولِها=وهاموا وراءَ الزيفِ والتَّرفِ القَذْرِ !!
وظنُّوا بزيفٍ أحرزوه حضارةً=تقرِّبُهم زلفى إلى ساحةِ النَّصرِ !!
ومَنْ لم يمحِّصْ في مناهج سعيِه=يجدْها على وهمٍ تقلُّ عن الشِّبرِ
قضى اللهُ أن نرقى بنُضرةِ شرعِنا=وإنَّا إذا عفناهُ عشنا على قفرِ
وهيهات أن نحظى بنصرٍ مؤزَّرٍ=بغيرِ هدى القرآنِ في غُمم القهرِ
فنورُ النَّبِّيين الكرامِ لنا رضا=وفيه دواءُ القائمين على الهجرِ
وإنَّ مقامَ الناسِ في موطنِ الهوى=كمثلِ مقامِ الناسِ في قبضةِ الأسرِ
ولن يستقيمَ الناسُ إلا بدينِهم=وأكرم من أهلِ المآثرِ لاندري
بمجتمعٍ يحيي المروءاتِ لاترى=لذذي غايةٍ هانتْ سبيلا إلى الجهرِ
ولا خيرَ في غربٍ وشرقٍ تعاليا=وأمةُ هذا الدينِ في الأنجم الزُّهرِ
متاعٌ قليلٌ للورى وتطوُّرٌ=يُداولُ من عصرٍ يصيرُ إلى عصرِ
وما هانَ قومٌ يحفظُ اللهُ شأنَهم=بما اختاره إلا بسابقةٍ تزري !!
لئنْ هبَّ قومي بالحنيفِ فمجدُهم=يعودُ إلى الآفاقِ في موكبِ الفخرِ
أذبْتُ بشعري مهجةً طالَ شجوُها=على أمةٍ تغفو بوارفةِ الخِدرِ
وخيرُ سجاياها تموتُ بلهوِها=وتطفو فِعالُ الشرِّ في لهوِها الثَّرِّ
فياربِّ أنقذْها وسدِّدْ مسيرَها=وأوقفْ على إحياءِ صحوتها شعري