عامٌ بِغَزَّةَ تحت القصف لم تنمِ=أرضَ الرِّباطِ بحبل الله فاعتصمي
يا غزَّة النَّصر أنتِ اليوم صامدةٌ=رغم الجراحِ و رغم النّزف و الألمِ
رغم ارتقاءٍ لآلافٍ من الأُسر=شيخٍ و طفلٍ أبٍ و كذلك الأمِّ
رغم الحصار و بعض العُشب مطعمكم= و لربما سُرِّبَتْ بعضٌ من اللّقمِ
أسرٌ بأكملها تمضي و لم يجدوا=أحداً لتعزيةٍ في الأهل و الرِّحمِ
و الأمُّ تمضى و قد يبقى لها الطفلُ=عيناه ترمق تحت حجارة الردمِ
و الأمُّ و الزوجةُ و الابنةُ احتسبت=أغلى الأحِبَّة تحت القصف و الهدمِ
و الناس تخرج وسط الليل في فزعٍ= متنقلين من الخيمِ الى خيمِ
صُوَرُ الصحابة هل عادت بأمثلةٍ=في أرض غزةَ تُحيي سالفَ الهممِ
كم من ثكالى هنا تَرضى و صابرةٌ=و كم صغار لهم عانوا من اليُتمِ
و كم جراح هنا في القلب غائرة=تشكو إلى ربها بالدمع منسجمِ
أمّ الشهيد تزغرد عند رؤيتها=وجه الشهيد يضيء مُعَطَّرا بدمِ
قد احتسبتُك عند الله يا ولدي= فِدىً لديني و للأقصى و للحرمِ
و كم تكرَّر للخنساءِ مشهدُها= و الأمُّ تَرضى بدمع القلب منكتمِ
خذ من دِمانا إلهي إن رضِيتَ فقد=نلنا المنى ربّنا يا سابغَ النِّعَمِ
ترى التنافس في نيل الشهادة مِن= جُندٍ و قادتِهم صعدوا إلى الأنجمِ
مستبشرين بفضل الله في فرحٍ=يا حُسْنَ مبتدأٍ يا طِيبَ مُختَتَمِ
صِفْ يا " هنيّةُ " كيف الحال عندكمو=ما بين مُنشرحٍ منكم و مُبتسمِ
* * *=* * *
و الطائراتُ تحومُ غيرَ عابئةٍ=بحقوق إنسانٍ أو هيئة الأممِ
تلك الحقوق لإنسان و قد زعموا=محض افتراءٍ فبئس الزيف و الزَّعمِ
لا يضربون سوى مِن خلف أقنعةٍ=جُدُرٍ مُحصّنةٍ بالجُبن تتسمِ
طوفان غزة قد قلب المعادلةَ=ليَظهَرَ الحقُّ فوق الشكّ و التُّهم
عامٌ بغزة أحيا الروح في الهمم=بدءُ الصعود إلى العلياء و القمم
مستبشرين بنصر الله نرقبه= رغم الضحايا و رغم الفقد و الألمِ
وأهل غزة لم يعطوا الدنيةَ بل=مستمسكون بحبلٍ غيرِ مُنفصمِ
حبلٍ من الله ربّ الناس خالقهم=عليك معتمدي يا واسعَ الكرمِ
مسافة الصفر قد صارت هنا مثلا= في الرّمي و القذفِ و التفخيخ باللّغمِ
دبابةٌ قد أتت حصناً محصنةً=بالجند في جوفها بالرّعبِ مُنهزمِ
يسعى إليها الفتى شوقا يفجرها= أكرم به من فارسٍ أنعم به من ضِرغَمِ
فَتَىً يفاجئُهم ما همُّه أن يُرى= من غير سترته أو عاريَ القدم
أُسْدُ الشَّرى تنبري تنقضُّ في فجأةٍ=تُذيق جند العدا الكأس من علقم
و قد أعدّوا لهم قدْرَ استطاعتِهم=من مبلغ الجهد من سيفٍ و من قلمِ
و الناس تحتضن تلك المقاومةَ=كمثل أسورةٍ تحيط بالمِعصمِ
