خَطِيبُ الجُمُعةِ الأوَّلُ والوَزِيرُ الأَوَّلُ؟! القَائِدُ المَجَاهِدُ الشَّهِيدُ إسمَاعِيلُ هَنِيَّة يَرحَمُهُ اللهُ

قصيدة فيه بشرحها، وترجمة له، واسم الشرح:

"فَتحُ المَلِكِ الأوَّلِ بِشَرحِ قَصِيدِةِ الخَطِيبِ الأوَّلِ"

فترجمة موسعة لشيخه الرباني الشيخ أحمد ياسين

بسم الله الرحمن الرحيم

 خَطيبُ الجُمُعةِ الأوَّلُ والوَزِيرُ الأوَّلُ؟!

القَائِدُ الشَّهِيدُ إسمَاعِيلُ هَنِيَّة

وهو الذي اغتاله المَلاعِينُ الكَفَرَةُ صَهَايِنَةُ اليَهُودِ الإرهابِيُّونَ والنَّازِيُّونَ والفاشِيُّونَ الجُدُد، ووُحُوشُ البَشَرِ، وأصحَابُ مَحرَقَةِ "هُولُوكُوست" غَزَّةَ وفِلَسطِين، أعدَاءُ اللهِ ورَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ، وعِيسَى وأمِّهِ مَريَمَ عَليهِما السَّلامُ، وأعداءُ الإسلامِ والإنسَانِيَّةِ، قَتَلَةُ الأنبِيَاءِ والمُرسَلِينَ، وأبنَاءُ القِرَدَةِ والخَنَازِيرِ، وأكَلَةُ الرِّبَا وتُجَّارُهُ، وشُذَّاذ الأفَاقِ وحُثَالَاتُ الأمَم ...، بِالتَّوَاطُؤ أو التَّقصِير مِن رافِضَة طِهرَانَ؟!

سيد أحمد بن محمد السيد

ssaaf10901.jpg

هذه القَصيدةُ ليست مَرثِيَةً، وإنما قُلتُها على إثرِ سَمَاعِي خُطبةَ جُمعَةٍ مُؤثِّرَةً لأبِي العَبدِ "إسماعِيل هَنِيَّة" رحِمهُ اللهُ تعالى، سنة 1427هـ؟ - 2006م:

-1شَفَى نَفسِي وأحيَا لي ضَمِيرِي     خَطِيبٌ قَامَ ؛ كَالأسَدِ الهَصُورِ

-2 يُلَعلِعُ   صَوتُهُ   بِالحَقِّ   حُلوًا       يُجَلجِلُ ؛   عَبرَ أموَاجِ   الأثِيرِ

3- و تَنقُلُهُ مُبَاشَرَةً   عَرُوسُ الـ    ـمَحَطَّاتِ؛ "الجَزِيرَةُ" في الهَجِيرِ

-4و مِن بِيتٍ لِرَبِّي فِي "جَبَاليَا"     بـ"غَزَّةَ" كانَ يَخطُبُ بِالحُضُورِ

**********

-5 يُذَكِّرُ   قَومَهُ ؛ يَدعُو   لِصَبرٍ      بِلَا حَدٍّ ،  عَلَى عُسرِ الأمُورِ

-6 يُبَشِّرُهُم   بِتَفرِيجٍ     قَرِيبٍ      يَمُنُّ بِهِ العَلِيمُ   بِذِي الصُّدُورِ

7- و يُوصِيهِم بِأن يَبقُوا حِرَاصًا        عَلَى نَهجِ النَّبِيِّ     المُستَنِيرِ

-8 و ألَّا يَأبَهُوا   لِحِصَارِ سُوءٍ    مِنَ "امرِيكَا"، أو الغَربِ الحَقِيرِ

-9 "سَنَأكُلُ زَعتَرًا نَستَافُ مِلحًا      و زَيتُونًا ،   و لَا نَعنُو   لِزُورِ

-10 لَنَا أمَلٌ   بِإخوَانٍ   كِرَامٍ          لِنَجدَةِ شَعبِنَا الحُرِّ الصَّبُورِ"

-11و ألَّا رَجعَةً   عَمَّا   اعتَقَدنَا         مِنَ الحَقِّ المُؤَيَّدِ   بِالزَّبُورِ

**********

-12أإسمَاعِيلُ! يا بنَ ذَوِي المَعَالِي     مِنَ الصِّيدِ الأُبَاةِ   كِرَامِ خِيرِ

-13تَحَيَّةَ مُعجَبٍ بِكَ فِي خِطابٍ        أتَى   كَالسَلسَبِيلِ ،  و كَالحَرِيرِ

-14 لَقَد ذَكرتَنَا - تَاللهِ - عَهدًا      جَمِيلًا كانَ   لِلسَّلَفِ   النَّضِيرِ

-15زَمَانٌ كانَ   لِلإسلَامِ   فَخرًا      يَؤُمُّ النَّاسَ فِيهِ أُولُو الأُمُورِ

-16و يَخطُبُهُم   أئِمَّتُهُم   كِفَاحًا         كَأمثَالِ القَسَاوِرِ ، و النُّسُورِ

-17لِجُمْعَاتٍ و أعيَادٍ ، و مَا قَد         يُهِمُّ   المُسلِمِينَ   مِنَ الأمُورِ

-18 وظَلَّ المُسلِمُونَ -كَذَا- قُرُونًا         يُقِيمُونَ   الصَّلَاةَ مَعَ الأَمِيرِ

-19إلَى أن جَاءَتِ "اللَّايِيكُ" تَبًّا         لَهَا   مِن مَبدَأٍ   بَاغٍ ، و زُورِ

20- فألغَت مِن حَيَاةِ النَّاسِ حُكمًا       بِشَرعِ اللهِ -ذِي الطَّولِ- القَدِيرِ

21- و جَاءَتهُم بِمِنهَاجٍ   غَرِيبٍ       يَسِيرُ   عَلَيهِ  أتبَاعُ   الغَرُورِ

   **********

-22أيَا بنَ هَنِيَّةٍ! حَيَّاكَ   رَبِّي         وَزِيرَ الصِّدقِ و الحَقِّ الطَّهُورِ

23- أتِلمِيذَ "ابنِ يَاسِينَ" المُزَكَّى      و مَن قَد حَازَ لِلفَوزِ الكَبِيرِ

-24 لقد آتَت"حَمَاسُ"جَنَى غِرَاسٍ       كَرِيمَاتٍ ،  ظَوَاهِرَ   لِلبَصِيرِ

25- ولَيسَ يَضِيرُهَا إرجَافُ قَومٍ       سِفَاهٍ حَانِقِينَ ،  ذَوِي شُرُورِ

26- فَسِر قُدُمًا   بِإخوَانٍ عِظَامٍ     عَلَى اسمِ اللهِ، ذِي الفَضلِ الوَفِيرِ

27- و لَا تَهِنُوا و لا تَأسَوا لِعُسرٍ     فإنَّ   اليُسرَ آتٍ مِن   قَدِيرِ

-28و إنَّ النَّصرَ مَقرُونٌ بِصَبرٍ         مَعَ النَّهجِ   السَّمَاوِيِّ   المُنِيرِ

-29 و إنَّ اللهُ   يَنصُرُ نَاصِرِيهِ        كَمَا قَد جَاءَ في ذِكرِ الخَبِيرِ

**********

عُمان، واحة البريمي- حَيُّ صَعراء القديمة، في آخر شهر 3 وأوائل شهر 4 من سنة 2006م وأتممتُ باقي الأبيات في مدينة العين، الإمارات، في شهر 1/1429هـ = 21/1/2008 م.

عن ديواني الأول "بنات الإمارات" 36- 38.

*شرح القصيدة المُسَمَّى:

"فتح المَلِكِ الأوَّل بشرح قصيدة الخطيب الأول":

(1) شفى نفسي: سَرَّنِي وأراحني. *أحيا ضميري: أنعش قلبي وفَرَّحَهُ. والضمير القلب؛ قال الشاعر:

أفادتكم النعماءُ -مِنِّي- ثَلَاثَةً           يَدِي، ولِسَانِي، والضَمِيرَ المُحَجَّبَا

*خطيب: من يُلقي خطبة جُمعة أو غيرها، والمقصود هنا الأستاذ إسماعيل هنية أبو العبد رحمه الله، الذي سمعته يُلقي خطبة جمعة في "جباليا" من غزة بفلسطين. *قام: نهض ووقف.

*الأسد الهصور: القَوِيُّ، وهو الشديد الذي يَفتَرِس ويَكسِر رأسَ فَرِيسَتِه. *"معجم متن اللغة" للشيخ أحمد رضا 5/640.

(2) يُلَعلِعُ: يرتفع ويعلُو، و: لَعلَعَ الرَّعدُ: صَوَّتَ. *"المعجم الوسيط" 829.

*بالحق: بقول الحَقّ. *حُلوًا: جَمِيلًا. *يُجَلجِلُ: يَعلُو ويَرتَفِعُ مع حَرَكَة، يقال: جَلجَلَ السَّحَابُ والرَّعدُ: صَوَّتَ في حَرَكَة. *"الوسيط" 128.

*عَبرَ: خِلَالَ. *أمواج: ج مَوج، ما علا مِن سطح الماء وتَتَابَعَ. "المعجم الوسيط" 891. *الأثير: الفَضَاء. *"المعجم العربي الأساسي" 70.

وأمواج الأثير: تَرَدُّدَاتُه.

(3) تنقله: تأتي به وتعرضه. *مباشرة: أي حِين وُقوعه. *العروس: الرجل والمرأة في أول زواجهما، يستوي فيه المذكر والمؤنث. وقولهم: "عريس" للمذكر عامِّي وغير صحيح عَرَبِيَّةً.

*المحطات: ج محطة: مكان النزول، والمقصود هنا: القناة الفضائية للرائي "التلفزيون". وعروس المحطات: أي أجملهن وأهمهن.

*الجزيرة: المقصود "قناة الجزيرة الفضائية" القَطَرِيَّة الشهيرة.

*الهجير: هو وقت شدة الحَرِّ ظُهرًا.

(4) من بيت لربي: من جامع ومسجد لله تعالى، قال سبحانه: (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحَدًا).

*جباليا: مكان في غزة بفلسطين. *بالحضور: ج حاضر، موجود.

(5) يُذَكِّرُ قومه: يَعِظُهم ويَنصَحُهم. *يدعو لصبر: ينصح به ويَحُضُّ عليه. *بلا حَدٍّ: بصبر عظيم. *عُسر الأمور: شِدَّةُ أمور الحَيَاة وصُعوبتها.

(6) يُبَشِّرُهم: يُخبرهم بما يَسُرُّهُم. *بتفريج قريب: بفرج يكون قريبا يأتي بعد الشدة، ويُسر بعد العُسر؛ قال تعالى: (فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا*). وقال رسول الله : "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا". *يمن به: يتفضل به ويتَكَرَّم به. *العليم: الله تعالى؛ فهو من الأسماء الحسنى. *بذي الصدور: أي بقلوب الناس من نيات خير أو شر. والصدور: ج صدر.

(7) يوصيهم: ينصحهم بصدق. *يبقوا: يظلوا، يدوموا.

*حِراصًا: ج حريص، وهو البخيل، أو الضنين بالشيء، تكون للمدح وللذم، وهي هنا للمدح. *النهج: الطريق الواضح. *نهج النبي المستنير: طريق المصطفى  المستضيء بنور الله تعالى.

(8) لا يأبهوا: لا يَهتَمُّوا. يقال: أبه به وله: اهتَمَّ. وأما "اكتَرَثَ" فيقال: اكترث له فحسب، وأما (اكترث به) فخطأ شائع.

*لحصار سوء: لحصار اقتصادي سَيِّئ مفروض على أهل غزة الشُّجعان الأُبَاة الأعِزَّة. *من أمريكا أو الغرب الحقير: من دولة الولايات المتحدة الظالمة، ودول أوربا المُحتقرة لأنها تقف مع ربيبتها دويلة إسرائيل الصهيونية المحتلة القاتلة الغادرة العنصرية النازية.

(9) الزعتر: نبات بَرِّي معروف، يُجفف ويُطحن، ويجعل معه السمسم وبعض البهارات ويؤكل مع زيت الزيتون والشاي والخبز.

*نستاف ونَستَفُّ: نأكل، نتناول؛ من: "استافه: شَمَّه، تناوله"، و"استَفَّ السَّوِيق أو الدواء": تناوله غير معجون (من غير ماء)- *"معجم متن

اللغة" لرضا 3/250، و"الوسيط" 434. قال الشنفرى في لاميته:

وأستَفُّ تُربَ الأرضِ كيلا يَرَى لَهُ       عَلَيَّ -مِن الطَّولِ- امرُؤٌ مُتَطَوِّلُ

*ينظر: "ديوان الشنفرى" 62، و"ديوان العرب؛ شاعر وقصيدة" لمصطفى طلاس 47.   *نعنو: نَذِلُّ ونَخضَع.   *الزور: الكَذِب والباطل.

(10) أمَل: رَجَاء. *إخوان: ج أخ. *كرام: ج كريم، طيِّب، صاحب كرم.

*النجدة: المُساعدة.   *الصبور: كثير الصبر.

(11) لا رجعة: لا عودة. *عما اعتقدنا: عما آمنا به واعتقدناه من دين الحق. *المُؤيَّد: المُؤكَّد، المُدَلَّل عليه، المنصور. *الزبور: من أسماء القرآن الكريم. *"البرهان" للزركشي 276. ومعنى الزبور: المكتوب، فعول بمعنى مفعول، وأصله كل كتاب فيه حكمة، وغلب على كتاب داود عليه السلام قال تعالى: (وآتينا داود زبورا*) النساء 163. *"مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني 377، "متن اللغة" لرضا 3/11.

(12) ذوو: أصحاب. المعالي: ج معلاة، الرِّفعة والشَّرَف. *"الوسيط" 625.   *الصِّيد: ج أصيَد: كل ذي حَول وطَول من ذوي السلطان. *"الوسيط" 530. وقصدت به الأعزة والأشراف من آبائه.

*الخِير: الأصل. *"الوسيط" 264.

(13) تحية مُعجَب: أي أهدي إليك تحية، والتحية السلام. والمُعجب بالشيء: المُحب له المسرور منه، من "أعجب بالشيء": عَجِب مِنه وسُرَّ به. *"الوسيط" 584. *خطاب: خُطبة. *السلسبيل: الشراب السهل المُرور في الحَلق لِعُذُوبته، واسم عين في الجنة؛ قال تعالى: (عينا فيها تُسمَّى سلسبيلا*). الدهر (18) . "الوسيط" 442.

*الحرير: قماش فاخر غال معروف يُصنع من دودة القَزِّ.

(14) ذَكَّرتَنا: جَعَلتَنا نَتَذَكَّر. *عهدا: زمانًا. *السَّلَف: الصالحون السابقون؛ السلف الصالح رضي الله عنهم من المسلمين أهل القرون الخَيِّرَة الثلاثة الأولى.   *النضير: المُنير المُشرق اللامِع.

(15) كان للإسلام فخرا: كان عِزَّةً ومجدا لأهل الإسلام.

*يؤم: يُصلي فيه إماما بالناس.   *أولو الأمور: الحُكَّام.

(16) يخطبهم: يخطب فيهم لصلاة الجمعة والعيد، وغيرهما.

*أئمتهم: ج إمام، حاكم. *كفاحا: مُواجَهَةً. *أمثال: ج مثل، الشبيه والنظير. *القساور: ج قسورة، من أسماء الأسد. *النسور: ج نَسر، طائر كبير من الجوارح مُعَمَّر معروف. وتشبيههم بالأسود والنسور كناية عن شجاعتهم.

(17) لجمعات: من أجل صلوات الجمعة. وجمعات ج جمعة.

*أعياد: ج عِيد، ما يفرح فيه المسلمون ويزورون بعضهم ...، وهما عيدان، يوما الفطر والأضحى من كل سنة. *يُهِمُّ: يكون مُهما وضَرُورِيًّا، من: أهَمَّهُ الأمر: جعله يهتمُّ به لِضَرورته وأهَمِّيَّته.

