قل للعراق
قل للعراق
د. حيدر الغدير
إلى العراق العظيم الذي يغالب جراحه، ويستأنف كفاحه، ليستعيد مكانته المعهودة التي يستحقها عن جدارة، داراً للإسلام، وحصناً للعروبة، ومصنعاً للحضارة، وموئلاً للمكرمات .
ألقيت هذه القصيدة في أمسية ثقافية للسفارة العراقية في الرياض يوم الثلاثاء 24/6/1433هـ - 15/5/2012م.
أبشرْ عراقُ ففي الغيوب تومي ليومٍ أنت فيه مظفر والنصر أعظم ما يكون جلالةً ما لوثته شناءةٌ أو غدرةٌ ولرُبَّ نصرٍ كان محضَ هزيمةٍ * * * أبشرْ عراقُ فإن مجدك راجعٌ والمجد أنت وأنت عنوانٌ له وهفا الفراتُ لدجلةٍ وتلاقيا وتذكرتْ بغدادُ(1) سابقَ عزها وخليفة الرحمن فيها سيد في راحتيه مراحمٌ وملاحمٌ نقفور(2) إن غضب الخليفةُ راجفٌ واللحدُ من تُرْبٍ ولكنْ لحدُه أوهامه غولٌ وملء فؤاده إن يدنُ منه مكبراً ومهللاً لا تعجبنَّ فَمُلْكُ هارونَ الدنى قل للغمامة(3) إن مررتِ بداره لن تخرجي عن داره وقراره * * * هارونُ في بغدادَ سيدةِ الدنى حسدته حتى الشمسُ في عليائها إني لأبصر في العراق أخاً له أنا لست أعرف ما اسمه لكنه العبقرية فيه من عمرٍ أتتْ هادٍ ومهديٌّ يسيرُ به التقى هو نخلةٌ وَهْوَ الفراتُ ودجلةٌ هو قادمٌ إني لأسمع خطوه في سيفه وجَنانه ولسانه وعنايةُ الرحمن جل جلاله سيكون مجدك يا عراق بظله يأوي إليه العلم يزكو غرسه يلقى النصارى واليهود أمانهم والمسلمون حماتُهم ورعاتُهم لم يعرف التاريخ أحفظ منهم * * * يا لائمي إن العراق بمجهتي سكن العراقُ ملامحي وجوانحي وإذا نطقتُ فلهجتي من صنعه حتى وُصِفْتُ فقيل من أبنائه فضُربت ضرب الغارمين وتهمتي وأنا الفخور بوصفهم لا ضربهم * * * إن العراقَ حضارةٌ وريادةٌ هو روضةٌ للطيبين حفيّةٌ ما مرَّ خطبٌ أو عرتْهُ شدةٌ وهو المظفّرُ رايةً ومكانةً إن السيادةَ فيه بعض خصالهِ * * * قلْ للعراقِ إذا أتيتَ عرينَه النصر أنت تصونه أخلاقه ستظل شمسَ الصيف في عليائها قسَماً ستظفر في غدٍ أو بعدَه فيه نرى مجدَ الخلافةِ، والورى | وعودُوكـأنها بشراكَ جاء ويحفُّه وهو الجليل سعود إن جاء وهو العفُّ والمحمود فذووهُ غُرٌّ أروعون وصيد وهزيمةٍ هي سؤددٌ وخلود * * * نضراً عليهِ من الجلالِ برود ما لاح صبحٌ أو شدا غرّيد صبّاً يلاقي الصبَّ وهو عميد والسعدُ فيها طارفٌ وتليد يومي فتضطربُ الدنى وتميد وأزمّة الدنيا إليه تعود وكأنه في خوفه موؤود الصِّلُّ والأصفادُ والسَّـفُّود جيش الرشيدِ يقودهُ صنديد فجيوشه قبل اللقاءِ تبيد والناسُ حتى الكارهون شهودُ شرقاً وغرباً والمآل بعيد وله خراجُكِ والعصاةُ عبيد * * * القاصدُ الأفضالَ والمقصود جلَّ الحسودُ الشمسُ والمحسود سيعيد فيه مجده ويزيد في نبعتيه سيد ورشيد ومن الإمام فداؤه المعهود واليُمْنُ فَهْوَ الفارس المنشود والسيفُ يظفرُ والشجاعُ يذود تسعى به بعد البروق رعود آيُ الكتاب الزهرُ والتمجيد تهديه فَهْوَ مبارك وسديد يمتد لا أفقٌ له وحدود ومغامرٌ ومجاهدٌ وشريد فيه وبيضٌ قد أتوه وسود ولهم بذاك جدارةٌ وعهود لعهوده والغاشيات حشود * * * شوقٌ قديمٌ جمرُه وجديد وجوارحي وأنا بذاك سعيد وبيانيَ المنثورُ والمنضود وعدا عليّ وفي دمشقَ جَحود(4) أني العراقي اللاجئُ المطرود فالوصف يحلو والضِرابُ يؤود * * * وصهيل خيلٍ قد عدت وبنود لكنّه للمعتدين لُحود إلا حلفتُ بأنه سيعود يعلو ويقتحم الدنى ويرود وبها أصوغُ قصيدتي وأشيد * * * واستقبلتك فوارسٌ وأسود جلّتْ ويعليه الهدى والجود والغيثَ يهمي والهُمامَ يقود ظفراً جُذاهُ العدلُ والتوحيد خلفَ الخليفة رُكّعٌ وسجود | العيدُ
----------------------------------
كانت بغداد في عهد الخلفاء العباسيين العظام أهم مدينة في الدنيا كلها، وحكامها أهم حكام الدنيا كلها أيضاً .
كان نقفور حاكم القسطنطينية، وبينه وبين الرشيد مكاتبةٌ مشهورة يعرفها الكبار والصغار، وهي من أعاجيب العظمة والسيادة .
قصة الرشيد مع الغمامة ذائعةٌ معروفة، وهي تدل على سعة مملكته واعتزازه بنفسه رحمه الله.
من أطرف ما مرَّ بي أني كنت في دمشق عام 1959م وهي ملأى باللاجئين العراقيين الهاربين من طغيان حاكمه يومذاك عبد الكريم قاسم، فاختصمت مع بعض الناس، فظنوني عراقياً، فسبوني فسببتهم وضربوني فضربتهم.