في مخيمِ اللاجئين
أحمد عبد الرحمن جنيدو
سوريا حماه عقرب
الليلُ ينجبُ في الخيامِ أنينَهُ،
والحزنُ يرسمُ في العيونِ سوادا.
يا أيّها المولودُ من رحم الأسى،
مازلتَ في وجعِ الرحيلِ بلادا.
قمرٌ يعلّقُ في العراءِ شجوننا،
والخيلُ يرمحُ في الجراحِ سهادا.
حتّى البكاءُ على التعازي مخجلٌ،
فاضَ البكاءُ حقائباً كم زادا.
تلك الشجونُ ودمعها في ذبحةٍ،
من يُرضعُ التاريخَ ليس سعادا.
جاءَ الحصانُ يدركنُ الأحشاءَ في
ألمٍ يرصّعُ خصيةً ورقادا.
جلُّ الجماجمِ غفوةً من مومسٍ،
شبقُ النكاحِ يعمّرُ الأمجادا.
فالزيُّ في الترحالِ ذلٌّ مقرفٌ،
صارتْ نقائصُنا لقومٍ زادا.
ما الحكمُ في ضربِ الجنونِ وبطشهُ،
بتْنا نقبّلُ قاتلاً جلّادا.
فالطفلُ يجمعُ رملهَ في ضحكةٍ،
يرمي الحصى ،ويضيعُ فيه منادى.
والأمُّ تحلبُ فرحةً من غصّةٍ،
والصمتُ يصخبُ، يجهضُ الأعيادا.
زمنٌ لعهرٍ قدْ تقلّدَ حلمَنا ،
باعَ الدماءَ رخيصةً كم جادا.
يا صبرُ يا ملّاحَ ذاكرتي كفى،
إنَّ الأمان يضاجعُ الأوغادا.
خذْ من دمي وطناً، وعدْ في غربتي،
اليومُ أنقى، نبلغُ الأصفادا.
عشرونَ خوفاً يعبرون حشاشتي،
والسجنُ يحفرُ في الصميمِ فؤادا.
بلّغْ شياطينَ الهوى قوميّةً،
فاللهُ يرقبُ بعد المدى الأوتادا.
كحلُ الصغيرةِ في العقولِ نقاوةٌ،
كيف الغباءُ يصلّبُ العبّادا.
يا من تسافرُ في الصدورِ مناحةً،
والغيبُ يمطرُ للهزيلِ جيادا.
في همزةِ الوصلِ الأثيمةِ موطنٌ،
سيفرّقُ الشعبَ الضعيفَ فرادى.
يتكاثرونَ على الجيافِ قذارةً،
تحصي الذكورةَ في الفراشِ فسادا.
والموتُ يكتبُ خطَّهُ بترائبٍ،
صارَ الضميرُ من الزلالِ جمادا.
يقفُ القريبُ على المجازرِ فاخراً،
ويحطّمُ الإحساسَ والأكبادا.
في مطلقٍ عمقُ الزجاجةِ حاضرٌ،
وغداً يزوّرُ مشهداً ورشادا.
يا أمَّنا الفيحاءَ ألفُ تحيّةٍ،
من موقفٍ يغدو الحصارُ جهادا.
سوريّتي يا طفلةً مذبوحةً،
صارَ التقحّبُ والرخيصُ عمادا.