(18) ظل المسلمون: بَقُوا واستَمَرُّوا. *كذا: هكذا. *قرونا: ج قَرن، مئات من السنين. *يقيمون الصلاة: يُؤدُّونها. *الأمير: حاكم المسلمين من خليفة أو ملك أو سلطان.

(19) "اللاييك": كلمة لاتينية تعني العلمانية، وهي فصل الدين عن الحياة، ومن شعاراتها الخاطئة: "الدين لله، والوطن للجميع"، و: "دع ما لله لله، وما لقيصر لقيصر"؟! فالدين والوطن وقيصر كلها لله تعالى.

مع أن هذه الشعارات -التي أطلقتها أوربة بعد تحررها من سلطان الكنيسة- إن صحَّت مع النصرانية المُحرَّفة التي حاربت العلوم المادِّية العصرية، فإنها لا تصح مع الإسلام الدين الحق الذي دعا إلى العلم؛ بل جعل كل العلوم -الإسلامية والعربية والإنسانية- فرضا إما عينيا أو كفائيا، كما قال حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى.

بل قال علماؤنا بوجوب أن تكتفي أمة الإسلام وتستغني عن أعدائها في كل العلوم من الذرة إلى المجرة، فإن لم تفعل أثمت؛ لقول الله سبحانه:

1- (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم). الأنفال (60). وقد قال علماء التفسير: إن الله تعالى قد نَكَّر كلمة "قُوَّة" لتشمل كل

قوة صغيرة أو كبيرة، عسكرية، أو سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية.

2- وقوله تعالى: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس). سورة الحديد (25). قال شيخنا العلامة د. يوسف القرضاوي طيب الله ثراه، في تفسيرها: (بأس شديد): تدل على الصناعات العسكرية، و(منافع للناس): تشير إلى الصناعات المدنية.

*تبا: هلاكا وخسارا للعلمانية التي أذلت المسلمين، وأفسدت البلاد والعباد، وأهلكت الحرث والنسل، وجعلت أمتنا أذل الأمم، وفي ذيل قائمة التقدم والحضارة مع عميق الأسى والأسف.   *مبدأ: منهج وعقيدة.

*باغ: ظالم. *زور: باطل.

(20) ألغت: أبطلت. *من حياة الناس حكما ... : من قوانينهم ودساتيرهم الحُكم بشرع الله من كتاب وسنة، وصِرنا نُحكَم -مع الأسف- إمَّا بالقانون الإنجليزي أو بالقانون الفرنسي؛ فما زِلنا مُستعمَرين، ولم تستقلَّ بلادنا قانونيا، بل كان استقلالها شكليا؟!

*ملاحظة مهمة: سمعت من شيخنا الفقيه الكبير والعلامة الرباني د. وهبة الزحيلي -حين كان يُدرِّسنا في الجامعة بدمشق في أواخر الثمانينات الميلادية الماضية- سمعته يقول، رحمه الله: "لقد طَلَبَت منا الجامعة العربية أن نُعِدَّ قوانين مُستَمَدَّة من الشريعة الإسلامية، ففعلنا، وأعطيناها لهم ولم يُطبِّقوها؛ بل بقيت حَبِيسةً في الأدراج"؟؟!! *ذي الطول: صاحبه، وهو الله تعالى، والطول: القُوَّة والغِنَى. *"بديع البيان" للشيخ بدر الدين التِّلَّوِي 114.

*القدير: كثير القدرة، من أسماء الله الحسنى.

(21) جاءتهم: أتتهم، وهي "اللاييك" أو العلمانية. *المنهاج: الطريق الواضح، والمقصود: ببرنامج أو قانون. *غريب: أي لا يتفق مع دين المسلمين وثقافتهم ومنهجهم. *يسير عليه: يمشي عليه ويسلكه ويَتَّبِعه. *أتباع: ج تابع. *الغرور: الشيطان الرجيم؛ قال تعالى: (... فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغَرُور*). سورة فاطر (5).

(22) حياك ربي: أبقاك. *وزيرَ الصدق: أي يا وزير الصدق! أيها الوزير الصادق! وقد كان الشهيد إسماعيل هنية -حين قولي هذه القصيدة فيه عام 2006م- كان رئيسا مُنتخبا لوزراء فلسطين. *الطهور: كثير الطهارة.

(23) تلميذ ابن ياسين: يا تلميذ الشيخ أحمد ياسين رحمه الله. وقد كان الأستاذ إسماعيل هنية من أبرز تلاميذ الشيخ أحمد ياسين، وقد تشرف بصحبته وخِدمته لسنوات في "حركة المقاومة الإسلامية حماس".

والشيخ أحمد ياسين رحمه الله غني عن التعريف فقد كان عالما ربانيا، ومُدرسا وخطيبا مشهورا في عزة من فلسطين الأبية، وهو مؤسس "حركة المقاومة الإسلامية حماس في الثمانينات الميلادية. وقد ولد سنة 1936م في قرية "الجورة -عسقلان"، وقد عمل في الدعوة والتدريس طيلة حياته حتى استشهد سنة 2004م على يد الإرهابيين القتلة اليهود في غزة، بقصفه بصاروخ وهو عائد من صلاة الفجر على كرسيه المتحرك الذي تَحطَّم، وأمسى قطعا مع أشلاء الشيخ الرباني، رحمه الله، وتقبله في الشهداء الصالحين، آمين.

وقد اجتمعت به بفضل الله تعالى، وحضرت له درسا في أحد مساجد إمارة الشارقة في أواخر التسعينات الميلادية الماضية.

*المزكى: المُربى، التقي. *حاز: نال. *الفوز الكبير: النجاح العظيم، وهو نيل الشهادة في سبيل الله تعالى عام 2004م.

*وسأذكر ترجمة مفصلة موسعة للشيخ أحمد ياسين بعد ترجمة تلميذه الشهيد إسماعيل هنية رحمهما الله تعالى، بإذن الله.

(24) آتت: أثمرت. *حماس: حركة المقاومة الإسلامية حماس.

*جنى: ثَمَر. *غراس: ج غرس: شتل الشجر الصغار.

*كريمات: ج كريمة، طيبات. والمقصود: أن "حركة حماس" التي أسسها الشيخ أحمد ياسين قد أثمرت وبدأت العمل الجهادي والحركي منذ سنوات، وخرجت آلاف الشباب والشابات والرجال القرآنيين المجاهدين، وقد كافحوا

وما زالوا يكافحون العدو اليهودي الصهيوني الغادر بكل الوسائل، وقدموا آلاف الشهداء والمعتقلين والمصابين في سبيل الله، في غزة والضفة وكل فلسطين المحتلة، وعلى طريق تحرير القدس والأقصى وفلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر.

وآخر إنجازاتهم الرائعة ملحمة "طوفان الأقصى" المباركة التي بدأت قبل عشرة أشهر، ومازالت تنكي في العدو الصهيوني قتلا وأسرا وجرحا وإثخانًا، وقدمت أكثر من 80 ألفا من الشهداء والمصابين في سبيل الله، وحدها ودون مساعدة من أحد إلا من الله تعالى، وقليل من الدول العربية والإسلامية؛ فقد تخلى عنها وخذلها جل الدول العربية والإسلامية، بل حاربها بعض المتصهينين العرب والمسلمين؟؟!!

*ظواهر للبصير: ج ظاهرة، واضحة. أي ثمار "حماس" ظاهرة لكل عين مُبصرة صادقة ومُنصفة؛ في "حَلقات تحفيظ القرآن" لجل أهل غزة، وفي الإعداد للجهاد، وفي تقديم الشهداء تلو الشهداء قبل طوفان الأقصى وخلاله، وما زالت، وآخرها استشهاد القائد الحمساوي المُجاهد والمناضل الشهيد إسماعيل هنية أبو العبد في طِهران رحمه الله تعالى، قبل أيام قلائل.

(25) يضيرها: يَضرُّها ويُؤذيها. *إرجاف قوم: خوصهم في الأخبار السيئة، وذكر الفِتَن، قال تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمُرجِفون في المدينة لنغرينك بهم ...). الأحزاب (60) *"الوسيط" 332. وهم المنافقون من مُتصهيني العرب المُطبعين مع دُويلة "إسرائيل" المُجرمة، والداعمين لها، كقناة "سكاي نيوز" الظبيانية، وقناة "العربية" المتصهينتين العبريتين الناطقتين بالعربية؟! وغيرهما.

*سِفاه: ج سفيه، قليل العقل، سيئ الأخلاق. *حانقين: ج حانق، وهو الحاقد حِقدا لا يزول. *شرور: ج شَرٍّ.

(26) سر قُدُما: اِمضِ إلى الأمام. *بإخوان عظام: بإخوانك وأحبابك الكِبار من حركة حماس. *على اسم الله: متوكلين على الله تعالى ومُستعينين به. *الفضل: هو الإحسان ابتِداء بلا عِلَّة "سبب"، ج فُضول. *"المعجم الوسيط" 693. *الوفير: الكثير.

(27) لا تَهِنُوا: لا تضعُفوا، ولا تَذِلُّوا. وقد فسَّر سيدنا رسول الله  "الوهن" بـ : "حب الدنيا وكراهية الموت"؛ كما حديث أبي داود المعجز العجيب عن سيدنا ثوبان رضي الله عنه، وأوله: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كتداعي الأكَلة إلى قصعتها ...".

*تأسوا: تحزنوا. *لِعُسر: بسبب العسر، وهو الشِّدَّة والمشقة والمعاناة والحصار والتضييق من قومكم وإخوانكم وأعدائكم. *اليُسر: الفَرَج والغنى. "الموسوعة القرآنية الميسرة" 597، و"الوسيط" 1065.

*آتٍ مِن قدير: جاءٍ من الله تعالى؛ قال سبحانه: (فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسر*). وقال حبيبنا وقائدنا المصطفى  :"أبشروا أتاكم اليسر، لن يَغلِب عُسرٌ يُسرَين". أخرجه ابن جرير الطبري عن الحسن البصري. *"الموسوعة القرآنية الميسرة" 597.

(28) وإن النصر مقرون بصبر: أي أن النصر والظفر مرتبطان بالصبر على الشدائد؛ قال رسول الله  لابن عمه عبد الله بن عباس في وصيته الشهيرة: "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يُسرا". رواه أحمد وعبد بن حميد والطبراني بسند صحيح. *"الوافي في شرح الأربعين النووية" للبغا ومستو 131، و"موسوعة السنة النبوية" للشيخ نايف الشحود 3315، برقم (22227).

*مع النهج السماوي المنير: مع الالتزام بنهج السماء المُشرِق، وهو طريق الكتاب والسنة البَيِّن الواضح.

(29) وإن الله ينصر ... : أي أن الله تعالى ينصر كل من ينصره بالاستقامة على دينه ومنهجه؛ قال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم*). *ذكر الخبير: القرآن الكريم. والخبير: اسم لله تعالى.

*والآن إليكم ترجمة لأبي العبد إسماعيل هنية من "موسوعة الجزيرة"، و"الموسوعة الحرة: ويكيبيديا".

إسماعيل هنية..

لَاجِئ مِن مُخيَّم الشاطِئ قادَ حَرَكَةَ حَمَاس

قيادي سياسي فلسطيني، وأحد رموز حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ترأس الحكومة الفلسطينية بعد فوز الحركة بتشريعيات 2006م، إلى أن أقاله رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس في يونيو/حزيران 2007م. انتخب رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس في مايو/أيار 2017، وفي يوليو/تموز 2024م أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه تم اغتياله في العاصمة طهران.

*المولد والنشأة

ولد إسماعيل عبد السلام أحمد هنية يوم 23 يناير/كانون الثاني 1962 (أو 1963) في قطاع غزة بمخيم الشاطئ للاجئين، الذي كانت أسرته قد لجأت إليه من قرية الجورة الواقعة في قضاء مدينة عسقلان المحتلة.

*الدراسة والتكوين

درس المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وحصل على الثانوية العامة من معهد الأزهر، ثم التحق بالجامعة الإسلامية في غزة عام 1987 وتخرج فيها بدرجة البكالوريوس في الأدب العربي.

برز هنية خلال مرحلة الدراسة الجامعية عضوا نشطا في مجلس اتحاد الطلبة، إلى جانب اهتمامه بالأنشطة الرياضية، كما شغل عدة وظائف في الجامعة الإسلامية بغزة قبل أن يصبح عميدا لها عام 1992، كما تولى عام 1997 رئاسة مكتب الشيخ أحمد ياسين بعد إفراج إسرائيل عنه.

*التجربة السياسية

اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي هنية للمرة الأولى عام 1987 بُعيد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، ولبث في السجن 18 يوما، ثم اعتقل للمرة الثانية عام 1988 لمدة ستة أشهر.

دخل هنية السجن الإسرائيلي مجددا عام 1989 بتهمة الانتماء إلى حركة حماس، حيث أمضى ثلاث سنوات معتقلا، وبعدها نفي إلى منطقة مرج الزهور في جنوب لبنان، لكنه عاد إلى قطاع غزة بعد قضائه عاما في المنفى إثر توقيع اتفاق أوسلو، وأصبح رئيس الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة.

ترأس هنية قائمة التغيير والإصلاح التي حصدت أغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات التشريعية المنظمة مطلع يناير/كانون الثاني 2006، وأصبح رئيسا للحكومة الفلسطينية التي شكلتها حماس في فبراير/شباط 2006.

تعرض لمحاولات اغتيال ومضايقات، حيث جُرحت يده يوم 6 سبتمبر/أيلول 2003 إثر غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي حماس من بينهم الشيخ أحمد ياسين، ومنع من دخول غزة بعد عودته من جولة دولية يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

كما تعرض موكبه لإطلاق نار في غزة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2006 أثناء صدام مسلح بين حركتي فتح وحماس، واستهدفت إسرائيل منزله في غزة بالقصف في حروبها على غزة سعيا لاغتياله.

أقاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوم 14 يونيو/حزيران 2007 بعد سيطرة كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، على مراكز الأجهزة الأمنية في قطاع غزة حسما لانفلات أمني دام شهورا في القطاع، وقد رفض هنية هذا القرار وواصل رئاسة ما أصبح يسمى "الحكومة المقالة" التي تتخذ من غزة مقرا لها.

حرص هنية على فتح الباب أمام المصالحة الوطنية مع السلطة الفلسطينية، وأعلن قبوله التنازل عن رئاسة الحكومة المقالة في إطار مصالحة شاملة تكون حكومة وفاق وطني أبرز ثمارها.

ونتيجة لذلك تم الإعلان عن حكومة جديدة يوم 2 يونيو/حزيران 2014م برئاسة الأكاديمي رامي الحمد الله، وهنأ إسماعيل هنية الشعب الفلسطيني

بتشكيل الحكومة الجديدة قائلا "إنني أسلم اليوم الحكومة طواعية وحرصا على نجاح الوحدة الوطنية والمقاومة بكل أشكالها في المرحلة القادمة".

*رئاسة حماس

اختاره مجلس شورى حماس رئيسا لمكتبها السياسي يوم 6 مايو/أيار 2017 بعد انتخابات متزامنة أجريت في العاصمة القطرية الدوحة وغزة عبر نظام الربط التلفزيوني (الفيديو كونفرنس).

وكان يُفترض أن يسافر عدد من قادة حماس من غزة إلى قطر -وعلى رأسهم هنية- للمشاركة في الانتخابات، إلا أن إغلاق معبر رفح خلال الأيام السابقة على عملية الانتخاب حال دون ذلك.

وجرت الانتخابات -حسب وكالة أنباء الأناضول- بين ثلاثة من القادة، وهم إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق، نائبا خالد مشعل، والعضو السابق في المكتب السياسي محمد نزَّال.

*على قوائم "الإرهاب"

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية يوم 31 يناير/كانون الثاني 2018 اسم هنية على "قوائم الإرهاب"، وجاء هذا القرار في فترة توتر الأوضاع بين واشنطن والفلسطينيين بسبب قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو القرار الذي أصدره الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.

ووصفت حركة حماس القرار بأنه "مثير للسخرية"، وأضافت "كأننا كفلسطينيين نبحث عن شهادة حسن سلوك عند أميركا".

