هوامش :
- المحنقين : الذين ملأ قلوبهم الغيظ .
- حاك مؤامرةً ونحوَها: دبّرها وخطّط لها .
- الهبوات : جمع هَبْوة وهي ريحٌ تهبُّ بالغبار فيرتفع في الجوِّ .
يا أخا الفطنةِ : ما الخيرُ انطوى=فيك ، أو ماتَ بدنياك الرجاءْ
أنتَ من فرسانِ قرآنِ الهدى=مَنْ تسامى المجدُ فيهم والثَّناءْ
عشْ جناحًا طاهرَ اللمحِ على=قِممِ البرِّ وأفنانِ العلاءْ
واحمل الرحمةَ للناسِ كما=تحملُ السُّحْبُ إلى الآفاقِ ماءْ
أنتَ من أحفادِ طه المصطفى=فبكفيْكِ رخاءٌ وإخاءْ
فانهض اليوم وجدِّدْ مجدَنا=وأجبْ صوتَ أغلى البُشَراءْ
* * *= * * *
أبطأَ السُّوءُ بمَنْ يحملُه=ورمى المكرُ عليه شرَّه
فاحذرَنْ ألسنةً ليِّنةً=يحملُ الأفعى عليها غدرَه
لاتُصدِّقْ أو تثقْ يومًا بمَنْ=عاشَ ذا وجهينِ يخفي مكرَه
خصلةٌ مذمومةٌ في ناقصٍ=فرَّقتْ في سوءِ حالٍ أمرَه
إنَّما السَّعيُ بأفياءِ الهدى=واجبُ المسلمَ يغني عمْرَه
فاعتصم باللهِ واسألْه الرضا= ودعِ الأفّاكَ يدركْ خُسْرَه
* * *= * * *
لك قلبٌ أُكرمَ الوعيُ به=بضياءِ العقلِ في آدابه
فارْقَ للأسمى بروحٍ مؤمنٍ=واهجر اللهوَ هوى أخدانِه
لاتعشْ نهبَ الهوى مسترسلا=فضياعُ المرءِ في تلعابِِه
زلَّ مَنْ يجهلُ مرمى عيشِه=واستخفَّ الطيشَ في أسبابِه
عزَّةُ الإنسانِ في إيمانه=بالذي يُغني جَنَى أحبابِه
فَتَحَصَّنْ بالتُّقى ذا ولهٍ=بالمثاني في يَدَيْ محرابِه
* * *=* * *
لاتعاشرْ كلَّ خوَّارٍ جبانْ=فهو الحملُ الثَّقيلُ المجهدُ
لاتُقمْ رأيًا له . إنَّ الذي=يقتلُ العزمَ جبانٌ يُقصَدُ
وامضِ بالهمَّةِ في نورِ الحِجَى=عزَّةً تسمو ، وفعلا يُحمَدُ
واهجر البغيَ وإن أُوتيتَ ما=يدفعُ الباغي لِما لا يُحمَدُ
وانشدِ السِّيرةَ في أفيائها=تجدِ الأُنسَ الذي لاينفدُ
أنقذَ الناسَ هُدى خيرِ الورى=وبه الجيلُ لمجدٍ يصعدُ
* * *= * * *
لم يكدْ ينفشُ من طغيانِه=فوقَ أشلاءِ ضعيفٍ أُقعِدَا
إذْ رماه اللهُ من نقمتِه=حيثُ لبَّى مَنْ دعا واستنجدا
أمدُ الظُّلمِ قصيرٌ فاتَّعظْ=واخشَ أنْ تظلمَ يوما أحدا
دعوةُ المظلومِ سهمٌ قاتلٌ=في يدِ الغيبِ إذا ما سُدِّدا
فعشِ المسلمَ في أخلاقه=تنلِ الفضلَ بها والسؤددَا
فَهُدى الإسلامِ نورٌ للفتى=يمنحُ الإنسانَ عيشًا أرغدَا
* * *= * * *
عثراتُ الجهلِ في كبوتِها=نزلَ الغيُّ دياجيها و حلْ
فاطلب الرشدَ هُدَىً من عالم=و ذرِ الجاهلَ كالأعمى عطلْ
مَنْ أتى الجاهلَ يسترشدُه=تاهَ في آرائِه القلبُ و ضلْ
إنما الجاهلُ حقلٌ يابسٌ=مَنْ سعى فيه لخيرٍ ما وصلْ
جاءَ في القرآنِ أزكى ما أتى=لسُمُوِّ النفسِ من أبهى الحُلَلْ
وبدين المصطفى منهجُنا=للمعالي وارفات لم يزلْ
* * *= * * *
يأسِرُ القلبَ فحاذرْ طمعٌ=وارضَ من كدِّك ما أعطى الإلهْ
ليس للإنسانِ إلا ما سعى=كتبَ اللهُ له رزقَ الحياهْ
كم فقيرٍ جاءَه الخيرُ غِنَىً=وغنيٍّ أدبرَ اليومَ غِناهْ
إنما الرزقُ على اللهِ الذي=تملأُ الدنيا من الجودِ يداهْ
فَثِقَنْ باللهِ أعطى رزقَه=لجميعِ النَّاسِ لم يحرمْ نَدَاهْ
واسعَ في الأرضِ ففيها خيرُه=واسْألَنْ ربِّي تكُنْ ممَّن رعاهْ
* * *= * * *
اخلعِ الذُّلَّ ، و وجِّهْ ناظريْك=شطرَ بابِ اللهِ يمنحْكَ الهباتْ
وازدرِ السُّؤلَ الذي يمضغُه=حسرةً مَنْ ألفَ العيشَ الفُتاتْ
