ولِلحُبِّ رياحٌ شماليَّة
عبدالله علي الأقزم
بعد أنْ
أيقظتَ هذا اللَّحنَ
و الأشعارَ و الأمطارَ فينا
هكذا ترحلُ عنا
سندباداً
لم يبعْ
مِن طعنةِ الأسفارِ
للقُرَّاءِ
أوجاعاً و أمراضاً
و وهنا
هكذا ترحلُ عنْ
ألحانِ ليلى
ألفاً
تنهضُ للعِفَّةِ
تأسيساً و بنياناً
و ركنا
هكذا تمضي حريقاً
يُقلبُ الأصفرَ
عمراناً و غاباتٍ
و فنا
هكذا تزرعُ للحاضرِ
و الماضيَ و المستقبلَ الآتيَ
في قيثارةِ الإغريقِ
أنهاراً و ريحاناً
و مُزنا
هكذا في بحرِ عينيكَ
وُلِدنا و غرقنا
هكذا مِنْ أجملِ الأشياءِ
تنهالُ علينا
قد رأيناكَ
على أجملِ وجهٍ
عنتريَّاً
لم يُشعشعْ لونَهُ
شكَّاً و ظنا
و قرأناكَ
معَ الإلياذةِ الخضراءِ
كشفاً
فانفتحنا
و جمعناكَ سؤالاً و جواباً
فاشتعلنا
و اقتحمناكَ نداءً أبديَّاً
و انهزمنا
أيُّ طبع ٍ
مِن جنون ٍ قد فعلنا ؟
أيُّ فصل ٍ
بينَ وصليْنِ غرسنا ؟
أيُّ عار ٍ في قتال ِ الشمس ِ
يوماً قد حملنا ؟
أيُّ جرم ٍ
في دم ِ الوردِ ارتكبنا ؟
أيُّ فكرٍ
لصدى العنقاءِ بعنا
و اشترينا ؟
أيُّ نور ٍ
بيدينا قد سفكنا ؟
يا صديقَ التين ِ
و الزيتون ِ و الزعترِ
هلْ تدري بشيءٍ
أنتَ منا ؟
نتهجَّاكَ يميناً و شمالاً
و الهوى
يُنشئُ مِن عينيكَ
في مسبحةِ الناسكِ
شلالاً و إنشاداً و تغريداً
و لحنا
و رسمناكَ على
الحلاجِ تفسيراً
و إيضاحاً و تلميحاً
و ضمنا
قد بدأناكَ عروجاً
و إلى أجملِ ذاتٍ
أنتَ فيها
قد وصلنا
إنَّنا منكَ
صباحاتٌ تتالتْ
في ضميرِ الشمس ِ
ألفاظاً و معنى
يا حبيبَ القلبِ
هل ترضى طيورُ الحبِّ
في صدركَ
أنْ ترحلَ عنا ؟
سنرى قصفاً و نسفاً
بين قرطاس ٍ و حبر ٍ
إن أرادتْ
أخذكَ الأضواءُ منا
كلُّ ما فيكَ دعاءٌ
يتنامى يتسامى
كمْ بهِ
في لهبِ الصيف ِ
ابتردنا
كمْ بهِ
في قمَّةِ البردِ
اقتدحنا
كمْ بهِ
مِن طعنةِ القاعِ
ارتفعنا
كمْ بهِ
مِنْ قصصِ البؤس
خرجنا
كمْ بهِ
مِن لغةِ الأضدادِ
جئنا
إنَّكَ اللَّفظُ الذي
فيهِ نزلنا
إنَّكَ المعنى الذي
مِنْهُ اقتبسنا
إنكَ الدفءُ الذي
مِنهُ التحفنا
أينما صرتَ مِنَ التحليقِ
عند الملتقى الأجملِ
صرنا
كمْ عزفناكَ
اشتياقاً أبدياً
و على أشواقنا الحمراء ِ
ذبنا
كم نثرناكَ بذوراً
و قرأناكَ على عين ِ الهوى
غصناً فغصنا
كلُّ وردٍ ساحرٍ
يأخذ مِنْ عينيكَ
ألواناً و حُسنا
كلُّ ماءٍ أنتَ فيهِ
فهوَ لا يخلقُ داءً
و هوَ لا يزدادُ فتكاً
و هوَ لا يحملُ ضغنا
يا شقيقَ الثلج ِ و النيران ِ
و الأشواق ِ و الأحضان ِ
أينما تحتضنُ الأمواجَ
خذنا
فانبثقنا
منكَ صوتاً يتتالى
في طوافٍ مستمرٍّ
أنا لنْ أرحلَ عنكمْ
خلفَ نسيان ٍ
و لا بينَ يديهِ أتمنَّى
أنتمُ الحبُّ الذي
وزَّعني يُسرى و يُمْنى
فاستحالتْ
في اشتياقاتٍ لقيسٍ
لغةُ الأشلاءِ سكنى
أنتمُ كلُّ أساطيري التي
في كلِّ صبح ٍ و مساءٍ
في صداها
أتغنى
كيفَ للنسيان ِ أنْ ينساكمُ
لحناً رقيقاً
و هواكمْ
بين أكوامِ الحكاياتِ
انبعاثٌ
مَنحَ الأصفارَ
أوزاناً و شأنا
كيفَ للظلماءِ أن تشطبَكمْ
نوراً جميلاً
و أنا أشتقُّ مِنْ حبكمُ
معنىً و مبنى
و أنا أخترع ُ الأشعارَ
مِنْ إقبالِكمْ نحويَ
فنا
للهوى منكم رياحٌ
و أنا أبعثُ لاستقبالِها
حضناً فحضنا
عشقكمْ بينَ يدي أحملُهُ
أنفاسَ بدرٍ
و أنا أرسمُهُ فتحاً لفتح ٍ
و أنا أزرعهُ
في الشِّعرِ شلالاً
و أنهاراً و عينا
أنا قبلَ الحبِّ هدمٌ
أنا بعد الحبِّ أُبْنَى
أنا في قبل ٍ و بعدٍ
شهريارٌ
فتحَ العشَّاقَ
في عصفِ الهوى
سدَّاً و حصنا
مفرداتي
بعد طعمِ الحبِّ
هيهاتَ تُثنى
في يديكمْ قلبُ عشقي
فاحفظوهُ
عند طروادةَ
تأريخاً جريحاً
و اعزفوهُ في يدِ الأضواء ِ
و الإبداع ِ لحنا
كيف لا أملكُ كوناً
و هواكمْ عبقريٌّ زمزميٌ
آدميٌ عالميٌ
دائماً
يخلقُ لي
كوناً فكونا
أيُّ لحن ٍ قمريٍّ
ذابَ منكم
فهو لا يحتاجُ عند العزفِ
إذنا
أيُّ حبٍّ
جاء منكم
فهوَ لا ينثرُ هذا الشعرَ
حزنا
أيُّ روح ٍ
لا تراكم في امتدادِ الحبِّ
ميلاداً جديداً
فهيَ لا تفقهُ
في أحلى الهوى
حجماً و وزنا
كلُّ ظلٍّ
لم يعدْ يفتحُ عشقاً
فهوَ قد أنشأ للإبداع ِ
سجنا