يا نعم حاضنة ترعى مقاومةً=لتنوبَ عن أمّتي و تبَرَّ بالقَسَمِ
" و الظلم إن تلقه بالسلم ضِقتَ به= ذرعا و إن تلقه بالسيف ينهزم "
* * *=* * *
ظنّوا التجوُّل في غزّةَ نزهةً=و قالوا في ساعةٍ تُلقَى إلى اليمِّ
فإذا بهم وجدوا في غزةَ صخرةَ= تردُّ كيد العدا في كلِّ مُصطدمِ
و كم بغزةَ من صبرٍ و من ألمٍ= لكنّ عند العدا الأضعافُ من ألمِ
لكننا نرجو من ربِّنا ما لا=يرجو العدوُّ من الأفضال و النِّعمِ
و الله غايتنا نعم الولِيِّ لنا=نرجو رضاه و نرجو حُسن مختتمِ
شهداؤنا في جنة متنعمين بها=مستبشرين بلا خوف و لا همِّ
يا غزة النصر ان الحق منتصر=بالحق فاستمسكي بالله فاعتصمي
وَقَفْتِ كالشوكةِ في حَلْقِ باطلهم= مرفوعةَ الرّأس في عِزٍّ و في شَمَمِ
ضريبة العزّة عن أمتي سُدِّدَتْ=من غزةِ العزة بالبذل و الغُرمِ
* * *=* * *
طوفان غزَّةَ كم أعطى الدروسَ لنا=للشرق و الغرب أو للعرب و العجمِ
طوفان غزةَ لا نُحصي فوائده=للوعي في أمتي أو سائر الأممِ
عن عودة الرّوح في أجيالنا عَرَفت= معنى الدفاع عن الأقصى عن الحرمِ
من كان يحلم بالتطبيع من حُكَّامِنا=طوفان غزةَ بدَّد سكرةَ الحلمِ
طوفان غزةَ بعْثٌ في النفوس أتى= يخاطب الفطرة تشتاق للقيمِ
في الجامعات بأمريكا و أوربا=ثار الشباب كسيلٍ هادرٍ عَرِمِ
و الناس تسأل عن سر الصّمود هنا= رغم الدّمار و رغم النار و الهدمِ
رغم الحصار و رغم القصف و الحمم=لماذا غزةُ ما هانت و لم تستسلمِ
رغم النزوح بلا أمنٍ و لا سكنٍ=سوى العراء و مِن خيمٍ الى خيمِ
رغم الضحايا بآلافٍ مؤلفةٍ=رغم الجراح تئنُّ بشدة الألم
رغم استغاثتهم هل ثمَّ معتصمٌ=و ليس ثمَّة مأمون و معتصم
سِرُّ الصمودِ بغزة ليس نفهمه=فمن يدلُّ على الأسباب و الحكمِ
قالوا لهم إنه القرآن مِن هدْيه=طوبى لمستلمٍ طوبى لمستلهمِ
و البعض يُقبِل في شوقٍ و في لهفٍ=و البعض يقرأ في شغفٍ و في نهمِ
ترى ميادين أمريكا و أوربا=فيها مظاهرةٌ بالحشد مزدحِمِ
هتافهم أوقفوا فورا إبادتكم=لشعب غزةَ في حربٍ و في جرمِ
تلك الضرائب هل تُجْبى لخدمتنا=أم للسلاح ليحرق ساكني الخيمِ
طوفان غزة أحيا الناس أفهمها= ما كان من قبل يستعصي على الفهمِ
رؤساء أمريكا و الغرب في قبضةٍ= بيد الصهاينة كعبادة الصنمِ
حرب الإبادة في وحشية أيقظت= حُرَّ الضمائرِ من عرب و من عجمِ
رغم الدمار و رغم القصف مستعرٌ= مازِلت يا غزةُ مرفوعة العلمِ
تلك الأباطيل قد حيكت و قد نُسجت=من الصهاينة أفضت إلى العدمِ
و أن ما يدعون اليوم من سَفَهٍ=فُضِحت سخافتُه في سائر الأممِ
