رحلة الخلود
آزاد منير الغضبان
راحَ الغريبُ مع المغيبِ
وضمّهُ الليلُ الرهيبُ
وهيبةٌ في عينهِ
ترمي الملامةَ
للقريبِ وللبعيدِ
كما اللهيبْ
يمشي وطينُ الأرضِ ثبّتهُ المطرْ
والقلبُ تنزلهُ السكينةُ
في الخطوبِ وفي الخطرْ
والحرُّ إن يصحو وحتى إن ينمْ
تغلي دماهُ فتهزجُ النّبضاتُ إحساسَ الكلمْ
"لا تُدفَعُ المخزاةُ إلا بالألمْ"
"لا تُدفَعُ المخزاةُ إلا بالألمْ"
الحرُّ يضنيهِ التّنفُّسُ إن تقيّدَ وانهزمْ
والحرُّ روحٌ ليسَ جسماً شاخصاً مثلَ الصّنمْ
والحرُّ حامي أرضهِ ، والحرُّ من يرعى الذِّممْ
والحرُّ يسفِكُ إن تعرّض للمهانةِ أو هُضمْ
والحرُّ يصفَحُ إِنْ علا والحرُّ قوادُ الأممْ
والحرُّ عبدٌ للإلهِ وروحهُ فوقَ القِممْ
كتبَ الحياةَ على الدماءِ
بوجهِ أصحابِ المهابةِ والسيادة
لا تسألوا مّمن يخافُ وأقْصروا
لا تَسألوا عنْ خافقٍ
قدْ أسلمَ اللهَ انقيادهْ
يمشي وفي عينيهِ رميٌ بالمهامهِ والجبالْ
فهنا تذكّر ما بقلبِ المرْء منْ وَجدٍ يُقالْ
من والديهِ .. و أختهِ ..
من خِلّةٍ سَئِمَتهُ حتّى
يستقيلَ ، فما استقالْ
ثمّ انتَبَه ..
ومَضى ليُسْرع ثمّ يُسكِتُ قولةَ القلبِ الضعيفِ
بعدوهِ فَوقَ الرّمَالْ
ما زالَ يمشي بالحصَانِ
وفَوقَ كُلِّ الطَّائِراتِ بِروحِه ِ
ما دام يُؤمِنُ أنّ هذي الأَرضَ مِن جُندِ الإلهِ كمَا السماءْ..
وقَفَ المسافرُ برهةً ..
لحظَ السّماءَ .
فثمّ وجهُ اللهِ في أرْجائِها
فاختارَ قِبلتهُ اليَقينْ..
ومَضى يرتِّلُ سُورةَ الإسراءِ والأنفالِ
والفتح المبينْ
وبكى هنالكَ واستبدّ ته المواجعُ و الحَنين
وتذكّر الدُّنيا ومَا كُنّا بِها
أيّامَ كُنّا مُسْلمِينْ
جمَعَ الُمجاهِدُ سَيفَهُ ، ودُروعَهُ
بارودَهُ والخيْلَ والقرآنَ
والدعواتِ في الّليل البَهيمْ
الخوفُ ليسَ يروعُهُ
والأرضُ تحرسهُ بِجَنبِ مَلئكِ الرّحمَنِ
والأحجارُ والضوءُ العميمْ
نامَ المُسافرُ نَومةً كاليُتمِ قطّعها الأَنينْ
ذا ثأرهُ.. قَبلَ المَنامِ يَهُزُّهُ
والحَقُّ يَبدأهُ بِأولِ غفوةٍ
كيما يُذكرهُ جِهادَ المُعتدِينْ
والبُندقيّةُ أيْقظَتْهُ وذَكّرَتْهُ
وصيّةَ الزّيتونِ والشّيخِ الحزينْ
لا تَسألِ الصَّقرَ المهاجِر َ
عُمرهُ .. فالدَّهرُ شيّبَ فِتيةً حيْنَ استقامُوا
ثمّ للتّحريرِ قامُوا ..
