أحزنَ القلبَ دمعُها والوليدُ=وأساها وفي الفؤادِ مزيدُ
وشجاها قد فارَ نارا وفيها=تتلظى أرواحُهم والقدودُ
وأساريرُها الخفيَّةُ تُنْبِي=عن مآسٍ لواؤُها معقودُ
فاستفزِّي مشاعرَ القومِ ناموا=فدُجاهم بالنازلات مديدُ
هو ليلٌ قد طالَ كربا وشجوًا= وعلى معصمِ الصباحِ قيودُ
أنتِ كفِّي عن النحيبِ ولوذي=بالتَّمنِّي ! فأُفقُه ممدودُ !
واخنقي شجوَكِ النَّديَّ وردِّي=مَنْ تباكتْ ، فحالُها منكودُ !
واسفحي من أنينِكِ المرِّ في .=. الليلِ ، فلليلِ والأنينِ شهودُ !
لاتقولي متى الخلاصُ المرجَّى ؟=أو تقولي : متى النَّهارُ الجديدُ ؟
أو تقولي : أين البطولاتُ ولَّتْ؟=أوَلَمْ يأتِ فجرُنا المنشودُ ؟
كيفَ تسعى إلى المنى قدمانا=وبنا الأرضُ بالقيودِ تميدُ !
أقريبٌ عدوُّنا أم بعيدٌ !=ونصارى رفاقُنا أم يهودُ !
صفحاتُ الأسى لواعجُ شعبٍ=تتثنَّى ، وزجرُها مردودُ !
صفعتْنا بكلِّ أُفقٍ أذاةٌ=ورمانا بحقدِه عربيدُ
وعلى المسلمين يا أُختُ ألقى=شؤمَ ما في كلتا يديه البريدُ
فأصيخي لشاعرٍ يتلوَّى=بالمراراتِ في الفؤادِ القصيدُ
باتَ يفضي بهمِّه حسراتٍ=فإذِ الشعرُ مارجٌ و وقودُ
أو شظايا جوىً ينامُ مدمَّى=والقوافي لواؤُها معقودُ
أو دعاءٌ فوق الغيومِ تثنَّى=ويزجِّيه للإله الوريدُ
أو جهادٌ تقرُّ فيه عيونٌ=ليهبَّ المقيَّدُ المكدودُ
في ضلوعِ الطغاةِ نزعةُ شرٍّ=و فؤادٌ كأنَّه الجلمودُ
وَتَرَوَّيْ فاللهُ ربٌّ محيطٌ=واستغيثي فاللهُ ربٌّ شهيدُ
والأعادي أذلَّةٌ رغمَ عزٍّ=بالمخازي مزوَّرٍ لن يسودوا
فانظريها : سجونهم واجماتٍ=والأسارى عن دينِهم لن يحيدوا
كم هوى السوطُ باللهيبِ عليهم=ولسفرِ التعذيبِ فيهم نشيدُ
سيرى الظالمون كيف يُجازى=ذاتَ يومٍ عدوُّنا الملدودُ
والجراحاتُ صفعةٌ لوجوهٍ=كالحاتٍ والملامحُ سودُ
قد أذاقوا العذابَ كلَّ تقيٍّ=واستباحوا ما حرَّمَ المعبودُ
ويوالون متعةً نضحتْها=نزواتٌ وغيرها لم يريدوا
ويمنُّون شعبنا بانتصارٍ=وطريقُ اندحارِهم مورودُ
أَوَيرقى إلى الفخارِ ذليلٌ=أم ينالُ العلى الجبانُ البليدُ !
أم يغنِّي فوقَ الغصونِ غرابٌ=أين منه الترجيعُ والتغريدُ !
ومَنِ الفارسُ العنيدُ تراءى=ومحيَّاهُ مجرمٌ مفؤودُ ؟
تلك أوراقُ أمسِه عربداتٌ=وفصولٌ وللتبابِ مزيدُ
***= ***
كفكفي دمعَكِ السخينَ ، فدمعٌ=لكريمِ الحقوقِ ليس يعيدُ
وذري النوحَ فالحياةُ جهادٌ=ليس يُطوى ، وغضبةٌ و حشودُ
إنما يسعفُ المصابَ كميٌّ=يتخطَّى أحزانَه و يذودُ
واحذري أن تصدِّقي ذاتَ يومٍ=دولَ الكفرِ فالعدوُّ حقودُ
ألفُ وعدٍ لهم ، وألفُ قرارٍ=والأكاذيبُ بندُها معقودُ
هي من لعبةِ العتاةِ ومن كيدِ .=. عدوٍّ ، وللضعاف المزيدُ
كادَ أن يمحقَ التَّوثُّبَ فينا=لو رضينا لأمرِنا ما يريدُ
أتغافلنا أم نسينا عهودًا=والأذيَّاتِ ، فانطقي ياعهودُ
أترى يُؤمَنُ العدوُّ و يصفو= قلبُه الحاقدُ الخبيثُ اللدودُ !
