نجيع الزمن
10آذار2012
محمد نادر فرج
نجيع الزمن
محمد نادر فرج
ميرلاند - أمريكا
ها هو الزمن يعود من جديد، لتظهر وحشيتهم مرة أخرى، ولكنها الآن على العيان، وعلى مسمع ومرأى من العالم كله، ولا يرفُّ له جفن، ولا يتحرك فيه ضمير.
هذا ما استدعى نبشها من تحت أنقاض الماضي، وركام الأمس.
| يا شامُ، إني قدْ تركتُكِ مُرغَماً قلبي هناكَ ومُهجتي مَرهونةٌ ما كنتُ أعلمُ إذْ غَدَوتُ مُوَدِّعاً أنا لَمْ أُقارِفْ في هواكِ خَطيئةً أنتِ الغرامُ وأنتِ طَرْفٌ ساحِرٌ أرِقٌ عليكِ يكادُ يُرْديهِ النَّوى أفلا يُعَلَّلُ بالتَّحيةِ إنْ بدا يا شامُ، ثاكلةٌ تَنوحُ وأيِّمٌ لمْ يَذكرِ التاريخُ مِثْلَ فَجيعها أَخَوانِ شَرُّهُما يبوءُ بأمْثَلٍ قالَ الشَّقيُّ: لأقتلنَّكَ، ظالماً ستبوءُ في إثْمي وإثْمِكَ كاملاً ولِسوءِ طالِعِهِ تُسَوِّلُ نفسُهُ والأمُّ ثاكلةٌ تنوحُ فقيدَها ومِنَ الأسى يَنهارُ كلُّ كِيانِها ماذا ستفعلُ؟ هلْ سَتُؤوي مُجرماً؟ مَثَلانِ ذاقا في الحياةِ مرارةً حَوَّاءُ والشامُ التي تَبكي دَماً ذَرفتهُ في حَجمِ الفَجيعةِ فارتوى تبكي على أكبادِها، فَفَجيعُها أبكيكِ يا حَوراءُ، يا أمَّ التُّقى ماذا سأكتبُ عنكِ في تاريخِنا لا بأسَ إنْ كانتْ منيَّةُ شاعرٍ ما أجْملَ الموتَ النبيلَ، فَطَعمُهُ إني لأستافُ التُّرابَ على الوَنى وأموتُ صَبراً لو تُسامُ كَرامتي وأصونُ نفسي أن أذلَّ لمالكٍ سأقولُ ما أبغي وأنصَحُ جاهداً يا شامُ فيما تَمكُثينَ على الضَّنى أوَ ليسَ قالَ بكِ النبيُّ مُحمدٌ فعلامَ تُحنى للأراذلِ جَبهةٌ وعلامَ يؤوى في رُبوعِكِ مُجرمٌ يا شامُ هلْ سَتُباركينَ صَنيعَهم؟ قالَ النبيُّ بأنَّ فيكِ جَماعةً هُمْ ثُلَّةٌ وَسْطَ الزِّحامِ قَليلةٌ لا لنْ يَضُرَّ بهم تَربُّصُ فاجرٍ إنَّ المبادئَ لنْ يُضيِّعَ رَسْمَها إنَّ المبادئَ لا يَحدُّ سُموَّها فالضَّغطُ يَجلوها ويُحسِنُ صَقْلَها فَتَزيدُ إصراراً إذا زِيدَتْ أذًى وتَمورُ كالبركانِ في جوفِ الثرى | ونأيتُ أحْمِلُ فوقَ ما أتَحمَّلُ وأنا بلا قلبٍ هُنا أتَعَلَّلُ أني سَأُحْجَبُ عنكِ أو سَأُرَحَّلُ لكنْ بأطرافِ الحِمى أتَغَزَّلُ جَلَبَ الهوى لِمُتَيَّمٍ لا يَغْفُلُ وإليكِ لو أُذِنَ اللِّقا يَتَعَجَّلُ أنَّ اللقاءَ جَريرَةٌ لو تَحْصَلُ جَمَدَتْ مَحاجِرُها فلا تَتَحوَّلُ بأبَرِّها اِبناً يُهانُ ويُقتلُ وأخوهُ لا يَطغى ولا يَتذلَّلُ فأجابَهُ: لكنني لا أفعل وأنا إلى دارِ السَّعادةِ أُنْقَلُ قَتْلَ الأخِ البرِّ الرَّحيمِ، فَيَفعلُ ومنَ الفجيعةِ طَرْفُها يَتَهَدَّلُ وتَخورُ مِنْ هَولِ المُصابِ الأرجُلُ أمْ للقَصاصِ فؤادُها يَتحمَّلُ؟ لم تَشْهَدِ الدنيا أشدَّ فَتَنقُلُ ذَرَفتهُ مِنْ مُقَلٍ بها يُتَغزَّلُ منهُ التُّرابُ الغضُّ فهوَ مُخَضَّلُ أدهى مُصاباً في الخلائقِ يَنْزِلُ يا غادةَ المَجدِ الأسيلِ، وأسألُ أمْ أنَّ مَنْ قالَ الحَقيقةَ يُقتلُ؟ بِحُشاشَةٍ أفضى بها يتأمَّلُ حُلوُ المَذاقِ وشَأنُهُ لا يُغفَلُ إنْ كانَ لي في البُرِّ ما يُتقوَّلُ أو أنْ أذِلَّ أمامَ مَنْ يَتَطوَّلُ غَيرِ الإلهِ، فعندَهُ أتذلَّلُ فَلعلَّ مَنْ فَقَدَ الصوابَ سَيعقلُ والنَّذْلُ في ثَوبِ الخيانةِ يَرْفُلُ؟ في أنَّ فيكِ الخَيرَ لا يُستأصَلُ يَزهو بها المَجدُ التَّليدُ ويَرفُلُ؟ وعصابةٌ، بلْ هم أَخَسُّ وأنذلُ؟ أمْ أنَّ أرضَكِ تَحتهم تَتَزلزَلُ؟ بالحقِّ ناطقةً فلا تَتَحوَّلُ مِنْ حَولِها جَهلاً تُلامُ وتُعزلُ وعَدوُّهم مَهما تَمرَّدَ يُخذلُ قَهْرٌ، ولا الأغلالُ فيها تَعملُ قَيدٌ ولا الأقفالُ حينَ تُقَفَّلُ ولَعلَّها تَغدو أجلَّ وتكمُلُ ومناعةً، فالعقلُ ليسَ يُكبَّلُ فإذا الطُّغاةُ عروشُهم تَتَزلزلُ |
