لا تسلني كيفَ لم أرعَ المشيبْ= كيفَ مَرَّ العمرُ والزمنُ العجيبْ؟!
كيف لم أبنٍ ... أمانيَّ الهُدى= واقعًا يصحو به القلبُ المُنيبْ؟!
كيف لمْ أغرسْ به خيرَ المُنى= في فؤادٍ طابَ واديهِ الخصيبْ؟!
كيف لمْ يغزلْ خيوطَ حياتِهِ = راضيًا ثوبًا مِن الحقِّ القشيبْ؟!
حاضرٌ وَهْمي على طول المَدَى= مُثخَنٌ جُرحي يجافيهِ الطبيبْ
مُثقَلٌ بالحُلْمِ ... في نَيلِ العُلا = غير أنَّ القلبَ مِن عَزمٍ سليبْ
تاهَ في ظُلَمِ الحياةِ ولم يَعُد= عن سبيلٍ الغيِّ والفهمِ المَعيبِ
كم تناديكَ الحياةٌ جديرةً= أن تعيش عبيرَها مِسكًا وطيبْ
كي ترى فيها رُقِيَّ مَكارمٍ= مهجةٌ .. فيها لإخباتٍ نصيبْ
لا يطيبُ هواكَ إلا إن سما = فوق سفسافٍ ولا الدنيا تطيبْ
أيها القلبُ الذي لمْ يستفقْ= ما رأى للعُمرِ مِن طيٍّ قريبْ
هل ترى الأيامَ في إشراقِهِا= كم تُودَّعُنا إلى حيثُ المَغيبْ ؟!
ترحَلُ الأيامُ توًّا .. والفتى = غرَّهُ مِن عُمْرِهِ الغُصنُ الرطيبْ
يا فؤادًا كم تبيتُ على الهوى = لمْ تذقْ يومًا مواجيدَ الغريبْ
لمْ تكن في السير صَاحِبَ همَّةٍ = إذ رغبتَ الدهرَ عن وَعظِ الخطيبْ