*طوفان الأقصى

أعلن محمد الضيف، قائد الأركان في كتائب عز الدين القسام، عن عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي شملت هجوما بريا وبحريا وجويا وتسللا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، ورد الجيش الإسرائيلي على هذه العملية بإطلاق عملية عسكرية ضد قطاع غزة سماها عملية "السيوف الحديدية"، وبدأها بقصف جوي مكثف على

القطاع، وإجلاء لكامل المستوطنين من الغلاف.

وشنت طائرات الاحتلال غارات عنيفة على عدة أهداف في قطاع غزة صباح اليوم التالي من المعركة، واستهدفت منازل قيادات حماس.

وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي يوم/10/نوفمبر/ تشرين الثاني 2023م، حفيدة هنية، أثناء تواجدها في مدرسة تؤوي النازحين، وبعد نحو 10 أيام، استشهد الحفيد الأكبر لهنية، بعد تنفيذ ضربة جوية إسرائيلية على منزله.

واعتقلت الشرطة الإسرائيلية يوم 1/أبريل/نيسان/ 2024م إحدى شقيقات هنية، قرب مدينة بئر السبع في النقب، بتهم تشمل التواصل مع أعضاء في الحركة.

كما اغتال الاحتلال الإسرائيلي 3 من أبناء إسماعيل هنية يوم 10 أبريل/نيسان 2024 كانوا على متن سيارة مع 5 من أبنائهم لأداء صلة الرحم وتهنئة السكان بمناسبة عيد الفطر المبارك.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قتل أبناء هنية كان عملية اغتيال بالتخطيط مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).

*مذكرة اعتقال

أعلن كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم 20 مايو/أيار 2024 تقديمه طلبا للمحكمة لاستصدار أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع في حكومته يوآف غالانت، وكذا في حق هنية والضيف ورئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار بتهم ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عقب أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقال خان إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد أن كلا من السنوار والضيف وهنية، مسؤولون عن ارتكاب جرائم حرب، وضد الإنسانية في إسرائيل، حسب تعبيره.

وتعليقا على هذا القرار، قال سامي أبو زُهري القيادي في حركة حماس لرويترز إن قرار الجنائية الدولية "مُساواة بين الضحية والجلاد".

*اغتياله في طهران

في فجر الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024 أعلنت حركة حماس اغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.

وقالت حماس في بيان إن رئيس الحركة "قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران".

وفي بيان آخر، قال الحرس الثوري الإيراني "ندرس أبعاد حادثة استشهاد هنية في طهران" وسنعلن عن نتائج التحقيق لاحقا.

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن هنية استشهد وأحد حراسه الشخصيين إثر استهداف مقر إقامتهم في طهران.

وكان هنية في زيارة إلى طهران؛ للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

*"موسوعة الجزيرة" يوم 31/7/2024م

إسماعيل هنية

*اسمه ونسبه: هو إسماعيل بن عبد السلام أحمد هنية (8 مايو 1963 - 31 يوليو 2024) كان سياسيًا فلسطينيًا يُعتبر على نطاق واسع القائد السياسي الأبرز لحركة حماس التي تحكم قطاع غزة مُنذ عام 2007م، وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مُنذ عام 2017 حتى وفاته.

كان هنية رئيس قائمة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006م، ولِذا أصبح رئيس وزراء دولة فلسطين. ومع ذلك، قام رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس بإقالة هنية من منصبه في 14 يونيو 2007م نظرًا للصراع القائم آنذاك بين فتح وحماس، لم يعترف هنية بمرسوم عباس واستمر في ممارسة سلطاته رئيسًا للوزراء في قطاع غزة.

كان هنية رئيس حماس في قطاع غزة من عام 2006 حتى فبراير 2017، عندما خلفه يحيى السِّنوار.

في 6 مايو 2017، انتخب هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحماس، خلفًا لـخالد مشعل، وفي 31 يوليو 2024م، اغتيل إسماعيل هنية في إيران.

*نشأته وتعليمه: نشأ إسماعيل هنية في "مخيم الشاطئ للاجئين"، وهو الذي لجأ إليه والداه من مدينة عسقلان عقب النكبة. تلقى تعليمه في "الجامعة الإسلامية" في غزة. في عام 1987م تخرج في الجامعة الإسلامية بعد حصوله على إجازة في الأدب العربي، ثم حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية عام 2009م.

*نشاطه الطلابي: بدأ هنية نشاطه داخل "الكتلة الإسلامية" التي كانت تمثل الذراع الطلابي للإخوان المسلمين، ومنها انبثقت حركة المقاومة الإسلامية حماس، وعمل عضوا في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية في غزة بين عامي 1983 و1984، ثم تولى في السنة الموالية منصب رئيس مجلس الطلبة، حيث عرفت الجامعة في هذه الفترة خلافات حادة بين الكتلة الإسلامية، والشبيبة الفتحاوية التي مثلت الذراع الطلابية لحركة فتح التي كان يترأسها دحلان في الجامعة، وبعد تخرجه عمل مُعيدًا في الجامعة، ثم تولى الشؤون الإدارية بعد ذلك.

*سجنه وإبعاده:

سجنته السلطات الإسرائيلية عام 1989 لمدة ثلاث سنوات، ثم نفي بعدها إلى "مرج الزهور" على الحدود اللبنانية الفلسطينية مع ثلة من قادة حماس، حيث قضى عاماً كاملاً في الإبعاد عام 1992.

*في القيادة:

بعد قضاء عام في المنفى عاد إلى غزة، وعُيِّن عميدًا في "الجامعة الإسلامية" في غزة. وفي عام 1997عُيِّن رئيسًا لمكتب الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس، بعد إطلاق سراحه. تعزز موقعه في حركة حماس خلال انتفاضة الأقصى بسبب علاقته بالشيخ أحمد ياسين وبسبب الاغتيالات الإسرائيلية لقيادة الحركة. في ديسمبر 2005 ترأس قائمة التغيير والإصلاح التي فازت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية عام 2006م.

في 16 فبراير 2006 رشحته حماس لتولي منصب رئيس وزراء فلسطين، وتم تعيينه في العشرين من ذلك الشهر.

في 30 حزيران 2006 هددت الحكومة الإسرائيلية باغتياله ما لم يفرج عن الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط.

في 14 حزيران 2007 أقاله رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس من منصب رئيس الوزراء بعد سيطرة كتائب الشهيد عزالدين القسام - الجناح العسكري لحركة حماس- على مراكز الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، رفض هنية القرار لأنه اعتبره «غير دستوري» ووصفه بالمتسرع مؤكدًا "أن حكومته ستواصل مهامها ولن تتخلى عن مسؤولياتها الوطنية تجاه الشعب الفلسطيني"، وعَدَّ المجلس التشريعي الفلسطيني الإقالة تصرفا غير قانوني، واستمر في منصبه في قطاع غزة رئيسًا للحكومة المقالة القائمة بتصريف الأعمال لحين منح الثقة لحكومة أخرى من المجلس التشريعي.

في 25 يوليو 2009م وفي أثناء حفل تخرج الفوج الثامن والعشرين في الجامعة الإسلامية بغزة منحت إدارة الجامعة الرئيس إسماعيل هنية شهادة الدكتوراه الفخرية ووسام الشرف من الدرجة الأولى تقديراً لجهوده في خدمة القضية الفلسطينية.

نادى هنية بالمصالحة الفلسطينية مع حركة فتح وأعلن قبوله مرات عدة التنازل عن رئاسة الحكومة في إطار المصالحة الشاملة، وتنازل عنها فعليا في 2 يونيو/ حزيران 2014 لرامي الحمد الله، وقال هنية عند تسليمه الحكومة: "إنني أسلم اليوم الحكومة طواعية وحرصا على نجاح الوحدة الوطنية والمقاومة بكل أشكالها في المرحلة القادمة".

*مناصب تولاها: 1- رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بعد انتخابه في شهر مايو 2017 خلفا لخالد مشعل.

2- رئيس وزراء فلسطين، خلال الفترة من 2006 حتى 14 يونيو 2007، ثم واصل كرئيس لوزراء ما سمي بالحكومة المقالة بقطاع غزة حتى 1 يونيو 2014.

3- عضو القيادة السياسية لحركة حماس.

4- مدير مكتب الشيخ أحمد ياسين.

5- عضو الهيئة الإدارية العليا للجمعية الإسلامية سابقًا.

6- رئيس نادي الجمعية الإسلامية بغزة لمدة عشر سنوات تقريبًا.

7- أمين سر مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بغزة سابقًا.

8- مدير الشؤون الإدارية في الجامعة الإسلامية سابقا.

9- مدير الشؤون الأكاديمية في الجامعة الإسلامية سابقا.

10- عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية سابقا.

11- عضو "لجنة الحوار العليا للحركة مع الفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية".

12- عضو "لجنة المتابعة العليا للانتفاضة" ممثلًا عن حركة حماس.

*من أشهر أقواله: أ- "لن نعترف، لن نعترف، لن نعترف بإسرائيل".

ب- "لن تسقط القلاع، ولن تُخترق الحصون، ولن يَخطفوا منا المواقف بإذن الله الواحد القهار".

ج- "أنا شخصيًّا بصفتي رئيس للوزراء أتشرف بالانتماء إلى حركة المقاومة الإسلاميـة حماس".

د- "بصفتي رئيسًا للوزراء، اتشرَّف بالعيش في مخيم الشاطئ للاجئين".

وفي خطابه في الذكرى الـ21 لانطلاقة حركة حماس، قال:

هـ- "سقطتَ يا بوش ولم تسقط قلاعنا، سقطت يا بوش ولم تسقط حركتنا، سقطت يا بوش ولم تسقط مسيرتنا...".

و- "نحن قوم نعشق الموت كما يعشق اعداؤنا الحياة، نعشق الشهادة على ما مات عليه القادة".

ز- "لا، وألف لا.. الموت ولا الذلة، الموت ولا المساومة على حرية هؤلاء الأبطال". (يقصد الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار).

*محاولات الاغتيال: استهدف بثلاث محاولات اغتيال فاشلة اثنتان من حركة فتح وواحدة من الاحتلال الإسرائيلي.

في عام 2003م وبعد عملية استشهادية قام الطيران الصهيوني بغارة إسرائيلية لاستهداف قيادة حماس وجرح أثر ذلك هنية في يده؛ فقد أُصيب بجروح طفيفة، إثر الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين.

في 20 أكتوبر 2006، عشية إنهاء القتال بين فصائل فتح وحماس، تعرض موكبه لإطلاق نار في غزة وحُرقت إحدى السيارات. لم يصب هنية بأذى وقالت مصادر في حماس أن ذلك لم يكن محاولة لاغتياله، وقالت مصادر بالسلطة الوطنية الفلسطينية أن المهاجمين كانوا أقرباء ناشط من حركة فتح قُتل خلال الصدام مع حماس.

في 14 ديسمبر 2006، مُنِع من الدخول إلى غزة من خلال معبر رفح بعد عودته من جولة دولية، فقد أغلق المراقبون الأوروبيون المعبر بأمر من وزير الأمن الإسرائيلي عمير بيرتز.

وتعرض في 15 ديسمبر 2006 لمحاولة اغتيال فاشلة بعد إطلاق النار على موكبه لدى عبوره معبر رفح بين مصر وقطاع غزة؛ الأمر الذي أدى لمقتل أحد مرافقيه وهو «عبد الرحمن نصار» البالغ من العمر 20 عاماً وإصابة 5 من مرافقيه من بينهم نجله «عبد السلام» ومستشاره السياسي أحمد يوسف، واتهمت حماس قوات الحرس الرئاسي قوات أمن الـ 17 التابعة لـحركة فتح بقيادة محمد دحلان، التي تُسيطر على أمن المعبر آنذاك.

في 28 يوليو 2014، -وأثناء معركة العصف المأكول- قصفت طائرات الاحتلال منزله في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة بعدة صواريخ، مما أدى إلى تدمير المنزل كُليًّا.

*اغتياله واستشهاده:

في يوم الأربعاء 25 محرم 1446 هـ الموافق 31 يوليو 2024 م: أعلن الحرس الثوري الإيراني عن عملية اغتيال حدثت لإسماعيل هنية في طهران، وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانًا وقالت:

"تنعى حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم، وإلى الأمة العربية والإسلامية، وإلى كل أحرار العالم: الأخ القائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية رئيس الحركة، الذي قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران".

*ما بعد الرحيل والاستشهاد:

تشييع جنازة هنية والصلاة عليه في الدوحة بجموع غفيرة

هذا، وقد شُيع جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية بعد صلاة الجمعة في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب بالعاصمة القطرية الدوحة.

وأقيمت صلاة الجنازة على جثمان هنية في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، وسط حضور وجمع غفير من المصلين، ومن القيادات والرموز الفلسطينية والعربية والإسلامية.

ودعا خطيب الجمعة الشيخ محمد حسن المريخي بالرحمة لإسماعيل هنية، وبأن يتقبله الله شهيدا.

وأكد المريخي أن قضية فلسطين قضية كل المسلمين تجمع كلمتهم وتوحد صفهم، مشيرا إلى أن الفلسطينيين قدموا تضحيات عز نظيرها.

وقال مراسل الجزيرة إن مراسم التشييع شهدت كلمات لعدد من الشخصيات المشاركة، قبل أن يتم نقل الجثمان ليوارى الثرى في مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل.

وأضاف المراسل أن إجراءات الدفن ستقتصر على الدائرة الضيقة المقربة من عائلة الشهيد إسماعيل هنية حرصا على خصوصية العائلة والمقبرة.

كما أدى عشرات الآلاف صلاة الجنازة على جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في العاصمة القطرية الدوحة.

وكان عشرات الآلاف من المصلين وصلوا إلى مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدوحة للمشاركة في مراسم تشييع هنية بعد صلاة الجمعة، قبل أن يُوارى الثرى في مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل.

وشارك في أداء صلاة الجنازة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية ووفود رسمية وقيادات الفصائل الفلسطينية.

وأفاد مراسل الجزيرة: بأن إجراءات الدفن ستقتصر على الدائرة الضيقة المقربة من عائلة الشهيد إسماعيل هنية؛ حرصا على خصوصية العائلة والمقبرة. وأمس الخميس، وصل جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى الدوحة قادما من إيران.

وكانت العاصمة الإيرانية قد شهدت أمس مراسم تشييع لرئيس المكتب السياسي لحماس بحضور رسمي وشعبي بعد اغتياله في مقر إقامته.

وصباح أول أمس الأربعاء أعلنت حماس استشهاد هنية وأحد مرافقيه في "غارة صهيونية" استهدفت مقر إقامته بطهران غداة مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

 

ملايين حول العالم يؤدون صلاة الغائب على هنية

أدى الملايين صلاة الغائب على روح رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشهيد إسماعيل هنية في عدد من الدول الإسلامية والعربية بحضور رسمي وشعبي بالتزامن مع الصلاة عليه ودفنه في العاصمة القطرية الدوحة اليوم الجمعة.

إندونيسيا ففي إندونيسيا -أكبر دول العالم الإسلامي سكانا- أقيمت صلاة الغائب على روح الشهيد إسماعيل هنية وعلى أرواح شهداء غزة وكل مدن فلسطين، في مختلف المدن والمساجد، ومن بين تلك المساجد مسجد الاستقلال بحضور رسمي ودبلوماسي وشعبي.

وسبق صلاة الغائب تنظيم برامج تضامنية في العاصمة جاكرتا وعدد من المؤسسات التعليمية في عموم إندونيسيا، بهذه المناسبة خاصة مع مرور أكثر من 300 يوم على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

وكان الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قد وصف اغتيال إسماعيل هنية بـ"العنف والقتل الذي لا يمكن التسامح معه، وأنه حدث على الأراضي السيادية الإيرانية، مؤكدا أن الجميع يُدين هذا العنف والقتل".

أما نائب الرئيس الإندونيسي معروف أمين، فقد وصف هنية بـ"المناضل من أجل تحرير واستقلال فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي".

ماليزيا وفي ماليزيا شارك رئيس الوزراء أنور إبراهيم في صلاة الغائب التي أقيمت في المسجد الوطني في كوالالمبور، في حين وجهت الحكومة الأئمة بإقامة صلاة الغائب على روح الشهيد إسماعيل هنية وشهداء فلسطين في جميع مساجد البلاد.

