لك مُهجتي والعالمينَ فداءُ
نادر فرج
بقدر مقام المناجى،، يطيب طول المناجات ،،، وهل هناك - بعد الله سبحانه وتعالى - من نانس بمناجاته، مثله،، الحبيب المصطفى،، صلوات ربي، وسلامه عليه ...
أبكي جواً ويهيجُني الإقذاءُ
ويُفتِّتُ الكَبدَ السَّقيمَ عَناءُ
وتَمورُ بين جوانحي مَقرورَةٌ
نفسٌ تَسَعَّرَ غيظُها هَوجاءُ
وتثورُ في قلبي العييِّ عَواصفٌ
هوجٌ تُردِّدُ رَجْعَها الأصداءُ
وأهيمُ يُلهبُني الحَنينُ تَوَجُّعاً
ويكادُ يَخُنقُ دَمعتي الإعياءُ
حتّى متى سَنظلُّ نكبتُ أدمعاً
حَرّى ويَحبسُ جَريَها استحياءُ
* ** *
ياسيّدي ما قُمتُ عنكَ مدافعاً
أنتَ القويُّ وإننا ضُعفاءُ
وهُداكَ عنوانُ الفَخارِ مُدوِّياً
وعُلاكَ ليسَ تنالُهُ الجوزاءُ
ومَعين نورِك عَمَّ أرجاء الوَرى
وسَناكَ فوقَ سَمائِنا وضَّاءُ
فالحقُّ أقوى من تَفاهَةِ باطلٍ
وله يُرفرِفُ في الشُّموخِ لواءُ
وأنا بهَديكَ إذ ألوذُ وأحتمي
لكَ مُهجتى والعالمينَ فداءُ
أرجو الشَّفاعةَ إذ تجلّى ربُّنا
يومَ التَّغابنِ فالورى خُصماءُ
فجَلالُ قدرِكَ لا يُطالُ مَهابةً
وأمامَ فضلِكَ يَخفِضُ العظماءُ
* ** *
يا سيدي مدحي إليك تقرُّباً
ويزيدُني شَرَفاً بك الإطراءُ
لم أمتدِحْكَ لكي أزيدَكَ رِفعةً
لكنَّنا بكَ سَيّدي شُفعاءُ
ماذا يزيدُ الكأسُ حينَ تصُبُّهُ
في البَحرِ هل في ذا يُقالُ عَطاءُ
لكنَّهُ إذْ خالطَ البحرَ العَظيمَ فقد غَدا
جُزءاً فأولاهُ السُّموَّ نَماءُ
وشوامخُ الشُّمِّ الجبالِ وقدْ سَمَتْ
أيزيدُ في عَليائِها حَصباءُ؟
بكَ يزدهي القولُ الجميلُ وزُيِّنَتْ
بالمدحِ فيكَ قَصائدٌ عَصماءُ
إن يجحدوا شَمسَ النهارِ تعنُّتاً
فَسَناكَ ذاكَ الفَرقدُ الوَضَّاءُ
عجباً وما عَجَبي لسوءِ صَنيعهم
وبأنهُ يُغرى بكَ السُّفهاءُ
لكنما العَجَبُ العُجابُ بأننا
حادتْ بنا عن مجدِنا الأهواءُ
كنّا وكان الكونُ تحتَ لوائنا
يَمضي وتَشهدُ مَجدَنا العلياءُ
* ** *
يا سيِّدي عُذراً فلستُ بعاتبٍ
أبداً عليهمْ. إنهمْ جُهلاءُ
ماذا يُضيرُكَ من مَقالةِ تافهٍ
هَمْلٍ وتلكَ جَهالةٌ عَمياءُ
فتطاولُ القَعْرِ الدَّنيِّ على الذُّرى
حُمْقٌ يزيدُ سُموَّها وهُراءُ
ما صَوَّروا الإرهابَ فيكَ لأنهمْ
شَهدوا بأنكْ فاتكٌ عَدّاءُ
لكنَّهُ ذُعرُ المُسيءِ وقدْ جَنى
جُرْماً فيخشى أن يُنالَ جزاءُ
إني لأَستَحيي لواقِعِ أمَّتي
في أننا لكَ سيِّدي نُسَباءُ
* ** *
هُنَّا فأيقظَ ضَعفُنا أضغانَهمُ
لَهَباً وزاد سعيرَهُ الإغراءُ
لو كانَ فينا قوَّةٌ لم يجرؤوا
أن يَقدَحوا بكَ إنهمْ جُبَناءُ
حتى مَ نرضى الذُّلَّ في أعقابِنا
