وافاكمُ رمضانُ يا خِلَّاني = خيرُ الشهورِ وبهجةُ الأزمانِ
إني لأسمعُ صوتَهُ بجوارحي = وبمهجتي ومشاعري وجَناني
ناداكمُ إني على أعتابكمْ = أنا قادمٌ أنا مَوْسِمُ الغفرانِ
أنا ضيفُكمْ فتهيئوا لضيافتي= بالذِكْرِ والإيمانِ والقرآنِ
وأنا أحِبَّ الصائمينَ لقُرْبِهمْ= ومكانِهم مِن خالقِ الأكوانِ
وكذا أحبُّ القائمينَ إذا تَلَوْا= بقيامِهمْ جُزءًا مِن الفرقانِ
وكذا أحبُّ الواصلينَ قرابةً= والباذلينَ المالَ في الإحسانِ
والذاكرينَ اَللهَ في خَلَواتِهمْ= رَغَبًا ، وفي سِرٍ وفي إعلانِ
وأنا المُحِبُّ لمن بكى بضراعةٍ= فاضتْ بدمْعاتِ الأسى عينانِ
لمَّا اعتراهُ الهَمُّ يَأكلُ قلبَهُ= رهَبًا يخافُ فظاعةَ النيرانِ
هو مُشفِقٌ كم يستحي مِن ربِّهِ= ويقولُ ربِّ أنا الغشومُ الجاني
أسرفتُ في ذنبي بكل طريقةٍ= بلْ إنني الموحولُ بالعصيانِ
فاغفرْ لي يا ربَّاهُ إنّ محاسني= مرهونةٌ بالعفو والغفرانِ
هو ذلكمْ رمضانُ في أفيائِهِ= هَبَّاتُ خيرٍ دائمِ الفيضانِ
ناداكمُ ، والسَّعْدُ في أيامِهِ= أنا شَهْرُكمْ لزيادةِ الإيمانِ
أنا فرصةٌ أنا مِنحةٌ نفحاتُها= هبَّتْ بفيضِ عطائِها الربَّاني
كالغيثِ إذ فيه الحياةُ تفيَّأتْ= ظِلاً كساها بهجةَ البُسْتانِ
فيَّ الهُدَى للطالبينَ هدايةً= أنا بي تُفَكُّ قيودُ قلْبٍ عانِ
فتأهَّبوا بإرادةٍ جبَّارةٍ= وبتوبةٍ للخالقِ المنَّانِ
طوبى لكمْ إنْ أنتمُ أقبلتمُ= إقبالَ أهْلِ الصَّبرِ والإيمانِ
وتزيَّنَتْ لكمُ الجنانُ يحُفُّها= رَبُّ العبادِ بكلِّ قطْفٍ دانِ
إن السعيدَ هو التقيّ إذا مضى= متشبثًا بعداوةِ الشيطانِ
أبداً ولا يَرْضَى الدَّنيَّةَ قلْبُهُ= مستوحشًا إلا مِنَ الرحمنِ
هو مَن سَعَى للهِ دُوْنَ تلكؤٍ= بالحال كان السَّعيُ قبلَ لسانِ
متزيّنًا بالصالحاتِ جميعِها= وخُطاهُ عاشقةٌ طريقَ جِنانِ
يا مَن رأى الخِلانَ في أكفانِهِمْ= سكنوا القبورَ وخلعةَ الأكفانِ
فبكاهُمُ يومَ الوداعِ بحُرْقةٍ= والفقدُ مُرٌّ في فمِ الإنسانِ
وكأنهم لو بالبيان اسْتُنطِقوا = نُصحًا لنا نصحوا بكلِّ بيانِ
أتظنُّ أنكَ في حياتكَ هذهِ= تحيا قرينَ اللهو والهذيانِ ؟!
للموتِ أنتَ وللفناءِ وبَعْدَهُ= للفرْحِ أوْ لمرارةِ الأحزانِ
هو شَهْرُكم شَهْرُ العبادةِ والهُدَى= شَهْرُ العُلا ونسائمِ الرضوانِ
إن الذي حازَ الحياةَ فؤادُهُ= حُرُّ العزيمةِ شاكِرُ المنَّانِ
ناداهُ شهرُ العِتقِ هل مِن هِمَّةٍ= يُدعَى بها الصُّوَّامُ للريَّانِ ؟
رامَ السُّمُوَّ فيا لحُسْنِ مَرامهِ= طابَ الحنينُ لرؤيةِ الرَّحمنِ
حتى كأنَّ الكونَ يعلنُ قائلا = نِعْمَ الفتَى مَن فازَ في رمضانِ