***
* الثَّوران :اندفاع عاطفي شديد الهياج ثوران الشعور لدى الجماهير الشعبية.
جيلُنا اليومَ غزْلُ نورِ رؤانا = والأماني فوَّاحةٌ ريحانا
لم تزلْ كأسُ شجوِنا من مرارٍ= والمآسي غطَّى دجاها ربانا
والمصيباتُ في البيوتِ عزاها = واجمٌ بعدُ لم يجد ترجمانا
وَعَدَوٌ في ثوبِ أغلى صديقٍ = بمزيدٍ من مكره واسانا
وأخٌ في هُوية النسبِ الأعلى = تراءتْ أفعالُه أضغانا
والأعادي ولستَ تدري أذاهم = وهْجُهُ الموتُ بأسُه وافانا
نصفُ قرنٍ من الزمان وقومي = في شتاتٍ فلَّتْ قُواهُ قُوانا
هي أقسى من هولِ قارعةٍ أدمتْ =يداها قلوبَنا والأمانا
أيُّ خطبٍ عرا الشآمَ فشبَّتْ = في الليالي آفاقُها نيرانا!
وأصابتْ أرزاؤُها كلَّ بيتٍ = واستفزَّتْ بالقسوةِ الأحزانا
إنَّما الشَّعبُ لم يهنْ أو توانى = فتحدَّى إيمانُه الطغيانا
طرق البابَ بابَ ربٍّ كريمٍ = مستغيثًا فربُّنا يرعانا
ماتخلَّى عن الكرامِ بأرضٍ = يسمعُ الخلقُ في رباها الأذانا
ويدوِّي التكبيرُ في كلِّ أُفْقٍ = فصريخٌ إلى الوغى نادانا
فالرؤى إسلاميَّةٌ ماطوتها = عربداتُ الأعداءِ أو مَن جفانا
ترجمتْها أشواقُنا عن معانٍ = و وددنا لشرحها الفرسانا
وهو الجيل قد حبتْهُ ليالٍ = بابتلاءٍ جدَّت عليه خطانا
فتراءت له الفتوحاتُ نجوى = أسمعَتْهُ في الشِّدةِ الفرقانا
فصغارٌ أعمارُهم أرشدتْها = رفرفاتُ الحنين هلَّتْ عِيانا!
فَوَعَوْها حقيقةً لايُمَارَى = في معاني استهلالها إيقانا
ويلَ مَن حاربوا العقيدةَ كفرا = لشبابٍ قد جَدَّدوا الإيمانا
فطرةُ اللهِ فيهُمُ تتجلَّى = حكمةً في إبداعه واتِّزانا
هؤلاء الفتيان سِفر كريم = لو مضينا من أجلهم نتفانى
لِنُنمِّي روحَ البطولةِ فيهم = ونربِّي بطهرِهم وجدانا
بيدينا أيامُهم وارفاتٌ = لم يروا في مسعاهُمُ خسرانا
بيئةُ المجدِ عندنا من هُدانا = فَلْنُشَيِّدْ في ظلِّها مغنانا
لِغدٍ نرصدُ الدروبَ فقد غامتْ = بأفق اكتوائنا شكوانا !
