***
لاتقل مات فجرنا الرباني = في دياجي الخطوب والأشجان
وانطفتْ شعلةُ الجهادِ وغامت = في سمانا عزائمُ الإيمانِ
أو كبا الفارسُ العنيدُ مُدَمَّى = وتخلَّى عن حومةِ الميدانِ
أو أنامَ الفرسانَ لحنُ التَّمنِّي = فتواروا للوهنِ والخذلانِ
واحتوى الأُمَّةَ الكريمةَ ضعفٌ = فتمطَّتْ على بريقِ الأماني
لاتقلْها ففي الصدورِ لهيبٌ = سعَّرتْهُ الأحداثُ في البلدانِ
عربداتُ الطغاةِ ذوبي فهذي = صرخاتُ انبعاثنا الرباني
من دويِّ الجراحِ في كلِّ أرضٍ = سقطتْ تحتَ خِسَّةِ العبدانِ
عضَّها المجرمون يومَ تولَّوها. = . بنابِ الجحودِ والأضغانِ
أيُّ شرقٍ وأيُّ غربٍ تراءى = بِسِوى الغدرِ وامتشاقِ السِّنانِ
وبفكرٍ أضاعنا وخداعٍ = وسلاحٍ يعجُّ بالنيرانِ
ملَّةُ الكفرِ ثوبُهأ وثنيٌّ = نسجتْهُ من اللئامِ يدانِ
* * *=* * *
من فجاجِ الصحراءِ أصغي لصوتٍ = أزليٍّ يموجُ في وجداني
ورحابُ المدينة اليوم شعَّتْ = من ذُكاءِ النُّبُوَّةِ المزدانِ
تستحثُ الفرسانَ من أهلِ دينٍ = ويقينٍ محمَّديِّ البيانِ
لم تمتْ عزَّةُ الأفاضلِ جمرًا = يتلظَّى في الصَّدرِ كالبركانِ
هزَّني والوجومُ يعصرُ قلبي = ويجلِّي مافيه من غليانِ
ومشى بي إلى مشارف مجدي = وأراني المكنونَ من فرقاني
من هنا أشرقَ الصباحُ نديًّا = في رحابِ المدى وهامِ الزمانِ
وسرى باسمِ دعوةٍ ظلَّلَتْها = وهي تبني كرامةَ الإنسانِ
لارنين الأشعار يُوفي لوصفٍ = أو مقالِ المدلِّ بالتِّبيانِ
نفحةُ البيدِ موجةٌ من غيوبٍ = عانقتْها كتائبُ الرحمنِ
وهي اليومَ في ضمائرنا الحرَّى. = . نشيدٌ يثيرُ روحَ المغاني
يوقظُ النَّائمين ، ينتزعُ الوهنَ .=. ويحيي الأمواتَ في الأكفانِ
فهو الروحُ لم يَنَلْها هوانٌ = يصفعُ المرجفين في البلدانِ
ويهزُّ التيجانَ تيجان ظلم = واحتكامٍ لِملَّةِ الأوثانِ
وانهزامٍ أمام بغي الأعادي = قد تراها في الآثم الخوَّانِ
إنَّه العهدُ عهدُ أهل المثاني = لم يبالوا بقوةِ الطغيانِ
هو وَهْجُ الأقدارِ في الأضلعِ الظَّمأى .=. وسيفُ الفداءِ والعنفوانِ
والبشاراتُ جلَّ ربِّي قد حبانا = بالمثاني وسُنَّةِ العدناني
ونداءُ الرضوانِ في جنَّةِ الخلدِ .=. لنجوى بدريَّةِ التَّحنانِ
سابقينا على دروبِ الدياجي = وأنيري هوانَنا بالتَّفاني
يابقايا من المروءةِ لم تُخْنَقْ.=. بأيدي دُجُنَّةِ الحدثانِ
فالرزايا في حلكةِ الظلمِ ولَّتْ = وتردَّى المغرورُ في القيعانِ
فالشُّعاعُ الطَّريدُ في غابةِ الجَوْرِ .=. ينيرُ البلدانَ رغمَ الدُّخانِ
والملبُّون في الفجاجِ تنادوا = ينفضون الأسى عن الأبدانِ
صاحَ داعي الجهادِ فانتفضَ الفجرُ.=. وأعلى نداءَه بالأذانِ
فإذا السَّاحُ والحناجرُ دوَّتْ = بمآتي تكبيرِنا الفينانِ
وَلْتهب الشعوبُ من غفلة الوَهْنِ.=. وتنأى عن حفرةِ الخسرانِ
إيهِ يا أمَّةَ الجهادِ ألمْ يكفِ .=. سيوفَ الفدا بغيرِ طعانِ !