مِنهُمُ بَطلٌ وثائرْ
لا تسْأَلِ الصَّقرَ المُسَافِرَ
كمْ تبقّى مِن حيَاتِه
لا تَسألِ الصَّقرَ المسَافِرَ:
ملءَ جفنيهِ استراحَ ولو لِمرّة ..؟
هلْ على التّأجيلِ قادِر
صَمَتَ المُسافِرْ..
خفَّفَ الوِطء الثّقيلَ على المقابرِ
ثقّل الوطء الثقيلَ على المُعادي والمنافرْ
ومشى.. وألفُ نذارةٍ سلِّمْ لنا
وَلَكَ السّلامةُ يا مُسافِرْ
ضَوضَاءُ دبّاباتِهِمْ مِثلُ الذُّبابِ يَهشُّهُ
يمضي يَدوسُ عليهِمُ ..
والله أكبرُ لا تفارقُ لفظَهُ
كلاّ ولم ينسَ الشّعائِرْ
وقفَ الُمجاهِدُ بُرهةً
والدّمعُ يَهربُ منْ فُؤادِ العِزِّ
نوحٌ في أنينْ
وتَأمَّلَ الأُفقَ البَعيدَ
سَوادَ أُمَّتِنا العَظيمْ..
يا تائهينَ
علامَ ضلّلكمْ دُخانُ الغَابِرينْ
هلْ للخِلودِ حسِبتُمُ هاذي الحياة .؟
فأَفهميهِمْ يا حَياةُ
متى تكون حياتُهمْ أبدا
ومَعنى الخَالدينْ
يا تائهينَ
عنِ الكَرامةِ والحَقيقةِ
حرّةً عِندَ القِممْ
يا ضائعينَ عنِ اليَقينِ وعَنْ مُلاقاةِ الإِلهِ
أليسَِ فيكمْ مَن ْفَهمْ
يا تاركين الحشْو بِالقشرِ الخَفيفِ
ومالئين الكونَ باللّغوِ السّخيفِ
يا ضائعينَ
تنبّهوا
فالله أرسلَ عبدَهُ
والله أكمَلَ دينَهُ
والله أنَزلَ نَصرهُ .
ما بالكُمْ والله يَنفُخُ رُوحَهُ بِكمُ
ويرسل جنده لكمُ وأنتم
نِمتمُ دهراً طويلاً هانِئينَ مُغيَّبينْ
أنا ذَاهبٌ فَدَعُوا نِدائِي
فَوق أسقُفِكُمْ سماءً
تَحتَ أرْجُلِكمْ مِهاداً
عندَ عَينيكُمْ بَصرْ
أنا ذاهبٌ فإذا رَِأيتُمْ حاجبَ الأفْقِ انشطرْ
وإذا وَجدتمْ قُوةً فِيكمْ تُناديكمْ
تَشُدُّ على أيَادِيكمْ
وإذا تَبدّلَ ذلكمْ عزاً وإِنْ هَطَلَ المطَرْ
وإذا قرأتم آل عمرانٍ
وإن نطَقَ الحَجَرْ..
قولوا لقَدْ مرّ المُسافِرُ مِنْ هُنَا
لا خَوفَ إن سِرتُم طَريقِي لا حُزونَ ولا كَدَر ْ
فالحرُّ إن يَعزمْ ..بِكُلّ الحَالِ
غَايتُهُ الظَّفَرْ..
أو جَنّةُ الفردوسِ مأْواهُ
فمَا أحلى السَّمَرْ
شُهداؤنا أحياءُ عند اللهِ
نِعْمَ المُسْتَقَرْ
هي رُوحُهُ فَوقَ السماءِ تُظِلُّنا
تَهدِي لِنورِ الحَقِّ أَعيُنَنَا فَنحنُ الخَالِدونْ
يا لَيتَ قَومِي يَعْلَمُونْ ..
يا لَيتَ قَومِي يَعْلَمُونْ ..