قد أذاقتْ قلوبَنا كأسَها المُرَّ = فأعطى خطبُها الحرمانا
فَلْنُفَتِّقْ في جيلهم عزَّةَ الإسلامِ = نهجًا محمَّديًّا أتانا
وَلْنُوارِ الهوانَ عن أنفسٍ تأبى = انحسارَ الهدى الأجلَّ حبانا
هو نورُ انطلاقهم في ليالٍ = أثخنتْها أرزاؤُها عدوانا
لن ينالَ انتصارَه مَن توانى = فَلْيعيشوا في ساحها شجعانا
عيشُهم في ظلالِ دينٍ قويم = فطريقُ الضَّلال قد أوهانا
فبهم للمكاره السودِ تُرجَى = هممٌ تُذكي في اللقا عنفوانا
عودةُ الإسلامِ الحنيفِ تراءتْ = وزمانُ ابتهاجِنا قد آنا
هكذا تلمحُ العيونُ الرواني = ومضاتٍ تنمُّ عن رؤيانا
فَلْنُجَنِّدْ فتيانَنا للمعالي = وَلْنُطَرِّزْ أفهامَهم عرفانا
ما أجلَّ الشَّبابَ إنْ هذَّبَ النفسَ = وأرسى عبر القلوبِ هُدانا
وأعادَ الشَّبابَ للسِّيَرِ المثلَى = وأغنى أرواحَهُم إيمانا
فلنا من تاريخِنا العَطِرِ العذبِ = نداءٌ يُشنِّفُ الآذانا
الفتوحاتُ والتراجمُ والفضلُ = عناوينُ أكرمتْ دنيانا
لو سبرنا أطيافَها لوجَدْنا = في مغاني أسفارِها مُبْتَغَانا
من عطايا ثمارها خيرُ دنيا = حملتْها للعالَمين يدانا
وجهُهَا السَّمحُ مشرقٌ بالتآخي = ملأ الأرضَ هَدْأةً و أمانا
والرضا أُنسُه يفيضُ حنانا = أينما حلَّ خِلْتَه في مدانا
فيه مافي قلوبنا من يقينٍ = وجديداهُ أولِعَا في ربانا
وشعورٌ بالبيِّناتِ تثنَّى = ألهبَ النفسَ عزَّةً لا تُدَانى
كم نشرنا على الوجودِ بنودًا = خافقاتٍ تزُفُّها شكرانا
ولها تنحني العصورُ امتنانا = إذ رأتْ في مسيرنا إحسانا
لم يزل رحمةً بجفن الثكالى = وهناءً على صدورِ الحزانى
يدفعُ الأبرارَ الكرامَ لخيرٍ = ويُحيِّي إيثارَهم برهانا
فهُمُ الركبُ للمحامدِ وافى = ليس يُبقي في ذا المدى أحزانا
وليومِ النهوضِ يُرجَى أبيًّا = ومحيَّاهُ لم يزل عنوانا
من خبايا الإسلامِ للجيلِ وعدٌ = من وصايا نبيِّنا نادانا
أهلُ هذا القرآنِ عاشوا كراما = وبميدانِ عزِّهم فرسانا
قد شهدنا صمودَهم والتَّحدِّي = لطغاةِ اليهودِ كانَ بيانا
لم تحفِّزْهُمُ الزخارفُ تُطوى = إنَّما قد رأوا جناها جِنانا
عانقوها شهادةً لم يجدْها = فاسدٌ خائن يعيشُ جبانا
هي في العصرِ غَزَّةٌ قد أذلَّتْ = مَن تمادى وأضرمَ النيرانا
وأرادوا إذلالَها بحريق = فأتَتْهم جهنَّمٌ بركانا
والأعاصيرُ نارُها تتلظَّى = في قصور الطغاةِ لن تتوانى
وهو اللهُ ربُّ غزَّةَ فاعلم = سيزيلُ الطاغوتَ والطغيانا
وفلسطينُ في غدٍ ستراها = بثيابِ الإسلامِ تطوي الهوانا
وهو الفتحُ شأنُه لَقَريبٌ = رغم قومٍ لم يعرفوا الدَّيَّانا
يمهلُ اللهُ إذ يشاءُ لأخذٍ = واجتثاثٍ لمَن طغى خوَّانا
لن ينالَ الأشرارُ إلا هلاكا = عاينوهُ لمَن بغى برهانا
وبأرضِ الشآمِ شعبٌ أبيٌّ = رفضَ الظلمَ والأذى ثَوَرَانَا*
سبقتْهُ الآلامُ تقدح ثأرًا = في صدور أثارَها عنفوانا
ذاق مرَّ الأيامِ ما وجدتْها = أممٌ قبلُ ذاقت الأشجانا
فهي الأهوالُ المريعةُ أشجتْ = قلبَ مَن عاشَ فصلَها صوَّانا
فوحوش الغابات ما فعلتْها = ربَّما الوحشُ يملكُ الوجدانا !
