ظلانِ أنتَ
خلف دلف الحديثي
[email protected]قفرٌ سواكَ وأنتَ الوارفُ الظلُّ
ظلانِ أنتَ وقلبي للهوى ظلَلٌ
وأنتَ كلّ لغاتِ الأرضِ ما برِحَتْ
في كلّ ثغرٍ أراني حرفَ مُبتهلٍ
وأنتَ بحْرُ عطاءٍ ماؤه غدقٌ
وأنت جرحُ شظايا حزْنُهُ مدُنٌ
وأنتَ وحْدكَ صوْتٌ صادحٌ أبداً
فيا عراقَ الذّرى كانتْ لنا قِيمٌ
نحنُ ابتداءُ الخطى في درْبِ رحلتِنا
فمُذْ مشيْنا وأغلقنا نوافذَنا
جُبْنا الصحارى فعلّمْنا خواطرَنا
عامٌ تعَدّى ونَجْني والجَنى تعَبٌ
مشرّدونَ ركبنا كلّ مفترقٍ
مُهجّرون وضيّعنا خرائِطنا
أنّى مشيْتُ ورانا ألفُ قافلةٍ
يا ليلُ بغدادَ لو رنّتْ هواتفُنا
ما زالَ بُقيا حليبِ الأمْسِ في فمِهِ
مغادرونَ وأثوابُ الصّغار بها
لو تسألِ الليلَ كيفَ الليلُ نقطعُهُ
نلتاذُ بعْضاُ ببعْضِ في تلاحُمِنا
فصدْرُ أرضي لأدفا من صدورِكُمُ
فالسّلم مُحضُ سدىً ذقنا مرارتَه
فكمْ سُعدْنا بمَنْ قد حَلّلوا دمَنا
فالبعْضُ منّا قد اغتالوا بشاشتنا
صبّوا اللهيبَ علينا واحْتمُوا ترَفاً
فكم نفثنا على الأموات من رئةٍ
عامٌ جلوْنا دُجاها كلّما اشتجرَتْ
غداً ستسْحَقُهم للهِ صاعقةٌ
يا ليلُ بغدادَ بعْضٌ من مرارتِنا
بغيرِكَ الرّوحُ قفراءٌ روافدُها
مُهجّرونَ وأعراضٌ لنا انُتِهكَتْ
مُعتلّةُ العزفِ أوتاري بغصّتها
بكَ اعتليْتُ المعالي وانتميْتُ إلى
فهلْ يشدّ مرايا الرّيحِ لو كُسِرَتْ
وهلّ يخطّ اندهاشَ الصّبْحِ في وَرقي
وهل تدورُ بنهْرِ البوْحِ من عَطشٍ
لا فلَّ ينمو ولا النّوارُ أعْيننا
ينمو بجمرِ النّوى عُشّي ويغسلُه
ما زلْتُ أدرجُ من قحْطٍ برابيتي
جئنا نداوي جروحاً وزّعَتْ دمَنا
صرْنا نخافُ إذا سرْنا بمفردِنا
ما بعْتُ إرْثي ولا تاريخَ مَنْ كتبوا
منذ اهتديْتُ وباعَ الصبْحُ لي قمراً
كي لا يقالَ بنا خارتْ عزائمُنا
فما نزالُ وما زالَتْ إرادتُنا
غدا سيجتثُّ من شاؤوهُ مُنكسراً
منْ أيّ حزْنٍ فؤادي قُدَّ فاحترَقَتْ
أتعبْتُ دنياي لمّا طوّقتْ قدراً
منْ ألفِ لوْنٍ رأيْتُ اللهَ صيّرني
قدْ قدّني اللهُ من أنفاسِ نكْهتِهِ
شيئاً فشيئاً نما عودي وفتّشني
أجرّ خلفي اتّهاماتٍ ويُربكني
أيّ اختلافٍ وجيشُ النمْلِ يلحَقني
إني اكتهلْتُ وطيفُ الليلِ متّكئ
وجرْفُ همسي يُعاني النزفَ مُذ رَحَلتْ
والحزْنُ يخزنُ في عيْني مدامِعَهُ
سيوقدُ النجمُ روحَ الضوءِ في شُعلي
منّي امتدادُ الضّيا يمشي بغربتِه
نزفْتُ حتّى ارتوَتْ أشجارُ غابتِنا
فوشّمَ القحْطُ أسْواري ودحرجَها
ووَمْضُ صَحْوي تمنّيني عرائِسُه
يا أيّها الشّعرا ما بالُ واحدِكم
يا مَن حَملتم على أكتافِكمْ وَطناً
منْ ذا سنرْثي غدَتْ شتّى مصارعُنا
لسْنا ضِعافاً وما زالت إرادَتُنا
بنا تلوذُ إذا ما حُوصِرَتْ أمَمٌ
يا ليلُ بغدادَ قبلَ العامِ كنْتُ هنا
كلّ الدّروبِ لأرْضِ الحبّ قد رُصِدَتْ
يا ليلُ بغدادَ هلْ نجْمٌ سيرشِدُنا
هي الرمادي إذنْ مهما تعاورَهاوأنت كلّي وكلّي منْكَ مُحْتلُّ