فليس للمعتدي حقٌّ بأرضٍ لنا=سوى افتراءات لغاصب مجرمِ
* * *=* * *
حقوق إنسان و الغرب روَّجها=عدلٍ و حريةٍ أو سائرِ القيمِ
تلك الحقوق شعاراتٌ مزيفة= حسب الهوى عندهم تعطى و تُقتسمِ
بئس المكاييلُ إن كيلت بمُختِلِفٍ= من القياس بحسب الجنس و القومِ
إن كان من عجم يُعطى كأوكرانيا=أو كان في غزةَ فالقصف بالحمم
و العدل إن لم يكن في الناس مشتركا=على السواء فذلك أبغض الظلم
* * *=* * *
نعود للعرب إذ حكامهم أعرضوا=عن الوفاء بحق الجار و الذممِ
أين الجيوشُ و أين نشيدُنا الوطني= أين العروشُ و أين تحيةُ العلمِ
مصر العريقة قد ديست بمعبرها=من العدو بلا عتبٍ و لا لومِ
"مسافة السِّكَّةِ " هل كان مقصدها=حصراً إلى ليبيا أو قل إلى شرْمِ
دول الجوار فأين اليوم نخوتُها=ذهبت معونتهم للمعتدي المجرم
و من تسلل يبغي نصر إخوته=يبغي الشهادةَ يلقى المنع في حزمِ
إلا من احتال في حرصٍ و في حذرٍ=ينوي الشهادة و الإقدام في عزمِ
طوفان غزة قد جلَّى الأمور لنا=حكامنا للعدو اليوم كالخدمِ
شعوب أمتنا تغلي الدماء بها= لنصرة الجار و القربي ذوي الرحمِ
و إن هنا أحد أبدى تعاطُفه=تلقى له عندهم سيلاً من التُّهمِ
دول الجوار بها حرس الحدود له=الأمر بالمنع للشهم و للدعم
* * *=* * *
و الناس تسأل أين المسلمون إذن=أين الدعاة ذوو الإقدام و الهممِ
أين الجماعة ملء السمع و البصر=أين الأصول بإخلاص مع الفهمِ
و منهم الأسد خلف السور تنتظر= قد لُفِّقت لهمو إفكا من التُّهَمِ
و الأسدُ قالت لهم فلتخرجونا إذن= نحرر الأرض و الأقصى مع الحرم
والمسلمون كحبَّاتٍ بمسبحةٍ=و الخيط يلزم للتجميع و الضمِّ
لا تحقرن من المعروف ما وسعَت=به استطاعتُك بالبذل و الدَّعمِ
من الدعاء و من وعي و توعيةٍ=شارك بجهدك مِن قلم و من درهمِ
و من تقاربنا صفّاً إلى صفٍّ=و من مقاطعةٍ لتجنُّبِ الإثم
* * *=* * *
يا دعوةَ الحقِّ إن الحقَّ منتصرٌ=مهما تكبر بالطغيان ذو غشمِ
يا ربّ فرِّجْ بنا ما حلَّ مِن كُربٍ= و احفظ بلاداً لنا من ظالم مجرمِ
فرق جموع العدا من كل مغتصب= و ردَّه ربّنا بالخزي منهزم
و افضح نفاقا هنا في زي أنظمة=أُسْدٌ علينا و للأعداء كالغنمِ
خذلان حكامنا إجرام حكامهم=نشكو إليك و أنت خير منتقِمِ
بك نستغيث لغزة هاشمٍ تقفُ=للهول مقتحمٍ للموج ملتطمِ
و ارحم شهيدا لهم واشف مريضهمو=وائذن لجرحٍ لهم بالعفو يلتئم
و انصرهمو ربنا و اكتب لأمتنا=فرحا بنصرهمو و برفعة العلمِ
هيئْ لنا ربنا من أمرنا رشدا=حتى نحرر أرض الحل و الحرم