يا شعب إفرح فذا بشار قد هربا = وانهار بنيانه المشؤوم وانقضبا
ستون عاماً وليل الظلم منبسطٌ = فوق البلاد يُريها الهولَ والعجبا
مذ أن بداها الأب السفّاح متخِذاً = طريقَه فوقَ أشلاءٍ لِما اغتَصبا
يَنسى الزمانُ ولا تَنسى الشآم أذى = إجرامٍ اعيى المدى الكتّاب والكتبا
قد أثمَلَ الأرضَ مِن أمواه أزهُرِها = سَلوا حَماةَ تحدّثْكم سَلوا حلبا
وسار بشار مثلَ الذيلِ يَتبعُه = وأُورِثَ الأرضَ والثاراتِ والغضبا
فلم يغادر طريقاً غير منخسِفٍ = ولم يوفِّر لسحقِ الأبريا سببا
هدّامُ أبنيةٍ جزّارُ أقبيةٍ = لعّاقُ أحذيةٍ للظالمين صَبا
خنّاقُ أوردةٍ حرّاقُ أفئدةٍ = مصّاصُ أرصدةٍ لم يرحم النجبا
وحين ثار ترابُ الأرضِ يلفِظهُ = استقدم الروس والعجمان والعربا
وعاند الناسَ واختار المماتَ لهم = فلا يبالي أقصفاً كان أم سغبا
فكم براميلَ فتكٍ بَدّدت مدناً = وكم سلاحٍ من الكمياءِ قد ضربا
وكم محت من ديار الحُبّ أذرُعُهُ = وأطفأت من بناتٍ طهرُها نُهِبا
وكم بيوتٍ تغشّاها بزُمرتِهِ = فلم يُخلّوا بها سلكاً ولا خشبا
وكم ضِياعٍ غدا أبناؤها مِزَعاً = فوق البحار لأمواج الردى لعبا
يا شامُ كفّي دموعَ القلبِ قد طلعت = شمسُ الصباحِ وولّى الليل وانسحبا
قومي بأبنائك الأحرارِ واتخذي = جسراً إلى السعد يرقى يخرِقُ السحبا
واستنشقي نسماتِ العتقِ واحتفلي = ولملمي منكِ ما قد جُذَّ وانسكبا
وعالجي الجرحَ بالإيمان واحتضني = أطيافَ وردِكِ نادي فيهمُ الذهبا
واسترجعي المجدَ كوني للدُنا عَلَماً = فأنتِ أجدر مَن للمجدِ قد طلبا