ودعت الحكومة إلى مسيرة وطنية بعد غد الأحد بمشاركة مختلف الأطياف الشعبية والسياسية بما فيها المعارضة لتجديد الموقف المتضامن مع القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم الاحتلال.

وقوبل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية باحتجاج رسمي وشعبي واسعين، وتعهد باستمرار دعم حق الشعب الفلسطيني بالحرية وتقرير المصير، وقد وصف رئيس الوزراء أنور إبراهيم عملية الاغتيال بالجريمة "الأكثر حقارة"، وأنها استهدفت "بطلا كافح من أجل حرية واستقلال شعبه ووطنه".

باكستان وشارك ملايين الباكستانيين في صلاة الغائب على روح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وأُديت الصلاة بعد صلاة الجمعة في جميع مساجد وجوامع باكستان، بحسب ما دعى إليه التحالف الحاكم بعد اجتماع خاص عقد مساء أمس الخميس.

وكان رئيس الحكومة شهباز شريف قد أدان وبشدة اغتيال هنية، معتبرا أنه اعتداء وخرق لكافة الأعراف، في حين تبنى البرلمان الباكستاني قرارا يدين اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في العاصمة الإيرانية طهران.

وقال رئيس الجماعة الإسلامية في باكستان حافظ نعيم الرحمن مخاطبا المشاركين في الصلاة إن "استشهاد هنية غرس فينا روحا جديدة، وإذا وقف الناس في جميع أنحاء العالم مع حماس اليوم، فهذا إنجاز كبير لهم".

تركيا وفي تركيا أقيمت صلاة الغائب على هنية في العديد من ولايات البلاد على رأسها إسطنبول وأنقرة عقب صلاة الجمعة بمشاركة عشرات الآلاف.

وتدفق المصلون في وقت مبكر على جامعي الفاتح وآيا صوفيا في إسطنبول

لأداء صلاة الغائب على الشهيد هنية وحارسه.

الدول العربية ونعى الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية من منبر المسجد الأقصى في القدس المحتلة خلال خطبة الجمعة وسط تكبيرات المصلين.

وأقامت مساجد في نابلس، شمالي الضفة الغربية، صلاة الغائب على هنية وكل شهداء فلسطين، عقب صلاة الجمعة.

وأطلقت دعوات محلية لإقامة صلاة الغائب على هنية، وعلى الشهيد نائل السخل، أحد أبناء المدينة المُبعدين إلى غزة، والذي أعلن عن استشهاده اليوم جراء غارة إسرائيلية قبل أيام على مخيم الشاطئ.

كما أقيمت صلاة الغائب على إسماعيل هنية في العاصمة اليمنية صنعاء وتعز وعدة محافظات باليمن.

وفي لبنان شارك آلاف اللبنانيين في جنازة رمزية للشهيد هنية وحارسه في العاصمة بيروت.

كذلك شارك مئات الأردنيين بمسيرات في عدة مدن تنديدا باغتيال إسماعيل هنية وتضامنا مع قطاع غزة.

وشُيع جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية، بعد صلاة الجمعة، في "مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب" بالعاصمة القطرية الدوحة.

وأقيمت صلاة الجنازة على جثمان هنية في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، وسط حضور وجمع غفير من المصلين، ومن القيادات والرموز الفلسطينية والعربية والإسلامية.

وصباح أول أمس الأربعاء، أعلنت حماس استشهاد هنية في "غارة صهيونية" استهدفت مقر إقامته بطهران غداة مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

*"الجزيرة نت"- 2/8/2024م

من مسجد الإمام بالدوحة..

جموع غفيرة تودع هنية لمثواه الأخير

أحمد رضا - "الجزيرة نت" 2/8/2024م

الدوحة- على بعد أمتار من مسجد الإمام محمد عبد الوهاب في الدوحة يجلس رجل سبعيني بهدوء تحت شجرة محاذية لأسوار الجامع، ممسكا بيديه مصحفا، يردد آياته بصوت منخفض، تظهر عليه معالم التعب والإرهاق.

اقتربنا منه، واستأذنا في الجلوس بجانبه، وكان ما زال هناك وقت لصلاة الجنازة، حدثنا السبعيني عن صعوبة الدخول لحرم المسجد بسبب الحشود الكبيرة التي أتت منذ الصباح، في وداع جثمان الشهيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس.

جثمان يجمع الأمة عجت الشوارع المحيطة بمسجد الإمام محمد عبد الوهاب بمئات المصلين الذين لم يجدوا بدا من الدخول للمسجد، فلا مكان يتسع لهم داخل الحرم الممتلئ بالمصلين، لتستظل رؤوس الكثيرين منهم تحت الشجر والجسور والأبنية في مشهد لم يألفه القطريون سابقا.

المثير في مشهد توافد الجماهير كان التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي الواضح على المصلين، فقد كان هناك قطريون وعرب وباكستانيون وأتراك وأوربيون، ومن أميركا ودول إسلامية عديدة، في مشهد يظهر مدى تأثير الشهيد.

وربما لم يدرك إسماعيل هنية الذي ناهز عمره 62 عاما، أن استشهاده سيجمع الأمة على جثمانه، ليدفن في قطر شهيدا وبطلا مناضلا في نظر العالم الحر، وجسرا تعبر من خلاله القضية الفلسطينية لمرحلة جديدة.

انتظر الجميع خروج الجثمان من المسجد لدفنه في مقبرة الإمام المؤسس في مدينة لوسيل، إلا أن إجراءات الدفن اقتصرت فقط على الدائرة المقربة من عائلة الشهيد إسماعيل هنية.

علمت الناس بعدم إمكانية التوجه للمقبرة حرصا على مشاعر العائلة، فتجمهرت خارج المسجد وهتفت لإسماعيل هنية، فيما لم تكن دموع النساء وصرخاتهن بعيدة عن المشهد، فقد سُمعت جهشات البكاء برغم هتافات الرجال العالية.

خسارة كبيرة لم يتمالك رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي محيي الدين القره داغي دموعه، وقال للجزيرة نت، وهو يرفع سبابته: "والله إنه ليوم عظيم"، ما ترونه أمامكم هو خير دليل بأن الأمة لم تمت، وأن الخير فيها حتى تبعث.

وأضاف أن إسماعيل هنية ينطبق عليه قول الله تعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، وأيضا قوله "مِن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه فمِنهم مَن قضى نَحبه ومنهم مَن ينتظر وما بدّلوا تبديلا".

وتحدث رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للجزيرة نت عن "ضرورة تحرك القادة العرب الآن"، وأكد أن "فقدان القائد إسماعيل هنية يعد خسارة كبيرة للأمة الإسلامية، ولكننا على يقين بأن تضحياته ونضاله ستظل خالدة في ذاكرتنا، رمزا للثورة والصمود".

وعلى بعد آلاف الكيلومترات عن مخيم الشاطئ الذي ولد فيه في قطاع غزة، دفن هنية على أرض قطر، ليغدوا بحسب مؤيديه منارة وجذوة متقدة في إشعال روح المقاومة والنضال في نفوس الأمة الإسلامية عامة والشعب الفلسطيني خاصة الذي يرى في شهدائه نماذج نبيلة لهم، وقدوة تزيدهم ثباتا وإيمانا بعدالة قضيتهم.

العَالِمُ الربَّانِيُّ والمُجاهِدُ الكَبِيرُ الشَّهِيدُ

الشَّيخُ المُرَبِّي أحمَدُ يَاسِين

(1355- 1425هـ = 1936- 2004م)

 

*اسمه ونسبه:

*هو أحمد بن إسماعيل ياسين: قائد وداعية وزعيم إسلامي، ومجاهد شهيد، من أعلام الدعوة الإسلامية في فلسطين، ومؤسس ورئيس أكبر جامعة إسلامية فيها "المجمع الإسلامي" في غزة، ومؤسس "حركة المقاومة الإسلامية- حماس"، وزعيمها حتى وفاته، ومجدد الحركة الإسلامية في فلسطين، وشيخ المجاهدين لزمنه.

*أبرز محطات حياته:

1- ولد يوم 28/6/1936م، في قرية "الجورة" التابعة لقضاء "المجدل" جنوبي "عسقلان"، وجنوبي "قطاع غزة".

2- توفي والده وعمره 5 سنوات؛ فنشأ يتيما.

3- شُرِّد من بلده إثرَ هزيمة العرب ونكبتهم، بعد حرب 1948م؛ فلجأ مع أسرته إلى قطاع غزة وأقام فيها معهم.

4- أصابه حادث في شبابه -في السادسة عشرة-أثناء ممارسته للرياضة نتج عنه شلل تام لجميع أطرافه.

5- عمل مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية، ثم عمل خطيبا ومدرسا في مساجد مدينة غزة.

6- أصبح في ظل الاحتلال الإسرائيلي أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته، وجسارته في الحق.

7- شارك وهو في العشرين من عمره في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجاً على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1375هـ الموافق عام 1956م وأظهر قدراتٍ خطابية وتنظيمية ملموسة.

8- بعد هزيمة 1967م - 1386هـ التي احتلت فيها دويلة "إسرائيل" كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر"مسجد العباسي" الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل، ويجمع التبرعات والمعونات لأسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل رئيسا للمجمع الإسلامي بغزة.

9- اعتقل الشيخ أحمد ياسين عام 1403هـ الموافق عام 1983م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيمٍ عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت عليه إحدى المحاكم الإسرائيلية حكماً بالسجن 13 عاماً. أفرج عنه عام 1405هـ الموافق عام 1985 في عملية تبادل للأسرى بين سلطات إسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

10- أثناء دراسته بجامعة الأزهر في القاهرة تعرف إلى دعوة وفكر "جماعة الإخوان المسلمين"، وشارك في إنشاء فرع فلسطيني لها.

11- في عام 1973م أسس "الجمعية الخيرية الإسلامية" في غزة.

12- في عام 1984م سُجن هو وآخَرون، بتهمة تخزين الأسلحة سرا، وفي عام 1985م عنه في عملية تبادل أسرى في "اتفاقية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بقيادة أحمد جبريل.

13- في عام 1987 خلال الانتفاضة الأولى، وبعد خروجه من السجن شارك في تأسيس حماس مع الطبيب د. عبد العزيز الرنتيسي، واصفًا إياها في الأصل بـ "الجناح العسكري" للإخوان المسلمين الفلسطينيين، وأصبح الشيخ ياسين زعيمها الروحي.

14- مع تصاعد الانتفاضة بدأت السلطات الصهيونية التفكير في وسيلةٍ لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين فقامت في عام 1408هـ - 1988م بدهم منزله وتفتيشه، وهددته بالنفي إلى لبنان، ثم ألقت القبض عليه مع المئات من أبناء الشعب الفلسطيني عام 1409هـ - 1989م، في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود والمستوطنين واغتيال العملاء.

15- في عام 1411هـ - 1991م أصدرت إحدى المحاكم اليهودية المحتلة حكما بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عامًا أخرى؛ بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنودٍ إسرائيليين، وتأسيس "حركة حماس" وجهازيها العسكري والأمني.

16- في عام 1417هـ - 1997م أُفرج عنه بموجب اتفاقٍ جرى التوصل إليه بين الأردن والكيان الصهيوني على إثر العملية الخائبة التي قام بها جهاز "الموساد" في الأردن، والتي استهدفت حياة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

17- قُتل الشيخ أحمد ياسين شهيدا في هجوم صاروخي شنته الطائرات الإسرائيلية عليه وعلى من معه من مساعدين فجر 22/3/2004م؛ حيث قصفت الطائرات الشيخ أحمد ياسين أثناء عودته على كرسيه المتحرك بعد أداء صلاة الفجر في "مسجد المجمع الإسلامي" القريب من منزله.

18- تَمتَّع الشيخ أحمد ياسين بموقع روحي وسياسي متميز، في صفوف المقاومة الفلسطينية؛ مما جعل منه واحدًا من أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني، طَوَالَ القرن العشرين.

ترجمته المُوسَّعة والمُفصَّلة

*مكان ولادته، ونشأته:

ولد الشيخ أحمد ياسين في قرية تاريخية عريقة تسمى "جورة عسقلان" التابعة لقضاء مدينة "المجدل" - التي تقع على بعد 20 كيلو متر شمالي غزة - في شهر يونيو من عام 1936م، وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الصهيوني المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية.

*مات والده وعمره لم يتجاوز ثلاث سنوات، وسمي في طفولته بـ "أحمد سعدة" نسبة إلى أمه السيدة سعدة عبد الله الهبيل؛ لتمييزه عن أقرانه الكثر من عائلة ياسين، الذين يحملون اسم أحمد.

كان أحمد ياسين يبلغ من العمر 12عاما حين وقعت نكبة فلسطين عام 1368هـ - 1948م، وهاجرت أسرته إلى غزة مع عشرات الآلاف من الأسر التي طردتها العصابات الصهيونية.

*حادثة تعويقه وشلله:

تعرض الشيخ ياسين وهو في السادسة عشرة من عمره لحادثة أثرت في حياته كلها؛ فقد أصيب بكسر في فقرات العنق إثر مصارعة ودية بينه وبين أحد زملائه عام 1371هـ - 1952م، وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه مصاب بشلل رباعي، ولم يخبر أحدا ولا حتى أسرته، بأنه أصيب أثناء مصارعة أحد رفاقه خوفا من حدوث مشاكل عائلية بين أسرته وأسرة رفيقه، ولم يكشف عن ذلك إلا عام 1989م. ونتيجة لذلك كان الشيخ لا يقدر على تحريك الأشياء إلا بلسانه.

*حصل الشيخ ياسين على الثانوية بعد إصابته الشيخ بالشلل، وكرس شبابه لطلب العلوم الإسلامية، حيث درس في جامعة الأزهر في القاهرة.

وكانت القاهرة هي المكان الذي تشكل فيه إيمان الشيخ أحمد ياسين بأن فلسطين أرض إسلامية حتى يوم القيامة، وليس لأي زعيم عربي الحق في التخلي عن أي جزء من هذه الأرض.

ورغم تعرضه إلى شلل شبه كامل في جسده، تطور لاحقا إلى شلل كامل، إلا أنه لم يثنه الشلل عن مواصلة تعليمه، وصولا إلى العمل مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية، في "مدارس وكالة الغوث" بقطاع غزة.

وانتظم الشيخ ياسين في صفوف جناح المقاومة الفلسطيني، ولكنه لم يُشتَهر إلا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي اندلعت عام 1987م إذ أصبح رئيسا لتنظيم إسلامي جديد هو "حركة المقاومة الإسلامية" المعروفة اختصارا بـ "حماس".

*حالته الصحية:

وقد عانى الشيخ أحمد ياسين إضافة إلى الشلل التام أمراضًا عديدة منها فقدان البصر في العين اليمنى بعدما أصيبت بضربة أثناء جولة من التحقيق على يد المخابرات الإسرائيلية فترة سجنه، وضعف شديد في قدرة إبصار العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن وحساسية في الرئتين وبعض الأمراض والالتهابات المعوية الأخرى.

وقد أدى سوء ظروف اعتقاله إلى تدهور حالته الصحية؛ مما استدعى نقله إلى المستشفى مرات عدة، بل تدهورت صحته أكثر بسبب اعتقاله، وعدم توفر رعاية طبية ملائمة له.

*نكبته ودراسته:

عايش أحمد ياسين الهزيمة العربية الكبرى المسماة بالنكبة عام 1948م وكان يبلغ من العمر آنذاك 12 عاما وخرج منها بدرس أثّر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد مفاده: "أن الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على الغير، سواء كان هذا الغير الدول العربية المجاورة، أو المجتمع الدولي".

ويتحدث الشيخ أحمد ياسين - قبل اغتياله - عن تلك الحقبة فيقول:

"لقد نزعت الجيوشُ العربية -التي جاءت تُحارب الكيان الصهيوني- السلاحَ من أيدينا، بحجة أنه لا ينبغي وجود قوة أخرى غير قوة الجيوش، فارتبط مصيرنا بها، ولما هُزمت هُزمنا، وراحت العصابات الصهيونية ترتكب المجازر، والمذابح؛ لترويع الآمنين، ولو كانت أسلحتنا بأيدينا؛ لتغيَّرت مُجرياتُ الأحداث".