ويزودُنا عن حَوضِنا الأعداءُ
نُغضي، وتنبضُ بالخواءِ عروقُنا
ونَهيمُ، قد ضلَّتْ بنا الأهواءُ
أفلا يثورُ بنا مَعينُ كرامةٍ
وتَهيجُ فينا للعُلا العلياءُ .؟
أفليسَ حُرّاً ينضوي بظلالِهِ
ويَسيرُ تحتَ لوائهِ العُلماءُ.؟
يا ويحَهم زُعماءُ فوق شُعوبِهم
ولدى العدوِّ فإنَّهم أُجَراءُ
أفلا يثورُ بهم مَعينُ كرامةٍ
وتَهيجُ فيهم للعُلا أهواءُ
* ** *
يا رَحمةً للكونِ جِئتَ مُبشِّراً
بالنُّورِ إذْ غَشيَ الوجودَ عَماءُ
لم يشْهَدْ التّاريخُ مثلَكَ فاتحاً
قدْ هلَّلتْ لقدومهِ البطحاءُ
لمَّا وَقَفتَ على الجُموعِ وقدْ غَدَوا
أسْرى لديكَ وكُلُّهم أعداءُ
كم دبَّروا كي يقتلوكَ مكائداً
وتعاهَدوا هذا، وهمْ زُعماءُ
مَكروا ومَكْرُ اللهِ أَحبَطَ مكرَهمْ
وغَوَوا وهم في زَعمهمْ فُصَحاءُ
وقفوا وقد خفضَ الهَوانَ رؤوسَهم
كم حاولوا الغّدرَ المَقيتَ وباؤوا
ويُفتِّتُ الحقدُ المَكينُ قلوبَهمْ
ولغَيظِهمُ تتقطَّعُ الأحشاءُ
وتفرفَصَتْ هَلَعاً لسوءِ صَنيعهمْ
أوصالُهمْ وعلا الوجوهَ عَياءُ
لو أنَّهم ظَهروا عليكَ ومُكِّنوا
لتناثرَتْ من صَحبِكَ الأشلاءُ
وتقولُ إذْ هم رَهنُ أمرِكَ بعدما
ضاقتْ بهمْ في رُحبِها الأجواءُ
ماذا تظُنّوا أن يكونَ جزاءُكمْ
هيّا انهضوا، فلأنتمُ الطُّلَقاءُ
هذا إلى الإرهابِ يدعوا، ويلكُمْ.؟
تُعساً فأنتم مَعْشرٌ حُمَقاءُ
هذا صنيعُكَ كيفَ كانَ صنيعهُمْ
تدمى القلوبُ لفُحشِ ما قدْ جاءوا
* ** *
يا سيّداً فردا بكلِّ صفاتِهِ
خَشَعتْ لهيبةِ ذكرِهِ العلياءُ
لن يشهدَ الزَّمنُ المديدُ بطولهِ
نبلاً ولنْ يَكُ مثلَهُ رُحماءُ
عَطفاً وإحساناً وفيضَ مشاعرٍ
وأميرَ جُندٍ دونَهُ الأمراءُ
وزَعيمَ قَومٍ لم يَزدْهُ خضوعُهمْ
إلاّ التواضُعَ، ما لهُ قُرَناءُ
ومُرَبَّياً ومُعلِّماً ومُدرِّبا
ونداهُ قدْ شَهِدَتْ بهِ الأعداءُ
والمرشدُ الهادي لأعظمِ شِرعةٍ
جلَّتْ لِمَنْ أوحى بها الأسماءُ
مَنْ حادَ عنها هالكٌ لا يُفتدى
مهما تَكاثَرَ حولَهُ النُّدَماءُ
يَصْلى الجحيمَ وإنْ يكنْ مَلَكَ الوَرى
ونَجا وقدْ خَضَعوا لها الضُّعفاءُ
* ** *
يا من له فضلُ السَّحابِ على الدّنا
والغيثُ مُرتَهَنٌ به الأحياءُ
كلُّ الخلائقِ قدْ شَدَتْ بمديحِهِ
أهلُ النُّهى والجنُّ والأشياءُ
فالجزعُ يبكي إذ يراهُ مُفارقا
ويَهيجُ منتحباً لهُ أصداءُ
وبكفِّهِ هَتَفَتْ تُسبِّحُ ربَّها
وتقولُ تَصديقاً لهُ الحَصباءُ
وبفضلِهِ يشدو الوجودُ ترنُّماً
وتهيجُ فيهِ حدائقٌ غنّاءُ
ماذا يُضيرُ البحرَ إن عَبَثتْ بِه
خَفَقاتُ مجدافٍ بهِ إعياءُ
لو كان أقلاماً تخطُّ مديحَهُ