ملَّتِ الغمدَ فانتضتْها أيادٍ = طاهراتٌ حنَّتْ إلى الميدانِ
أَمِنَ العزِّ أن تنامي على الضيمِ.=. عهودًا موهونةَ البنيانِ
هو ذا عصرُك الصَّبيحُ فأين الركبُ .=. يُزجي قوافلَ الشُّجعانِ
أنتِ يا أُمَّة الهداية والخيرِ .=.وكأس الخلود تستقيانِ
فامنحيها إلى الأنامِ ورُدِّي = كلَّ كأسٍ ملعونةٍ وهوانِ
لاتُميتي الرجاءَ من جذوةِ الفجرِ .=. فقد هَلَّ من خبايا الزَّمانِ
يشرقُ المجدُ بالبطولةِ والعزمِ . =. فَتُطْوَى مكائدُ الشيطانِ
فاستجيبي للهِ في رهجِ الهولِ.=. تَرَيْ من بوارقِ البرهانِ
واخلعي ربقةَ الهوانِ وشدِّي = بينَ فتحٍ مضى وآخر ثانِ
أسمعيهمْ من جلجلاتِ زحوفٍ = داوياتٍ في الأفقِ كالبركانِ
وانشري وجهَ عزَّةٍ لم تنلْها = هجماتُ الغزاةِ في الأزمانِ
يامنارَ العرفانِ ردِّي قطوفًا = من ربيعِ الهناءِ والعرفانِ
زمنُ الفصلِ لا أراه بعيدًا = فالحديثُ الشريفُ بعدَ المثاني
يوشك الأمرُ أنْ نراهُ صباحا = في غدٍ في نهارِه النشوانِ
لم تزلْ صورةُ الرجالِ طيوفا = غافياتٍ كالطيفِ في الأجفانِ
ورؤاهم خلافةٌ أنبأتنا = عن قضايا الإحسانِ للإنسانِ
آهِ لو لم أعِشْ مآسيَ قومي = لم أُصدِّقْ ما قد ترى العينانِ!
الملايين كالغثاءِ تلاشوا = وقواهم مهدودةُ الأركانِ
ذلَّلَ الغاشمون أُمَّةَ عزٍّ = فاعتراها ما ليس بالحسبانِ
أين يومُ النَّفيرِ يحشدُ ركبًا = لجهادٍ مقدَّسٍ وتفانِ ؟
أين روحُ الإيثارِ تبعثُ فينا = من معاني الإخاءِ زهوَ الحنانِ ؟
أين عشَّاقُ جنَّةٍ يوم تُسْقَى = بدمٍ طاهرِ التَّدفُّقِ قانِ ؟
أين أين الأيَّامُ ياويحَ عُمْرٍ = قد تقضَّى في مهمه الخذلانِ ؟
يا إلهي أعدْ علينا ثيابًا = طاهراتٍ بالعفوِ والغفرانِ
وأنِرْ ليلنا الطويلَ بهديٍ = قد تسامى من سلسل القرآنِ
لك نشكو تفرُّقًا وضياعًا = وخطوبًا تموجُ في البلدانِ
فامْحُ ياربِّ بؤسنا وشقانا = وأجرْنا من وطأةِ الأحزانِ
واكشف الغُمَّةَ الثَّقيلةَ عنَّا =من عجاجِ اللأواءِ والحرمانِ
كم شهيدٍ من التُّقاةِ تهاوى = وجريحٍ مضمَّخِ الأردانِ
وأسيرٍ لدى العدوِّ تلوَّى = مع ركبٍ من ذوي الإيمانِ
وسجينٍ أردوه في السِّجن قتلا = بفنون التعذيبِ في كطلِّ آنِ
وفلسطين : جرحُنا ، وجراحٌ = راعفاتٌ لإخوةِ الإيمانِ
هاهم المسلمون في كلِّ صقعٍ = قيد قتلٍ أو شدَّةٍ أو هوانِ
يا إلهي أنت الرجاءُ ولسنا = نُسلمُ النَّفسَ للقنوطِ الجاني
علَّمَتْنَا الآياتُ كيف نلاقي = من صنوفِ الإيذاءِ والنُّكرانِ
قد صبرنا وبالثَّباتِ نجحنا = رغم عصفِ الإرهابِ والطغيانِ
وكأنِّي أرى الفجاجَ بنودًا = خافقاتٍ بهمَّةِ الفرسانِ
وأرى الفجرَ مشرقًا بانتصارٍ = مؤذنا بانحسارِ رأي الجبانِ
وأرى شعبَنا العظيمَ زحوفا = تتحدَّى ضراوةَ الطغيانِ
وتعودُ الأيامُ ملأى بخيرٍ = وابتهاجٍ يا أُمَّتي وأمانِ