هذا النداءُ الحقُّ في الميدانِ = يعلو فيبعث هِمَّــةَ الفرسانِ
يهفو النسيمُ من الغيوبِ مبشِّرًا = أهلَ الجهادِ بجنَّةِ الرضوانِ
فسما الفداءُ محبَّةً في ركبِ مَن = صدقوا مبايعةً لدى الرحمنِ
قد أرخصوا دمَهم لأجلِ عقيدةٍ = في السَّاحِ إسلاميَّةِ الإتقانِ
قد خابَ مَن كرهَ الجهادَ فلم يكن = إلا سليلَ صُويحبِ العصيانِ
فهو السَّنامُ لأُمَّــةِ الهادي به = كان الأمانُ وعــزَّةُ البلدانِ
وبظلِّه ألفتْ شعوبٌ خيرَها = واستأنستْ بالأمنِ والإيمانِ
ورفيفُ زهوِ الجودِ في ساح الفدا = حملَ الدمَ الفـوَّارَ أحمرَ قــانِ
مازالَ في هذا النداءِ كما تــرى = عـزًّا لمنهجِ دينِـه الربَّاني
ولأُمَّــةٍ شعرتْ بما يجري لها = عند التَّقاعسِ من أذى و هوانِ
ولعلها علمتْ بأنَّ جهادَها = هـو عزُّها المفقودُ في البلدانِ
وهو العدوُّ يهابُها إنْ رفرفتْ = راياتُها بالسيفِ والقرآنِ
أولم تَــرَ الجمعَ القليلَ بغزَة = هزمَ الكثيرَ بحومةِ الميدانِ
هم صفوةُ الفرسانِ جندُ محمَّــدٍ = باعوا النفوسَ لبارئ الأكوانِ
ولقد طغى بغيُ اليهود وأمعنوا = بالقتل والتهجير والعدوانِ
وبكلِّ ماينـدى الجبينُ بفعلِه = وهم اللئامُ بقيَّةُ الجرذانِ
تأبى قوى الإيمانِ أن يرضى الفتى = بمذلَّــةٍ في عيشه وهــوانِ
إنَّ الشبابَ إذا دعتْهُ رسالةٌ = قدسيةٌ النفحاتِ والتبيانِ
لم يرضَ حكمَ الظالمين وبغيَهم = أو يرضَ غزوَ قُــوى الظلامِ الجاني
هذا الشبابُ وقد حدتْـهُ عقيدةٌ = تسعى به لمآثــرِ الإحسانِ
لاينثني عن بــذلِ ما في وسعه = ليعيشَ عيشَ المسلمِ المتفاني
للهِ للدِّين الذي وافى به = خيرُ الأنامِ محمَّــدُ العدناني
هذا الشباب الشَّهمُ قد جبلتْهُ في = هذي الحياةِ أناملُ الإيمـانِ
يرعاهُ ربُّك للنهوضِ بأُمَّــةٍ = كادت تني في هجمة الذؤبانِ
لكنَّه بجهادِه ووفائــه = ألغى تآمرَ نخبةِ العدوانِ
إذ هبَّ ممتشقًا سيوفَ أعزَّةٍ = لم يذعنوا للفرسِ والرومانِ
هاهم بأكنافِ المرابعِ أثلجوا = منا الصُّدورَ بغزوةِ الطوفانِ
إذ أعلنوها اليومَ إسلاميَّةً = لاتنتمي لمسارحِ الشيطانِ
للشرقِ أو للغربِ أو لحضارةٍ = تدعو إلى تبعيَّة السلطانِ
فالمرجع الأعلى كتابُ إلهنا = فيه السُّموُّ لرفعةِ الإنسانِ
والسُّنَّةُ الغراءُ هَـدْيُ نبيِّنا = صلى عليه اللهُ كلَّ أوانِ
هذان مرجعُنا ومكمنُ فخرِنا = أبدا يصونُهما دمُ الشُّجعانِ
وبقيَّةُ المللِ الوضيعةِ لم تكن = إلا لطمسِ حقائقِ القرآنِ
كم من شقيٍّ مفلسٍ من رفعةٍ = يعوي ليخذلَ صوتَنا الرباني
والآخرُ المنبوذ أشهرَ حقدَه = إذ جاء بالتدليس والبهتانِ
والآخر الطاغي اللئيم مكشِّرًا = عن نابِ حقدٍ عاد للأوثانِ
عادى بها العلماءَ من أبرارِنا = ورمى بأهل الفضلِ للسَّجَّانِ
حيثُ الأذى ماكان يرهبُ عصبةً = عاشتْ لدينِ اللهِ في الأزمانِ
والويلُ ثم الويلُ للطاغي إذا = ربُّ الخلائقِ جاءَ بالخُــوَّانِ
فاستُؤصِلُوا بيدِ الشعوبِ ومُـرِّغُوا = بترابِ أهلِ أفاضلِ السكانِ
فاسمعْ ولا تعجبْ إذا شاهدْته = يوما يزولُ به فسادُ كيانِ
أحفادُ صحبِ محمَّدٍ هبُّوا فما = يجدي اللئامَ عساكرُ الخسرانِ
وهبوا الهدى أرواحَهم ما استسلموا = في سوقِ أهلِ تجارةِ العبدانِ
فاليومَ أشرقَ صبحُ ليلٍ دامسٍ = ولَّى بفضلِ مشيئةِ الرحمنِ
وعلا به صوتُ الخلاصِ مكبِّرًا = في العالَمين يرنُّ في الآذانِ
فهو النداءُ نداءُ مَن بذلوا الدما = واستُشْهِدُوا في ساحها المزدانِ
فالدِّينُ باقٍ والشبابُ جنودُه = واللهُ يحمي أكرمَ الركبانِ
أما الذين تمرَّدوا واستهزؤوا = فمآلُهم في الحشرِ للنيرانِ
هذا ندائي إخوتي فاستعصموا = باللهِ لا بحبائلِ الشيطانِ
وأنا الشهيدُ إيْ وربِّـي نلتُه = رضوانَ مَن قد جادَ بالرضوانِ
تمضي لياليكم سدى إن لم تدركوا = حبلَ النجاةِ بطاعةِ الديَّـانِ