لبّيك يا أيها الأقصى
لبّيك يا أيها الأقصى
مصطفى عكرمة
إلى فتية وطننا المحتل وفتياته عنواناً لأمتنا جديداً...
لبيكَ يا أيها الأقصى، وألفُ ردى
لبيك يا أيها الأقصى ولا وَهنٌ
لبيك حتى يموتَ الموتُ في دمنا
ما أظلمت حِقبةٌ إلاّ وكان لها
سيرجع المسجدُ الأقصى لأمته
لم يسجد المصطفى الهادي به أبداً
* * *
يا قومُ مسجدُنا الأقصى وصخرتُه
يا قومُ مسجدُنا الأقصى يدنِّسه
يا قومُ هانت علينا اليوم حرمتُه
ولم يَضِعْ ساعةً لولا تفرُّقنا
أهواء قوميَ شتى، والقلوب هوىً
ضدّان نحن بأمرٍ لا خلاف به
مشرِّقون... وغربيّون يسبقنا
قد أصبح الذلُّ طبعاً من طبائعنا
أرضُ النبوات لهفي كم تجاهلها
تشاغل القومُ عنها، وارتضوْا بدلاً
لم يبق من أمتي شيءٌ يميزها
في كل صقعٍ غدت أنباءُ فرقتها
حتى أتوْها وقومي النائمون ضحى
ذُلُّ التفرق قوَّى ضعفَ غاصبنا
تفنّنوا، وأجادوا في إبادتنا
وألف "قانا" و"شاتيلا" وألف ردى
وأمتي إن تصدّت تلْقَ صولتها
قد اعتمدنا سوانا في قضيتنا
* * *
يا رب رحماكَ أمست أمتي بددا
من كفِّ آسرنا نرجو تحرَّرنا
إن يهمس الحرُّ منا يلق ألفَ ردى
لم نُبقِ للجسم روحاً يستريح بها
يا أمتي ما عتابي اليوم عن ضغَنٍ
اليوم مسرى رسول الله ضاع سدى
* * *
القدس مسجدها نادى فألف ردى
نادى الجهاد فهبّت فتيةٌ صدقت
لا ترهَبُ الموتَ في إدراك غايتها
فاستنفر الحقد مذعوراً كتائبَه
وأسرجت، فاستحال الجو دَمدمةً
أمضى وأفتكُ ما في الأرض أسلحةٌ
وبعضُ ما جهزوا كافٍ بزعمهمو
وأقبلَ القومُ والإيمانُ يسبقهم
يا لَلِّقاءِ عجيباً في تبايُنِه
وفتيةٌ وصبايا عُزَّلٌ نهدوا
قد جابهوا بالحصى ما كان من عُدَدٍ
جبال فولاذهم صُدَّتْ وأرهبها
والخوفُ يملأ قلبَ الظالمين وإن
فكفُّ كلِّ فتيٍّ ألفُ معجزةٍ
ما في الحصى قوةٌ لكنها صمدت
فما قذفنا حصىً إلاّ وطار بها
عشرون جيشاً بنيناها مدى حقبٍ
وبالحصى وبفتيانٍ بها صمدوا
حتى إذا أوشكت في ظلمةٍ وئدت
* * *
القدس مسجدُها نادى فكلُّ فتى
لا ضيرَ من غضبِ الطاغي وسطوته
فللشعوبِ إذا سارت لغايتها
وللطغاةِ وإن طال الزمانُ بهم
* * *
يا فتيةَ الوطن المحتل يا قبساً
لن يُحرمَ القبسُ القدسيُّ جذوتَه
ولن يطول انتظار الصبح يا وطني
* * *
يا أمتي ولنا من أمسِنا عِبَرٌ
حتّام تجني الأعادي من تفرقنا
يا أمتي.. وسياط الذل تجلِدنا
عودي إليه، وفي توحيده اتّحديلكلِّ من سَرَّه ألاّ يكون فِدا
إن ضاع شوطٌ فنحن الواصلون غدا
ويستحيلَ رماداً من بنا جحدا
مما يميّز قومي ألفُ شمسِ هدى
ويستريح قريراً فيه من سَجدا
إلاّ لنقضيَ طوعاً دونه شُهَدا
* * *
يستنجدان فهل في القوم من نهدا؟
رجسُ اليهود، ويُؤذى فيه من عبدا
فضاع منّا... وضِعنا عَبر كلِّ مَدى
فلستَ تلقى لنا نهجاً، ومعتقدا
وهل رأيت شتيتاً عزّ، أو صمدا؟
ضدّان ما التقيا إلاّ ليبتعدا
ذلُّ القبولِ لدى من هم ألدُّ عِدى
وغايةُ الكبر أنّا نحرسُ الوتدا
قومي.. وكم مخلصٍ يقضي بها كمدا!
وكلُّهم قانعٌ عنها بما وجدا
لهفي عليها كأنْ لم تعرف الرشَدا!
تغري الطّغاةَ، وتدعو كلَّ من حقدا
وحارس القوم قبل القوم قد رقدا
ومن تعاستنا أعداؤنا سُعَدا
وكلُّنا في فنون الفُرقة اجتهدا
يلقى الأشقاء لا ندري لها أمدا
كما تردّد في الوادي السحيق صدى
ذلَّ الذي غيرَه في أمره اعتمدا
* * *
وسرَّ (من سُوِّدوا) أن نصبح الزبدا
ومن ألدِّ عدانا نبتغي المددا
ولا نحس من الأعداء ألفَ ردى
ولا حفظنا لسكنى روحنا جسدا
الحب ألهب جرحَ القلب فاتقدا
يا طول سهديَ مما قد يكون غدا!
* * *
لكل من سرّه ألا يكون فدا
بلا سلاحٍ تحدّت كل ما حُشِدا
ولا تساوم في حقٍ لها أبدا
وراح يملأ منها السهلَ والنجدَا
وأرعدت فالرواسي قلبُها ارتعدا
جُنّت بأحقادهم كي يجبهوا ولدا
كي لا يَرَوْا (طائشاً) في وجههم صمدا
حتى استحال بأبصار العدى رصدا
لحمٌ تجـرَّد يلقى السيفَ مُنجردا!
فالكون مندهشٌ من بأسِ من نهدا
وبالحصى أرهبوا ما كان قد حُشدا
نقرُ الحصى، فالجبـال الزاحفات صدى
أبدوْا ثباتاً فهُم أوْهى الأنام يدا
وصوتُ كل فتاةٍ عاصفٌ وردى
لما أردنا بها نهجاً ومعتقدا
جيشٌ من الرعبِ فاق العدَّ والعُددا
ضاعت غداة جعلنا "الغيرَ" معتمدا
قام الزمانُ يحيّينا، وما قعدا
وكان حارسُها المرجوُّ من وأدا
* * *
وكلُّ كهلٍ تبدى ضيغماً حَرِدا
يوماً سيندمُ مَن في حقنا جحدا
ما تطمئن له رغمَ الخطوب غدا
يومٌ يكونون في طوفاننا الزبدا
* * *
من خلف ألفِ ظلام للعيان بدا
ولن يظل أخوالإيمانِ منفردا
واللهُ لن يخلفَ الوعدَ الذي وعدا
* * *
حتّامَ يا أمتي نحيا بغير هدى!
عزاً، ونحن نعاني الذلَ والنكدا؟
عودي إلى الله تلقيْ عنده الرشدا
يا فوزَ شعبٍ على توحيده اتحدا!!