أيادٍ ليسَ تُنكرُهـا الليالي = بمكرٍ فاقَ مكرَ أبي رُغالِ !
تُقلِّبُ أمرَنا حتَّى كأنَّا = قطيعٌ بيعَ في سوقِ النَّكالِ
تردُّ يمينُها الخيرَ المرجَّى = وتنسجُ ســوءَ كيدٍ بالشِّمالِ
وجوهُ صِحابِهـا لم تلقَ يومًا = بدنيا خُبثِها وجهَ المعالي
نأتْ عن دينِ أُمَّتِهـا و وافتْ = مذاهبَ للفسادِ وللضَّلالِ
وغابتْ عن ميادينَ استنارتْ = بقرآنٍ أتى من ذي الجلالِ
وَمَنْ يهجُرْ كتابَ اللهِ يلبسْ = ثيابَ الهونِ في سودِ الليالي
ويشربْ ما تلوَّثَ بالمعاصي = ويأكلْ ما تناثرَ في المخالي
ويُطردْ عن معارجَ سامياتٍ = ليسقطَ من عـلٍ بينَ النِّعالِ
ولا تعلو النُّفوسُ إذا ترامتْ = على التهريجِ في زيفِ احتفالِ
رزايا قد عرتْنا حيثُ جاءتْ = بأيديهم ، فتبًّا للوبالِ
تحاصرُنا مخالبُهم جهارًا = نهارًا لايزولُ مع الزَّوالِ
تكشَّفَتِ السَّرائرُ يزدريها = كريمُ النفسِ من بينِ الرجالِ
ولا يحتاجُ برهانًا حصيفٌ = على قُبحِ المهازلِ والفِعالِ
تراءى الكاشحون بلا حياءٍ = وجدُّوا بالتَّنكُّرِ والجِدالِ
قد ابتُليتْ شعوبٌ مسلماتٌ = بهم ــ والَّلهِ ــ في حالِ اعتلالِ !
ففي ضيقٍ وفي قلقٍ مُمِضٍّ = رمى بالنَّاسِ في الدَّاءِ العُضالِ !
فشيخٌ في مواجعِه تشكَّى = وطفلٌ واجمٌ بيدِ احتلالِ !
وأرملةٌ وأخرى قد حبتْها = كروبٌ عاجلتْها بالكلالِ !
وأخرى قلَّدتْ جيدًا بجمرٍ = بيومِ العرسِ لا بسنى اللآلي !
ورابعةٌ تنادي ويحَ قومي = أعافوا مالديهم من خِصالِ ؟
فأينَ مروءةُ العربيِّ آهٍ = وضبحُ الخيلِ في ساحِ النِّزالِ ؟
وأينَ وأينَ ـ واثكلاه ـ لهفي = إذا نادتْكَ ربَّاتُ الحِجالِ !
وقُلْنَ : أخي أيا عربيُّ أدركْ = حرائرَ يستَجِرْنَ من الثَّعالي !
وقد ذقْنَ المرارةَ من يهودٍ = ومن طاغٍ وممَّن قالَ : مالي !
حصارٌ في حصارٍ من حصارٍ = ولكنَّـا ـ وربِّكَ ـ لانبالي
وتكفينا دِمانا فائراتٍ = يؤججُها الدُّعاءُ لذي الكمالِ
ألا ياربَّنا أهلكْ عدوًّا = رمانا ـ ربَّنا ـ في سوءِ حالِ
وأهلِكْ عاجلاً هذا وهذا = فليسَ سِواكَ مَن يُرجَى بِبالِ
سندعو ثمَّ ندعو ثمَّ ندعو = فإنَّ الظالمينَ إلى زوالِ