إنَّ إسلامَنا لَيَأْبى علينا = أنْ نقيمَ الأخطارَ والأضغانا
وكتابُ التاريخ ما انفكَ يُملي = من سجايا ويُسمعُ الآذانا
ماغدرنا في الفتحِ يوما بقومٍ = أو قتلنا أبناءَهم طغيانا
قد تهادت تلك الفتوحُ وسارت = تنثرُ الوُّدَ والإخا أزمانا
أكبرَ الناسُ سعيَنا وأَتَوْنا = يبتغون استفتاءَنا والأمانا
أرحمُ الخلقِ أُمَّةٌ أكرمَتْها = هبةُ اللهِ منهجا واتِّزانا
وأراها كَلْمَى قد ابْتُلِيَتْ قهرا = عراها من ثاكلاتٍ حزانى
ورماها بغيُ الطغاةِ بما لم = تَحْتَمِلْهُ الجبالُ حربا عوانا
يالها من سفاهةٍ حملَتْها = عربداتٍ أجسادُهم ذؤبانا
فالملايين هُجِّروا واستُبيحتْ = دُوْرُهم نهبا أطلقوهُ عِنانا
ومئات الألوف هم شهداءٌ = عند ربٍّ قد حرَّم الطغيانا
وألوف قد غُيِّبُوا مارأينا = غيرَ آثارٍ هُنَّ من جرحانا
فالعذاباتُ أهلكتْهم فطحْنٌ = وانصهارُ الأبدان كان عيانا
وصنوف التعذيبِ ما خطرَتْ في = نزغِ إبليسهم تزيدُ بكانا
لاتحدِّثْ عن المجازرِ قتلا = بالمُدى ، بالرصاصِ لايتوانى
إنها إعداماتُهم ناغمَتْها = فرقٌ للتفتيش كانت زمانا
وهبتْها من حقدِها فاستجابتْ = ثم زادتْ جحيمَها فَوَرَانا
تلكُمُ الأنفسُ الوضيعةُ شُلَّتْ = يومَها إنسانيَّةٌ في رُبَانا !
ما العزاءُ المحمودُ يُطْفِئُ نارا = تتلظى فأين مَن واسانا !
إنَّه اللهُ لم يدعنا يتامى = أو سيطوي إجرامَهم أشجانا !
لا وربِّي قد أقسم اللهُ إلا = أنْ يُنيلَ الطغاةَ منهم هوانا
وهلاكا مؤكَّدًا في حياةٍ = وبأخرى يروْنَه ألوانا
لن تضيعَ الحقوقُ فاللهُ يجزي = مَن تمادى في عيشه نيرانا
هم يعادون شرعةً أخرجتْهم = من ضياعٍ يذيقُهم حرمانا
وتداعوا على أناسٍ أرادوها = بحقٍّ للعالَمين أمانا
فالحضاراتُ أمرعتْ بيدينا = وأحلنا وجهَ المدى بستانا
راق كأسُ الهناءِ في شاطئ الخير = وحادي إسلامِنا قد سقانا
مَن تُرى أكرمَ الأنامَ وأحيا = ما أماتَ الطغاةُ في دنيانا
يومها أمَّتي استعادتْ فصولا = أنبياءٌ جاؤوا بها برهانا
فاستقامتْ بنهجهم حقبُ الدهرِ = فألفتْ إنسانَها نشوانا
حملتْ مصحفَ النبيِّ بيانا = وسلوكا ومنهجًا ريَّانا
وإذِ الأرضُ جنَّةٌ أنزلَ اللهُ = على أهلِ رحبِها الفرقانا
وإذِ الأنفُسُ الكريمةُ تهفو = لهدانا وتهدمُ الأوثانا
