﴿ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ 110 / يوسف .
***
***
*نشرت في ( مجلة اقرأ ) التي تصدر في مدينة جدة العدد 265
تاريخ 10/ جمادى الأولى / 1400ه
بعَيْنَيَّ باتَ الرَّبيعُ الحبيب = رؤى مُغرمٍ بالزَّمانِ الخَضِلْ
ليالٍ مضَيْنَ بدنيا الأسى = يرنُّ صَداها بقلبي الثَّملْ
نثرْتُ الهوى أحْرُفا حولها = فطارتَ بلابلَ شطرَ الأملْ
على كلِّ حقلٍ بدربِ المنى = قصيدةُ شوقٍ بروحي اشتعلْ
يفوحُ طيوبًا شذاها النديُّ = ويحيي الليالي العِذابِ الأُوَلْ
فأوقد قلبي لبوحِ الحنين = مشاعلَ يُذكي سناها الأجلّ
أهيمُ على لمحِها لا أرى = سِواها المسامرَ منذ الأزلْ
فلا كأسها بنت تلك الكروم = ولا شَهدها من شهيِّ القُبَلْ
وليست تلاحينَ ريبٍ ولا = بقيَّة غصنٍ ذوى وانفصلْ
وفي الأرضِ دنيا مروجٍ فساح = تطالعُني بالنَّدى ما ارتحلْ
فقمتُ أعانقُ صدرَ الظلال = على همهمات النَّسيم الجذلْ
وأنظرُ وجهَ الصباحِ انجلى = لصوتِ الأذانٍ لروحي وصَلْ
أفجري الحبيب أطلَّ الضياء = بليلِ حياتي الطويلِ وهلّ
بكيْتُ عليه بقلب ولوع = زمانا تقضَّى أسى وانسدَلْ
وجاءَ نديًّا لذي لهفةٍ = يبدِّدُ عنه ثقيلا حَمَلْ
فهبَّ وقد شدَّه العنفوان = شبابا أتى عصرَه واكتملْ
فمنه غناي الشَّجيُّ الذي = يفورُ إباءً بغيرِ كللْ
ومنه هواي العنيدُ الوفيُّ = وحبِّي الذي ما عراه الدَّخلْ
وفيه ملامحُ ركبٍ يعيد =زحوفَ الأفاضلِ بين السُّبُلْ
أراهُ خلالَ الدُّجى والضَّباب = بهيَّ الشُّعاعِ جميلَ الحُلَلْ
أتى رحمةً لجميع الشعوب = فصبرا ... لكلِّ كتابٍ أجلْ
أفقْتُ وحلمُ الصِّبا دمعتان = ترقرقتا في حنايا المقلْ
وآفاقُه الخضْرُ وشيُ الربيع = وَفَقْدُ شذاه عليَّ ثقُلْ
وبسمتُه هي أمنُ الفؤاد = تراءت بدربي ولم ترتحلْ
نسجتُ لها من يقيني النشيد = توهَّجَ في لحنه المشتعلْ
فهبَّتْ له أمَّةٌ من هجوع = تُمزِّقُ ثوبَ الونى والوجلْ
وثارت مروءاتُ روحٍ شغوف = تململَ تحت النَّعيم الضَّحِلْ
وسارتْ خُطاهُ فياللزحوف = تموجُ إباءً لأمرٍ جلَلْ
بعينيَّ دنيا ربيع الحياة = وباقةُ طيبٍ لعانٍ سألْ !
تموجُ الكروبُ وتفنى شعوب = وشعبي سنى الخلد لمَّا يزلْ
له شهدتْ صهواتُ الجِياد = ونقعُ الوغى بالدماءِ اشتعلْ
وإن عشتُ أفخرُ بين الورى = بماضٍ زها بصباحِ الرُّسُلْ
فإنَّ ضياءَ المثاني الحِسان =لته في المدى قبسٌ ما أفلْ
وصاغَ البطولةَ دينُ الرسول = وأنبتَ في كلِّ عصرٍ بَطَلْ
هو الشَّعبُ ظلُّ الخلودِ وكم = تجلَّى بصيحةِ حقٍّ وهلّ
فلا تنسَ سرَّ انبلاجِ النهار = فللفتح ركبٌ أراهُ وصلْ
فقلها لأهل الفسادِ الطغاة = وللمرجفين هواهم قَفَلْ
فشعبي دعتْ المثاني العِذاب = لعهدٍ أتى عصرُه ما نكَلْ
وتبقى لنا بشرياتُ الحبيب =وثائقَ للناسِ لاتُبْتَذَلْ