لاتسلْ في حاجةٍ غيرَ الذي=برأ الخلقَ وأحيا وأماتْ
أمرُه في خلقِه يمضي فكم=فرَّجَ الكربَ وكفَّ النَّائباتْ
أنتَ بالإسلامِ من أهل الصَّدى=لنداءِ الوحيِ في غمرِ الحياةْ
فالبطولاتُ التي قد سُطِّرَتْ=لم تكنْ إلا لأهلِ العزماتْ
* * *= * * *
المروءاتُ مغاني هممٍ=لم تجدْها في صدورِ النائمينْ
فأفقْ مستعذبًا طعمَ العلى=بمثاني النُّورِ في ظلِّ اليقينْ
وتقلَّبْ بينَ أبرادِ الهدى=وتخيَّرْ ومضةَ النُّورِ المبينْ
تجد العيشَ : مزايا حُلوةً=لم تجدْها في دروبِ التائهينْ
في دروبِ الصَّحوة الكبرى فَعِشْ=وتهادى مع عمومِ السَّالكينْ
إنَّه الإسلامُ أحيا أُمَّةً=رغم كيدِ الظالمين المُحْنَقِينْ(1)
* * *= * * *
قمْ و ناجِ اللهَ في الليلِ البهيمْ=وادْنُ من محرابِه ، وارفعْ رجاكْ
وتبتَّلْ بخضوعٍ مُبدِيًا=بثَّكَ المرَّ بأحناءِ دُعاكْ
يا إلهي : أنتَ بي أعلمُ من=قلبيَ الخافقِ في ظلِّ عُلاكْ
ضقتُ ذرعا بكروبٍ دلهمتْ=فأغثني يا إلهي بهداكْ
واجْبُرَنْ كسري فقد ضاقَ المدى=من رزايا ليس يطويها سِواكْ
همُّ قومي ياإلهي إنَّما=باتَ خطبًا لِأَذانا الحقدُ حَاكْ(2)
* * *= * * *
لاتقلْ عن غدِكَ الآتي ولا=تقرأِ الفنجانَ في كفَّيْ شقيْ
و دعِ الأمرَ لمَنْ دبَّره=فسوى اللهِ كذوبٌ و دعيْ
والليالي نحنُ لانعلمُ ما=حملتْ من بشرياتٍ أو نعيْ
فالمشيئاتُ لربِّي وحده=سخطَ الجاحدُ منها أم رضيْ
هكذا جاءت به دعوتُنا=وتجلَّى في أحاديثِ النَّبيْ
واقتفى آثارَها أهلُ الهدى=من تقيٍّ وصفيٍّ و وليْ
* * *= * * *
امضِ مستعصمَ قلبٍ بالذي=من دجى التيهِ أتانا بالضياءْ
و اسلك الدَّربَ أبيًّا مسلما=لايغرَّنَّكَ كيدُ السُّفهاءْ
قوةُ البغيِ ومَنْ يملكُها=أمرُها يملكُه ربُّ السَّماءْ
و رفيفُ الفرجِ القادمِ لم=يقوَ أن يمنعَه أهلُ العماءْ
إنَّه اللهُ ولن يعجزَه=من طغاةِ العصرِ جمعِ الأشقياءْ
فاستغثْ باللهِ إنْ ما عصفتْ=فرياحِ الحقدِ للقومِ ابتلاءْ
* * *= * * *
لم نكنْ نخشَى عدوًّا بطشُه=ثبجُ الظُّلمِ ، وموجُ الرَّهباتْ
فلدَينا فوقَ ماتدركُه=عينُ مَنْ عادى الهدى والبيناتْ
سفنُ الحقِّ لها من ذاتها=قوَّةٌ تمخرُ بحرَ النكباتْ
لا تُبالي بأعاصيرِ العنا !=هي أعتى من رياحٍ عاصفاتْ
دعوة للهِ يبقى نورُها=رغم مافي عصرنا من ظلماتْ
وسيأتي الصبحُ يجلو وجهَها=وتولِّي عن ربانا الهَبَوَاتْ(3)
* * *= * * *
أنتَ . مَنْ أنتَ ؟ ففي قبضتِه=فامضِ ، واعلمْ أنك العبدُ المهينْ
فإذا كنتَ لبيبا فطنا=فتوقَّفْ قائلا في كلِّ حينْ :
ربِّ لاتأخذْ حياتي بغتةً=بذنوبي يا إلهَ العالمينْ
واهدني في كلِّ حالٍ إنني=لضعيفٌ في غياباتِ السنينْ
يجهلُ المرءُ بها قيمتَه=وهو المسكينُ من ماء وطينْ
ومحيَّاه يُرى في بهجةٍ=إنْ أتى العيشَ بحال المتقينْ
* * *= * * *
ماتخاذلنا وإن طالَ المدى=والدروبُ اليوم يغشاها السَّرابْ
والأعادي المرجفون انتحلوا=صفةَ الصِّدقِ وهم أهلُ الكِذابْ
زيَّفُوا ما قد أتى من سفهٍ=فترى الناسَ بأثوابِ السِّغابْ
والمزايا أصبحتْ في رأيِهم=من أساطيرِ اضطرابٍ وارتيابْ
وعن الإسلامِ صدُّوا فالتوى=للهوى ساعدُهم دون الرِّغابْ
فعسى الرحمنُ يأتي بالهدى=وتولَِّي كلُّ رغْباتِ الذِّئابْ