وهو في الأرضِ مجرمٌ مستبدٌّ=وهو للظلمِ و الضلالِ يشيدُ
لم أُصدِّقْ ، ولن أُصدِّقَ يومًا=أَنَّ روحَ السلامِ فيهم تسودُ
قد قضى اللهُ أمرَه فتأمَّلْ=كم على الأرضِ للقتالِ وجودُ
فأفيقوا يامسلمون وهبُّوا=وأعدُّوا فللعدوِّ وعيدُ
فبكم تُشرقُ العصورُ بنورٍ=فاستعدوا لصبحِه ، واستعيدوا
ماعناكم بمجلسِ المكرِ أمرٌ=فالتناجي بمكرِهم معهودُ
هو للأقوياءِ وكرُ مخازٍ=وله عن حقِّ الشعوبِ صدودُ
نحن مرمى أحقادِه حيثُ كنَّا=أسرَ ضعفٍ ، وعزمُنا مكدودُ
***= ***
مذ هجرنا قرآنَنا سلبتْنا=رايةَ العزِّ والإباءِ يهودُ
فعلامَ استسلامنا وإلى المذبحِ .=. شيخٌ قربانُه و وليدُ
كلَّ آنٍ لنا هناك شهيدٌ=وشهيدٌ من بعدِه ، وشهيدُ
يالذل الرجالِ ماتتْ مروءاتٌ .=. وأخوى على الهوانِ الوريدُ
وبِنا المجدُ سيفُه غيرُ ماضٍ=وهوى العزُّ : نجمُه و السعودُ
ومضى بالطبولِ ولدانُ لهوٍ=وتولَّى عن الحدودِ الصمودُ !
والتحدِّي تجثو عليه خدودٌ=وقدودٌ فتَّانةٌ و نهودُ !
أيُّ عصرٍ أذلَّنا وكوتنا=بلظاها المشبوبِ هذي العقودُ !
أيُّ سهمٍ شعوبُنا تتوقَّاهُ .=. إذا صوَّبَ العدوُّ العنيدُ !
يرحمُ اللهُ للتتارِ زمانًا=فيه جمرٌ كوى ، وفيه ورودُ !
غيرَ أنَّ السفين عادتْ لغزوٍ=والنصارى قرصانُها واليهودُ
فتأمَّلْ فلن تُريكَ مكانا=فيه للأمنِ من أذاهم وجودُ
مزَّقوا شملَنا ، وللصربِ سهمٌ=ولأوروبا كيدُها المعهودُ
وعدُ بلفورٍ شاهدٌ ليس يُنْسَى=وقديمُ الأحقادِ فيه جديدُ
سلبَتْنا الأيامُ موطنَ فخرٍ=وتولَّى أمورَه النمرودُ
والطَّواغيتُ حوله أهلُ لهمٍ=وحواشيهُمُ الجناةُ قرودُ
والنظامُ الممقوتُ في العالمِ المثخنِ .=. أعمى ، وعدلُه مفقودُ
أَوَترضَى ذؤبانُه شطرَ صيدٍ=ولحملانِ عصرهم ما تريدُ ؟
ويحَ هذا الزمان باتَ غريبًا=فنفيسُ النَّفيسِ فيه زهيدُ !
واللئيمُ السَّفاحُ صارَ زعيمًا=والتقيُّ الودودُ فيه بعيدُ !
ونظامُ الصبيانِ فيه تعالى=وهدى الله عندهم مردودُ
وترى المنكرَ الحرامَ مباحًا=وعلى دينِنا الحنيفِ قيودُ
ولأهلِ الأوزارِ فيه قبولٌ=ولأهلِ الصلاحِ منه صدودُ !
