على بيادرِ الشجنْ
على بيادرِ الشجنْ
ثريا نبوي
يا جُرحَنا الحافي على مدارجِ الأشواكِ واليَبابْ
يا ضوءَ قِنديلٍ ضريرٍ مِن سَنا زيتونةٍ عُصِرَت على شرفِ الغيابْ
يجتاحُنا حنينُنا.. تُطِلُّ مِن جروحِنا أشواقُنا العِذابْ
فنمتطي الخروجَ عن قُدسيةِ السرابْ
ونُشهِرُ الهِجاءْ
لحرفِ بحرِكَ العُبابْ
والموجُ حين يقرأُ البحارَ يصطلي بقُبلةِ الرمالْ
ومَغرِقِ الشموسِ في متاهةِ الفِراقِ والسؤالْ
ودَمعةِ الغروبِ تشتكي تعَنُّتَ الآصالْ
وحُرقَةِ القلوبِ حينَ يُغلَقُ الكتابْ
= = =
يا جُرحَنا الرَّحَّالْ
- مِن شاطئٍ لشاطئٍ- والمِلحُ في جَفنيْهِ حيٌّ لم يَذُبْ
الجَزْرُ فيكَ للمُنى والمَدُّ فيكَ للغضبْ
أحلامُنا منشورةٌ على صَوارٍ مِن صَخَبْ
وأنتَ سِفرُ الاغترابْ
أنتَ العيونُ والمَدى مُسيَّجٌ بالنارِ والصبَّارِ والمِحَنْ
يشُدُّهُ التاريخُ بالرَّسَنْ
ومِن نوافذِ العيونِ تلتقي إطلالةُ السنابلِ اليتيمةْ
على بيادرِ الشجنْ
وسِنديانةِ العَذابْ
والقلبُ زهرةٌ تصوَّحَت لطيمةْ
ولم تَزَلْ أُرجوزةُ البَوحِ التي غَدَت تهُبُّ نِسمَةً مع الشبابْ؛
تُعانِقُ الأثيرَ باضطرابْ
وتعتلي ذؤابةَ المشيبِ والضبابْ
= = =
يا صرخةَ الميلادِ يبتدي بها شهْقاتِهِ الوليدْ
-إذْ لامسَت نقيَّةً غُبارَكَ العنيدْ-
وحينَ شبَّ مِثلَنا، ضمَّ الفؤادُ جَمرَ حبِّكَ الفريدْ
(سِيزيفُ) بعدُ لم يزَلْ حيًّا على أنفاسِنا يُغيرْ
ولم تزَلْ تؤرِّقِ السُّفوحَ صخرةُ التطهيرْ
والسُّنبُلُ الصادي رَنا لغيمِكَ الأسيرْ
ومِن عُيونِهِ تقاطرت لآلئُ العِتابْ
= = =
صحراءَنا المُدلَّلةْ
يا خارِجَ المُساءلةْ
آهٍ .. وألْفٌ مثلُها بين الضلوعِ ماثِلةْ
في الليلِ تمضي القافلةْ
والريحُ تعوي في انتظارِ الزلزلَةْ
تجتثُّ مِن خيامِنا الأوتادَ واليقينْ
لكننا نحدوكَ واقفينَ عند جَبهةِ العرينْ
على دمٍ مُسَهَّدٍ مُريدْ
ينضو ارتعاشةَ الوريدْ
ويلبَسُ الرَّدَى مُطرَّزًا بوردةِ ابتسامةِ الشهيدْ
= = =
أشْمَتَّ فيَّ عاذِلي
والحُبُّ فيكَ قاتلي
والشوقُ باتَ نادِلي
يُهدي سُلافاتِ العَذابْ
متى تعودُ يا وطنْ
إلى عريشةِ السَّمَرْ
لكي تُنازعَ القمرْ
مِلاءةً أهدابُها حَنَّتْ إلى سُرُرِ الترابْ؟