رايةُ الإسلام لم تسقطْ

قد تواعدْنا على شطِّ الفراتْ = أنْ نعيدَ الحقَّ نورا للحياةْ ماتقاعَسْنا ولا لانَ الذي = عاهدَ اللهَ لخوضِ الغمراتْ(1) أو خضعنا والرزايا عصفتْ = لطغاةٍ قد تمادوا وعتاةْ ليس فينا مَن ونى ساعدُه = فهو الرَّكبُ أباةٌ و هداةْ تعسَ الباغي ومن ساعدَه = حسبُه العارُ بكلِّ النكباتْ دعوةٌ غرَّاءُ في راياتها = يبسمُ المجدُ وتحدو العزماتْ * * *=* * * أينُ يانفسُ نشيدٌ أُثرَا = يومَ أزجيْتِ شذاهُ عطِرَا ! في مغاني (الدَّيرِ ) يُلفَى زهوُه = وزها العمرُ بها مستبشرَا قد تولَّعتُ بنجوى أُنسها = ومشيتُ الدَّربَ حقلا مزهرَا وغزلتُ الشِّعرَ في مغزلِه = ثورةً كانتْ لقلبي قدرَا وأُولو الأضغانِ من أعدائنا =شأنُهم أوهى وأدنى ضررَا(2) لم يزل إيمانُنا يحمي الحِمى = فترى البغيَ انطوى مندحرَا * * *=* * * أين هاتيك الليالي المقمراتْ = وأمانينا بها مبتهلاتْ! ويحَ نفسي مثلما الحلمُ مضى = غامتِ اليومَ عيونٌ رانياتْ بينَ صحبٍ مثل أملاك السَّما = بقلوب سالماتٍ طيِّباتْ في بيوتِ اللهِ عشنا إخوةً = لم تفرِّقْنا بيومٍ نَزّواتْ فأيادٍ طاهراتٌ ونفوسٌ = لم يُمرِّغْها سرابُ الهفواتْ(3) جلَّ ربِّي إنّها الدنيا التي = صوَّحت فيها الجِنانُ النَّضِراتْ(4) * * *=* * * قالها الحقُّ فلبَّى ركبُه = صوتَ هّدْيِ المصطفى للمنهجِ لقلوبٍ لم تزلْ تفدي الهدى = رغمَ أيامِ الأسى بالمهجِ أمَّتي قد أيقظتْها محنٌ = أطفأتْ بالدَّمِ نارَ الهمجِ أسمعيهم صرخةً داويةً = من فؤادٍ في الوغى مبتهجِ لاتنامي ودعيها مقلا = تسبحُ اليوم بنورِ الوهَجِ صانها اللهُ لها مقبلةً = بالمثاني فوقَ أفلى السُّرُجِ * * *=* * * مذْ نأتْ روحي عن الفجرِ الذي = قد عَمَرْنَاه بإيمانِ الشَّبابْ قتلَ الوهنُ وثوبي وانثنى = ساعدي الصَّلدُ وأوهاني انتيابْ! لايقومُ الحقُّ إلا بدمٍ = فائرِ النبضِ سخيٍّ كالسَّحابْ شعبُنا اليومَ تآخى رافعا = رايةَ الحربِ بلا أيِّ ارتيابْ بذلَ الروحَ لربٍّ والدِّما = جارياتٍ في بيوتٍ وشِعابْ كلُّ طاغوتٍ إذا لم ترمِه = قبضةُ الحقِّ تعالى كغرابْ * * *=* * * لاتخفْ يابنَ الرجالِ المعرقينْ = أصلُهم أعلى وممشاهم رزينْ(5) رايةُ الإسلام لم تسقطْ ولم = تمرِّغْها خدماتُ الخائنينْ يحفظُ اللهُ مآلا عاليًا = لبنيها وصفُها فوق الظنونْ لم يقيِّدْها زمانٌ زائلٌ = أو مكانٌ بينَ غيٍّ وشجونْ فتنةُ الدنيا حجابٌ دونه = جنَّةُ الخُلدِ ودارُ الفائزينْ هي دارُ الشُّهدا والأوليا = والهُداةُ المتَّقين الصَّالحينْ * * *=* * * وتداعتْ أُممٌ جاءت لها =   بالقُوى العمياءِ صنعِ الأجنبي لفلسطين وللأقصى أسى=   لم يزل يشوي قلوبَ النُّجبِ نصفُ قرنٍ والمآسي لم تزل=   تهزأُ اليوم بأعتى الخطبِ والشعارات التي قد دوَّخت=  أُمَّةً