وجديلةُ النهرِ استبدَّتْ بالقرارْ
وجديلةُ النهرِ استبدَّتْ بالقرارْ
ثريا نبوي
يا أيها الجَشَعُ المُعتَّقُ في قَنانيِّ الغريبِ وما لِسَطوتِهِ قرارْ
حتى يكادُ إذا تَكشَّفَ سُمُّهُ أنْ يَسمعَ الصُّمُّ الحِوارْ
ما للأفاعي تستبيحُ النَّهرَ حتى الزهرَ..تلدَغُ باقتدارْ؟
ما للأقاحيْ لم تُفِقْ والحقلُ غطّاهُ الغُبارْ؟
ما للغيومِ الصُّفْرِ بعد تكاثفٍ سَقطت على غيرِ انتظارْ؟
وتَشَظَّت الأفكارُ في الأفْقِ المُغَبَّرِ ثُمَّ سَرْبَلَها العُوارْ؟
والحكمةُ الرَّعناءُ حلوى لاكَها جهلُ الكبارْ؟
وجديلةُ النهرِ استبدَّتْ بالقرارْ؛
فلسوفَ تَخْنِقُنا وينقلِبُ المسارْ
يا أُمَّتي رَحَلَ النَّهاااااااااااااارْ!
والليلُ داجٍ فيهِ تُرْتَهَنُ النُّجومُ
وفيه يبكي الشمعُ.. يُمْتَحَنُ الفَنارْ
زَحَفَ الجرادُ على الشواطئِ حين أغرَتْهُ الثِّمارْ
والغفلةُ استَلْقَتْ وألْقَتْ للشموسِ خدودَها
حَلَّتْ ضفائرَها وعُقْدَ بَنَفْسَجٍ وتَحرَّرَتْ
مِمَّا يُكَدِّرُ صَفْوَها الرَّاني إلى اللاشيءِ تحت غَمامَةٍ
تُخفي الدَّمارْ
يا بَيْدَرَ الهَمِّ المُقَدَّسِ..والمواسمُ حَنظلٌ صابُ المرارْ
تُقْنا إلى النيلِ الحبيبِ وما لِتَوقٍ مِن سِتارْ!
= = =
هذا حُزَيْرانُ الحزينْ
ذكرى الهزيمةِ والأنينْ
كُنَّا نظنُّكَ يا حبيبُ مُواسيًا للرملِ في سَيْناءَ تَسْقي
الهاربينَ مِن اللظى ومِن الجحيمْ
لكنَّما قَدَرُ الكِنانَةِ أن تُرَدَّ سهامُها في نحرِها
قَدَرٌ.. فهل مِن سهمِهِ ينبو الجبينْ؟!
= = =
يا نيلُ قُلْ: إنَّ الوفاءَ سجيَّتي
لن أخرِقَ الميثاقَ والعهدَ الذي يجري هنا..في أرضِنا
في كلِّ شِريانٍ أُريكُم بَصمتي
طميًا يُحاورُ بالحنينِ دماءَنا وحقولَنا؛
حتى تُؤدّي دَيْنَها: نَوْرًا يُسَبِّحُ حين يَسْبَحُ في بَياضٍ لَوْزُهُ
وتَضُمُّهُ تَرنيمةُ العُشّاقِ للصدرِ المُضمَّخِ باندياحاتِ البِعادْ،
وفخارَ سُنبُلةٍ بخُصلةِ شعرِها
ذَهَبٌ حُلِيُّ حُقولِها.. قد شاقَها عيدُ الحصادْ
يا نيلُ لا تسمعْ لِمن يبغي اغتيالَ نَخيلِنا وكرومِنا
تبكيكَ يا نيلُ السَّواقي في مَداراتِ الضَّنى
يا نيلُ ما زالت تُراودُنا أزاهيرُ المُنى
لا ترضَ بالقُربى لِشَط لم يُقِمْ هَرَمًا على سَفْحِ الحضارةِ مِثلَنا
وارجِعْ لنا!