هكذا تُقلبُ الموازينُ لكنْ=لانفلاتِ الأمورِ ويكَ حدودُ
لايغرَّنَّكَ التَّمتُّع في العيشِ .=. لكفَّارٍ ، إنهم لن يسودوا
حقبةٌ ثمَّ تنطوي ، وتعودُ .=. الدارُ يحنو عليها الجودُ
يئدُ الظالمين في الأرضِ ظلمٌ=ويولِّي طغيانُهم والجحودُ
ولهيبُ الأحقادِ يطفئه الله .=. وأخذُ العزيزِ أخذٌ شديدُ
تتوارى المأساةُ يفضحُها الصبرُ .=. ويُطوى الشجا ، ويقيلُ عيدُ
فارحلي يا فواجعَ العصرِ عنَّا=فالغدُ الحلوُ باسمٌ و سعيدُ
ورجانا باللهِ قنديلُه يبقى .=. له من زيتِ اليقينِ رصيدُ
في تثنِّيهِ من تسابيحِ روحي=ومضاتٌ ، نهارُهُّنَّ جديدُ
ما لوى القلبَ حبلُ إجرامِهم .=. فالحبلُ واهٍ ، والقلبُ قلبٌ شديدُ
مددُ اللهِ في شرايينِه يجري .=. وهذا الدمُ الدفوقُ وقودُ
لم يبدِّ دْ هُ بغيُهم حيثُ عاثوا=أو يردَّ اندياحَه رعديدُ
قل لأعدائنا الجناةِ بنا إن=ما تربَّصتم فاغدروا أو فعودوا
ليس غيرُ الديَّانِ يفصلُ بين .=. الناسِ والفصلُ يومُه محمودُ
إنكم مُدْرَكُونَ مهما تَحَصَّنتُم .=. فللهِ أيها الطغاةُ وعيدُ !
ومخازي قويِّكم في تبابٍ=واعتزازُ استكباركم مصفودُ
لن تنالوا مكانةً ذات شأنٍ=وغِناكم وإن تباهى زهيدُ
قد كفرنا بكم فليس لديكم=غيرُ خزيٍ بساطُه ممدودُ
نحنُ جندُ الإسلامِ والله أبقى=والمثاني الحِسانُ والتوحيدُ
وبشاراتُ سيِّدِ الخلقِ أذكتْ=عزماتٍ وشأنُهنَّ نضيدُ
لا نبالي بأيِّ خطبٍ عرانا=أو نحابي فللهدى توكيدُ
ولياليكمُ العجافُ ستُطوى=ويعودُ التكبيرُ لاالتهديدُ
قد خسرتُم تجارةً حيثُ بارتْ=والشِّعاراتُ بيعُهنَّ زهيدُ
هذه أمَّتي وهذا علاها=لم يزل بعدُ صبحُه التغريدُ
لم يزل وجهُها النَّضيرُ نديًّا=ومسارُ اعتدادِها الرحيبُ رشيدُ
منذ عهدِ النَّبيِّ والخيرُ فيها=ولديها من الفخارِ رصيدُ
فالهدى والنَّدى وبيضُ السَّجايا=قد أشادت بطيبِهنَّ العقودُ
فازَ مَن حكَّمَ الشريعةَ واستهدى .=. بنورٍ وفي الحنيفِ مزيدُ
ليس بالأمنياتِ كانت حياةً=ما جفاها الإعمارُ والتَّشييدُ
هي بالصِّدقِ قد تلقَّتْهُ شَهدًا=لشعوبٍ لغيرِه لا تُريدُ
فتثنَّت خضْرُ المغاني ازدهارا=ماعراها التَّصَحُّرُ المنكودُ
إنها جذوةُ اليقينِ بربٍّ=فله الحمدُ وحده والسُّجودُ
وله المُلْكُ لم يكنْ لطغاةٍ=إنَّه اللهُ الواحدُ المعبودُ
بورك المسلمون أدنوا خطاهم=من كريمٍ حِباؤُه معهودُ
والأعادي وإن تمادى أذاهم=فأذاهم عليهمُ مردودُ
مابُلينا بغيرِهم حيثُ عاثوا=فلإرجافات العتاة صديدُ
أهلك اللهُ بعضَهُم فجناةٌ=قد قضوا والهلاكُ فيهم يعودُ
تلك من سُنَّةِ الإلهِ لكيلا=يستبدَّ المنبوذُ والمطرودُ
ربِّ أدركْ عبادَك اليومَ ضاقت=إذْ تولَّى الزمامَ وغدٌ عتيدُ