*التحق أحمد ياسين بمدرسة الجورة الابتدائية، وواصل الدراسة بها حتى الصف الخامس، لكن النكبة التي ألمت بفلسطين وشردت أهلها عام 1948م، لم تستثن هذا الطفل الصغير فقد أجبرته على الهجرة بصحبة أهله إلى غزة، وهناك تغيرت الأحوال وعانت الأسرة -شأنها شأن معظم المهاجرين آنذاك- مرارة الفقر والجوع والحرمان، فكان يذهب إلى معسكرات الجيش المصري مع بعض أقرانه لأخذ ما يزيد على حاجة الجنود ليطعموا به أهلهم وذويهم، وترك الدراسة لمدة عام 1949- 1950م؛ ليعين أسرته المكونة من سبعة أفراد، عن طريق العمل في أحد مطاعم الفول في غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى.

*حياته العملية:

كان أحمد ياسين في العاشرة من عمره عندما كان البريطانيون يجلبون اليهود من كل أصقاع الأرض؛ لينشروهم في فلسطين، وليؤسسوا -بسطوة القوة- دولة "إسرائيل" في عام 1948م.

*أنهى الشيخ أحمد ياسين دراسته الثانوية في العام الدراسي 1957- 1958م، ونجح في الحصول على فرصة عمل، رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.

إضافة إلى هذا، شارك ش أحمد ياسين وهو في العشرين من عمره في المُظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجًا على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956م، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة؛ إذ نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة، مؤكدا ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم، وأيد قيادة الحاج أمين الحسيني لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني.

وبعدما أصبح الشيخ أحمد ياسين مُدرسا، حاول إكمال مسيرته التعليمية، بيد أن ظروفه الحياتية كانت الأقوى، وكانت السبب الأول والأخير في استمراره في التعليم.

ولكن على الرغم من ذلك؛ فقد عمل -منذ صغره- على خدمة المجتمع الفلسطيني من كافة النواحي، وأولها النواحي الاجتماعية فعمل رئيسا لـ "جمعية المجمع الإسلامي"، التي لها تاريخ عريض في خدمة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

وكانت مفاجأة حين أصبح مرجعا للجميع حتى الطلاب المعادين للإسلام، ولكنه لم يكتف بالتدريس، بل أخذ يجمع الطلاب المتميزين ويحولهم إلى المساجد؛ ليكمل لهم دروسهم، ويقيم لهم الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية، وأنشأ "الجامعة الإسلامية"، وكانت له زيارات ومحاضرات كثيرة، وكان له وجوده المستمر في كل مناسبة.

*السلطة المصرية والإخوان المسلمون:

أثناء فترة الخمسينات والستينات كان المد القومي قد بلغ مداه، فيما أعتقل الشيخ أحمد ياسين من قبل السلطات المصرية، التي كانت تشرف على غزة بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وعندما كان رجالات الحركة في قطاع غزة يغادرون القطاع هربا من بطش جمال عبد الناصر، كان الشيخ أحمد ياسين قد قرر البقاء.

كانت مواهب أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك؛ فقررت عام 1385هـ - 1965م اعتقاله، ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية، والتي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954م.

وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر، ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان.

وقد تركت فترة الاعتقال في نفسه آثارا مهمة لخصّها بقوله:

"إنها عمقت في نفسي كراهية الظلم، وأكدت فترة الاعتقال أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل، وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية".

*الداعية النشيط:

قبل أن يكون الشيخ مجاهدا كان داعية إسلاميا ومتحدثا وخطيبا. قال أ.د. نزار ريان (أحد تلامذته): أوّل ما بدأ الشيخ به الدعوة دعوة الصغار والناشئة، فكان يمارس الدّعوة في محيط عمله؛ في المدرسة التي كان يعمل بها، فكان يتأخّر مع بعض الطلاب بُعيد انقضاء الدراسة، ليعلّمهم الصلاة والآداب، وتلاوة القرآن. وقال: وصار الشيخ يتدرّج بهم، فبعد التزام الصلاة، وتعلّم القرآن، صار يعوّدهم صيام النوافل، وبخاصّة الإثنين والخميس، وإذ بالأهالي يأتون إلى المدرسة محتجّين! (وكان الناس في بُعدٍ عن الدين لا يوصف من قلّة صلاة وصوم وقراءة قرآن). قالوا: "اسمع يا شيخ.. أمّا الصلاة فرضيناها، وقراءة القرآن محمودة.. وأما صيام الإثنين والخميس فهذا فوق الطاقة!".

وكان يطوف المدن والقرى الفلسطينية رغم شلله؟!

ومن إحدى القصص التاريخية أنه خرج يوما مع أ.د. نزار ريان؛ فقد روى نجل نزار ريان براء نزار ريان بعد وفاة والده في سيرته:

"حدّثني أبي، قال: خرجت بشيخنا الياسين إلى بعض قرى الضفة الغربية أثناء تطوافه في الدعوة إلى الله. قال: ولم يكن للشيخ عَـرَبة (كرسي للمقعدين) كما أصبح له لاحقا، وكنت أحمله على يديّ حملا.

قال أبي: فبينما أنا أمشي في بعض طرق تلك البلدة، والشيخ على يديّ.. وإذ بأحدهم يضع في يد الشيخ قطعة عملة قليلة القيمة. قال الراوي: يظنّ أنهما محتاجان يتسوّلان. قال والدي: فغضبت غضبا شديدا، وهممت بالرّجل أريد أن أردّ لشيخنا الكرامة.

فحال الشيخ بيني وبين اللحاق به، وقال: يا نزار الرّجل أحسن فيما يظنّ، فلا تقابل إحسانه بالإساءة، واحتفظ بما جاد به للدعوة".

وكان الشيخ ياسين يردد:

"نحن واليهود في صراع على هذا الجيل، فإما أن يأخذه اليهود منا، أو ننقذه من أيدي اليهود".

*موقفه وتعليقه على (الثورة الإيرانية الإسلامية):

لمّا قامت الثورة الإيرانية الإسلامية، انشدّ لها بعض النّاس كونها ثورة شعبية على طاغوت، ولأنها ترفع شعار الإسلام. ولكنّ الشيخ ياسين قال:

"يا أولاد.. هؤلاء شيعة!". ورُوُيَ عنه قوله:

"نحن والشيعة تقاطع مصالح لا تحالف".

*وفي يوم 24 نيسان عام 1998م، زار الشيخ أحمد ياسين عدة دول، منها إيران، وقد أعرب عن سعادته في إيران، وأعلن تقديره لدعمهم الشعب الفلسطيني وقضيته.

*المقاومة بعد حرب عام 1967م:

بعد هزيمة عام 1967م التي احتلت فيها إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة، استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين بخطبه من فوق منبر"مسجد العباس" بحي الرمال الذي كان يخطب فيه الشيخ لمقاومة المحتل الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه نشط في جمع التبرعات، ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل رئيسا لـ "المجمع الإسلامي" في غزة.

*انتسابه إلى "جماعة الإخوان المسلمين":

بعدما أسس الإمام الشهيد حسن البنا "جماعة الإخوان المسلمين" في مصر عام 1928م- سرعان ما آمن الشيخ أحمد ياسين بأفكار هذه الجماعة، وهي التي تدعو إلى فهم الإسلام فهما صحيحا، والشمول في تطبيقه في شتى مناحي الحياة، وأصبح الشيخ ياسين زعيم هذه الجماعة في فلسطين، وقد تشبعت شخصيته بفكر حركة الاخوان المسلمين، الذي يدعو إلى الوسطية والشمولية، وكان انتماؤه إليها في العام 1955م، وآل إليه أمر قيادة الجماعة في فلسطين في العام 1968م.

*وصرح بعد انتمائه لجماعة الإخوان أنه:

"نشأ على دعوة الإمام حسن البنا، وتربى على كتبه، وكتب الشيخ يوسف القرضاوي، وأمثاله من أعلام الحركة".

ورافقه في رحلته الدعوية والجهادية الطويلة الحاج محمد عبد خطاب النجار ت 2011م، وشاركه في تأسيس كل من: "الجامعة الإسلامية"، و"جمعية المجمع الإسلامي"، و"جمعية الرحمة الخيرية"، و"مستشفى دار السلام" في خان يونس.

وكان النجار ممثلا عن مدينة خان يونس، في الهيئة الإدارية الأولى للإخوان المسلمين في قطاع غزة، فترة الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، كما التأم في بيته مجلس شورى الإخوان المسلمين في قطاع غزة على مدار عشرات السنوات الماضية، وفي أصعب الظروف.

*تأسيسه حركة حماس، وعَلَمُها:

اتفق الشيخ أحمد ياسين عام 1407هـ - 1987م -مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي، من الإخوان المسلمين في قطاع غزة- على تكوين تنظيم إسلامي؛ لمحاربة اليهود الصهاينة في دويلة "إسرائيل" بغية تحرير فلسطين، أطلقوا عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية"، وهو المعروف اختصارا باسم "حماس".

*كما قام الشيخ ياسين بتأسيس جهازي حركة حماس العسكري والأمني المعروفين باسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام".

وكان للحركة دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت آنذاك، والتي اشتهرت بـ "انتفاضة المساجد"، ومنذ ذلك الوقت أضحى الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لتلك الحركة.

كان تأسيس حركة حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987م نقلة نوعية في حياة الشيخ أحمد ياسين، وفي تاريخ القضية الفلسطينية؛ إذ قلبت الحركة المعادلة من خلال تنظيمها القوي، وقد نجح الشيخ ياسين في نشر فكرة الحركة الإسلامية في أنحاء دول العالم كافة؛ من خلال مواقفه، وإصراره على حقوق الشعب الفلسطيني في الوطن، ولمّ الشتات، حتى وصل الأمر بخروج العديد من القادة السياسيين، وغيرهم عن صمتهم، والإعراب عن إعجابهم بالشيخ أحمد ياسين، وبطريقته في عرض القضية الفلسطينية، وحقوق شعبه وهموم الناس.

بل إن الشيخ أيقظ همة الأمة، وأعاد الاعتبار للجهاد في فلسطين، وأحيا هذه الفريضة التي كادت أن تموت.

*السياسة الداخلية:

عمل الشيخ أحمد ياسين ضمن إيمانه العميق بهذا المنهج على إنشاء بداية عمل جهادي يصيب من اليهود مقتلا وينكأ فيهم جراحا ففي عام 1984م اعتقل الشيخ أحمد ياسين وقال عنه القاضي:

"إنه رجل ذو تأثير"؛ فحكم عليه بثلاثة عشر عاما، إلا أنه خرج بعد أحد عشر شهرا، في عملية تبادل أسرى.

*لم يمض إلا عامان على خروجه، حتى كانت الثورة الكبرى في تاريخ فلسطين ففي 28 ديسمبر عام 1987م كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وظهرت حماس لتعلن بيانها الأول: أن فلسطين أرض وقف إسلامية لا يمكن تقاسمها مع اليهود، وبدأت العمليات ضد إسرائيل، وتتوجه الأنظار مباشرة إلى الشيخ أحمد ياسين المؤسس للمقاومة الإسلامية.

وهكذا لم يبق في الميدان إلا أبناء حماس، والمخلصون من أبناء القوى الفلسطينية يقودهم الشيخ أحمد ياسين.

وأُدخِل الشيخ ياسين إلى المدرسة اليوسفية، فكان -كما هو- صابرا مُتجلدا، كان حرا وكانوا هم المسجونين.

*السياسة الخارجية:

سعى الشيخ أحمد ياسين إلى المحافظة على علاقات طيبة، مع السلطة الوطنية الفلسطينية، والدول العربية الأخرى، إيمانا منه بأن الفرقة تضر بمصالح الفلسطينيين.

ولكنه لم يساوم أبدا، فيما يخص موضوع التوصل إلى سلام مع إسرائيل؛ إذ كان يكرر دائما: "إن ما يسمى بالسلام ليس سلامًا بِالمَرَّة، ولا يُمكن أن يكون بديلا للجهاد والمُقاومة".

وهاجم نتائج قمة العقبة عام 2003م في الأردن، والتي حضرها زعماء إسرائيليون وأمريكيون، علاوة على رئيس الوزراء آنذاك محمود عباس، الذي تَعهَّد بإنهاء العنف.

وكانت مجموعات مسلحة مثل حماس قد أعلنت هدنة مؤقتة إجراءً أوليًّا، لكن هذه الهدنة انهارت في يوليو، بعد أن قتلت القوات الإسرائيلية اثنين من أعضاء حماس، في عملية دهم على مخيمٍ للاجئين.

*ويُمكن القول:

بأن حماس تمكنت من بناء قاعدة صلبة؛ من التأييد الجماهيري، من خلال الدعم المادي الذي دأبت على تقديمه للمواطنين أثناء الانتفاضة الأخيرة؛ فقد أسست حماس جمعيات خيرية تقوم ببناء المدارس، والعيادات الطبية، والمستشفيات التي تقدم خدماتها بالمجان للأسر الفقيرة، كما تمكنت من الحصول على التبرعات من دول الخليج، وغيرها.

وخلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت نهاية سبتمبر من عام 2000م، شاركت حركة حماس، بزعامة الشيخ أحمد ياسين في مسيرة المقاومة الفلسطينية بفاعلية، بعد أن أعادت تنظيم صفوفها، وبناء جهازها العسكري، ولذا تتهم السلطات الإسرائيلية حماسَ بزعامة الشيخ ياسين، بقيادة المقاومة الفلسطينية، وظلت القوات الإسرائيلية تُحرِّض دُولَ العالم على اعتبارها حركة إرهابية، وتجميد أموالها، وهو ما استجابت له أوروبا؛ حينما خضع "الاتحاد الأوروبي" يوم السبت 6/سبتمبر/2003م، للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وضُمَّت الحركة بجناحها السياسي إلى قائمة المنظمات الإرهابية.

*المقاومة المسلحة:

أزعج النشاط الدعوي للشيخ أحمد ياسين السلطات الإسرائيلية؛ فأمرت عام 1982م باعتقاله، ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري، وحيازة الأسلحة، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وقد حوكم ياسين أمام محكمة عسكرية أصدرت عليه حكما بالسجن لمدة 13 عاما.

لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985م، في إطار عملية لتبادل الأسرى بين السلطات الإسرائيلية، و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بعد أن أمضى 11 شهرا في السجن.

ومع تصاعد أعمال الانتفاضة، بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين؛ فقامت في أغسطس من عام 1988م بدهم منزله، وتفتيشه، وهددته بالنفي إلى لبنان.

ولما ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين، واغتيال العملاء الفلسطينيين، قامت السلطات الإسرائيلية يوم 18/مايو/1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس، في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود الإسرائيليين، ومستوطنيهم، واغتيال العملاء.

وفي 16/أكتوبر/1991م أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكما بسجنه مدى الحياة، إضافة إلى 15 عاما أخرى، بعد أن وجهت لياسين لائحة اتهام تتضمن 9 بنود منها التحريض على اختطاف وقتل جنود الجيش الإسرائيلي، وتأسيس حركة حماس بجهازيها العسكري والأمني، وبقتل كل من يتعاون مع الجيش الإسرائيلي.

أطلق سراح الشيخ عام 1418هـ - 1997م، في عملية استبدل بموجبها بعميلين إسرائيليين، كانا قد حاولا اغتيال رئيس "المكتب السياسي لحماس" في عمَّان الأستاذ خالد مشعل.

وقد ذاع صيته أثناء وجوده في السجن، بصفته رمزًا للمقاومة الفلسطينية.

هذا، وقد جرت عملية التبادل في الأول من أكتوبر عام 1997م، بين المملكة الأردنية الهاشمية، و"إسرائيل"، في أعقاب محاولة خائبة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان، وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد، سلمتهما لإسرائيل، مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين؛ فأفرج عنه، وعادت إليه حُرِّيتُه منذ ذلك التاريخ.

وأبعد الشيخ ياسين إلى الأردن، بعد ثمانية أعوام ونصف العام من الاعتقال، بتدخل شخصي من العاهل الأردني الملك حسين بن طلال، قبل أن يعود إلى غزة ويخرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين لاستقباله.