ولها البحارُ روافدٌ وعطاءُ
نَفِدَتْ ولم تَنْفَدْ مواردُ فَضلِهِ
وأهابَ في طولِ الثَّناء ثناءُ
* ** *
يا سيِّدي علَّمتَنا أنَّ التُّقى
زادٌ. وفيهِ يفاخِرُ الفُضَلاءُ
ونَصحتَنا أن نستقيمَ على الهُدى
وبأن يقودَ طريقَنا الفُقهاءُ
لنكونَ أشهاداً على كلِّ الورى
نَدعوأ الأنامَ، وأننا أمَناءُ
وبهِ تكونُ لنا السِّيادةُ والعُلا
فسما لنا في الكائناتِ لواءُ
* ** *
تاريخُنا صَفَحاتُ مَجدٍ ناصعٍ
نَضِرَتْ بهِ في أفقِها العلياءُ
تاريخُنا بَسَماتُ فَجرٍ مشرقٍ
قدْ زَيَّنتْ أغصانَهُ الأنواءُ
في كلِّ فَتحٍ سِفْرُ مَجدٍ خالدٍ
وسُطورُ شاهدةٌ، لها أضواءُ
قد رصَّعَتهُ مآثرٌ منقوشةٌ
وطَوَتْهُ في أجفانِها الجوزاءُ
وأفاضَ منهُ على الوجودِ بَشائِرٌ
تُنبي بأنَّ جُدودَنا عُظماءُ
أفلا تَرى ما كان في تاريخِهمْ
هلْ ثَمَّ إلا البَغيُ والفَحشاءُ
سَفْكٌ وتَدميرٌ وهَتكُ حَرائرٍ
وَحشيَّةٌ - ما مثلَها - رَعناءُ
ظُلِمَ الوحوشُ غداةَ توصَمُ إنها
وَحْشيَّةٌ ويرُدُّها استقراءُ
فالوحشُ إذ تكفي الفَريسةُ جوعَهُ
ليست تراقُ غداةَ ثَمَّ دماءُ
أما همُ، فنفوسُهم مَسعورةٌ
لم يَرويها فَتْكٌ ولا أشلاءُ
يندى الجبينُ لذكرِ سوءِ فعالِهِمْ
لُعِنوا فملءُ قلوبِهم شَحناءُ
كنَّا نُقتِّلُ من طَغى مُتجبِّراً
وعلى يَديهِم يُقتلُ الشُرفاءُ
ونبيُنا أوصى بأن لا نَعتدي
حتّى وإن كانوا همُ الأعداءُ
وتَرى بما قد حرَّفوا بكتابهمْ
قُربى بأن تُتَذبَّحُ الأبناءُ
* ** *
يا وَيحَهم قَلَبوا مفاهيمَ الورى
وهُمُ بزعمِ ذيولهم حُكَماءُ
فالمعُتدي بطلُ السَّلامِ وكفُّهُ
قد لطَّختها بالدِّماءِ دماءُ
سَعيُ الشعوبِ لكي تُقرِّرَ شأنَها
حَقٌّ وعدلٌ ليسَ فيهِ مراءُ
ونضالُها شَرَفٌ ومشروعيَّةٌ
قد قرَّرتْهُ مَحافلٌ صَمَّاءُ
أما إذا كُنَّا.. فليس جهادُنا
حقَّاً ونحنُ بزَعمِهِمْ غَوغاءُ
طلباتُ مَنْ يَعدي علينا عندَهمْ
مَسموعةٌ ونَصيبُها الإصغاءُ
أما إذا قُمنا نُطالبُ حَقَّنا
وفقَ العُهودِ فحظُّنا استهزاءُ
وكأننا لسنا بزَعْمِ تيوسهمْ
بَشراً. وهم في زَعمِهِمْ رُحَماءُ
والمجلسُ الأعلى تَفَهَّمَ إذ رأى
في قَتلِنا ما ليسَ فيهِ مِراءُ
أما إذا قُمنا نُعارضُ ذَبحَنا
هذا هو الإرهابُ والبلواءُ
* ** *
صلى عليكَ اللهُ يا علمَ الهُدى
وحَباكَ من ربِّ الوجودِ عَطاءُ
ولكَ السَّلامُ يَهيجُ في أعماقِنا
ولهُ بأفق سَمائنا أصداءُ
ما هبَّت النَّسماتُ وانبَلَجَ الضُّحى
أو رجَّعتْ في أيكِها وَرقاءُ
ورَنت إلى الشُّمِّ العَوالي ديمةٌ
وتعاقَبَتْ تلكَ الذُّرى الأنواءُ