تجثو ولَمَّا تثبِ لا على جبهتِها لكنْ على=  عزمِها المكدودِ بعدَ الرُّكبِ فالعدوُّ الغاشمُ الملعونُ قد = جاءَ يجتثُّ الإبا بالغلبِ * * *=* * * يا أخا الإسلامِ قد حنَّتْ قلوب = لرسولِ اللهِ والسَّاحُ خضيبْ والدمُ المسفوحُ في أمَّتنا = في سبيلِ اللهِ من معنى الوثوبْ من رؤى بدرٍ تعلمنا الثبات = وهجرنا مَن تغطَّى بالنَّحيبْ مرحبا بالموتِ في أردانه = نفحةُ الرضوانِ إيثارٌ وطيبْ سئمَ الذُّلَّ شبابٌ مسلمٌ = فتصدَّى يبتغي عزَّ الشُّعوبْ قد كفى النَّاس هوانا وأذى = بين فكَّيْ أسدٍ ضارٍ وذيبْ * * *=* * * يا أخي رؤياي رؤيا يوسُف = غمَرَتْ قلبي وقلبي في القيودْ حدَّثتْني والجِمالُ انحدرتْ = لبوادي الجبِّ في الدربِ النَّضيدْ: إنَّ ساعاتٍ على القلبِ لها = وطأةُ الحِمْلِ على ظهرِ الطريدْ إنَّما الغيبُ تباشيرُ هدى = أشرقتْ بالبِشرِ في الصُّبحِ الجديدْ نجدةُ المولى لنا غوثٌ محا = مابصدرِ الركبِ من كَربٍ عتيدْ(6) وتراءتْ غارةُ الديَّانِ في = غمرةِ الطغيانِ والهولِ الشَّديدْ * * *=* * * لم يَدُمْ ضيقٌ ولا عسرٌ ولم = يدعِ اللهُ لبغيٍ أنْ يدومْ كلما ضاقَ الخناقُ انفرجتْ = ظلمةُ البأسِ ومرماه الأليمْ وثباتُ المؤمنِ الأتقى له = نفحةُ الفتحِ من اللهِ الكريمْ فَلْيَثِبْ في كلِّ قلبٍ صادقٍ = أملٌ لاينثني رغمَ الكلومْ عزَّةُ الإسلامِ في أحنائنا = ليس تطويها عداواتُ الخصيمْ قد قضى اللهُ بألا يُرتَجَى = أيُّ خيرٍ من لئيمٍ ونهيمْ(7) * * *=* * * بين أمسي وتصاريف الزمَنْ =قيمٌ تطرحُ إيلامَ الشَّجنْ تبعثُ العزمَ وتحيي ما طوى = ساعدُ الظلمِ وديجورُ المحنْ عزَّةُ المسلمِ في وجهِ العِدا = وثباتُ الدينِ في دنيا الفتنْ والدَّمُ الجاري بأعماقِ الجوى = هو قربانٌ لعهدٍ مؤتَمَنْ فالهوى المذمومُ لن يبقى ولنْ = يجدَ الفرسانُ آثارَ الوَهَنْ ستولِّي كلُّ أصنامٍ لهم = وسيُطوى في مغانينا العَفَنْ * * *=* * * عصرُنا هذا دروبٌ وعِرَهْ = واعتقاداتُ ضلالٍ قذرَهْ ملئتْ بالمكرِ والزَّيف الذي = قد تولاَّهُ طغاةٌ كَفَرَهْ حكموا الناسَ بلا أصلٍ لهم = فَهُمُ بين البرايا نكرَهْ فتراهم لهواهم عربدوا = كوحوشٍ أُفلتَتْ مستنفرَهْ بُليَ الناسُ بمَن لم يعرفوا = صنعةَ الحُكمِ فجاءتْ منكرَه وأتاحوا لأولي اللهو المدى = حيثُ عاثوا في المغاني فَجَرَهْ * * *=* * * واجبُ المسلمِ دفعُ الظُّلمِ = عن تعاليمِ رسولِ الأُممِ لايهابُ البغيَ مهما دلهمتْ = سحبُ البأسِ ونارُ الحممِ إنَّها جولةُ عيشٍ فَلْتَكُنْ = رايةُ الدِّينِ بأعلى القِمَمِ والمواعيدُ إذا عزَّ اللقا = في جِنانٍ عندَ ربٍّ مُنْعِمِ وعَدَ الرحمنُ بالنصرِ الذي = بيديهِ لا بأيدي مجرِمِ فانتصرْ للهِ لاتخشاهُمُ = أيُّها المسلمُ رغمَ الضَّرَمِ * * *=* * * * * *=* * *