مَوْتُ مَلاك
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
هـنـالـكَ قلبي على الجرْحِ أنّا
وبعضي على بعضِ صمتي حريقٌ
وَكُـلـي أنـا لـم أزلْ مـقـتلاً
وإنـي فـريـدٌ ، وأنّـى الـتفتُّ
وإنّـي أنـا مـيِّـتٌ في الطريقِ
يـؤرّخُ مـوتـي صهيلُ الجراحِ
فـيـكـتـبُ بـعضي لكلّي بقاءً
وأسـحـبُ خـلفي ركابَ الخلودِ
أنـا لـلـبـقـاءِ نشاني الزمانُ
عـلى الأرضِ جرحي يكابدُ نزفي
وتـشـهـدُ ذبْـحَ مَـلاكِ السَّماءَ
ورائـي أجـرُّ هـمـومَ السّرابِ
ويـسـدلُ صـبحي ستارَ الظلامِ
وأبـقـى بـسوْفَ أعيشُ الرّزايا
ولـيـلـي يُهيّئُ عصْفَ الرياحِ
ويـجـري الفراتُ على مِرشفي
ربـيـعـاَ يـجيءُ منَ اللامكانِ
ويـقـطـفُ مـن أضلعي نارَها
ومِـنْ عـطـشٍِ يحفرُ الأمنياتِ
أنـا حـزنُ كـلّ الوجودِ بروحي
وقـلـبـي يـنـادمُ قبرَ السرابِ
وسـيـفي بَكى حينَ حَزّ وريدي
بـكـانـي آحْتراقاً ونادى رُفاتي
أنـا مُـفردٌ والسيوفُ استشاطتْ
دَمـي والـمـلا تـستبيحُ الدِّماءَ
أنـا سـنـبـلُ ، ومناجلُ قهري
وتُـرْعِـدُ بي جمرةٌُ في العروقِ
يـذوبُ دمـي فـي بريقِ الشفارِ
سـيـبـقى خلودي حياةَُ المماتِ
ومـوْتـي غـَدا الآنَ رمزَ الدعاةِ
فـصَمْتُ فمي في غيابي الحضورُ
وهـذا دمـي يا يا زمانَ الضياعِ
أنـا شـاعـرٌ فـالمسي جمْرتي
سـأبـقـى هنا صرخةَ الإنفرادِ
أقـودُ الـعُـلا ثـورةََ المستحيلِِ
فـكـمْ مـن قتيلٍِ بأرضِِ العراقِِ
وكـم مِـن حَصَانٍ سباها المغولُ
هـنـا الـطفُّ يشهد دفْنَ الجميعِ
قـفي واصْرُخي يا قبورَ الرّجالِ
كـفـانـا جـنوناً نطيعُ الجنونَ
كـفـانـا كـفـى نسْمعُ الإفتراءَ
ونـبـصـقُ فـوْقَ لِحى الميتينَ
وأنـا اغـتـصبْنا سبايا الحروبِ
ورحْـنـا نـنـوحُ ونلطمُ جَهراً
غـداً تـسـألـون ولاتَ مناصِ
بُـلـيـنـا بـهم يا زمانَ النفاقِ
فـعـذراً أنـا أشْعلتـْني الجراحُ
فـكُـونـي دمي تحتويكِ العروقُ
أنـا مَـنْ إليكِ اختصرْتُ الزمانَوكُـلّـي على النارِ رُوحاً وَمَعْنى
ويـسـجـدُ عندي هشيميَ وَهْنا
بـدربـي أمـارسُ مـوتيَ فـنّا
أرانـي وأحـمـلُ رأسـيَ كوْنا
أصـارعُ عصفَ المجازرِ مُضْنى
ويُـكـسَرُ بعضي ببعضيَ طَحْنا
وتـركـعُ فـيّ صـلاتيَ حُسْنا
ووحْـدي أجـرّ بـقـائـيَ يُمْنا
وفـيَّ الـمـواجـعُ تعزفُ لَحْنا
ويـنـزفُ حرْفا يصيحُ (حُسَيْنا)
وصـوتُ الـسَّـبـايا بأذنيَ رنّا
وأحـفـرُ قـبـرَ الـحمائمِ لوْنا
ويـسـرقُ من درْبِ عمريَ أمْنا
وتـقـتـلُ لـيْتَ جوارحَ أيـْنا
لـتـرْصـدَ بـيـن المقابرِ عَيْنا
ويـغـسـلُ ذنباً بروحي استكنّا
ويـروي مَـزارعَ صَـمْتي عَدْنا
وتـصـنـعُ مِن جوعِ روحيَ دَنّا
وروداً . ويـفـتحُ صدريَ سِجْنا
وحُـزنـي جراحٌ بجرحي تُهنّى
ويـجعلُ صمْتَ المدافنِ سُكـْنى
وَواجـهَ وَجْـهـي فـصلّى وَجُنّا
وَجَـذّ عـروقـي بِـموْتي تأنّى
وعُـلِّـقَ رأسـي ويرفضُ دَفـْنا
وتـعـصـرُ نـارَ الـمآتمِ حُزْنا
تـغـامِـرُ فـيَّ وتـحصُدُ ضُغْنا
وتـلـبـسُ قـتلي ثياباً لِتفـْنى
وفـوْقَ الـرّبـايـا انحناءً يُحنّى
ويـلـبـسُ غيْري الصَّغارَ مِجنّا
لـمـثـلِِ البقاءِ خُلقـْنا وجئـْنا
يُعاصي العصورَ ولا ليسَ يَفـْنى
عـلى الرمحِ رأسي يطالبُ عَوْنا
وكـونـي لـجـمرِ المحبةِ مَعْنى
ومـاردَ دهْـرٍ لـه الـموْتُ سُنّا
وأرْقـى الـمـنايا شهيداً أُكـَنّى
بـحـقـدِ الـولاةِ هُـنـا قد دَفنّا
وعـنـهـا الـجـنودُ تُدافعُ جُبنا
وكـيف الحَسيْنُ على الأرضِ هُنَا
وقُـصّـي لـكـلِّ المراجعِ عنّا
كِـذابُ الـفـتـاوى بها قد ذُبحْنا
وسـودُ الـعـمـائمِ ظلماً أطعْنا
وألـفُ ولـيٍّ بـنـا قـد شتمْنا
وفـيـهـم بسوقِ النخاسةِ بِعْـنا
ونـبـكـي على كلّ مَنْ قد لَعنّا
عـلـى كـلِّ قـطـرةِ دمٍّ أبَحْنا
فـكـمْ مِـنْ تـقـيٍّ بنا قدْ سَجنَّا
قـصيداً ، فصرْتُ القصيدَ المُغنّى
وكـونـي لـعـيْنِِ فؤاديَ جَفـْنا
وجـرحـي لجرْحِكِ أصبحَ رُكْنا