يشذو بخورا لمَنْ تاهوا ومَنْ ضَلّوا
عليكَ تكتبُ والأوراقُ تنهلُّ
به احتراقي وعَقلي مسّهُ الذُّهْلُ
للواردينَ وفيهِ يُبْحرُ الكُلُّ
من الحنينِ تناءَتْ دونَهُ السُبْلُ
وأمّةُ العرْبِ لا قوْلٌ ولا فِعْلُ
ففارقتنا وفينا سُيّدَ الجَهْلُ
وكلنا اليومَ لا لوْنٌ ولا شكْلُ
لا الأهلُ عندي ولا تدري بنا الأهْلُ
منْ أن تقول الذي ما شاله العقلُ
ممَّا اعترانا ويأبى غيرّنا الثُّكْلُ
بنا احْترَقنا وفينا سُلْسِلَ العَدْلُ
في أيّ أرضٍ أنا لا لستُ (أندلُّ)
على الطريقِ بهم يسْتأسِدُ النّذلُ
ماذا سيروي لهُمْ عمّا رأى الطفلُ؟
وفوْقَ أشداقِه نارُ الطوى تعْلو
من ساحةِ الدّارِ لمّا هُجّروا وَحْلُ
إنْ حاصرَتْنا ببابِ الرّهْبةِ الخيْلُ
كي لا يَجرّ بقايا الخيمةِ السّيْلُ
ورَحْمُها لم يزلْ ما خانَهُ النّسْلُ
له يدوسُ الذي من أجلِهِ صَلّوا
وكمْ لثمْنا غباءً كفّ من زَلّوا
وغادرونا فلا همٌّ ولا سُؤْلُ
عنِ الفناءِ وفيهمْ طبّلَ الطبْلُ
حرّى ليأتي الذي في قلبِهِ المُثْلُ
والبائعونَ لهم في موْتِنا الحفْلُ
حتّى ويلطمَهُمْ في كعْبِهِ النّعّلُ
هذا الذي قلتُ ماذا لو حَكى الفصْلُ؟
وماءُ غيرِكَ في ثغري فلا يحْلو
فأينما سرْتَ يلوي ظهرَكَ الحِمْلُ
فهلْ يُعيدُ النوى ما جدّدَ الوصْلُ
نَفسي ونَفسي جفا أيّامَها الخِلّ
خيطُ الأثيرِ إذا ما قُطّعَ الحَبلُ
سطرُ العويلِ فيلقي حولَهُ الغِلُّ
هذي النواعيرُ حتى يزهر الحقْلُ
به تلوذُ وقد أزرى به المَحْلُ
في ماءِ لوْعتِه في كفّهِ الطلّ
لكلّ حقلٍ يساقي نخلَهُ النّحْلُ
على الدّروبِ وفينا اسْتؤثرَ القَتلُ
منْ كلّ ظلٍّ ورانا راحَ ينسَلُّ
أحلى المسلاتِ أو ما خلّدَ القوْلُ
ما زلْتُ ذاك الذي بالصّبرِ أُعْتَلُّ
وأنّ سيفاً لنا في بطشِهمْ فلّوا
تأبى يمزّقُها في حدّهِ النّصْلُ
وأوْرَثونا نزيفاً ليسَ ينْحلّ
قوادمُ الشعر حتى اسْتنسرَ الذيْلُ
سودُ الكروبِ دياري وانتشى الصّلُّ
بيَ اختلافٌ وفي أمْري له الحَلُّ
وكلُّ شئٍ بما قد شاءَ يخْضلُّ
ضوْءُ الصّليبِ وعيْني عافَها الكحْلُ
صوتُ اختلافي ويُلغي دربَهُ الرّملُ
فضيّعَ الدّربَ في وادي النوى النّمْلُ
على ضلوعِ الشّذا واستُبْعِدَ الليْلُ
بِيدي وتاهَ بأرْضِ المُنتهى التلُّ
حتى إذا شحّ يجري دونَهُ الوَبْلُ
ويحرسُ النارَ في أحضانِهِ الهَوْلُ
على ضفافِ دمي يطوي به الوَيْلُ
فكانَ ما كانَ حتّى داسنا الرَّتلُ
وعيْنُ قلبي يُناغي دمعَها الظلّ
منْ أنْ يعودَ إلى ليلاتِه العَلُّ
لمّا ابْتُلينا لنا قد سُدّدُ النبْلُ
من الجراحِ هوى من حزنِهِ النخْلُ
وما بنا صارَ لا يسْطيعُهُ النّقلُ
إذا عزمنا بنا يستعْدلُ العِدْلُ
وإنْ كراها علا في السّاحِ واختلّوا
وما تخَطّتْ لبابِ الملتقى الرّجْلُ
ولا سبيلَ لمَنْ في موتهم ظلوا
وهلْ يُعيدُ الذي قدْ ضيّعَ النجْلُ
لسوْفَ تبقى ويبقى فضلَها الفضْلُ