في أفْقٍ يرصدُهُ اللَّيْلكْ
ثريا نبوي
في أوردَتي
ما زالت تسبحُ بغدادْ
ما زالت عشرُ سِنِيِّ العُمْرِ المُهرَقِ بين ضفائرِها
يلسعُني جَمرُ مصائرِها
وحبيبةُ قلبي الموجوعْ
تُضنيها أطماعٌ ودموعْ
مِن ليلٍ كُحلُ مراودِها
أتنفّسُ طقسَ تباعُدِها
فأُعاني مِن وجعٍ مسنونْ..
ودماءُ الصبحِ المقتولِ على شطْأيْ دِجلَةْ
تَسقي نخلاتٍ ماتت واقفةً خَجِلَةْ؛
لِتقولَ: هنا..يصحو النَّهرُ على نارٍ ورمادْ
وظلالٍ للشجرِ المحروقْ.
القلبُ تَكسَّرَ يا بغدادْ!
وتَعِبْتُ من الشوقِ المجنونْ!
وفِخاخِ استفهامٍ قَبَعَتْ في دَغْلِ الذاكرةِ المشبوبْ
مَن، كيفَ، لماذا، ما انفكتْ أحراجُ الأحزانِ تئوبْ
= = =
حين استُلَّت من "أورْكَ" حضارتُها في لوحاتٍ سِرياليةْ
بَقيَ القلبُ على الأعتابِ السُّوماريةْ
يُضنيهِ التنينُ المُرعِبْ
حين التمعت في عينيهِ الحمراوَينِ بروقٌ تُلهِبْ
ثم انطلقَت زفرةَ نارْ.
في لوحِ الطينِ المشهودْ؛
والذكرى خيلٌ مفقودْ؛
ما زالت تهفو رانيةً؛ ذاكرةُ الحُلمِ المنشودْ
تترقَّبُ عودةَ جَلجامِشْ
بِجَنًى للخُلْدِ الموعودْ
والعُشبُ على الشَّطِّ المرصودْ؛
سرقتْهُ الأفعى واختبأت خلْفَ الآكامْ
= = =
سأُداوي الجُرحَ أيا بغدادْ
وأُنَقِّبُ: عن غَيْمِ الأجدادْ
في أفْقٍ يرصُدُهُ الليلكْ؛
أصداءَ عطاءْ،
وشموسٍ دفءُ مودَّتِها للكونِ غِطاءْ
وأغني عُودي بوشاحٍ مشغولٍ من زهرِ الحِنَّاءْ
عودي بِأحاجٍ ينسِجُها صبرُ الأبناءْ
رُبَما في نيسانَ الآتي
تأتي شمسٌ مولاتي
بعقودِ الفُلِّ تُنضِّدُها أيدي العُقَلاءْ
وتُوَسِّدُها –في رِفقٍ- جِيدَ العَنقاءْ
= = =
مارس/آذار/ الذكرى العاشرة لاحتلال العراق العظيم