خرج الشيخ أحمد ياسين من المعتقل؛ ليعلن على مسامع العالم أجمع أن الجهاد لن يتوقف حتى تحرير كامل الأراضي الفلسطينية، ولا تنازل عن حقٍ من حقوق الشعب الفلسطيني المسلم، رافضا بكل قوة كل المبادرات، والوثائق والاتفاقات، التي تؤدي إلى المساومة، والتفريط في الأراضي الفلسطينية لمصلحة الصهاينة اليهود.

*جولته وزيارته لعدد من البلدان العربية والإسلامية:

*في أيار - مايو من عام 1998م، خرج الشيخ أحمد ياسين في جولة علاج إلى الخارج؛ زار خلالها العديد من الدول العربية، واستقبله بحفاوة زعماءُ عرب ومسلمون وقيادات شعبية ونقابية، ومن بين الدول التي زارها السعودية وإيران وسوريا والإمارات.

وقد حصل -خلال تلك الزيارة- على دعم لحركته حركة "حماس"، وعلى تبرعات قدرت بنحو خمسين مليون دولار؛ مما أثار الصهاينة اليهود ضدها، ورفعت شكوى إلى أمريكا للضغط على الدول العربية للامتناع عن تقديم المساعدات لها؟!

*رغم معاناة أحمد ياسين الشديدة - للشلل والمَرض، وفقدان البصر تماما في العين اليمنى بسبب الضرب والتعذيب من مخابرات اليهود أثناء التحقيق، والضعف الشديد في العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن، وحساسية الرئتين، من سوء ظروف الزنازين، وتهدج في الصوت- إلا أنه كان يتحلى بالشجاعة في جلسات المحاكمة، ويُغيظ القضاة اليهود بقوله: إنه لا يعترف بدولتهم، ويُرعبهم بقوله: إن كيانهم إلى زوال، وأنه لن يتوقف عن جمع الفلسطينيين على جهاد الصهاينة، وإخراجهم؟!

وقبل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين في عميلة التفاوض حاولت حماس الإفراج عنه بشتى الوسائل، ومنها ما حدث في 13/ديسمبر/1992م؛ إذ قامت مجموعة فدائية من مقاتلي كتائب عز الدين القسام بخطف جندي إسرائيلي قرب القدس، وعرضت المجموعة الإفراج عن الجندي مقابل الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، ومجموعة من المعتقلين في السجون الإسرائيلية، بينهم مرضى ومُسنوّن، ومعتقلون عرب اختطفتهم قوات إسرائيلية من لبنان.

إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض، وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي، مما أدى إلى مصرعه، ومصرع قائد الوحدة الإسرائيلية المُهاجمة، ومقتل قائد مجموعة الفدائيين، في منزل في قرية بيرنبالا، قرب القدس.

*أحداث في المعتقل: كشف ضابط سابق في استخبارات مصلحة السجون الإسرائيلية أنهم عزلوا الشيخ ياسين في سجن هداريم بشروط قاسية جداً في قبو بلغت درجة حرارته في الصيف 45 درجة.

وأكد المستشار النفسي، والعميد السابق في الشرطة الصهيونية "تسفيكا سيلع" أنه: كان الإسرائيلي الوحيد الذي التقى ياسين، ضمن لقاءات أسبوعية متتالية طيلة ثلاث سنوات.

وقال سيلع: إن الشيخ ياسين كان يتمتع بشخصية قوية جدا، ويسيطر على ما يجري داخل السجون وخارجها، واحتجزناه في "سجن هداريم" بشروط قاسية جدا، بل أذقناه الموت؛ فحرمناه الزيارات، وعزلناه طيلة خمس سنوات، في قبو بلغت درجة حرارته في الصيف 45 درجة، فيما ساد برد مُرعب في الشتاء، وامتنعنا عن تنظيف القبو.

ووصف الضابط الإسرائيلي المذكور الشيخ أحمد ياسين بأنه: كان رجلا حكيمًا ونزيها جدا، وسادت بينه وبين الإسرائيليين حرب دماغية، وفي نهاية كل مواجهة دماغية بيننا، كنا نعرف أن أحدا سيموت إما في الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي؛ حينما كنت أقول له: أوقفوا تفجير الحافلات وقتل النساء والأطفال كان يجيب:

"لدينا من نتعلم منه؛ فقد أقمتم دولة بالقوة العسكرية، ونحن نقتل أطفالكم ونساءكم من أجل بناء دولتنا، أما أنتم فتفعلون ذلك من أجل الاحتلال، وقد أنشأتم دولة، وأنتم قذِرون ومُتلونون".

*رفض إطلاق سراحه مقابل جثة جندي:

كما كشف العميد السابق في الشرطة تسفيكا سيلع النقاب عن أن ياسين رفض مساومة إسرائيلية بإطلاق سراحه مقابل الكشف عن جثة الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون الذي تم أسره وقتله ولم يعرف مكان دفن جثته. وقال الضابط الإسرائيلي:

"قال لي أحمد ياسين ذات مرة: أنت تعرف مدى قسوة شروط أسري واشتياقي للحرية ولا يوجد أحد في العالم مطلع على الحقيقة مثلك وتعرف حجم أشواقي إلى أحفادي ومحبتي لهم وحلمي بشم رائحتهم ولكن الاقتراح بمبادلتي بجثمان مهين ومرفوض".

وأضاف الشيخ ياسين - وفق رواية الضابط الإسرائيلي-:

"سأعطيك الجثمان؛ لأنك تطلب ذلك، فنحن ندرك وجع العائلة، ولكن عِدني ألَّا تُطلق سراحي مُقابل جُثمان الجُندي، ثم هل تعِدني في حال مِتُّ داخل السجن بأن تبلغ عائلتي كم كُنت مُشتاقًا إليهم، وأحِبُّهم".

*الإقامة الجبرية:

تابع أحمد ياسين عمله الجهادي وتخريج المقاتلين وقد أظهر الكثير من ضبط النفس وتوحيد الصف حيال الفصائل الفلسطينية خصوصًا حركة فتح، ورغم الأذى الذي تلقته حركته من السلطة الفلسطينية، وأجهزة أمنها، ووصل الأمر إلى حَدِّ فرض الإقامة الجبرية عليه، وقطع الاتصالات عن مقر إقامته المتواضع، إلا أنه لم يتورط بسفك دماء الفلسطينيين، وبقي مُوجِّهًاً جُهود جماعته لمواجهة إسرائيل.

فقد عمل الشيخ أحمد ياسين على إعادة تنظيم صفوف حركة حماس من جديد، عقب تفكيك بُنى الحركة من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وشهدت علاقته بالسلطة الفلسطينية فترات مد وجزر؛ فقد واجه محاولات إسرائيلية لتفتيت الوحدة الوطنية الفلسطينية، ونسف الروابط العائلية والاجتماعية؛ فحذر أبناء الشعب الفلسطيني من التفرقة، والانقسامات؛ لأن ذلك يُؤدي إلى العنف والضياع.

وبث في أوساط الناس مصطلحات جديدة للاختلاف؛ فكان طالما يُردد مقولة الإمام حسن البنا: "سنقاتل الناس بالحب"؛ إذ لا مجال لاستخدام السلاح في الداخل الفلسطيني.

ولازمه هَمُّ الوَحدة حتى داخل المُعتقل؛ فأنشد لها أبياتًا قال فيها:

هِيَ الأوطانُ نَحمِيها بِسَـيفٍ                 و لا عِزٌّ لـها دُونَ اتِّفَاقِ

نُوحِّــدُ صَفَّنَـا أبَـدًا بِعَزم                 و لا صَفٌّ يُوَحَّدُ بِالشِّقاقِ

وحصر استخدام السلاح في وجه العدو الإسرائيلي فحسب، وأما مع الشعب الفلسطيني فالدعوة إلى الوحدة فقط.

وشهدت فترات الانتفاضتين - الأولى عام 1987م، والثانية عام 2000م- تكثيفًا في نشاط ياسين في مجال الإصلاح الاجتماعي، وذلك سعيًا منه للحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

وبسبب اختلاف سياسة حماس عن السلطة كثيرًا ما كانت تلجأ الأخيرة للضغط على حركة حماس، وفي هذا السياق فرضت السلطة الفلسطينية أكثر من مرة على الشيخ أحمد ياسين الإقامة الجبرية مع إقرارها بأهميته للمقاومة الفلسطينية، وللحياة السياسية الفلسطينية.

وقد تواصل تحريض "إسرائيل" ضد الشيخ أحمد ياسين حتى بلغ الأمر بهم أن حَرَّضوا السلطة الفلسطينية عليه لفرض الإقامة الجبرية؛ فأذعنت السلطة الفلسطينية للرغبة الإسرائيلية، ولكن الجماهير الفلسطينية حالت دون استمرار الإقامة الجبرية؛ ليخرج ياسين من جديد أمضى عزيمةً، وأشد إصرارًا على مواصلة مسيرة الجهاد.

لقد مثل الشيخ أحمد ياسين مصدر إلهام كبير للأجيال الفلسطينية الصاعدة الذين خيبت العملية السلمية المتعثرة مع إسرائيل آمالهم.

وقد قابل أتباع الشيخ أحمد ياسين محاولات تعويق نشاطاته بمقاومة عنيفة؛ ففي ديسمبر/2001م قتل رجل في اشتباكات مع الشرطة الفلسطينية بعد وضع الشيخ أحمد ياسين تحت الإقامة الإجبارية، واندلع إطلاق النار ثانية في يونيو/2002م؛ عندما أحاطت الشرطة الفلسطينية بمنزله، بعد سيل من عمليات التفجير الدامية ضد "إسرائيل".

وحاول الجيش الإسرائيلي في سبتمبر/2003م اغتياله، في حين كان في منزل زميله، في حماس في غزة.

*اغتياله واستشهاده: قال الشيخ أحمد ياسين في آخر مقابلة تلفزيونية معه: "إننا طلاب شهادة، لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية".

وقد حقق الشيخ أحمد ياسين أمنيته الكبرى، في الانضمام إلى مواكب الشهداء؛ ففي يوم/13/يونيو/2003م أعلنت المصادر الإسرائيلية أن الشيخ أحمد ياسين لا يتمتع بحصانة، وأنه عُرضة لأي عمل عسكري إسرائيلي؛ فتعرَّض يوم السبت في 6/سبتمبر/2003م لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين استهدفت مروحيات الجيش الإسرائيلي شقة في حي "الدرج" شمال مدينة غزة بقنبلة زنة ربع طن كان يوجد بها الشيخ ياسين، وكان يرافقه إسماعيل هنية - رئيس الوزراء المُقال فيما بعد- فقد حلقت طائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز (اف 16)، وأخرى من طراز (أباتشي) على مستوى منخفض في سماء المنطقة، وأطلقت قذيفة صاروخية على منزل مروان أبو رأس المحاضر في "الجامعة الإسلامية" المُقرَّب من حركة حماس، فسقطت القذيفة بعد لحظات من مغادرة الشيخ ياسين، والقيادي في الحركة إسماعيل هنية المنزل، وأصيب ثلاثة فلسطينيين على الأقل بجراح في الهجوم، وقد أصاب الصاروخ شقة في عمارة سكنية من ثلاث طوابق مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل، إلا أن الشيخ أحمد ياسين خرج منها سالمًا رغم الدمار الهائل الذي لحق بالبيت، وقد خرج الشيخ ياسين من هذه المحاولة أيضاً أشد إصرارًا على مواصلة المسيرة الجهادية؛ إذ لم يُصَب حينها إلا بجروح طفيفة، في ذراعه اليُمنى.

علو في الحياة، وفي الممات                 لحق تلك إحدى المعجزات

وقد تناثرت أجزاء الكرسي المتحرك، الذي كان ينتقل عليه الشيخ الجليل ياسين في أرجاء مكان الهجوم، الذي تلطخ بدمائه، ومرافقيه خارج المسجد؛ مما أدى أيضا إلى تناثر جسده وتحوُّله إلى أشلاء، وهنا ارتقت روحه إلى بارئها، ومات كما كان يرجو ويتمنَّى.

والجدير بالذكر أن أنجال الشيخ ياسين ومرافقيه قد توقَّعوا وفاته الطبيعية قبل حوالي 36 ساعة من اغتياله؛ فقد سقط الشيخ ياسين ليلة السبت عن كرسيه المتحرك، بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد، نجم عنه عجز عن الكلام، وضِيق شديد في التنفس، وحَشرجة، وصفير في الصدر.

ونقل الشيخ على الفور إلى "مستشفى الشفاء"، وأخرج من المستشفى بعد العلاج، رغم عدم تحسن صحته خوفا على حياته، بعد مشاهدة تحركات عسكرية إسرائيلية نشطة.

*ما بعد الاغتيال: اعترضت دويلة "إسرائيل" على أن يبحث "مجلس الأمن" قضية اغتيال الشيخ أحمد ياسين؛ بحجة أنه إرهابي.

وفي نفس يوم الاغتيال ولد ستة أطفال في قرية الشيخ أحمد ياسين وتسموا جميعا بـ: "أحمد ياسين"؟!

عمَّ الحُزن والغضب أرجاء العالم العربي والإسلامي كافة، وخرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الشوارع للمشاركة في تشييع جثمان أحمد ياسين وقد صلي عليه صلاة الغائب في عددٍ كبيرٍ من مساجد العالم.

كما نعت وأدانت الكثير من الدول وآلاف المؤسسات اغتيال الشيخ أحمد ياسين، وقالت تلك الدول والمؤسسات أن استهداف جسده يُعَدُّ جريمة حرب وتجاوزا خطيرا.

وقد تصاعدت التفاعلات في البلدان العربية والإسلامية كافة؛ حيث تفننت كل جهة في تخليد ذكرى اغتياله.

*شيع آلاف الفلسطينيين جثمانه ورفاقه الذين اغتيلوا معه وسط غضب ودعوات بالانتقام والثأر.

ووصف الأستاذ محمد خير يوسف تشييع جنازته المهيب بقوله: "وكانت جنازته حافلة ورهيبة، ... لم أر لها مثيلا!". *"تتمة الأعلام" 1/110.

*وما إن شاع نبأ مقتله، حتى خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين الغاضبين إلى الشوارع، وهم يهتفون بدعوات الانتقام، ومواصلة المقاومة والعمليات الفدائية.

*ووصف مراسلو قناة "الجزيرة" الأوضاع في الضفة الغربية، وقطاع غزة بأنها "متوترة جدا"، وقالوا:

"إن حالة من الغليان الشديد، والصدمة، تسيطر على الفلسطينيين الذين خرجوا إلى الشوارع، وقاموا بمسيرات غاضبة".

ودعت المساجد -في الضفة والقطاع- إلى الإضراب العام، وقد أخذت مكبرات الصوت في مساجد غزة، تصدح بتلاوة القرآن الكريم، في حين سمعت أصوات إطلاق نار في حي "صبرا" الذي يسكنه الشيخ ياسين. وأغلقت المتاجر والمدارس بشكل تلقائي في وقت سابق في غزة، كما أعلن الحداد العام في الأراضي الفلسطينية، لمدة ثلاثة أيام فيما علقت الدراسة في المدارس كافة.

تجمهر الآلاف -عقب إعلان النبأ- أمام ثلاجات مستشفى الشفاء بغزة حيث يرقد الشيخ، وأكد عضو المكتب السياسي لـ "حركة المقاومة الإسلامية- حماس"- عماد العلمي: أن الحركة ستواصل السير على نهج شيخها أحمد ياسين، وقال العلمي: "إن الشيخ الشهيد أحمد ياسين هو رمز المقاومة والجهاد والتضحية، وكلنا -إن شاء الله- على نهجه لَسَائرون".

*شخصيته، وبعض صفاته، وأقواله:

قال الأستاذ محمد خير رمضان يوسف يصف الشيخ أحمد ياسين:

"وكان يتنقل بكرسي متحرك، ولا يقوم بأي عمل دون مساعدة آخرين، وكان يتحدث همسا من على مقعده، لكنه قاد أقوى حركة شعبية فلسطينية ضد اليهود حتى اغتياله، ودافع في أحاديثه عن الهجمات الاستشهادية التي نفذتها المقاومة على مدى سنوات ...".

