قيثارة العاصي
د. عبد الرزاق حسين
مهداة إلى روح الشهيد إبراهيم قاشوش الذي ذبح من قبل الأمن السوري يوم 5/7/2011م وأُلقيت جثته على جانب نهر العاصي لأنه غنى أغنية تدعو للحرية .
سـمـعتُ البلبلَ الشادي يُغنّي
يُـقـرِّطُ سـمْـعَنا نَغَماً شجيّاً
يُـشـنِّـفُ كـلَّ آذان البرايا
فـرحـتُ أُسائلُ النسماتِ عنه
فـتـغضي في حياءٍ ثمَّ تمضي
وتـحـمـلُ صوتهُ نحو الثريا
لـيـنـثرَ لحنهُ من فوق غيمٍ
ولـمّـا لـمْ أَجدْ لجوابِ سؤْلي
ذهـبـتُ إلى النواعيرِ الثمالى
لـعـلَّ نـميرَها يُعطي جواباً
أَصـوتٌ لـلـبلابل ما شجاني
فأرقصني على الأمواجِ تجري
وبـاحـتْ تلكمُ الموجاتُ سرّاً
تَـقُـولُ بـأنَّ قـاشوشاً تغنّى
بـصـوتٍ ساحرٍ عذبٍ شهيٍّ
بـحـرفِ السينِ غنّاها سوريّا
طربتُ ورحتُ من طربي أُغنّي
فهذا الصوتُ صوتٌ منْ بلادي
هوَ الصوتُ النَّديُّ على صدورٍ
فـصـوتُـكَ منْبَرٌ للحقِّ يعلو
إلـيـهِ الـحـالمينَ بيومِ مجدٍ
وصـوتُكَ مِنْجلٌ يحدو ويشدو
حصدْتَ المجدَ في ساحات سلمٍ
حـصدتَ المجْدَ إبراهيمُ حصداً
وزلـزلـتَ الـقرارَ قرارَ ظُلمٍ
فـنـادى كـلُّ مسعورٍ وذئبٍ
هُـمُ قـتـلـوا بقتلكَ كلَّ نبْعٍ
هـمُ اقـتلعوكَ حنجرةً ليُخْفوا
أزحـتَ سـتـارَ أقنعةٍ فهذي
وذي قـيـثـارةُ العاصيِّ تُلقى
عـلى العاصيِّ سارَ اللحنُ نعْياً
أَإِبـراهـيمُ صوتُكَ سوف يبقى
أَإِبـراهـيمُ صوتُكَ سوف يبقى
يـبـدّدُ ظـلـمـةً وينيرُ درباًبـصوتٍ صيغَ مِنْ سحرٍ وفنِّ
يُـدنـدنُ لـحنهُ في ليلِ دجْنِ
بـنـغْـماتٍ عن الأنغامِ تُغني
أهـذا الصوتُ منْ جنّاتِ عَدْنِ
تَـمـيـلُ تُميلُ سعْفاتٍ وتحني
كـغـيـماتٍ بماء القطر هتْنِ
فـيـسـقـطُ طلُّهُ عسلاً بمنِّ
جـوابـاً شـافياً عنْ سرِّ لحْنِ
ورحـتُ أُصـيخُ قلبي ثمَّ أُذْني
فـزادتْ حـيرتي واحتار ظنّي
أَمِ العاصي هو الصوتُ المغني
حـديـثٌ كـلُّه منْ وحْيِ مُزْنِ
يـضـجُّ سـماعُهُ في كلِّ أُذْنِ
بـنبْضِ القلبِ بلْ بسوادِ عيْنِ
كـصـوتِ الرئمِ مبحوحٍ أغنِّ
وسـوريّـا بِـحـارٌ منْ لجَيْنِ
وقـلـتُ إلى الوقارِ إليكَ عني
بـطـعمِ الزعترِ البرّي ولوْنِ
نـدى زهـرٍ تبلَّلَ فوقَ غُصْنِ
فـيُـقـصي منْ يعاديهِ ويُدني
لـهُ الـدنيا تُضيءُ بكلِّ حُسْنِ
كـحـصّـادٍ لـحقلٍ قامَ يجني
بـلا سـيـفٍ هناكَ ولا مِجَنِّ
بـحـنْـجرةٍ أزاحتْ كلَّ غُبْنِ
ومـادَ الـرُّكْنُ منهمُ رأيَ عينِ
لـقطعِ الصوتِ بلْ قتلِ المغني
بـهِ الأطـيارُ تغرفُ سرَّ لحْنِ
جـرائـمَـهُـمْ لتبقى طيَّ دَفْنِ
جـرائـمُ بـغيهِمْ فاحتْ كنَتْنِ
مـهـشَّـمـةً كـإبـريقٍ ودنِّ
وصـار الـنـهرُ حنجرةً تُغنّي
كـنـارٍ فـي هشيمِ الظُّلْمِ تُفْني
نـشـيـدَ الحُرِّ بلْ إنْشادَ كَوْنِ
ويـحـيـي شعلةً والمجدَ يبني