هزَّت الظالمين في كلِّ عصرٍ = فبكلِّ الأمصارِ سادَ هُدانا
وتهاوى الطاغوتُ في كلِّ مصرٍ = طهَّرتْهُ من البغاةِ دمانا
صور هكذا تلوحُ وتروي = من ينابيعِ فضلها الظمآنا
هاهنا موئلُ الفخارِ فهبِّي = أُمَّتي هذا مجدُنا يغشانا
ألمحُ النورَ في جباهِ شبابٍ = من بنيك الأبرارِ أضحوا مُنانا
ينحرون اليأسَ المقيتَ بعزمٍ = ويعيدون للشعوبِ علانا
وحديثُ الرسولِ مازالَ يُذكي = في الحنايا الإقدامَ لا الخِذلانا
وينادي مَن آمنوا قائلا يا أيُّها = المسلمون ردُّوا الهوانا
إنَّ للهِ عزَّةً لاتُجارَى = ولكم عزَّةٌ التُّقاةِ عِيانا
لاتهونوا لكافرٍ مستبدِّ = أو أثيمٍ يحاربُ القرآنا
أو طغاةٍ عنوانُهم ماتخلَّى = عن فسادٍ فجاهدوا العنوانا
هلَّ جيلُ الجهادِ لا لِغُلُوٍّ = أوعُتُوٍّ يحاربُ الإنسانا
لاوربِّي قد هلَّ للخيرِ يقصي = شرَّ أقوامٍ أعلنوا العدوانا
جيلُ ذا العصرِ في ابتلاءٍ خطيرٍ = إن تناسى أهلوهُمُ التبيانا
أنقِذوهم من غارةِ الشَّرِّ آلتْ = أن يواروا عن جيلنا الإيمانا
ليعيشوا ميوعةً وانفلاتا = وانحدارا قانونُه أشجانا
قل لأهلِ الأهواءِ خبتُم وخابت = أٌمنياتٌ فلن تنالَ رِضانا
دربُ أبنائنا يمهدُهُ الدِّينُ = فيلفون أفقَه جذلانا
بالمثاني وبالحديثِ نديًّا = وبتلك الأمجادِ تهفو بيانا
فتية الصحوةِ الكريمةِ أغنتْ = ماله يشتهون أكبر شانا
لم يُغرُّوا بزخرفٍ أو متاعٍ = ماتعدَّى البطونَ والأبدانا
وَهُمُ الصِّيدُ من منابتِ فخرٍ = قد رأوا أفضلَ الرؤى ماتدانى :
في حياةِ الأبرارِ من بيِّناتٍ = ويقينٍ بربِّنا ماقلانا
فرؤانا ماجاء في وحي مولانا = ولسنا ممَّنْ قلى مولانا
فرضاهُ زادُ الشبابِ بعصرٍ = أتخموهُ بما جنوا خسرانا
إنَّ أقدامَنا تسيرُ ولكنْ = ليس إلا على الصراطِ خطانا
لن نخون الإسلامَ وَهْوَ عزٌّ = أو نُذِلَّ الشعوبَ والأوطانا
أو نحابي أخا الضلالةِ آخى = مَن أساؤوا لدينهم أقرانا
والحنينُ الفوَّارُ بين الحنايا = ليس إلا لمجدِنا وهُدانا
قد وهبنا الأعمارَ للبارئ البرِّ = فأسمى ما قد تروا فتيانا
فتيةٌ آمنوا بربٍّ عظيمٍ = وتآخوا محبَّةً واقترانا
ولدينا شريعةٌ منه جاءت = وعليها نقيمُها أركانا
وسواها قد جرَّبوها فباءتْ = بسرابٍ لم يدرك الظمآنا
وأطاعوا طغاتَهم غير جيلٍ = لسوى الله يا أخي ما استكانا