"وكان زعيما باسلا رابط الجأش، وأصبح أبرز شخصية في قطاع غزة بزعامته للحركة التي قادت شبكة للرعاية الاجتماعية، استفاد منها الفلسطينيون الذين ضاقت بهم السبل في ظل فساد للسلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، ثم خليفته محمود عباس". *تتمة الأعلام" 1/110.

*من أقواله الرائعة:

1- "الاحتلال يريدنا أن نهتف في الشوارع مئة عام، ونرفع الرايات ثلاثمئة عام أخرى، فيما هو يطور نفسه، ويعد قواته لإبادتنا، يريدنا هؤلاء أن نبكي على أبواب الدول الكبرى كي يأتوا لنا بالحلول السحرية".

2- "إن القضية الفلسطينية لم تحصل على المكانة والحديث في العالم إلا عندما بدأت دماء الصهاينة تسيل، عندها بدأ العالم يعرض علينا الحلول، لكنها حلول استسلامية".

3- "شعبنا منذ 56 عاما يرزح تحت نير الاحتلال، ولا أحد ينقذنا، ولا أحد يقف بجوارنا".

4- "إن الشعب الفلسطيني لا يملك طائرات أباتشي، أو مقاتلات إف 16، أو دبابات، أو صواريخ، وكل ما يملكونه هو أنفسهم، وأن يموتوا شهداء".

5- "ضربونا فارتفعنا، وضربناهم فارتفعنا!".

6- "إننا طلاب شهادة، لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية".

7- "نحن واليهود في صراع على هذا الجيل، فإما أن يأخذه اليهود منا، أو ننقذه من أيدي اليهود".

8- ومن شعره قوله في وحدة الفصائل الفلسطينية:

هِيَ الأوطانُ نَحمِيها بِسَـيفٍ                 و لا عِزٌّ لـها دُونَ اتِّفَاقِ

نُوحِّــدُ صَفَّنَـا أبَـدًا بِعَزم                 و لا صَفٌّ يُوَحَّدُ بِالشِّقاقِ

*من أجمل ما رُثِيَ به:

ومن أجمل ما قرأت من رثاء له، قول الشاعر عبد الرحمن العشماوي "حسان الصحوة الإسلامية" فيه:

هم أكسبوك  من السباق رهانـا          فربحت أنت، وأدركـوا الخسرانا

هم أوصلوك إلى مُناك بغدرهم          فأذقتهم -فــوق الـهــوان- هوانا

إني لأرجو أن تكــــون بنارهم           لما رمـوك بها ، بلغــت جِنانا

غدروا بشيبتك الكريمة جهــرةً         أبشــر فـقـــد أورثتهم خـــذلانا

أهل الإساءة هم ، ولكن ما دروا          كم قدمــوا لشموخــك الإحسانا

لقب الشهادة مَطْمَحٌ  لم تـدَّخـــر         وُسْعًا لتحمله فكـنـــت ، و كــانا

يا أحمد الياسين ، كـنت مفوهـا         بالصمت ، كانا الصمت منك بيانا

ما كنــت إلا هــمة ، وعــزيمـةً         وشموخ صبرٍ أعـجـــز العدوانا

فرحي بنيل مُناك يمزج دمعتي         ببشارتي ، و يخفِّــف الأحـــزانا

وثَّقْتَ بـالله اتـصالَـك حينما          صليتَ فجرَكَ تطـلـب الغُفرانا

و تلـوت آيــــاتِ الكتاب مرتلا       مـتـأمـلا .. تــتـدبـر   الـقــرآنـا

ووضعت جبهتك الكريمة ساجدا          إن   السـجـــود   لَيرفع الإنسانا

وخرجت يتبعك الأحبة، ما دروا         أن الـفــراق -من الأحبة- حانا

كرسيك المتحرك أختصر المدى         و طوى بك الآفـاق ، و الأزمانا

علمته معنى الإباء ، فلم يـكـــن         مثل الكراسي الراجـفــاتِ هوانا

معك استلذ الموتَ ، صار وفاؤه         مثلا ، و صــــار إباؤه  عنوانا

أشلا ء كرسي البطولة شاهـــدٌ        عــدل  يُـديـــن الغادرَ الخــوانا

لكأنني أبصـــرتُ في عجلاته         ألَمًا لفــقــدك ، لوعـة و حَـنـانـا

حُزنًا لأنك قد رحلتَ ، و لم تعد         تمشي به -كالطــود- لا تتوانى

إني لتسألني العـدالــةُ بعدمــا          لقيت جحـود القوم ، و النكـرانا

هل أبصرت أجفانُ أمريكا اللظى        أم أنــهـــا  لا تملكُ الأجفانا؟!

و عيون أوربا تُراها لـم تـــزل         في غفـلـــة لا تبصر الطغيانــا

هل أبصروا جسدا على كرسيه         لما تـنـاثــر في الصباح عيانا

أين الحضارة أيها الغرب الذي         جعل الحضارةَ جَمرةً ، و دخـانا

عُذرًا ، فما هذا سؤالُ تعطُّـفٍ        قد ضلَّ مـن يستعطف الـبـركانا

هذا  سؤالٌ  لا يُجيـد جـوابَـه        من يعبد الأَهــــواء ، و الشيطانا

يا أحمدُ الياسيـن ، إن وَدَّعتَـنا        فلقد تركــتَ الصــدق و الإيمانا

أنا إن بكيتُ فإنما أبكـي علـى        مليارنا لـمـا غــــدوا قُـطـعـــانا

أبكي على هــذا الشتات لأمتي         أبـكي الخلافَ المُرَّ، و الأضغانا

أبكي و لي أمــلٌ كبيرٌ أن أرى         في أمتي  من يـكســـر الأوثانا

يا فارس الكرسي وجهُكَ لم يكن          إلا ربيعًا   -بالـهُـــدى- مُـزدانا

في شعر لحيتك الكريمة صورةٌ           لـلـفـجــر حيــن يُبشِّرُ الأكـوانا

فرحتْ بك الحُورُ الحِسانُ كأنني          بك عندهــــنَّ  مغرِّدا جَـــذْلانـا

قدَّمْتَ في الدنيا المُهُورَ و ربما         بشُموخ صبرك قــد عَقدتَ قِرانا

هذا رجائي يا بن ياسينَ الذي         شـيَّـــدتُ فــي قلبي  لــه بنيانا

دمُكَ الزَّكيُّ هو الينابيعُ التي         تسقي الجذورَ، و تُنعشُ الأغصانا

روَّيتَ بُستانَ الإباء بـدفـقـــه           ما أجـمــل الأنهـارَ، و البُستانا!

ستظل نجمًا في سماء جهادنا          يا مُقْعَدا  جعــل الـعــدوَّ جـبــانا

*"فرسان الدعوة" 27/4/2008م

*ومما رُثي به -أيضًا- قولُ بعصهم:

يا شَهيدَ الفَجر عطَّرتَ الوُجُودْ             نَم قَرِيرَ العَينِ في دارِ الخُلودْ

جبلا كنتَ على درب   الفِدا               كيف يُطوى جبلٌ تحت لُحُود؟!

يا أفاعي الغَدرِ!   لن يُسعِدَكُم               مَقتلُ الشَّيخِ ؛   فلِلشَّيخ   جُنُود

قَسَمًا   بِالله     لن   تَستَمتِعُوا               بِأمَان العَيشِ ، يا نَسلَ القُرود!

لا ، و لن يُغمَدَ   سَيفٌ   سَلَّهُ               وعلى الأرض خَيَالٌ مِن يَهُود

واقتلوا، أو حَرِّقُوا، أو دَمِّرُوا               بيننا الأيامُ ، و الدنيا   شُهود

*الرمز والأسطورة:

أن الشيخ ياسين له صفته الاعتبارية على الصعيد الفكري والديني، فهو شيخ مسن ومقعد، وله تاريخه الكفاحي الطويل فهو زعيم روحي من شأن عملية الاغتيال أن تحيله وبسهولة إلى رمز نضالي، شأنه في ذلك، شأن الشيخ عز الدين القسام. إضافة إلى ذلك، تدرك إسرائيل، بأن قيادة حماس هي قيادة جماعية، مسؤولة فيما بين أعضائها، على نمط نظام الشورى مطوراً فأمير الجماعة الإسلامية - وهذا شأن فروع الأخوان المسلمين جميعاً - هو رأس الهرم الاستشاري، ولا رأي له دون سماع آراء الآخرين لذا فإن غياب الشيخ ياسين، رغم ثقله وأهميته، لا يعني إخلالاً في الإدارة الجماعية للحركة.

*أولاده المخلدون:

للشيخ أحمد ياسين كتب عدة؛ منها:   1- "البيرة في الميزان".

2- "فهل أنتم منتهون؟".   3- "رسالة من السجن الكبير".

*ومما كُتب فيه من كتب:

1- "شهيد فلسطين أحمد ياسين: شهادات من وحي الشهادة". لثلة من العلماء والمفكرين والأدباء.

2- "الشيخ أحمد ياسين شاهد على عصر الانتفاضة". للإعلامي في قناة "الجزيرة" الأستاذ أحمد منصور.

3- "معا إلى الجنة: شهيد الفجر وصقر فلسطين". للأستاذ حسني جرار.

وهو عن الشيخ أحمد ياسين، و د.عبد العزيز الرنتيسي.

4- "شذا الرياحين من سيرة واستشهاد الشيخ أحمد ياسين". للشيخ سيد بن حسين العفاني.

5- "ثقافة الإمام الشهيد أحمد ياسين". إصدار "رابطة علماء فلسطين".

6- "الشيخ الشهيد أحمد ياسين وفقه الجهاد لتحرير فلسطين". ؟

7- "أحمد ياسين: قعيد اهتز تحت كرسيه العالم". لعبد الناصرمحمد مغنم.

8- "أمير الشهداء الشيخ أحمد ياسين". لحسن محمد أحمد.

9- "أحمد ياسين: الظاهرة المعجزة وأسطورة التحدي". لأحمد بن يوسف.

10- "زمن أحمد ياسين: الشيخ عندما يقاوم، حياة الشيخ أحمد ياسين وحركة حماس- دراسة". لعماد نداف.

*الإرث الثقافي، أعماله:

رسالة الشيخ أحمد ياسين في الحياة كانت من بين ركام الجاهلية ومع تفشي الأفكار العلمانية أخذ على عاتقه تغيير هذا الوضع وتبصير الناس بأمور دينهم، وقد كان يؤمن بأن الزمن جزء من العلاج وأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.

واهتم الشيخ بالمرأة فكون المدارس النسائية وأنشأ لجان الزكاة وتوج عمله كله بإنشاء المجمع الإسلامي، ومع تعاقب الأيام أصبح المجمع مؤسسة القطاع الأولى. وهكذا بقي الشيخ مدافعاً عن الإسلام وكان يركز في كل خطوة يخطوها على نشر المعنى الصحيح لنظام متكامل وهو أن الإسلام عبادة وقيادة ومصحف وسيف وهو حياة وشهادة.

*حِليته وصِفاته، وشَخصِيَّته:

عُرف الشيخ أحمد ياسين بكونه رجلًا ضعيف الجسد، مكدود البنية، وبالكأد يستطيع الإبصار، يتهدَّج صوته إذا ما تكلم.

وعلى الرغم من ذلك فإنه تمتع بنفوذ واسع جدًّا بين أوساط الفلسطينيين الذين فقدوا الأمل في عملية السلام التي لم تفعل شيئاً لتحسين الظروف التي يعيشونها تحت حكم إسرائيل. كما أن شعبيته استمرت بالتزايد. وكان آلاف المؤيدين له قد خرجوا مهللين لرؤيته بينما كان يهدد الانتقام بعد تعرضه لمحاولة اغتيال أصيب فيها بجروح في سبتمبر عام 2003 من قبل القوات الإسرائيلية. أحمد ياسين الذي يدفع عربته من البيت إلى المسجد لأنه مقعد أسس جبهة للجهاد والمقاومة تعد من أروع مدارس البطولة. إن الفكرة التي حملها أحمد ياسين تزداد انتشاراً وحركته تزداد قوة وصلابة فقد كان شمعة حرقت نفسها لتضيء للآخرين طريق العزة والكرامة والإباء. فأحمد ياسين قائد متفان مقدام وشهيد قعيد أيقظ الأمة.

عرف بين إخوانه بالتخطيط ولم يعرف بالصخب عرف بالتواضع ولم يعرف بالاستعلاء وعرفه إخوانه بصدق التوجه إلى الله. غرس البذور في حقل الله المثمر الذي تنبت في حقل الله المثمر. ظل الشيخ أحمد ياسين شامخاً لا يطأطئ رأسه راسخاً لا يتزعزع مثل رواسي الجبال. امتلك عليه حب الإسلام قلبه ونفسه وفكرة واتصف بالتقوى والورع مع الإخلاص والتواضع وسعة الصدر وثقافة واسعة جعلته الرجل الأول في القطاع بل امتد تأثيره إلى فلسطين كلها. وكان خطيباً متميزاً جسوراً صابراً على طول الطريق والمرض واثقاً من ربه.

جُبلت شخصية الشيخ ياسين بمشاعر الرحمة والحنان؛ إذ توفي والده وهو في الثانية من عمره، وتحركت في عروقه مشاعر الرأفة منذ نعومة أظافره؛ فطلب من أخيه الأكبر أن يحضر له آلة الفلافل كي يبيع، ويُنفق على أخواته البنات. ولم يمنعه عجزه بالشلل التام الذي أصابه أن يكون دوما حنونا مع زوجته وأبنائه وبناته.

وبقيت لزوجته مكانة خاصة في برنامج حياته كافة، حتى عندما كان يجتمع مع الدكتور الرنتيسي والدكتور الزهار، كان ينادي عليها لتتحدث عن الآلام التي تشتكي منها لإراحتها نفسياً ولتقديم العلاج المتاح لها.

وكذلك جعله قلبه المفعم بالحنان يتعامل مع الآخرين برفق ورحمة، فلم يتكبر على أحد ولو كان صغيراً فقرب إليه الصغار واستمع للكبار واستوعب همومهم ولبى احتياجاتهم. كان يوزع راتبه الشهري ويقول: "أعطوا نصفه" للمحتاجين، وعندما يحضر محتاج آخر يريد المساعدة يعطيه نصف ما تبقى من المعاش". شارك ياسين جميع أبناء شعبه في معاناتهم، ورفض التميز عنهم بقليل أو كثير فرد طلب السلطة بناء بيت له "يليق بمكانته"، لأنه كان يرى بأن "هناك الكثير من الفلسطينيين بحاجة إلى بيوت" وهناك من "هدمت منازلهم أو نسفت" ولم يجدوا مأوى لهم لعدم قدرتهم على بناء مسكن يكفي أسرهم.

*صرح أحمد ياسين، ومحتوياته:

فتح المنزل المتواضع في حي الصبرة بغزة أبوابه من جديد أمام الزائرين، ولكن هذه المرة كمعلم يجسد مسيرة حياة الشيخ القعيد على بسطاتها وتواضعها. ويهدف أبناء الشيخ ياسين من وراء إعادة ترميم المنزل وتحويله لصرح تاريخي بمساعدة حركة حماس، إلى إحياء ذكرى الشيخ في أذهان الجماهير العربية والإسلامية، وتعريف الأجيال بنمط حياة رمز المقاومة. ويضم صرح الشيخ أحمد ياسين كافة مقتنيات الشيخ التي تعبر بشكل جلي عن نمط وسلوك حياته اليومية.

وبقيت تقسيمات منزل الشيخ على حالها -وفق عبد الحميد- ولم يضف إليها سوى غرفة علوية جديدة ضمت مئات الكتب التي أحضرها الشيخ خلال جولته الخارجية التي أعقبت خروجه من السجن عام 1996 ولم يتمكن من إكمال قراءتها قبل اغتياله. ويتكون منزل الشيخ ياسين من ثلاث حجرات، الأولى منها كانت بمثابة مكتب الشيخ وخصصت لاستقبال الضيوف، وهي تلي مدخل المنزل مباشرة وزينت جدرانها ببعض الصور القديمة للشيخ مع عدد من الشخصيات الوطنية الفلسطينية كالرئيس الراحل ياسر عرفات ومسؤولين فلسطينيين آخرين. وفي وسط تلك الغرفة يبرز كرسي الشيخ المتحرك ومن حوله عدد من الكراسي التي كان يجلس عليها الضيوف، وقيادات حركة حماس لدى التقائهم بالشيخ للتداول في شؤون القضية الفلسطينية وإدارة الانتفاضتين وتسيير أمور الحركة.

