ارحل
حفيظ بن عجب الدوسري
عند رأسِ قتيلٍ بيد الكفار في أرض المعركة يلفظ أنفاسه الأخيرة تقبله الله في الشهداء ورزقنا الشهادة بعده
ارحل ..
فقد ماتَ الرجالُ,
ولم يعد إلا بقايا الخائنين..
يمشونَ في ظِل الطواغيتِ التي
حكمت بلاد المسلمين..
شربت دماء الصائمين
القانتين
المُؤمنين
الصالحين..
ارحل ..
فنحنُ نعيشُ في زمن المنافق,
والمُخاتِل ,
والمُجامِل,
و العميل..
رَضَعَ المذلةَ بعضُنا ,
والبعضُ في حُضنِ الدخيل..
نحيا جُمُوعاً
غير أنا كالغُثَاءِ الزيفِ,
أو زيفِ الحميل ..
ارحل ..
فَجُلُّ كلامِنا كَذِبٌ مُبين ..
ارحل..
ولا تنظر إلينا
نحنُ مِتنا من سِنين ..
ما عادَ فينا للكرامةِ مرتعٌ,
أو موضعٌ ,
فالعرضُ ضاعَ
بلا فِداءٍ ,أو ضمين ..
ارحل ..
فجُلُّ قُضَاتِنا
حَكمُوا علينا ..
دونَ أن يُبْدُوا لنا حتى الدليل ..
حكموا علينا ..
في الدقيقِ , وفي الجليل ..
وتنافسوا في قتلنا,
بِخيانةٍ للعلمِ, والإيمانِ
باعوا الدينَ بالمالِ القليل ..
ارحل ..
فجُلُّ دُعَاتِنَا لَبِسوا الجديد ..
شَربوا من القيحِ الصديد ..
أكلوا من الزادِ الرديد..
ثُمَّ استفاقوا بعد غفلتهم,
وسكرتهم بلا قولٍ سديد ..
ما فِيهمُ الرجلُ الرشيد ..؟!
ارحل ..
فنحنُ نعيشُ في زمنٍ تُسيِّرُهُ السياسةُ ,
و الطمع ..
العزُّ و الشرفُ الرفيعُ لِمن خَضع ..!
والناسُ يقتُلها التقاطعُ,
والتدابُرُ,
والتشاحُنُ ,
والجشع ..
الخوفُ كممَ جُلَّ أمتنا ,
وبعضُ رُؤوسنا
ماتوا بأسبابِ الهلع ..
ارحل ..
فماذا في الحياةِ سِوى العناء ؟!
نحيا بها كالأغبياء ..
إن ماتَ فِينا سيد ٌ
قامت ملايينُ النساء ..
إن قِيلَ مِنَّا فارسٌ
قُلنا غُثَاءٌ في غُثاء ..
فَعَلامَ تلتمسُ البقاء ..؟!
ارحل ..
فقد سُمِلَت مَلايينُ العُيُون ..
وتَقَاطَرت من فوقها كُلُّ الجُفُون ..
و من الظلامِ إلى الظلامِ
تقودُنا رُوحُ الجُنُون ..
نسعى و تلحقنا المَنُون ..
أين السكون ..؟!
هل قِيلَ إنَّا قد نكونُ و لا نكون ..؟!
ارحل ..
فَفُرسَانُ المعاركِ
ودَّعوا دارَ الخراب ..
وتنافسوا نحو الشهادة
يرفضونَ العيشَ في دار السراب ..
طاروا إلى الجناتِ
قد عبروا الحِسَاب ..
ارحل ..
فما عندي سُؤَالٌ, أو جواب ..
الصِدقُ كُفِّنَ
في زمانِ الإغتراب ..
و الناسُ تخشى
من مذلاتِ العذاب ..
هذا هو القول الصواب ..
ارحل ..
فَعِندَ الله تَجتمعُ الخُصُوم ..
و هناك نعلمُ
مَن تَبَاكى ..
مَن بَكى ..
مِمَن تظاهرَ بالبراءةِ,
و هو أكذبُ من يَصُوم ..
ارحل ..
فقد حَلَفُوا و قد خَانُوا ,
و مَا صَدَقُوا الخُصُوصَ
و لا العُمُوم ..
كَتَمُوا العُلومَ الحَقَّ,
و انتصروا لألوانِ السُمُوم ..
يا ليتهم سكتوا
فلم يقفوا مع الطُغيَان ِ
,و الشيطانِ
في زمن الهُمُوم ..
ارحل ..
فقد بِتنَا نُنَادِي بالخلاص ..
بالصبرِ ,
أو بالنصرِ,
أو بالموتِ حتى بالرصاص ..
هذي المَحَاكِمُ
لا تُحَاكِمُ بالقصاص ..
العدلُ ضاعَ بأرضنا بين الخلائقِ
لم يعد للحقِ فينا من مَنَاص ..
ارحل ..
فكُلُّ بِلادِنَا صَارت حَلالاً للغُزاة ..
حَكَمَ الطُغاةُ
بِها فَبَاعُوا للطُغَاة ..؟!
نشروا الرذيلة بيننا ,
نشروا الضلالة بيننا,
وتنافسوا في المُوبِقَات ..
نحيا بِدينٍ واحدٍ
لكننا نحيا على وطنِ الشتات ..!؟
هي أمةُ الإسلامِ
تطلبُ في مَغَانِيها من الكُفرِ الفُتَات ..
ماذا ستفعلُ بيننا ؟!
و ثِقَاتُنَا قُتِلوا على دربِ الثِقَات ..
فاصعد إلى الرحمنِ
ماذا يا شهيدَ المجدِ في هذي الحياة ؟!..
ارحل ..
و لا تأسف علينا يا شهيد ..
فاليوم عيد ..
ارحل ..
فأنتَ تسيرُ للفرحِ المديد ..
اليوم عيد ..
يا ليتنا نلنا الشهادةَ مثلكم ,
أو قبلكم,
أو بعدكم ,
و الله يقبلُ من يُريد..