وتضم الحجرة الثانية سرير نوم الشيخ وما تبقى من كرسيه المتحرك الذي اغتيل على متنه، وحاملاً حديدياً كان يستخدمه بمساعدة أحد أبنائه لقراءة القرآن يومياً بعد صلاة الفجر. وذكر عبد الغني ياسين - النجل الأصغر للشيخ - أن النوم كان يغالبه في الكثير من الحالات بعد صلاة الفجر، فيصحو ليجد والده المقعد يقلب صفحات المصحف لقراءتها بلسانه خشية أن يضيع عليه ورده اليومي. وإلى جانب غرفة نوم الشيخ تقع الحجرة الثالثة وتضم مئات الكتب الدينية والثقافية التي كان يمتلكها الشيخ قبل أن يودع سجون إسرائيل نهاية الثمانينات، ويفصل ما بين الحجرتين ممر صغير استغل لوضع الهدايا والدروع التي تسلمها الشيخ من المؤسسات وعدد من الشخصيات العربية والفلسطينية. ويتولى أبناء الشيخ أحمد ياسين رعاية منزل والدهم، ويحرصون على استقبال الزوار بنفس الطريقة التي كان الشيخ يستقبل بها الناس، وهو مفتوح على مصراعيه طوال ساعات النهار لكل من أراد الاطلاع على حياة والدهم.

*ثقافة الإمام الشيخ أحمد ياسين:

أصدرت رابطة علماء فلسطين في قطاع غزة كتابا بعنوان "ثقافة الإمام الشهيد أحمد ياسين"، وذلك ضمن سلسلة نحو "مجتمع خلوق ومثقف" التي تصدرها، لكل من الدكتور نسيم شحدة ياسين، والدكتور يحيى علي الدجني، وقد خلص الكتاب إلى جملة من النتائج كان في مقدمتها:

أن الشيخ أحمد ياسين كان ظاهرة فريدة من نوعها، حيث يُعد مدرسة متكاملة يتتلمذ فيها الأصحاء والمعاقون على السواء، ويتعلمون فيها كيفية الانتصار على العجز البدني والضعف الصحي، وأن العجز الحقيقي هو عجز الإرادة وضعف العقول.

*التعبير ودقة الملاحظة:

إن ما يعكس ما تميز به الشيخ من الإمكانات الذهنية هو ما عرف به من النباهة ودقة الملاحظة، وهو من لوازم الشخصية القيادية التي تمتع بها الشيخ أحمد ياسين إذ يحسب عليه من الكلمات والتعبيرات والمواقف ما لا يحسب على غيره. ويمكن الوقوف على دقة الملاحظة والتعبير لدى الشيخ من خلال مواقف عديدة أبرزها عام1987 خـلال فترة اعتقال الشيخ الأولى، أجرت الصحافة عـدة لقـاءات معه وكان من أهداف إحدى المقابلات إحراج الشيخ أمام الرأي العام العالمي، وذلك إذا نجحوا في استدراجه لما يريدون من التعبيرات والتصريحات. ومن ذلك أدت إحدى العمليات الاستشهادية داخل باص يهودي داخل الخط الأخضر إلى مقتل واحد وعشرين جنديا يهوديا في بيت ليد، فسئل الشيخ أمام التلفاز عن رأيه فـي هـذا الانفجار، فإذا ما أيد العملية أظهروه أمام العالم كطاغية يحب القتل فيفقد التعاطف العالمي معه، وإذا استنكرها أظهروه للفلسطينيين كمتخاذل ورافض للجهاد وهـو مـا يحدث فتنة بين مؤيديه ومن يتربص به من الخصوم. إلا أن الشيخ انتبه لمكـر اليهود فكان دقيقا حريصا في تصريحه إذ قال لهم: "أنا حزين؛ لأن سفك الدمـاء لـم ينته بعد" ففهمها المُحايدون أنه لا يحب القتل، أما أنصاره ومؤيدوه فقد فهموهـا أنـه حزيـن لأن فلسـطين لم تتحرر بعد، وبالتالي فهم مجبورون على قتل المحتلين، وقد يفهمها المؤيدون بأنه حزين لاستمرار سفك دماء الفلسطينيين من قبل المحتلين.

*شدة الذكاء وقوة الذاكرة:

وأشار الكتاب إلى أن الصلة بالله والمداومة عليها سبيل لازم لتحقيق التقوى، ولقطف ثمار المعرفة والثقافة، وهو ما حصل من خلاله ياسين على العلم الوهبي، إضافة إلى أن شدة الذكاء وقوة الذاكرة التي أنعم بها على ياسين ساهمتا إلى حد كبير في ارتقاء مستواه الثقافي، وأوضح الكتاب أن بلوغ أقصى درجات الثقافة والمعرفة، يحتاج إلى كسب وجهد وصبر ومطالعة، وأن التذرع بالظروف والابتلاءات هو سبيل العاجزين، مستشهداً بأن أحمد ياسين لم يكن بوسعه أن يقلب صفحة كتاب وأنه كان يفعل ذلك بلسانه مع صعوبة ذلك كي يغتنم وقته، وتزيد علومه ومعارفه، وهو ما يعكس قوة إرادته في ذلك.

*كسب احترام الآخرين:

وأشار الكتاب إلى أن ياسين لم يقنع بتحديد مصادر المعرفة، وإنما استفاد من مختلف تلك المصادر سواء البيت أو المدرسة أو الجامعة أو المسجد أو المعتقل وغيره، وسواء كانت وسائله في ذلك تقليدية أم حديثة كالإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، وأوضح الكتاب الذي تناول حياة أحمد ياسين أن اتساع دائرة الثقافة لديه وشمولها للثقافة الإسلامية واللغوية والتاريخية والاقتصادية والواقعية، مكنته من كسب احترام الآخرين، ومن قيادة حركته لأن الجميع فيهم رأوا فيه الرجل العالم العارف بالله الذي يبني رأيه على أسس متينة من الوعي والعلم والمعرفة، الأمر الذي يجعله جديراً أن نعده مجدداً للدعوة الإسلامية في فلسطين خلال القرن العشرين، مبيناً في الوقت ذاته أن ثقافة ياسين ووعيه جعلتا الشعب الفلسطيني ينجو من ويلات حرب أهلية يمكن لها أن تأتي على الأخضر واليابس، ولا تخدم إلا إسرائيل.

*مدرسة أحمد ياسين:

افتتح رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية مدرسة أحمد ياسين الثانوية في رفح جنوب قطاع غزة، مشيراً إلى حق الشعب الفلسطيني أن يحيى حياة كريمة على أرضه التي احتلها الكيان الإسرائيلي وقام ببناء المستوطنات فيها على أساس الظلم والقهر والتي انهارت تحت صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني. الافتتاح كان يوم الثلاثاء 22 نوفمبر عام 2011م غرب محافظة رفح بحضور وزير التربية والتعليم العالي أسامة المزيني ووزير شؤون الأسرى والمحررين عطا الله أبو السبح وعدد من الشخصيات الرسمية.

وقال هنية خلال الافتتاح: اليوم نقوم بإنشاء مشاريع حضارية كهذه المدرسة والتي تبني إنساناً فلسطينياً قادراً على حمل قضيته واستعادة حقوقه وإقامة دولته وعاصمتها القدس وعودة كل اللاجئين، مهنئاً أهالي رفح بالمدرسة، والتي من شأنها تعزيز روح الصمود والتحدي للاحتلال والحصار. وأضاف: المدرسة تحمل اسم قائد عظيم وعلم من أعلام الأمة الشيخ الإمام الشهيد أحمد ياسين"، مجدداً التزام الحكومة بالعمل على التخفيف عن أبناء الشعب الفلسطيني، وفي ختام الحفل الذي حضره وزير التربية والتعليم أسامة المزيني وشخصيات من رفح قام دولته بجولة في المدرسة.

وهنأ أهالي محافظة رفح عامة، وسكان منطقة المواصي خاصة بهذه المدرسة "التي تأتي لرفع معاناة سنوات طويلة عنهم، وجاءت بعد قصة طويلة مع المحتل والحصار الذي حرم شعبنا الدواء والغذاء ومواد البناء". وأكد هنية: أن المدرسة -التي تحمل اسم الشيخ أحمد ياسين- هي نتاج مسؤولية الحكومة تجاه شعبها؛ للتخفيف من معاناته، ولإغاظة إسرائيل "التي لا يُرضيها أن تمتلئ غزة بمشاريع تنموية حضارية".

وأشار المزيني إلى أن اختيار اسم الشيخ أحمد ياسين لهذه المدرسة لم يكن عشوائيًا، بل كان عن دراسة من أجل تخليد ذكرى هذا الرجل الذي كان أول المعلمين "فقد كان معلماً في حياته، وفي كيفية استشهاده، وفي سلوكه، وكان معلماً على كرسيه المتحرك".

وقدم الشكر الجزيل لكل من ساهم في إنشاء هذه المدرسة؛ كاللجنة الشعبية السعودية، والبنك الإسلامي للتنمية، والإدارة العامة للأبنية، والإدارة العامة للمشاريع.

فيما قدم الشكر للإدارة العامة للأنشطة، والإدارة العامة للعلاقات العامة؛ اللتين أشرفتا على هذا الافتتاح.

*سيارة أحمد ياسين:

دخلت سيارة أحمد ياسين إلى قطاع غزة حيث كانت متوقفة في معبر رفح البري منذ عام 1998م. وكانت السعودية قد دعت ياسين لأداء فريضة الحج عام 1998م وأهدته سيارة مجهزة لتنقلاته ثم أرسلت السيارة إليه للدخول إلى قطاع غزة إلا أن السلطات الإسرائيلية التي كانت تسيطر على المعبر الفلسطيني حينذاك رفضت إدخال السيارة. فظلت عالقة على معبر رفح منذ ذلك التاريخ حتى جرى إدخالها. حيث أرسلت السعودية عام 1998 السيارة المجهزة بأحدث الإمكانات للشيخ ياسين كهديةً له عقب خروجه من سجون إسرائيل فقد كانت السيارة من طراز جى.ام.سي وهي مجهزة باستراحة وسرير وكرسي متحرك لياسين.، وحديثاً أثناء إعادة الدفعة الأولى من السيارات المصرية المسروقة من غزة تناول مراسلو وكالات الأنباء والفضائيات موضوع سيارة ياسين الموجودة في الجانب المصري. وقال مسؤول فلسطيني: إذا أرادت السلطات المصرية تسليمها لنا فستكون ذكرى للشيخ وإذا أرادت الاحتفاظ بها كذكرى للشيخ فهذا فخر لنا. على الفور كان قرار السلطات المصرية بإدخال السيارة إلى غزة وتم التنسيق مع مسؤولي الحكومة الفلسطينية حيث تسلمها نجل الشيخ ياسين.

*المسلسل الدرامي عنه:

كشف محمد العنيزي المدير التنفيذي لشركة المها للإنتاج الفني أن الشركة انتهت من كتابة ثلاثين حلقة من مسلسل الشيخ المجاهد أحمد ياسين وتمت مراجعة النص مع أهل بيته. وقال الممثل السوري رشيد عساف الذي يجسد شخصية أحمد ياسين إن هذا المسلسل بعيد عن التزمت، ولن يؤلب الفلسطينيين على بعضهم. وأوضح أن شخصية أحمد ياسين كانت متصالحة مع جميع الجهات عكس ما نشهده في الوقت الراهن، حيث تم تحويل الساحة الفلسطينية إلى نزاع بين أطرافها السياسية. وعبر عساف عن إعجابه الشديد بفكرة المسلسل، وهو من تأليف محمد عوض وإخراج عبد الباري أبو الخير، إذ إنه عندما قرأ النص وجد فيه كثيراً من الدراما الإنسانية ذات الطابع الريفي المستند إلى الخلفية النضالية لأحمد ياسين.

ولفت عساف إلى العلاقة الشفافة التي كانت تجمع أحمد ياسين مع الأب عطا الله حنا ضمن حالة من الوطنية التي كانت سائدة في القدس، وجاء تكريسها في المسلسل بشكل واضح لأن الكنيسة مستهدفة مثلها مثل الجامع في فلسطين. وأكد عساف أن قبوله لهذه الشخصية جاء من إيمانه بأن المقاومة تعتبر الطريق الوحيد للسلام، مشيراً إلى أن تجسيد شخصيات نضالية في الدراما يعتبر ضرورة حتمية في ظل حالة العجز التي تعيشها الأمة العربية.

*حياته الشخصية؛ أسرته وأولاده:

تزوج بـ "حليمة ياسين" عام 1961م، وهي التي توفيت يوم 23 يونيو 2020م، عن عمر يُناهز 76 عاما، وهي من أقارب الشيخ أحمد، وقد تُوفيت بمنزلها في مدينة غزة. ولهما 11 من الأبناء، منهم 8 إناث، و3 ذكور.

*يُنظر:

1- "تتمة الأعلام". لمحمد خير يوسف 1/109- 111.

2- "إتمام الأعلام". د. نزار أباظة 1/60- 62.

3- "ذيل الأعلام". أ. أحمد العلاونة 3/17- 18.

4- "الموسوعة الحرة: ويكيبيديا".

5- "تكملة معجم المؤلفين". أ. محمد خير يوسف 1/90- 91.

6- موقع "فرسان الدعوة".

7- "معلوماتي الشخصية". من جميعها بتصرف.

ssaaf10903.jpg

الشيخ أحمد ياسين على كُرسِيِّه المُتحَرِّك رحمه الله

المراجع

أ- الكتب:

1- "الموسوعة القرآنية الميسرة". القرآن الكريم، مع تفسير (الوجيز) لشيخنا د. وهبة الزحيلي، ومعجم مفهرس ...، لنخبة مؤلفين، ط 10، دار الفكر -دمشق، 1432هـ - 2011م.

2- "إتمام الأعلام". د. نزار أباظة، ط3، دار الفكر، دمشق - سورية، 1440هـ - 2019م.

3- "بديع البيان لما عسى أن يخفى من القرآن". للشيخ محمد بدر الدين التِّلَّوِي الفقيري العبَّاسي، ط1، بلا ذكر دار نشر أو مطبعة؟! سورية - دمشق، 1397هـ - 1977م.

4- "تتمة الأعلام". للأستاذ محمد خير رمضان يوسف، ط3 موسعة، الجمهورية اليمنية عدن، 1436هـ - 2015م.

5- "تكملة معجم المؤلفين". للأستاذ محمد خير رمضان يوسف، ط2 موسَّعة، إصدار "منتدى العلماء"، توزيع "شركة إيلاف، إسطنبول - تركية"، 1439هـ - 2018م.

6- "ديوان الشنفرى: عمرو بن مالك ت نحو 70 ق. هـ". من سلسلة "شعراؤنا"، جمع وتحقيق وشرح د. إميل بديع يعقوب، ط2، دار الكتاب العربي - بيروت، 1417هـ - 1996م.

7- "ديوان العرب: شاعر وقصيدة". مختارات شعرية للعماد مصطفى طلاس، ط3، دار طلاس - دمشق، 1995م.

8- "ذيل الأعلام". أ. أحمد العلاونة، ط2، دار المنارة، جدة - السعودية، 1432هـ - 2011م.

9- "المعجم العربي الأساسي". لنخبة من كبار اللغويين العرب، "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" - تونس، ط1؟ 1424هـ - 2003م.

10- "معجم متن اللغة". للعلامة الشيخ أحمد رضا، ط1، دار مكتبة الحياة - بيروت، 1378هـ - 1959م.

11- "المعجم الوسيط". لنخبة لغويين مصريين، ط2، "مجمع اللغة العربية" - القاهرة، 1392هـ - 1972م.

12- "معلوماتي الخاصة".

ب- مواقع الشابكة:

1- "الجزيرة نت".

2- "الخليج 365".

3- "فرسان الدعوة".

4- "الموسوعة الحرة: ويكيبيديا".

--------------------------------------------------------------

و(آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين*)

وسوم: العدد 1090